الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرأسمال الثابت وخلق القيمة.. هل يوجد فائض قيمة في الاتمتة؟

انيس منون

2021 / 3 / 15
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


نشر في الحوار المتمدن مقال بعنوان "هل يوجد فائض قيمة في الاتمتة" بتاريخ 12/02/2021 يناقش كاتبه امرا في غاية الاهمية من ناحية نظرية، خصوصا بعد هجر نظرية القيمة الموضوعية او القيمة بشكل عام لصالح نظرية الاسعار (والتي يرتبط فيها كل شيء بكل شيء) وفي اغلب الاحيان من طرف الكتاب او المفكرين الاشتراكيين او الشيوعيين انفهسم. ان معالجة امور نظرية بحثة على هذا المستوى تعتبر المنطلق الاساسي والضروري لفهم واستيعاب التناقض بين قوى الانتاج الحالية وعلاقات الانتاج وفق خصائص التطور التاريخي لكل مجتمع او شعب معين، طبعا من الاخذ بعين الاعتبار انعكاسات علاقات الانتاج على مستوى البناء الفوقي لهته الشعوب او المجتمعات.

يطرح الكاتب المسألة عبر مثال يفترض فيه انه حالة اشتداد المنافسة بين الرأسمال وميلان معدل الربح الى الانخفاض، يستعين الرأسمالي بالاتمتة ويعظم من رأسماله الثابت (آلات، مباني...) بغرض التخلص من أجور العمال في الأساس (إضافة الى النقابات وحقوق العمال وحتى الضرائب الخ الخ). لتصبح المعادلة بسيطة للغاية حيث ستطرح الأجور من تكلفة الإنتاج لتذهب الى الأرباح الصافية على المستوى النقدي او المالي. هذا الافتراض بعيد كل البعد عن الواقع من ناحية المنطلقات التي ينطلق منها خصوصا افتراض ان الحصول على آلات جديدة يكون دون تكلفة.

تتمحور الفكرة العامة للمقال حول امكانية تحقيق مزيد من الارباح عبر تخفيض كتلة الاجور، ويظهر ذلك جليا في المثال الذي يعطيه الكاتب حول "المصنع ذو قدرة الانتاج المكونة من 50 عاملا والتي يحقق عبرها الرأسمالي نسبة ارباح تبلغ عشرة بالمئة، لكن مع احتداد المنافسة سيضطر الى تخفيض الاسعار ومعها الارباح بشكل تدريجي الى ان يصل لنقطة مفصلية إما اغلاق مصنعه او اللجوء الى الاتمتة من اجل تقليل ساعات العمل الضروري والاستيلاء عليه" "في هذه الحالة سيطرد 40 عاملا وتطرح اجورهم من تكلفة الانتاج لتضاف الى الارباح، وتعوضهم في العمل الآلات محافظة على نفس القدرة الانتاجية"
لتفسير ما الذي حصل هنا وجب بالضرورة دراسة كل حالة انتاج وحدها على حدة من اجل الكشف عن خصائصها وكيفية تقسيم العمل داخلها للكشف عن كيفية انتقال القيمة من كل من اليد العاملة كعمل ضروري وعمل زائد بالاضافة الى القيمة التي تنقلها الالات والتي تتمثل في العمل المختزن (العمل الضروري والزائد الذي انفق في سبيل صنع الالة بحد ذاتها). لكن بشكل عام هذا التغيير سيعني ان عدد ساعات العمل سيبقى كما هو وستتغير نسبة كل من العمل الحي والعمل المختزن في القيمة المضافة لتميل لكفة الثانية أكثر نظرا لازدياد عدد الالات و(تعويضها) للعمل الحي وهو ما يعني ان افتراض الكاتب صحيح حيث ان الرأسمالي لم يحقق فائض قيمة لأكثر من عشرة عمال. لكن هذا المثال بالضبط يثبت عكس ما كان مفترضا به اثباته، لأنه كما سبقت الاشارة اليه يفترض الكاتب ان الحصول على الات جديدة يكون دون تكلفة وبالتالي فإن عمل الأربعين عاملا سيذهب لأرباح الرأسمالي.. لتوضيح هذه الفكرة سنفصل في المثال أعلاه أكثر ونفترض ان أجر عامل واحد هو 100 دولار شهريا. هنا الرأسمالي طرح 4000 دولار من تكلفة الانتاج والتي هي اجر الـ40 عاملا واستثمر مبلغا لشراء الآلات (مهما كان هذا المبلغ، لكن للتبسيط سنفترض مبلغ 2000 دولار). انطلاقا من قانون القيمة ذاته فإن الآلات ستنقل قيمتها (2000) للمنتوجات التي ستصنعها وبعدها وجب استبدالها لأن الرأسمال الثابت (الآلات والأدوات والمباني الخ) لا يخلق قيمة جديدة عكس قوة العمل البشرية. هنا في هذا المثال بالضبط يبدو ظاهريا ان الرأسمالي قد ربح أجور العمال، هذا افتراض صحيح لكنه محدود، لأن دورة الرأسمال غير منتهية وبالتالي بعد ان يتم الرأسمال دورته ليعود لدورة الإنتاج من جديد سيجد الرأسمالي ان معدل ربحه قد انخفض نظرا لانخفاض العمل الزائد الذي يحصل عليه، والذي تحول من قوة عمل 50 عامل الى قوة عمل 10 عمال فقط، لأن الرأسمال الثابت لا يخلق أية قيمة بل ينقل قيمته للمنتوجات دون زيادة، هنا بالضبط حيث يضطر الرأسمالي في شروط المنافسة إما لتخفيض الأجور من اجل امتصاص قيمة زائدة أكبر، أو تشغيل يد عاملة أكبر من أجل رفع مستوى الإنتاج.

في الأخير من أجل الاجابة عن التساؤل المطروح حول خلق الاتمتة لفائض القيمة يجب الاجابة انطلاقا من قانون القيمة نفسه، وباعتبارها راسمال ثابت فإن الآلات او الاتمتة لا تخلق اية قيمة زائدة بل تنقل القيمة المتجسدة فيها الى المنتوجات التي تنتج بواسطتها. البضاعة الوحيدة التي تخلق قيمة اكبر من قيمتها هي قوة العمل (انجلز، بصدد كتاب ماركس "رأس المال").








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - النظام الرأسمالي ليس مؤسسة خيرية بل استغلالية
طلال الربيعي ( 2021 / 3 / 15 - 15:06 )
شكرا على مقالتك. واتفق مع استنتاجك
البضاعة الوحيدة التي تخلق قيمة اكبر من قيمتها هي قوة العمل -.-
ولو كانت المكائن والآلات والأدوات والمباني الخ (رأس المال الميت) هي التي بحد ذاتها تتتج ربحا وفائض قيمة فما حاجة الرأسمالي الى توظيف عمال (قوة العمل الحي) ودفعهم اجور وتوفير تأمين صحي لهم الخ, اللهم الا اذا كان الرأسمالي مؤسسة خيرية؟ ومؤسسة خيرية في هذه الحالة ستفلس ويخسر العمال أيضا وظائفهم.


2 - لف ودوران دون الوصول لنتيجة
منير كريم ( 2021 / 3 / 15 - 15:27 )
تحية للاستاذ
الا ترى ان هذا لف ودوران دون الوصول لنتيجة
اسالك مايلي
اولا هل ان مصانع السيارات في اليابان التي تقوم على الاتمتة شبه الكاملة تخسر لعدم وجود فائض قيمة ؟
ثانيا هل ان الاخشاب المقطوعة من الغابات تباع وفق فائض القيمة او ام معضم القيمة وهبتها الطبيعة ؟
ثالثا لماذا النبيذ المعتق قيمته تفوق كثيرا قيمة عصير العنب ؟ اين العمل الاضافي عليه ؟
واخيرا انتم ترددون وراء ماركس ان قوة العمل تنتج اكبر من قيمتها , لماذا ؟
هل اثبتت هذه الفرضية ؟ اين البرهان؟
شكرا لك

اخر الافلام

.. الشرطة تعتقل متظاهرين في جامعة -أورايا كامبس- بولاية كولوراد


.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي




.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |


.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ




.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا