الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في كتاب 2 .

محمد السعدي

2021 / 3 / 11
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


صعود الحزب الشيوعي العراقي وانحداره .

في مطلع الكتاب يشير مؤلفه البروفيسور د. طارق يوسف إسماعيل … الى حصيلة مؤلمه ولكن ليس غريبة عن الشيوعيين ولهذا تدعوك للتأمل والقراءة والمراجعة .
” أن هذا الحزب العريق فقد صفته الثورية على إثر انحرافات آب 1964.
وبعد أن قضت جبهته مع حزب البعث على ما تبقى منه .
ثم صدرت شهادة وفاته باحتلال العراق عام 2003 بعد أن تخلى عن تقدميته وانغماسه في وحل الطائفية المقيته

وعلى تبيان التجربة البسيطة والقراءة المتواضعة ، أود أن أقدم صفحات على تلك الحصيلة المحزنة التي توصل بها البروفيسور طارق يوسف إسماعيل .


خط آب 1964 . هي دعوة الرفاق السوفييت في سياستهم الجديدة تجاه أحزاب وبلدان الشرق الاوسط فاندفعوا في الضغط على قيادة الحزب الشيوعي العراقي بحل تنظيماته والاندماج مع مشروع عبد السلام عارف في الاتحاد الاشتراكي العربي على غرار مع حدث مع جمهورية مصر العربية أبان حكومة عبد الناصر عام 1961 والذي لم يحقق آمرا ملموسا على أرض الواقع ، وظل يراوح في باب الامنيات ، ومع هذا كله جوبه من بعض قطاعات المجتمع المصري بالرفض التام . كان خلاصة التوجه الجديد جاء تلبية لنظرية السوفييت الجديدة للتطور اللارأسمالي ، ولتنفيذ الاتجاه الجديد للسياسة الخارجية السوفييتية في العالم العربي والشرق الاوسط ، بدأت الاحزاب الشيوعية بتغير خطابها إذعاناً للسوفييت وأشيد بجمال عبد الناصر بأنه الداعي الرئيسي للصداقة والتضامن في المواقف مع السوفييت ، وأدعي أن تجربته في الحكومة هي المثال الافضل لطريق التطور اللارأسمالي ، رغم ملاحقاته للشيوعيين المصرين وزجهم في السجون ، ويبدو أن قيادة الحزب الشيوعي العراقي كانت تتحرك بهذا الاتجاه ، أي سال لعابها . وفي أول إجتماع للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي يومها صوت بالاغلبية لصالح رأي السوفييت بأستثناء المرحوم عزيز الحاج الذي صوت ضد هذا التوجه ، وتحفظ المرحوم آراخاجادور عليه ، وقد برر الشيوعيين العراقيين دعوة عبد السلام عارف بالتحولات الاشتراكية في بلد لم تعد به تنمية متطورة مما تركت ظلالها السلبية على عصب الحياة الاقتصادية ، وفي الوقت كان نظام عارف يعاني الكثير من النكسات في الداخل ، فقد أرتفعت البطالة حتى أنه تم تسريح أكثر من 20 ألف عامل بحلول خريف عام 1965 . وكان للاقتصادي العراقي الكبير خيري الدين حسيب بصماته وجهوده واضحة على هذه الدعوة للتحولات . وفي يومها لم يكن يمضي عاماً واحداً على مجازر الدم التي أرتكبت بحق الشيوعيين وجماهيرهم من قبل إنقلابي 8 شباط 1963 . وكان الصراع الداخلي بين قادة الحزب الشيوعي في حمى عنفوانه ، وأثناء ذلك ، واصل عزيز الحاج هجومه المبطن والمعلن على خط آب في أوساط جماهير الحزب الشيوعي وهاجم نظام عارف والسوفييت على حداً سواء ، منتقداً الموقف السوفييتي للتدخل في الشؤون التي تخص الشيوعيين العراقيين . وعندما أنعقد الكونفرنس الحزبي في نيسان 1965 طفت تلك الشكاوي والمواقف على السطح وترك الاستياء أثره باتجاه سياسة جديدة وموقف من حكومة عارف وطرح مبدأ العمل الحاسم والذي تبناه عامر عبدالله عبر إنقلاب عسكري بعد عودته من الخارج مع رفاقه بهاء الدين نوري وعبد السلام الناصري ، والذان رفضا مبدأ ودعوة عامر عبدالله في الترجيح على جبهة عريضة مع قوى المعارضة الاخرى وعبر أنتفاضة شعبية تطيح بحكومة عارف ، وأصبحوا الثلاثة قادت الحزب الفعلين في بغداد . وكانت الاستخبارات العسكرية تراقب تلك التطورات عن كثب داخل مواقف الحزب الشيوعي ، وقد تمكنت من اختراق كل منظمة حزبية بما فيها اللجنة المركزية ، وعندما بدأت التحضيرات للعمل الحاسم بداية 1966 بدأت القوات الامنية حملة على الحزب ووقع بقبضتهم ستة من كوادر وأعضاء اللجنة المركزية محمد الخضري ، إبراهيم عبد السادة ، علي عرمش شوكت ، أرا خاجادور ، الذي خطف في منطقة كرادة مريم ولفت أنتباه المارة في الشارع بصراخه أنا الشيوعي أرا خاجادور بلغوا الحزب باعتقالي ، بعد هذه الواقعة تحولت تلك الصرخات الى اهزوجه حزبية ( ياناس كولوا للحزب أرا ألزم ) بما في ذلك مسؤول القسم العسكري للحزب ثابت حبيب العاني قد قوض خطط ( العمل الحاسم ) . الملاحظ في لوحة القادة الشيوعيين بالغالب التقلبات السريعة في المواقف تجاه الاحداث من حل الحزب والاندماج مع نظام عارف وفق مبدأ خط آب الى إسقاطه عبر إنقلاب عسكري .

