الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سبعة عشر عاما على هبة الربيع الدفاعية في القامشلي

صلاح بدرالدين

2021 / 3 / 11
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


لم يكن الكرد السورييون بمناطقهم بحاجة الى من يدفعهم الى الاحتجاج ضد نظام الاستبداد ، فهم وبكلمة ادق غالبيتهم بمثابة مشروع مستمر وقائم للانتفاض والثورة على النظم والحكومات المتعاقبة خصوصا بعد تسلط حزب البعث على مقاليد السلطة منذ ١٩٦٣ ، ومعاناتهم في التهميش ، والحرمان ، والتميز العنصري ، واستهدافهم بمخططات شوفينية ( مثل الإحصاء الاستثنائي في محافظة الحسكة ، والحزام العربي فيها ) وتغيير التركيب الديموغرافي في كافة مناطقهم ، ومعاملتهم كمواطنين من الدرجات الثالثة واكثر ، وعدم الاعتراف الرسمي بوجودهم وحقوقهم ، لا في الدستور ، ولافي القوانين .

ومن السياسات المتبعة عادة تجاه الكرد السوريين ومناطقهم من جانب الأوساط الشوفينية الأمنية الحاكمة ، التلويح بالقوة وممارسة القمع ، والقيام بين فترة وأخرى باختلاق أسباب للقيام بحملات التأديب والاعتقال والاذلال وذلك لكسر شوكتهم ، وقطع الطريق على أي دور للكرد في المعادلة السورية خصوصا باتجاه التفاعل مع الحركة الديموقراطية السورية المعارضة للنظام .

في الثاني عشر من آذار ٢٠٠٤ كان المواطنون الكرد المسالمون بالقامشلي على موعد مع مخطط محبوك بعناية من جانب أفرع أجهزة المخابرات ، ومحافظ الحسكة ، لاثارة فتنة ، وإيجاد ذريعة لتوجيه ضربات تأديبية لمواطني مدينة القامشلي المعروفة بكونها تشكل النموذج في تآخي الاقوام والأديان ، واحدى المراكز الرئيسية للفكر القومي الديموقراطي الكردي السوري ، والساحة التي أنجبت العديد من المناضلين الشجعان ، والمكان الذي شاهد انعقاد القسم الأول التمهيدي للمؤتمر التاسيسي لحركة خويبون ، ونشاطات الحركة الوطنية الكردية .

كانت الخطة تقضي بجلب مجموعات فوضوية من خارج محافظة الحسكة ، تابعة لتوجيهات الأجهزة ومعبأة لرفع شعارات استفزازية وعنصرية ضد الكرد لخلق فتنة عربية كردية ثم لتشكل ذريعة لتدخل السلطة وتوجيه الرصاص نحو الجموع الكردية المحتشدة لتشجيع فريق الجهاد الرياضي – القامشلوكي – حيث قاوم الشباب الكرد بصدورهم العارية وقدموا عشرات الشهداء ، ولكن الامر لم يتوقف في هذا الحد بل تنادى أهالي القامشلي لتنظيم مسيرات سلمية ضد النظام ومخططه التخريبي ، فكان التجاوب منقطع النظير مما ارعب السلطة ، خشية ان تتطور الأمور وتخرج عن السيطرة ، فكان حضور عدد من جنرالات المخابرات السورية على جناح السرعة الى القامشلي ، كخلية ازمة من ( محمد منصورة وبختيار والمملوك ) مع تواجد ماهر الأسد في دير الزور للاشراف على غرفة عمليات خاصة بالموضوع .

ماحصل ان " مجموع الأحزاب الكردية " كانوا سندا لجنرالات خلية الازمة ومطية بايديهم لاحتواء الهبة الدفاعية التي كانت باتجاه ان تتحول الى انتفاضة كردية – وطنية شاملة ، واستطاع هؤلاء اخماد تلك الهبة الشجاعة التي تمددت الى عفرين وكوباني وحلب ودمشق بسبب اختلال موازين القوى بين إرادة الجمهور الوطني المستقل من جهة وقوى النظام واعوانه من الجهة الأخرى ، وكان يمكن ان تكون فاتحة ثو،رة ربيعية سورية في وجه نظام الاستبداد ولكن لا الأحزاب الكردية ، ولا الأحزاب السورية كانت مهيأة لدور قيادي في تطوير وتوجيه هذا التحرك نحو مشروع ثوري ببرنامج وخارطة طريق بل كانت أداة رادعة ضد تحولها وتوسعها .

وهكذا نتجت عن تسارع الاحداث حينذاك حقائق ودروس ستبقى ماِثلة بالاذهان أولها – طبيعة المنظومة الأمنية الحاكمة التي تدير شؤون البلاد عبر اثارة الفتن والأزمات وتوجيه الصراعات حسب ماتقتضيه سلامة وامن النظام الحاكم وثانيها – الجمهور الكردي عموما ، والقطاعات الوطنية المستقلة أكثر صمودا وتعبيرا عن مطامح الشعب في مختلف الظروف ، وثالثا – يوم الثاني عشر من آذار ٢٠٠٤ كان حدا فاصلا بين مرحلتي تصدر الأحزاب الكردية للمشهد وافولها ، وتاريخا رسم بالدم ببدء نهاية الدور الحزبي في الحركة الكردية السورية ، وعجزها بتركيبتها ، وبرامجها ،وطبيعة قياداتها ، وعدم شرعيتها عن قيادة النضال الوطني الكردي ، ورابعا – بسبب الإخفاق في إعادة بناء الحركة الكردية ، وترك المجال لاستمرارية هذه الأحزاب بكل امراضها فان الكرد السوريين يواجهون أعمق ازمة بتاريخهم الحديث ، أزمة متعددة الجوانب تتعلق بالهوية ، والتعريف ، والدور ، والوطن ، والجغرافيا ، والمشروع السياسي بشقيه القومي والوطني ، إضافة الى آثار الهجرة ، والضائقة الاقتصادية ، وحتى العلاقات الإنسانية .

لذلك فان الحاجة ماسة الان وباسرع وقت ممكن الى انتفاضة فكرية سياسية ثقافية ، من اجل إعادة بناء الحركة الوطنية الكردية بالطرق الديموقراطية والاعتماد على الشعب ، ونخبه المتنورة المناضلة ، مصدر الشرعيتين القومية والوطنية ، بانتخاب ممثليه وصياغة وإقرار مشروعه السياسي ، من خلال المؤتمر الكردي الجامع ، حتى يكون شعبنا بمأمن من شرور الدسائس والمخططات العنصرية ، وجاهزا لمواجهة كل التحديات ، وتقوم حركتنا بدورها النضالي في الحركة الديموقراطية السورية ، كشريك في عملية التغيير الديموقراطي وإعادة بناء سوريا الجديدة التعددية ، وتحمل مسؤوليات السلطة ، والقرار والبناء ، وتؤدي واجباتها القومية بالتنسيق والتعاون مع قوى الحركة الكردستانية بالمنطقة ، على قاعدة ترسيخ الشخصية الوطنية الكردية السورية ، وصيانة القرار المستقل لحركتنا ، واحترام خصوصيات البعض الاخر .
ولنستوعب دروس الهبة الاذارية الدفاعية المجيدة في مسيرتنا النضالية الراهنة والمستقبيلية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين مؤيدين لفلسطين في أورلاندو


.. فيديو: ابنة كاسترو ترتدي الكوفية الفلسطينية وتتقدم مسيرة لمج




.. Vietnamese Liberation - To Your Left: Palestine | تحرر الفيت


.. آلاف المحتجين يخرجون في مدينة مالمو السويدية ضد مشاركة إسرائ




.. اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية والمتظاهرين المطالبين بإسقاط