الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التجديدات اللغوية التي ابتدعها السريان-----أرباب الحضارةج5

سلطان الرفاعي

2006 / 7 / 29
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


---مهما يكن ، فان المحطة السريانية ، لا اليونانية ، هي التي انطلق منها العرب والمسلمون في نهضتهم العلمية.فغالبية المؤلفات اليونانية لم تُعرب من لغتها الأصلية، بل عُربت من ترجمتها (أو ترجماتها) السريانية. وكما تعددت الترجمات السريانية للكتاب اليوناني عينه ولشروحاته على مدى قرون، كذلك أيضا تعددت تعريبا ته وشروحا ته. ويمكن الاستنتاج أن كل صعوبات التعريب (من اللغة اليونانية المندو-أوروبية إلى العربية) تم تذليلها بحسب نماذج الحلول التي اعتُمدت سابقا في السرينة (من اليونانية الهندو-أوروبية إلى السريانية). وهذا يؤول إلى حقيقة أن دور السريان لا يمكن حصره في النقل، مجرد النقل، من لغة(اليونانية أو السريانية) إلى لغة (العربية)، بل هو، بدلالاته الواسعة والمتنوعة، نقل للإرث الفكري اليوناني كما فهمه السريان وكما أولوه بمضمونه وأسلوبه ومصطلحا ته ( أي مفاهيمه الحديثة العهد في السريانية وفي العربية). إن ((القراءة السريانية)) للفكر اليوناني الفلسفي والعلمي، والفكر الفلسفي السرياني والعلمي أيضا والتي (تمظهرت ) أولا في السرينة (الترجمة والشرح والتأليف) وبعد ذلك بتعريب السرينة، هي التي تداولها فراء العربية، وانطلقوا منها، وأسسوا عليها لاحقا نهضتهم العلمية في مختلف الميادين.



إن المسافة الواقعة ما بين الاندماج المطلق في البنية المجتمعية-الثقافية العربية الإسلامية، والنأي المطلق عنها، وكلتاهما مستبعدان بواقع الأمر، وفر للسريان فرصا أكثر (موضوعية) للتعامل مع التراث اللغوي العربي لإنشاء لغة علمية (فلسفية) عربية جديدة غير مسبوقة، سبق التدرب على نموذجها الجديد ومزاولته في اللغة السريانية نفسها، منذ قرون قبل الإسلام.

-----فان اعتبار الترجمة كمصدر (أعجمي) للمفاهيم (المصطلحات) الجديدة هو الأكثر إقناعا. وان استحداث هذه المصطلحات في اللغة العربية، ورسوخها فيها، دليل على استجابتها لحاجات اجتماعية -ثقافية مستجدة في البنية العامة العربية الإسلامية، لم يعد الإرث الثقافي العربي قادرا وحده على الوفاء بمتطلباتها الجديدة والمتعاظمة.

يقول الجاحظ في كتابه ((البيان والتبيين) (ص88-89)عن هذه المرحلة المحورية:

((إن كبار المتكلمين ورؤساء النظارين---هم اصطلحوا على تسمية ما لم يكن في لغة العرب اسم----وإنما جازت هذه الألفاظ في صناعة الكلام حتى عجزت الأسماء(الكلمات) عن اتساع المعاني)). ولكن الجاحظ يجهل أن هذه ((الألفاظ)) الفلسفية المستحدثة موجودة في نصوص المترجمين السريان الذين كانوا أول من أدخل الفكر الفلسفي (بمضمونه ومصطلحا ته) إلى اللغة العربية.

والمعروف أن صوغ المصطلحات الجديدة يتم بطرق مختلفة: كالتوليد، والنحت، والاشتقاق، والتعريب-----وكلها لجأ إليها المترجمون. إلا أن الجديد اللغوي الذي قاموا به والذي شاع على الرغم من رفض النحويين العرب له رفضا قاطعا. لدرجة طرده كليا من معاجمهم اللغوية، هو لجؤوهم إلى صيغ مجافية لقواعد اللغة العربية، هذه القواعد التي وُضعت في الأصل بغية صد مثل هذه الغارات (والتي عُرفت بالنحل، أو نحل الأعاجم) عن لغة العرب (لغة القرآن).



التجديدات اللغوية التي ابتدعها المترجمون السريان:

منها:



- إدخال لا النافية للجنس على النعوت، مثل: لا متناهي، لا معقول، لا محدود----وإدخال آل التعريف عليها وتحويلها إلى أسماء، مثل: اللامتناهي، اللامعقول، اللامحدود----



-اشتقاق بعض الكلمات من الحروف، مثل: ماهية، كمية، هوية-------



-النسبة بزيادة ألف ونون، على الطريقة السريانية، مثل: عقلاني (بدلا من عقلي)، نفساني، جسماني، روحاني----



-إدخال أل التعريف على النعوت المؤنثة وتحويلها إلى الاسمية، مثل: الإنسانية، العقلانية، البهيمية، الكليات، الجزئيات----



-وتعريب (نحت) العديد من المصطلحات اليونانية مع إعطائها صيغة صوتية عربية، مثل: فلسفة، هيولى، جنس، جغرافية، فانوس، الأثير------

------------

--------------

------------------

إن النصوص الفلسفية الأولى باللغة العربية كانت من وضع السريان، ترجمة وشرحا، وتأليفا، وكذلك في سائر العلوم الوضعية. لقد كان السريان مترجمين ومعلمين. فاللغة اليونانية تُرجم منها. والعربية تُرجم إليها. وحدها اللغة السريانية تُرجم إليها ومنها. فالسريانية ظلت اللغة العلمية للسريان حتى القرن الرابع الهجري -العاشر الميلادي، يترجون منها واليها ويؤلفون فيها بموازاة تأليفهم بالعربية. فأساتذة الفلاسفة والعلماء العرب المسلمون الأوائل كانوا من السريان.

قال ((الفهرست)) عن أبي يحيى المروزي الفيلسوف السرياني الذي قرأ عليه، أبو بشر متى بن يونس (وكان أحد أساتذة الفيلسوف الفارابي):((كان فاضلا، لكنه كان سريانيا(بعبارته) وجميع ماله في المنطق وغيره بالسريانية)). وثمة من علماء السريان أيضا----------



مركز الدراسات والأبحاث المشرقية

الدكتور أنطوان سيف

مركز الشرق للدراسات الليبرالية وحقوق الأقليات

حضارتي السريانية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 59.39%.. نسبة المشاركة الأعلى منذ الدورة الأولى من انتخابات


.. الانتخابات التشريعية الفرنسية: لماذا الإقبال -القياسي- على ص




.. الانتخابات التشريعية في فرنسا.. ما دور الجمعية العامة؟


.. أميركا.. بايدن يجتمع مع عائلته اليوم لمناقشة مستقبل حملته ال




.. 3 قتلى من حزب الله في قصف إسرائيلي على بلدة -حولا- جنوبي لبن