الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الحب في زمن الكورونا
سعاد أبو ختلة
2021 / 3 / 15الادب والفن
استهوته فكرة أن يكتب عن الحب في زمن الكورونا ، في الألفية الثالثة حيث يكاد ينعدم قراء الحب في زمن الكوليرا، يفكر مليا كيف يخط روايته، في العقد الخامس، بعد أن جفت شرايينه من الحبر، ينظر بشغف لاستعادة ذلك المتسكع، ثلاثون عام من مهامه كرجل، التهمت روحه، اعتكفت حواسه؛ حتى خيل له أن التفكير في الكتابة سيؤثم عليه، قصائده ستلتف حول عنقه، سيحمل وزر من يتغنى بالعشق بعده، مضى يكفر عن هيامه بمدرسته في الصفوف الابتدائية وسعادته البالغة وهى تربت على رأسه، أن أحسنت، وجيش من الفتيات بنات الجيران والاعمام وزميلات الدراسة والمطربات والممثلات، كان قلبه الفتي يتسع للآلاف، والوحيدة التي شعر أنها صديقته التي لن تترك يده وتتفهمه، كانت زوجته، اطفالها الثلاث هو رابعهم، يتخيل ردة فعلها لو قرأت مذكراته الآن، وأن روح الفتى الطائش تجوب داخله، هل ستتعامل معه برزانتها المعهودة وتعتبرها مراهقة متأخرة، أم تثور الأنثى التي اختزلتها لسنوات وهي تتقمص كل الأدوار لتسير بهم المركب لبر الأمان، فعلا انه الحب في زمن الكورونا، بينما تخاف عليه من الاصابة بالوباء خاصة وأن رئتيه استوطن فيها الدخان ودعامة القلب الموغل في الحزن، ليكتب كتابه الأخير، استعاذ بالله من الشيطان الرجيم، وأغلق الحاسوب، نهض كالتائه وجلس في الشرفة، ريح تعصف بشجرة الصنوبر وريح تعصف بروحه، ذلك المتسكع، ما الذي أيقظه؟! كانت قد هدأت روحه، واستكانت لروح رجل عادي، يتصفح الجرائد، ويغض البصر عن معترك الساسة، يؤدي فرائضه بوجل العارف، ويكاد يكون أبا وزوجا حين يجتمعون على المائدة ويترأسها بادئاً بالبسملة وشكر الله على نعمه، كان يستغفر الله كلما تملكه شيطان الشعر ويخرج مهرولاً يمارس رياضة ما كي يصرف تفكيره، لكنه الآن يشعر برغبة شديدة لأن يكتب، يوثق هرطقات شاعر أحب الحياة حتى لفظته كيف جفت شرايينه من الحب، يذكر جيداً كيف استقبل خبر وفاة أمه وهو في الغربة لم يرها لأعوام سوى عبر الانترنت، كانت تحضر القهوة وتستعد لمكالمته اليومية ويجلس قبالتها يحتسي القهوة ويتحدثان، يخبرها كيف أصبح أولاده يتحدثون العربية الفصحى وأن زوجته التي لم تتلق تعليماً جيداً تجيد لغة البلاد الغريبة أفضل منه، وحين توغلت في الشيخوخة، ونسيته كما نسيت كل ما يحيط بها، كان يطمئن عليها من اخوته ويراها عبر سكايب تنظر بوجل لا تعي مايحدث حولها، وبعد كل اتصال كان يغلق على نفسه ويجهش بالبكاء، لم يخبرها أن أولاده أصابتهم لوثته وتركوه لينهمكوا في حيواتهم في أصقاع الأرض، الأرقام تلتهم رأسه، وهو منكب خلف ماكينة الدفع الآلي في سوق تجاري يضج بالجنسيات المختلفة وهو كالزومبي يستعيد روحه بين ذراعي زوجته، التي تمنحه تذكرة العودة للواقع، كل ما يدور حوله جعل روحه خاشعة، أحياناً يفكر أنه ليس متدين ايماناً أو خوفاً بل فراغاً، من كثرة المر الذي عاشه، لم يعد يقو على شيء؛ فآثر الانسحاب، الاعتكاف، مازال لا يعرف ماذا يريد، وهل يحيا حياته أم حياة آدمي آخر ارتطم به في احدى الليالي الباردة وتقمص روحه؟!! كثيراً ما ينظر حوله بوجل، من هؤلاء الذين يحيطون به وما يريدون منه؟! متى أصبح زوجاً وأباً ؟! تخلص من بعض ريبته ، وأسقط عن كاهله بعض التابوهات التي خطها بوجله.
نظرت إليه وابتسمت، تلك التي تقرأ سكنات روحه، ابتسم بشحوب وأسدل عينيه، خائفاً أن تقرأ ما يدور في رأسه، التقط كتاباً وأخذ يقلب صفحاته، واجماً، كم كان أرعناً حين فكر في الرحيل، ووضعها أمام اختيار صعب جعلها تذعن مرغمة، كم كان أنانياً سيئاً، كيف يخبرها الآن أن روحه تتوق للرحيل مرة أخرى، كم عاصمة أخرى سيجوبها باحثاً عن شيء مفقود، ما زال لا يعرف ماذا يريد، وهى تعرف ذلك، وتغض الطرف، ما الذي سيحدث لها اذا تركها تلاطم الدنيا وقد كبر أطفاله وتسربوا ، يعلم أنها تستطيع، لكن هل تستحق ذلك... اقتربت منه " اقلب الكتاب اذا كنت تنوي القراءة " قالتها ضاحكة وهي تقلب الكتاب الذي بين يديه ، ابتسم وقام ليعد فنجان قهوة، بينما جلست هي ، شيء ما ليس على ما يرام، هل يواجه مشكلة في العمل، ما الذي يشغل تفكيره لهذه الدرجة، منذ وفاة أمه تصيبه حالة من الشرود لا تتعدى بعض الدقائق، اصبح شارداً طوال النهار وفي الليل يستلقي على ظهره شاخصاً بعينيه في سقف الحجرة حتى يغط في النوم ارهاقاً، هل كان عليها أن تصر على عدم السفر؟!! ربما كان أذعن، وربما كان سافر وحيداً وعاد، وربما... لا لا تحتمل فكرة أن يتركها، لم تكن تعرفه قبل أن تزغرد النساء في الحي مباركات، ثم أصبحت تهيم بحبه، وعرفته لاحقاً لا يعير الوقت والمال انتباهاً، حلو المعشر لكنه سيء في ادارة البيت، تحملت عنه كل مصاعب الحياة، وحين ضجر من عمله وتنقل هنا وهناك كانت تسانده، روحه حرة تتوق للانطلاق، تحملت الكثير حتى أذعن في نهاية المطاف والتصق بماكينة الدفع بالمركز التجاري، وأصبح لا يسمع صخباً لا يرى زحاماً فقط أرقام تضيء، وبطاقات ...
ناولها فنجان القهوة وجلس بجوارها، أخذا يحتسيان القهوة، يفكران في ذات الموضوع ويدعيان الصمت، نظرا لبعضهما، ابتسما، أضاءت التلفاز، نشرة أخبار، حروب وموت، كورونا وموت، أغمض عينيه ونام ، حملت الكوبين، أطفأت التلفاز والضوء وجلست خلف زجاج الشباك المغلق تنظر لأضواء المدينة تخفت والبرد يتغلغل لروحها...
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. بطلة فيلم -سنو وايت- تخطف الأنظار.. وكريم فهمى يقبل يدها
.. شبكات| الفنانون السوريون يغيرون مواقفهم من بشار الأسد.. كيف
.. رئيس قطاع الهندسة بمدينة الإنتاج الاعلامي من مهرجان البحر ال
.. «نجم المسرح» منصة اكتشاف المواهب الفنية بقيادة «قروب مافيا س
.. فكرة جميلة علشان الجماهير تروح الملاعب وتشجيع فرق كرة القدم