الانتفاضة الحزبية 17 أيلول 1967 .

بعدها بثلاثة سنوات وقعت الانتفاضة الحزبية 17 أيلول 1967 والتي شيعت وما زالت في أوساط الشيوعيين أنشقاق عزيز الحاج ، ولصقت به كتهمة بعيداً عن الموضوعية والعدالة والمراجعة وتحديد أسبابها . وبعد أن طفح الى العلن الصراع بين اللجنة المركزية ومنظمة منطقة بغداد ، وقد أصدرت اللجنة المركزية منشوراً داخلياً باسم مناضل الحزب تدعو به الحملة على المنشقين حسب تسميتها لهم لكوادر تنظيم بغداد فتحدوا القيادة بالدعوة الى اجتماع طاريء للكادر المتقدم في 17 أيلول . وهذا الاجتماع ترأسه عزيز الحاج وقدم فيه تقريرا مفصلا بشأن الأزمة في داخل الحزب . وبعد نقاش طويل توصلوا الى الاعتراف بالآتي .
(( أن الحزب يعاني من أزمة ، هيكلية ، وسياسية ، وفكرية عميقة أخمدت كل طاقته وأعاقت أنشطته وهي تعود زمنياً الى ثورة تموز عام 1958 ، مما كان له أثر مدمر بعيد المدى على الحزب وأسهم في التفريط في ثورة الشعب )). تعود نشأة قيادة هذه المجموعة الى بعض الاعضاء في منظمة بغداد ، وخصوصا في تنظيم المثقفين واللجان الطلابية والتي كان يقودها في البداية نجم محمود وأعضاء آخرين في منظمة الحزب الشيوعي العراقي في بريطانيا . وكان من بين هؤلاء الأفراد خالد أحمد زكي ، الذي كان ناقداً وغاضباً على سياسات الحزب ( خصوصا خط آب ) ، وكان له اتباعا بين العراقيين في لندن ، والذي عاد الى بغداد عام 1966 ، حيث نجح في توسيع دائرة نفوذه ولدى وصوله أسندت إليه مسؤولية المنظمة القائمة والمعروفة باسم ( خط حسين ) . والتي أيدت الدعوة إلى الكفاح المسلح ، كما تبناه وعمل عليها سابقا ، وقد ضحى بوظيفته المدنية مساعداً لرئيس منظمة السلام العالمية الفيسلوف والمفكر برتراند رسل ، والذي كان مؤمناً بالشيوعية رغم ملاحظاته على التجرية السوفييتية . وفي فترة وجيزة حققت القيادة المركزية جماهيرية كبيرة في أوساط الشيوعيين وأصدقاؤهم حيث مال العدد الأكبر الى جانبهم من الكادر الوسط والمتقدم ومما عزز من هذا الانعطاف معهم هو مواقفهم الراديكالية تجاه حكومة عارف والوقوف عند أخطاء الماضي وموقفهم المستقل من السياسة السوفييتية وتأثيرها على قراراتهم المصيرية ، فتعرضوا الى مصير لايرحم من الاعداء والأصدقاء على حد سواء ، وقد قرأت في وقت سابق شهادة حية للمناضلة العراقية هيفاء زنكنه بنت العشرين عاماً وما تعرضت له من إنتهاك أخلاقي وسياسي في أقبية قصر النهاية لتوجهها النضالي الشيوعي الجديد ، وهي بنت ذلك النسب العائلي المجيد ، مما أعطاها زحماً الى مواصلة ثبات نضالها الوطني الى يومنا هذا في الدفاع عن العراق والمثل الانسانية .

مالمو/آذار2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المناضلة الشيوعية الكبيرة هيفاء زنكنة
طلال الربيعي ( 2021 / 3 / 11 - 22:36 )
بدوري أنا الآخر, أوجه تحياتي واعبر عن فائق احترامي للمناضلة الشيوعية الكبيرة والروائية والمؤلفة والرسامة العراقية هيفاء زنكنة. فهي موضع اعتزاز وفخر كل الشيوعيين والثوريين محليا وعالميا في نضالها ضد كل أشكال القمع والاستغلال وبالضد من الاحتلال الأجنبي للعراق وحكوماته وذيوله بمختلف أشكالهم وأيديولوجياتهم.

اخر الافلام

.. مخاوف من استخدامه كـ-سلاح حرب-.. أول كلب آلي في العالم ينفث


.. تراجع شعبية حماس لدى سكان غزة والضفة الغربية.. صحيفة فايننشا




.. نشاط دبلوماسي مصري مكثف في ظل تراجع الدور القطري في الوساطة


.. كيف يمكن توصيف واقع جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة؟




.. زيلنسكي يشكر أمير دولة قطر على الوساطة الناجحة بين روسيا وأو