الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
محاولة لتوصيف العنف في العراق
نجيب المدفعي
2006 / 7 / 28الارهاب, الحرب والسلام
إن ما يجري من أحداث إجرامية و بشكل يومي في العراق يجب أن تتم قراءته بعيدا عن منطق الضمير و المعايير الأخلاقية. بعض المراقبين يقولون أن ما يجري يقود إلى طريق مسدود، و لكن يمكن النظر للأحداث من زوايا أخرى.
إن إدامة الوضع المختل أمنيا يقود إلى اختلال بقية مفردات الحياة اليومية، و بما يعيق الحركة إلى أمام وبالتالي إفشال المشروع السياسي الجديد في العراق مهما كانت أهدافه، حسنة أم سيئة. و الفكرة تقوم على أن العراق دخل ضمن منطقة الهيمنة الأمريكية منذ 8 شباط 1963. و مـَنْ يحكم في العراق عليه أن يعقد اتفاقا مباشرا أو غير مباشر مع الولايات المتحدة لرعاية المصالح الأمريكية.
و هذا يقود إلى استنتاج مفاده أن هناك صراع يدور على السلطة، أي أنه ليس صراعا مع "المحتل" بقدر ما هو صراع على (مـَنْ يتحالف مع المحتل). و بالتالي يكون المقصود هو إظهار الخصم العراقي بصورة العاجز عن ضمان مصالح الولايات المتحدة، و جعل بضاعته غير مرغوب بها. و للدلالة على ذلك، يمكن الإشارة إلى عدم رغبة كل الأطراف المشتركة في لعبة الصراع على السلطة هذه في قطع حبل المودة مع الولايات المتحدة. و أحدث مثال على ذلك ما قاله صدام حسين في جلسة محاكمته التاسعة و الثلاثين بتاريخ 26/7، خلال مساجلة بينه و بين رئيس المحكمة الذي انتقد استهداف الأبرياء من العراقيين، و تساءل عن السبب وراء عدم استهداف الجنود الأمريكان من قبل أتباع صدام. فكان رد صدام بأنه لا يدعو إلى استهداف الأمريكان و قتلهم، و إنما يدعو إلى طرد الغزاة (و أظنه يلمح للذين تولوا السلطة في العراق). المهم، لاحظ عدم رغبة صدام في قطع حبال الوصل مع الأمريكان علـّهم يراجعون سياستهم و ـ قد ـ يلجأون له. و كذا بقية أفراد الطبقة المتنافسة على السلطة في يومنا هذا، فعندما يحصرون في زاوية "استباحة الدم الأمريكي من عدمه" يصبح ذلك مرفوضا.
إن الاستمرار بأعمال التخريب لموارد العراق البشرية و المادية، هي وسيلة لعرض بضاعة جاهزة للتسويق في أي لحظة تقرر فيها الولايات المتحدة تغيير مفاهيمها و أساليبها في ضمان مصالحها في الشرق الأوسط. و هو أمر وارد في دولة مثل الولايات المتحدة تتمتع الحياة السياسية فيها بديناميكية أخاذة، و تتغير بتغير الإدارات التي تتولى الحكم فيها (لاحظ تحذير السيد المالكي في خطابه أمام الكونغرس الأمريكي من تكرار تجربة عام 1991).
و في حال حدوث مثل هذا الأمر ـ أي تغير السياسة الأمريكية ـ، على قوى الردة أن تكون جاهزة لعقد تحالف جديد مع الإدارة الأمريكية الحالية أو اللاحقة. و قوى الردة هذه لن تتورع عن فعل أي شيء لاستعادة السلطة، حتى و إن وصل الأمر بها لشن حرب جديدة على إيران نيابة عن الولايات المتحدة. و ما علينا إلا مراقبة التصعيد الطائفي الذي يجري العمل عليه بجدٍ هذه الأيام، تمهيدا لفرز الخنادق و التي سيـُدمغ أحدها بتهمة الصفوية. كل هذا في إطار صراع بين قوى إقليمية و دولية يجري على جبهات متعددة، لا مانع أن يكون العراق إحداها (لاحظ لبنان). و ما أشبه اليوم بالبارحة عندما كانت افرازات الحرب الباردة تجد أدوات لها في العراق إبان عهد عبد الكريم قاسم، متمثلة بالتيار القومي و التيار اليساري، و التي جرّت على العراق الويلات.
و قد تمتد القراءات للأحداث الدامية في العراق إلى صراع و تصفية حسابات بين أفراد الطبقة السياسية الحالية، يدفع ثمنها الوطن بمجمله. و خلاصة القول أن على السيد نوري المالكي و حكومته الإقلال من المجاملات السياسية و زيادة وتيرة الضغط على كل القوى التي تؤمن بالعنف كأداة من أدوات النشاط السياسي، و إلا ستنتهي التجربة السياسية الوليدة في العراق إلى الإجهاض كما حصل مع تجربة عبد الكريم قاسم بسبب تهاونه المفرط مع مثيري الفوضى في البلاد.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. أوكرانيا: حسابات روسيا في خاركيف؟ • فرانس 24 / FRANCE 24
.. بوتين يُبعد شويغو من وزارة الدفاع.. تأكيد للفتور بين الحليفي
.. كيف باتت رفح عقدة في العلاقات الإسرائيلية - الأمريكية؟
.. النازحون من رفح يشكون من انعدام المواصلات أو الارتفاع الكبير
.. معلومات استخباراتية أميركية وإسرائيلية ترجح أن يحيى السنوار