الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المس بل Gertrude Bell في العراق

ابراهيم خليل العلاف

2021 / 3 / 12
سيرة ذاتية


وانا اكتب اسمها كذلك ( المس بل) او( الانسة بل) ولا اكتبه (بيل) ..توفيت يوم 12 تموز - يوليو سنة 1926 . و(المس بل ) السكرتيرة الشرقية لدار المندوب السامي البريطاني في العراق توفيت ودفنت في بغداد عن عمر ناهز ال (58) سنة . والمس بل ضابطة في المخابرات البريطانية وهي ايضا مثل لورنس وفيلبي وولسون وسون ونويل وشكسبير وهوكارث من بناة الامبراطورية البريطانية في الشرق هذه الامبراطورية التي قيل عنها ان الشمس لاتغرب عنها والتي تراجعت اليوم لتخلي الدور للولايات المتحدة الامريكية .والمس بل واسمها الكامل غيرترود لوثيان بل من مواليد سنة 1868 هي بالاصل اثارية ورحالة وباحثة خريجة قسم التاريخ -جامعة اكسفورد ، جاءت العراق قبل نشوب الحرب العظمى وكتبت كتابها الشهير (من مراد الى مراد) الذي ترجمه صديقي الدكتور برهان خليل غزال الى اللغة العربية مؤخرا باقتراح مني ، وكتبت عنه وقلت (من مراد الى مراد ) .....كتاب من تأليف المس بل Bell الاثارية والرحالة والضابطة السياسية والسكرتيرة الشرقية لدائرة المندوب السامي البريطاني في العراق . قامت سنة 1909 برحلة على امتداد الفرات ابتداء من حلب ولغاية الحلة ثم قفلت راجعة منها الى بغداد وسامراء والشرقاط والموصل وديار بكر .كان ذلك سنة 1909 وقد سجلت انطباعاتها في كتاب بعنوان (مراد الى مراد ) نشرته سنة 1911 وقد اقترحت ترجمته على الاخ الدكتور برهان خليل غزال فترجمه وقمت بمراجعته وطبع في عمان بالأردن 2018 وهو مصدر ثر من مصادر تاريخ العراق الحديث خاصة وان الكاتبة تطرقت الى كثير من الجوانب الاجتماعية والعشائرية والسياسية والاثارية للمنطقة " .
كانت للمس بل علاقات مع عدد كبير من رجالات ونساء العراق منذ 1908 ولها مقترحاتها حول مستقبل العراق بعد الحرب العظمى وهي من ايدت مطلب العراقيين في ان يكون فيصل بن الحسين ملكا على العراق وهي صاحبة الكتاب الذي ترجمه المرحوم جعفر خياط بعنوان (فصول من تاريخ العراق القريب) ورأيت في مكتبة المتحف البريطاني اصوله والتي هي عبارة عن تجميع لتقارير ومذكرات الضباط السياسيين في العراق ومعاونيهم خلال الاحتلال البريطاني 1914-1921 وما بعد ذلك عن ادارة العراق واوضاعه .سماها العراقيون ممن كان قريبا منها (الخاتون ) وكتب عنها البعض انها (متوجة الملوك) وقالوا وقالوا ومما قالوا انها (جاسوسة بريطانية ) ، وو وهي من كانت لها الايادي البيضاء في انشاء المتحف العراقي وهي من تعاونت مع المندوب السامي ارنولد ولسن والمندوب السامي بيرسي كوكس في تشكيل الركائز الاولى للدولة في العراق بعد انتهاء الحكم العثماني .ولها رسائل منشورة كانت ترسلها لوالدها والاخ الاستاذ الدكتور محمد يوسف القريشي كتب عنها كتابا بالاصل رسالة ماجستير قدمت الى كلية الاداب بجامعة بغداد بعنوان : ( المس بيل وأثرها في السياسة العراقية ) وبإشراف الاستاذ الدكتور صادق السوداني .
وعندما توفيت المس بل شيعت بمهابة في بغداد وشارك الملك فيصل الاول 1921-1933 في تشييعها ودفنت في مقبرة الإنجليز في باب المعظم ببغداد .
كرمتها الحكومة البريطانية افضل تكريم ومنحتها الوسام الامبراطوري البريطاني من رتبة قائد . لكن السير مارك سايكس وهو ايضا من بناة الامبراطورية البريطانية وهو احد اطراف اتفاقية سايكس -بيكو سيئة الصيت والتي مزقت المنطقة العربية في المشرق لم يكن يحبها وقد وصفها في احدى كتاباته بالمغرورة والسطحية والثرثارة .
تشير الكاتبة نسرين نعيم البرغوثي في مقالة لها عن المس بل الى ان عددا من الافلام وثقت لحياتها منها فيلم ملكة في الصحراء Queen of the desert، الذي قامت ببطولته الممثلة الأسترالية المعروفة نيكول كيدمان. وبالرغم من أنه ركز على الحياة العاطفية لبل إلا انه بيَّن لماذا اصبحت ما هي عليه. وأيضاً الفيلم الوثائقي Letters from Baghdad، والذي بثَّ لأول مرة رسائل غيرترود بل إلى عائلتها وخاصة لوالدها ، إضافة لتقاريرها الرسمية والمحفوظة في مركز الوثائق في لندن حتى الآن. وتناولت رواية الكاتب العراقي شاكر نوري ( خاتون بغداد) ، تفاصيل حياة المس بل في العراق، ومشاعرها تجاه ما يحدث حولها من أوضاع سياسية، والتي استقاها من رسائل المس بل إلى عائلتها.
ايضا مما كان يحسب لها انها استطاعت معرفة دقائق وتفاصيل المجتمع العراقي وخاصة المجتمع البغدادي من خلال صالونها وقبولاتها وزياراتها وصداقاتها مع زوجات الرجالات العراقيين انذاك وقد خبرت تقاليد العراقيين وعاداتهم وجمعت معلومات كبيرة جدا افادت المخابرات البريطانية وافادتنا نحن المؤرخين كثيرا ومن خلال تحركها تمكنت من كسب احترام وتقدير الجميع في بغداد وكانت تعلم النسوة اللواتي يتصلن بها على اصول التصرف الغربي وكانت معروفة بشياكتها واناقتها وقدرتها على المحاججة ولغتها العربية كانت جيدة مما ساعدها ذلك على التفاهم .
انا لااتفق مع من يقول انها كانت الكل في الكل وان السياسيين العراقيين ومنهم فيصل كانوا اسارى بيدها وانها متوجة فيصل لكن اقول انها كانت تعرف العراق جيدا من شماله الى جنوبه وكانت تعرف قادته وزعماؤه وخاصة رؤساء العشائر الكبيرة والمثقفين ومعرفتها هذه جعلتها تكون رؤيتها لمستقبل العراق ونوعية الحكم الذي يستحقه وقد عبرت عن كل ذلك لمسؤوليها بكل دقة وامانة وحرفية . ومن المناسب القول ايضا انها كانت على معرفة بما كان يجري ليس في العراق وانما كانت تعرف ما يجري في الشام وما يجري في ايران وما يجري في الجزيرة العربية وكتبت عن كل ذلك مقالات ورسائل ومذكرات كثيرة وكلها موجودة ومتوفرة للباحثين .
وقد يسأل احدكم ما الذي يجعلها وهي الفتاة الارستقراطية الانكليزية خريجة اكسفورد تلقي بنفسها في المهالك فأقول ان دراستها للتاريخ وحبها للتاريخ والاثار هو ما دفعها لترك حياتها في لندن والاتجاه اول الامر للعيش في بلاد الشرق لتتعرف على سحره الذي قرأت عنه الكثير اثناء دراستها وقد عاشت في فترة شبابها في طهران مع عمتها زوجة السفير البريطاني في طهران وفي السفارة الايرانية في طهران تعرف على شاب احبته واحبها لكن هذا الشاب ولاسباب مجهولة اقدم على الانتحار فحزنت عليه واقسمت ان لاتتزوج احدا وظلت عزباء طوال حياتها . لهذا كانت في حياتها ولمن كان يراقبها مسحة حزن تظهر في وجهها وتصرفاتها واستمر هذا حتى وفاتها .
عندما كنت اعمل في انجاز رسالتي للماجستير عن (ولاية الموصل) مطلع السبعينات اعتمدت على ما كان متوفرا من كتبها وخاصة كتابها ( Amurath to Amurath) والذي صدر سنة 1911 ولها كتاب بعنوان :
The Desert and the Sown: Travels in Palestine and Syria
ولها كتاب عن شعر حافظ الشيرازي وبعنوان :
Poems from The Divan of Hafiz
ولها ايضا كتاب :
Safar Nameh: Persian Pictures A Travel Book
ولها وبعدة اجزاء رسائلها :
The Letters of Gertrude Bell
وقسم من كتبها ترجم الى اللغة العربية ككتابها الذي هو كما قلت تقرير كبير
محفوظ كوثيقة رأيتها في مكتبة المتحف البريطاني برقم (CMD.1561 ) وعنوانه : Review of the Civil Administration of Mesopotamia 1914- 1918- London - 1920
وترجمه الاستاذ جعفر خياط بعنوان (فصول من تاريخ العراق القريب) وهو من مصادر دراسة تاريخ العراق المعاصر .
هذا جزء بسيط مما يمكنني كتابته في هذا الحيز عن المس بل وجهودها ودورها في تاريخ العراق المعاصر وقد اعود ثانية الى الموضوع .لكن لابد ان اؤكد ان هذه المرأة خدمت بلدها بريطانيا بكل اخلاص ومحبة واحبت العراق وارادت له الخير وكثيرا ما كانت تعبر عن حبها للعراق في رسائلها لوالده كانت تتألم من تصرفات بعض السياسيين العراقيين وتلومهم كما كانت تشد على ايدي السياسيين الذين تراهم قادرين على خدمة بلدهم لكن في نهاية الامر هي وجدت نفسها في ظرف سياسي وانساني معين وكان عليها ان تعمل ضمنه وتثبت وجودها وتعبر عن شخصيتها وكانت في كل ما اقدمت عليه تمتلك شخصية كارزمية انا شخصيا اراها جديرة بالتقدير والانصاف مع ملاحظة ان الاحداث في منطقتنا ووقوعنا تحت سيطرة العثمانيين قرونا اربعة واحتلال الانكليز لبلدنا العراق خلال الحرب العظمى قد وقعت وعلينا كمؤرخين ان نكتب عنها ونوثقها انطلاقا من واجبنا العلمي والاكاديمي والوطني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهداء وجرحى إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا في مخيم النصيرا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل طلبة معتصمين في جامعة ولاية أريزونا ت




.. جيك سوليفان: هناك جهودا جديدة للمضي قدما في محادثات وقف إطلا


.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي




.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة