الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمكنة ٌلا أسماءَ لها.

عبداللطيف الحسيني
:(شاعر سوري مقيم في برلين).

2021 / 3 / 10
الادب والفن


كأننا جئنا من التاريخ . أزحْنا الترابَ , و الطمي عن وجوهنا. وعدْنا لنرى أنْ لا شيءَ بقيَ على حالِهِ , و كأنْ لا عيونَ لنا . سد مسدَها الطميُ و الرملُ . كأنا عُدْنا إلى أصلنا الصلصالي . فقالوا (كنْ) فكنا لحماً و دماً هشاً. و لو أنا لمْ نغادرْ مدينتا أو قريتنا يوماً. وكأننا منْ كتبْنا (يا منازلُ لكِ في القلوب منازلُ) . ما هذا الجرمُ الذي ارتكبَهُ المكانُ حتى يتغير هذا التغيرَ كله .حتى يغيره كل هذا التغيير . حتى لو أجرمَ لما تعاملْنا معَهُ بهذه القسوة. و كأن فيه عدواً يتربصُ بنا , فيجبُ أنْ نغرمَه , و نغير معالمَهُ ببطء .ٍ
مرة ً نهدمُ بيتاً ترابياً مبتهجاً بأهلِهِ (المكينُ بالمكان). ومرة نشردُ أهلَهُ منه (المكانٌ بالمكين) , بحججٍ علميةٍ لا يفهمُها إلا مَنْ غيرها وسادها . أو سيسودها زمنا ليس بالقليل, نسود مهبطَ الروح أمامَ أعين آهليها. و مراتٍ بتغيير اسمه. بل أسمائِهِ . حتى باتَ المكانُ دمية نطلقُ عليها أسماءَ هزلية ً غريبة تُضحك الغريب الذي يمرََ بها . ولأن للمكان كلَ هذه الأسماء . حتى يصلَ الأمرُ إلى (لا اسم له) . في مجلس ٍضمَ ناشئة . أصبحَ لقرية مغضوب عليها (ثلاثةُُ أسماءَ) الكلُ تعاركَ بأن اسمَ القرية هو ما يقولُُهُ هو , وكما سمعَه من آخرين . لهم مشاربُ في تغيير التسميات . جاءَ في الحديث: (ولا تنابزوا بالألقاب) . بمعنى عدم إطلاق تسمية على شخص تقلقٌهُ التسميةُ الجديدة ُالغريبةُ عنه, غير أن الأمرَ يختلفُ للجماد الذي لا يحاسبُ مَنْ أطلقَ عليه الاسمَ الجديدَ . بل يشتمُهُ , و يثأرُمنه بطريقته الغرائبية . يلطمُ كفاً ترابياً على خد من غير اسمَهُ , فضاعَ و تبددَ اسم ُ القرية الحقيقي من بين كل الأسماء المُطلقة عليه. لكن ماذا يفعلُ طفلٌ مدرسيٌ. له اسمان , في البيت (ولات) , و عند التفقد المدرسي (وطن) . - هنا الترجمة الحرفية تلعبُ دوراَ بلاغيا زنيماً - , هذا التغييرُ يمنحُ صفة الأبله , والعقل الجليدي للطفل ذاك , الذي يُنادى عليه دون إجابةٍ منه : فهو المشتتُ بين اسميه في البيت و المدرسة . إن (تمكينَ اللغة) و هذه تسمية في غاية الفصاحة البلاغية الحديثة المرنة. تقرأُ و تُفهم بوجه واحد . وليس لها وجهان أو أوجهٌ كما في البلاغة , وعلوم الآلة . إن المصطلحَ الجديدَ يغيرُ أمكنة ً, وأسماءَ, لكنْ قراءةُ العمق للمصطلح تقولُ: تمكينُ اللغة يغيرُ بنية الإنسان و المكان.
عبداللطيف الحسيني.:شاعر سوري مقيم في مدينة هانوفر الألمانيّة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد حلمى من مهرجان روتردام للفيلم العربي: سعيد جدا بتكريمي


.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |




.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه


.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز




.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال