الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طبيبة بكامل ملابسها

مصطفى سامي
كاتب

(Mustafa Samy)

2021 / 3 / 14
حقوق الانسان


فجعنا "بعضنا" بحادث مقتل امرأة في مدينة السلام على يد صاحب العقار الذي تسكن فيه وزوجته وشخص ثالث بدعوى أنها كانت تقيم علاقة مع صديق لها في شقتها، مما دعا ثلاثي حراس الفضيلة لكسر باب الشقة واقتحامها، ثم إبراح المرأة وصديقها ضربا قبل إلقاءها من نافذة شقتها بالدور السادس لتسقط جثة هامدة.

خلال ساعات انتشر الخبر عبر المواقع الإخبارية وصفحات السوشيال ميديا بتركيز غريب على كون الضحية "طبيبة" وأيضا على أنها وجدت "بكامل ملابسها"، ولا أدري لماذا قد أهتم عند قراءة خبر كهذا بوظيفة الضحية أو ملابسها؟ أم أن جريمة بدأت باقتحام سكن خاص ثم ضرب مبرح أدى لكسور متفرقة بأنحاء الجسم كان مصحوبا بالتأكيد بالشتم والسب واللعن والقذف وانتهاءا بالقتل، تحتاج للتأكيد على أن الضحية كانت تشغل وظيفة محترمة وأنها كانت بكامل ملابسها لكي تستحق التعاطف؟ ماذا لو كانت الضحية تعمل في وظيفة أقل ووجدت جثتها بملابس أقل، هل كان ذلك يجعلها تستحق القتل!

لقد سئمنا تلك الكائنات المنتشرة بيننا التي تدعي وكالتها للإله وحراستها للفضيلة وتريد إجبار البشرية جمعاء أن تلتزم بمعاييرهم التي لايطبقونها هم حتى على أنفسهم، ولا يأخذون منها إلا مايحقق لهم المظهر المتدين العفيف الذي يخفي وراءه ألغاما من الجهل والكراهية والسفالة تنفجر بين الحين والآخر لتخلف وراءها ضحايا مقتولين أو منتحرين أو هاربين.
وقد سئمنا أكثر هؤلاء المنافقين الذين يخضعون للابتزاز الأخلاقي والديني الرخيص، وينافقون تلك الكائنات لنيل رضاها واتقاء شرها رغم أنهم يعرفون جيدا حقيقتها ورغم وجودهم في مواقع تؤهلهم للوقوف في وجهها.
هؤلاء الصحفيين والأدباء والفنانين والمثقفين والمسئولين الذين ينتقون ألفاظهم بعناية ويحسبون قراراتهم بدقة لكيلا تمس قيم المجتمع التي تكونت عبر عقود من التشويه والعشوائية والفساد والتطرف حتى انقلبت كل المعايير وأصبح القتل والتحرش والاعتداء على الخصوصية أشياء يمكن تبريرها بينما الحريات الشخصية جرائم تستحق العقاب ويمكن لأي قزم تطبيق العقوبة التي يراها وكأنه في غابة دون اعتبار لأي دولة أو قانون أو حتى إنسانية!

أرجوكم توقفوا عن النفاق والتودد لتلك الكائنات، توقفوا عن الخضوع للابتزاز، دافعوا عن أفكاركم وحرياتكم وأفعالكم أيا كانت طالما لاتضر أحدا ولا تعتدي على أحد.
ماتراه حراما لاتفعله لكن من حقي أن أفعله وليس من حقك أن تحاسبني، ولست مضطرا لتقديم أي تبرير لأي شخص على أفعالي.. هذه بديهيات أشعر بالحسرة لأننا مازلنا مضطرين لقولها وكتابتها لأن مجتمعنا لم يزل غير مدرك لها، ولازلنا نسقط ضحايا واحدا تلو الآخر لأولئك المزايدين حتى ولو كنا بكامل ملابسنا!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين


.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في




.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار