الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


روبةُ عَرَب

علي الجنابي
كاتب

(Ali . El-ganabi)

2021 / 3 / 16
كتابات ساخرة


روَّبَ يُروِّب، تَرْويبًا، فهو مُرَوِّب، والمفعول مُرَوَّب، وروَّب اللَّبنَ: جعلهُ رائبًا، مخضَهُ فخرجَ زُبْدُه.
وفي الحديث الشريف “لا شوْبَ ولا روْبَ في البيع والشراء”. هذا هو معنى “روبة” بيننا نحن أهلُ الحيِّ.
يَمَّمتُ وجهيَ وصغيرتيَّ صُبحاً شطرَ “مَصرِفَ” أختُصَّ بأهلِ الحيِّ ، وإذ كانَ لزاماً علينا أن نَخترقَ خنادقَ زحمةٍ في سوقٍ مُسقّفٍ يتبضّعُ منه أهلُ الحيِّ،
وإذ كنتُ بلبوسِ دشداشةٍ ويشماغٍ وعقالٍ، وهكذا زيُّ تجواليَ في دروب أهلِ الحيِّ ،
وإذ كان ببطنِ زحمةِ السوقِ رجلاً واقفاً على إستحياءٍ كحياءِ فتياتِنا في أزقةِ أهلِ الحيِّ .
عُمُره أدنى من عمريَ بعقدينِ من سنينَ ولا أحسبُهُ من أهلِ الحيِّ، وإذ به يهتفُ دونَ الجهرِ -لمّا أصبحَت خطايَ أمامَهُ- منادياً :
(عَرَب، عَرَب، عَرَب)! وَيْ! أوليسَ كلّهم عربٌ قاطني أهلِ هذا الحيِّ!
أكملتُ مسيري بضعةَ أذرعٍ، ثم كررتُ إليهِ مهاجماً بحنقٍ وبلا حياءٍ من أهل الحيِّ ،
لأقتصَّ من سخريةِ وإستهجانِ هذا (البغلِ) لزيٍّ أرتديه أنا وغالبُ أهل الحيِّ،
ولأسألهُ من علوٍّ إن كان هو من أصلٍ إسكندنافيّ، أو لعل جينِ نطفته من “باليرمو” صافي، أو لعلّهُ لقيطٌ بينَ أهلِ الحيِّ ؟
لن أباليَ إن كان سيلكُمُني ويَغلبُني بقوّتهِ، فأزدادُ خزياً على غمٍّ بين معارفي من أهلِ الحيِّ.
بيدَ أنيَ لن أنسى أنَّ سلاحيَ “عقالٌ لاسعٌ” ، وذاك سلاحٌنا الفتاكٌ نحنُ أهلُ الحيِّ.
ولكن…
ما إن دنوتُ منهُ حتى برزَت ليَ الكلمةُ التي غُمَّ علي فهمُها حين هتافهِ على رؤوسِ أشهادِ أهلِ الحيِّ،
إذ بدا جلياً أن الرّجلَ كان يُروّجُ لأكياسٍ تحت رجليهِ مَلائ ب (روبة عرب، روبة عرب، روبة عرب) قد جاءَ بها يسعى من الأطرافِ لأهلِ الحيِّ.
وكانَ ينطقُ عبارتهُ بسرعٍ ضوئيةٍ ليروّجَ لها في سوقِ أهلِ الحيِّ .
حمداً للهِ أن مسمعيَ قد طَنَّ ففطنَ للأمرِ عندَ آخرِ لحظةٍ قبيلَ إندلاعِ حربٍ قد تطولُ أربعينَ سنة وتتعدى ديارَ أهلِ الحيِّ ،
حربُ الولدِ وأبيهِ وتلكَ حربٌ يعشقُها وهي مغرمُ أهلِ الحيِّ ،
فما كان منيَ إلا أن أشتريَ كيسينِ من روبةٍ ريفية غير مجففةٍ وبدُهنِ بقراتٍ أنصتُ لخوارٍ منهنَّ آتٍ من خارج ديارِ أهلِ الحيِّ.
لكنِ الرجلَ تَنَبَّه لوجهيَ الحانقِ إذ كان مقبلاً عليه رغمَ زحامِ الأنامِ في سوقِ أهلِ الحيِّ.
باعَنيَ الرجلُ روبتَهُ تحتَ نظراتِ إستغرابٍ منه، وغادرتُهُ ومايزالُ هو لايعلمُ الأسباب فمارآنيَ وما لمحتهُ من قبلُ وماظننتهُ من أهلِ الحيِّ.
فيا إبن الروميّ..
قد حمُضت روبتنا في بغداد برجسِ الأذنابِ، وإحمضّت برجزِ الأغراب ، وتحمَّضت بنجسِ الخطاب، ولا من رشيدٍ يعذرُ ، ولا من نشيدٍ يحذّرُ:
(فاعذر وإن حَمُض الجوابُ فرُبَّ منتفعٍ بحامض
ودعِ المَضَامِضَ بالفضولِ فإنها شرُّ المضامِضْ)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما