الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعليق على قرارات المحكمة الإتحادية العليا المرقمه (89 و91 و92 و93/إتحادية/2017) في 20/11/2017 و(122/إتحادية/2017) في 6/11/2017 و (82/إتحادية/اعلام/2018) في 11/6/2018 بخصوص المركز القانوني للمحافظه غير المنتظمة في اقليم

احمد طلال عبد الحميد
باحث قانوني

(Ahmed Talal Albadri)

2021 / 3 / 12
دراسات وابحاث قانونية


مقدمة:
وقَع المشرع العراقي في تناقض كبير عند تحديده للمركز القانوني للمحافظات غير المنتظمة في اقليم فيما إذا كانت تعد وحدات إدارية أم وحدات إتحادية، وبالرجوع لنص المادة (122/ثانياً) من دستور العراق لسنة 2005 نجد أن المحافظات عبارة عن وحدات إدارية تدار بنظام اللامركزية الإدارية وتتمتع بصلاحيات إدارية ومالية واسعة كإشارة لاستقلالها الإداري والمالي ولم يتضمن النص مباشرة صلاحيات فيدرالية كالتشريع والقضاء، وتطبيقاً لذلك جاءت المادة (1/أولاً/خامساً/سادساً) من قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم (21) لسنة 2008 المعدل منسجمة في هذا الجانب عندما عرفت المحافظة بأنها وحدة إدارية ضمن حدودها وتتكون من أقضية ونواحي وقرى، وحدد رئيس الوحدات الإدارية بالمحافظ والقائم مقام ومدير الناحية ، واستناداً لقرار مجلس الدولة رقم (28/2011) في 22/3/2011 يُعد رئيس الوحدة المنتخب موظفاً عاماً، واستناداً لقرار مجلس الدولة رقم (2/2008) في 4/1/2008 فان رؤساء الوحدات الإدارية (المحافظ والقائم مقام ومدير الناحية) يعملون تحت إشراف رئيس مجلس الوزراء ، كما تلتزم المحافظة بالسياسة العامة التي يرسمها مجلس الوزراء والوزارات المختصة استناداً للمادة (45) الفقرة (أولاً) من قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم (21) لسنة 2008 المعدل، حيث أضيفت هذه الفقرة بموجب المادة (11) من قانون التعديل الثالث رقم (10) لسنة 2018 ، كما أكد قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم على مبدأ اللامركزية الإدارية في عدة نصوص منه ، ومنها مثلاً المادة (2) الفقرات (اولاً) و(رابعاً) منه.
ومن جانب آخر نجد أن المادة (116) من دستور العراق لسنة 2005 قد تبنت اتجاهاً واسعاً في تحديد مفهوم النظام الاتحادي لتدخل المحافظات كوحدات إدارية ضمن مكونات النظام الاتحادي عندما نصت على أن (يتكون النظام الاتحادي في جمهورية العراق من عاصمة وأقاليم ومحافظات لا مركزية وإدارات محلية) ولنا على هذا النص الملاحظات الاتية :
1- إن المشرع ذكر عبارة (ومحافظاتٍ لا مركزية) ولم يحدد النوع المقصود باللامركزية هل هي إدارية أم سياسية ومما يساعد على صعوبة التفسير وجود نصوص أخرى تجعل من المحافظات أشبه بالكيانات السياسية المستقلة، ثم عاد المشرع ليذكر عبارة (وإدارات محلية) في حين ان المحافظة هي وحدة إدارية محلية بنص المادة (1) الفقرة (ثانياً) من قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم (21) لسنة 2008 المعدل ، وهذا زاد النص غموضاً.
2- منح المشرع الدستوري للمحافظات غير المنتظمة في إقليم تمثيلاً سياسياً مباشراً في السلطة التشريعية الإتحادية من خلال اشتراك ممثلين عن المحافظات غير المنتظمة في إقليم في مجلس الاتحاد (المادة (65) من دستور مجهورية العراق لسنة 2005) ، في حين أن غاية مجلس الولايات أو مجلس الاتحاد هو تمثيل الولايات على قدم المساواة بأن يكون لكل ولاية عدد متساوٍ من الممثلين دون النظر لأهمية الولاية أو سكانها بهدف حفظ التوازن بين مصالح دولة الاتحاد ومصالح الولايات وهذا المجلس يمثل مظهراً لاستقلال الولايات ، إذ أن مثل هذا التمثيل السياسي في مجلس الاتحاد يشكل خرقاً لنظامي الفيدرالية واللامركزية الإدارية معاً ويصعب تحديد مركز المحافظات القانوني، حيث لا يجوز اشراك الوحدات المحلية في مجلس الاتحاد الذي يضم الأقاليم أو الولايات المكونة للاتحاد الفيدرالي.
3- ساوى المشرع الدستوري بين الإقليم باعتباره وحدة سياسية تدار بنظام اللامركزية السياسية وبين المحافظات غير المنتظمة في إقليم التي تدار بنظام اللامركزية الإدارية في مواجهة السلطة الإتحادية عندما لجأ لتحديد السلطات الإتحادية بطريقة حصرية وترك ما عدا ذلك من الاختصاصات الى الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، كما اقحم المشرع الدستوري المحافظات في الاختصاصات المشتركة بشكل متساوي مع الأقاليم وأعطى الاولوية لقانون الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم في حال الخلاف مع السلطة الإتحادية ( المواد (110) و(114) و(115) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005) ، حيث ساوى المشرع بين الإقليم والمحافظات باعتبار الاخيرة وحدات إتحادية وليست إدارية، ويرى البعض بأنه يمكن تفسير المركز الدستوري الذي منح للمحافظات غير المنتظمة في إقليم هو بهدف تأهيلها وتشجيعها على الاسراع في تكوين الأقاليم أو لاجل مواجهة صعوبات تكوين الأقاليم في ظل وجود آراء مخالفة لتبني فكرة النظام الاتحادي الفيدرالي في العراق ، والحقيقة نحن لا نتفق مع هذا الرأي ذلك أن الواقع السياسي هو الذي أملى على واضعي الدستور تبني هذا النظام لمعالجة المشاكل القومية والاثنية في العراق، إلاّ أن المشرع أخفق في هذا التنظيم فجاء النظام هجيناً من الفيدرالية واللامركزية الإدارية، وهذا يقتضي إعادة النظر في نصوص الدستور وقانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم وحوكمتها تشريعياً لفرز نظام الفيدرالية عن اللامركزية الإدارية وإرساء أسس اللامركزية الإدارية على مستوى الوحدات الإدارية وسحب الصلاحيات الفيدرالية كالتشريع وحق تأسيس المكاتب الدبلوماسية في السفارات والبعثات لمتابعة الشؤون الثقافية والاجتماعية والانمائية من المحافظات غير المنتظمة في إقليم ومنحها صلاحيات إدارية مالية تدريجية حتى تبلغ درجة النضج السياسي الذي يؤهلها لتشكيل كيان يتمتع باللامركزية السياسية حيث ان المشرع الدستوري قد منح المحافظات غير المنتظمة في اقليم اختصاصات اتحادية في المادة (121) الفقرة (رابعاً) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 التي نصت على أن (تؤسس مكاتب للأقاليم والمحافظات في السفارات والبعثات الدبلوماسية لمتابعة الشؤون الثقافية والاجتماعية والانمائية) في حين ان هذه المحافظات وحدات ادارية تدار وفق نظام اللامركزية الاداريه .
.
التعليق :
ترتب على تناقض المشرع في تحديد المركز القانوني للمحافظات تفاوت في الاجتهاد القضائي إذ صدر عن المحكمة الإتحادية العليا عدة قرارات أكدت فيها على أن المحافظات أحد مكونات النظام الاتحادي وبالتالي فهي تميل الى اعتبارها (وحدة إتحادية) ومن هذه القرارات قرار المحكمة الإتحادية العليا المرقم (89 و91 و92 و93/إتحادية/2017) في 20/11/2017 بصدد دستورية الأمر الإقليمي المرقم (106) في 9/6/2017 والخاص بإجراء الاستفتاء يوم 25/9/2017 في إقليم كردستان والمناطق الاخرى خارج الإقليم للانفصال عن العراق، حيث أصدرت المحكمة قراراً بعدم دستورية الأمر المذكور وجاء في حيثيات قرارها (... وتجد المحكمة الإتحادية العليا وبالهدف الذي سعى إليه والغرض الذي اجرى من أجله وهو استقلال إقليم كردستان والمناطق المشمولة بالاستفتاء خارج الإقليم عن العراق وإنشاء دولة مستقلة خارج النظام الاتحادي لجمهورية العراق، الذي نصت عليه المادة (116) من الدستور والمتكون من العاصمة والأقاليم والمحافظات اللامركزية والإدارات المحلية..) ، هذا وقد كانت المحكمة الإتحادية العليا قد أعطت قراراً تفسيرياً لتفسير نص المادة (1) من الدستور بصدد النظام الاتحادي، حيث جاء في قرارها المرقم (122/إتحادية/2017) في 6/11/2017 (... ولم تجد المحكمة الإتحادية العليا من خلال استعراض نصوص دستور جمهورية العراق لسنة 2005 ودراستها نصاً يجيز انفصال أي من مكونات النظام الاتحادي في جمهورية العراق المتقدم ذكرها وهي العاصمة والأقاليم والمحافظات اللامركزية والإدارات المحلية المنصوص عليها في المادة (116) من دستور العراق في ظل أحكامه النافذة التي تعد ضامنة لوحدة العراق...) ، ويبدو من استقراء قراري المحكمة الإتحادية العليا سابقة الذكر أنها قد فسرت نص المادة (116) من الدستور تفسيراً محايداً من خلال تفسير النص تفسيراً ليس من شأنه إضافة أو تكميل القصور الذي شابهُ بل بإعادة وتكرار للعبارات الواردة في النص لتأكيد مقاصد المشرع .
إلا أنها ذهبت في قرارها المرقم (82/إتحادية/اعلام/2018) في 11/6/2018 الذي قضى بدستورية قانون التعديل الثالث لقانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم (21) لسنة 2008 المعدل والذي تم بموجب هذا التعديل الغاء مجلس الناحية وعللت المحكمة الإتحادية العليا في قرارها بأن مجلس الناحية لا سند له من الدستور بخلاف وجود (مجلس المحافظة) وان الغاء مجلس الناحية خياراً تشريعياً لمجلس النواب بموجب صلاحياته التشريعية... الى التمييز بين المحافظات التي أعدتها أحد المكونات الإتحادية وبين المكونات الإدارية (الاقضية والنواحي والقرى) التي هي إدارات محلية تمثل أسس اللامركزية الإدارية حيث جاء في حيثيات قرارها (... وتجد المحكمة الإتحادية العليا أن التعديل موضوع الطعن لا يمس النظام الاتحادي في جمهورية العراق المنصوص عليه في المادة (116) من الدستور والمتكون من عاصمة وأقاليم ومحافظات لامركزية وإدارات محلية ولا يمس المكونات الإدارية في المحافظات النصوص عليها في المادة (122/أولاً) من الدستور وهي الاقضية والنواحي والقرى التي هي أسس اللامركزية الإدارية وان وجود (مجلس الناحية) في كل ناحية لا أساس له من الدستور...) .
وبالرجوع الى نص المادة (116) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 نرى أن المشرع الدستوري قد اعتبر كل من العاصمة والأقاليم والمحافظات اللامركزية والإدارات المحلية مكونات للنظام الاتحادي ولم يميز أي مكون منهم عن الآخر، إلاّ أن طريقة الإدارة تختلف فالأقاليم تخضع لنظام اللامركزية السياسية في حين ان المحافظة كوحدة إدارية ومكوناتها الإدارية من الاقضية والنواحي والقرى تخضع لنظام اللامركزية الإدارية في إدارتها وهذا ما أشار إليه الدستور في المادة (122/ثانياً) منه ، وقانون المحافظات غير المنظمة في إقليم رقم (21) لسنة 2008 المعدل في المادة (2) الفقرات (أولاً) و(رابعاً) منه التي أشارت الى إدارة شؤون المحافظات كوحدات إدارية وفق مبدأ اللامركزية الإدارية ، وان التناقض الذي وقع فيه المشرع هو توسعة في صلاحيات المحافظات ومنحها صلاحيات تشريعية وتمثيل دبلوماسي وصلاحيات متوازية مع صلاحية الأقاليم من شأنه اخراجها من إطار اللامركزية الإدارية الى نطاق اللامركزية السياسية وهذا يشكل خرق للنظام الفيدرالي ونظام اللامركزية الإدارية في آن واحد، وهذا يقتضي حَوْكَمَة النصوص تشريعياً وضبطها وفقاً لأسس اللامركزية الإدارية مع ضرورة اخضاعها لرقابة واشراف السلطة التنفيذية تبعاً لدرجة الاستقلالية التي يقررها المشرع ونفضل أن تكون في البداية محدودة ويمكن توسيعها تبعاً لدرجة النضوج السياسي الذي يؤهل لإدارة محلية شبه مستقلة، الخلاصة ان المركز القانوني للمحافظة ومكوناتها الإدارية من اقضية ونواحي وقرى يتمثل في كونها وحدات إدارية تدار بطريقة اللامركزية الإدارية داحمد طلال عبد الحميد البدري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو


.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع




.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة


.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون




.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر