الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشكلة مع ماركس

صوت الانتفاضة

2021 / 3 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


شكل كارل ماركس 1818-1883 بمواضيعه الفكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية علامة فارقة في التاريخ الحديث، فقد اثارت اغلب الموضوعات التي طرحها نقاشات وجدالات حادة، قد تخبو في بعض الأحيان، الا ان لها الاستمرارية والدوام، فكلما حدثت ازمة اقتصادية في العالم، تتصاعد وتيرة الجدال، ويحضر ماركس بشكل قوي، وهذا نابع من طرحه ذاته، ومن تشخيصاته الراديكالية الفذة، فتشريحه لنمط الإنتاج الرأسمالي، جعله يقف في الصف الأول من المفكرين الذين بحثوا وشرحوا هذا النمط؛ وفي الفلسفة أيضا، فقد كانت رؤاه حول الفلسفة الهيجيلية، وهي قمة ما وصلت اليه الفلسفة، خلاقة بشكل ما؛ أيضا موقفه من الدين، فقد اثبت بشكل قاطع الحاده الفاعل وليس المنفعل كما يقول العظم صادق جلال؛ أيضا رؤيته حول شكل الصراع الموجود في العالم وعلى مر التاريخ، فهو يٌعرّف هذا الصراع على انه صراع طبقي، رغم ارتداءه وتجلببه ثيابا أخرى.
يتناول بعض اللبراليين اليوم ماركس من خلال طروحاته حول الاقتصاد وحول نظريته في العنف، ويعدونها مشكلة كبيرة، فماركس مثلما هو معروف كان قد عرف مجتمع نمط الإنتاج الرأسمالي في البيان الشيوعي بقوله ((أبدع، كما في السِّحر، وسائل الإنتاج والتبادل الضخمة، يُشبه المشعوذ الذي فقد سيطرته على القوى الجهنمية التي استحضرها)) مؤكدا الى ما لانهاية وبدون ملل ان الرأسمالية هي خالقة الازمات، بسبب ديمومة الاستغلال، وبسبب قواها الجهنمية، بالتالي لا يمكن لها الاستمرار دون وجود ازمة، فهي تقوم على التفاوت الهائل بين البشر، من يملك ومن لا يملك، وهذه الفجوة تزداد يوما بعد آخر، ولن تتوقف عند حد الا بزوالها، "آخر الإحصاءات تقول ان مجموع ثروة الأثرياء الامريكيون فقط بلغت 130 ترليون دولار، ومن جانب آخر يموت طفل يمني من الجوع كل 75 ثانية"، امام هذه المعادلة تقف البشرية امام خياران لا ثالث لهما، اما الانتفاض والثورة على هذا النمط البشع وازالته، او القبول بحياة بربرية، يتنعم فيها ثلة قليلة من البشر، ويموت الجزء الأكبر.
لكن ما السبيل الى ذلك، هنا يطرح ماركس نظريته في الخلاص من هذا النمط، نظريته في العنف، التي يرفضها اللبراليين "الكيوت"، ويعدونها احدى المشاكل الكبرى؛ اغلب التغيرات التي تحصل في أنظمة الحكم لا تأتي عبر الشكل السلمي، حتى داخل نمط الإنتاج الرأسمالي ذاته، فالانتقال مثلا من شكل الحكم الملكي الى الجمهوري، يحمل بذرة العنف، سواء جاء عبر الانقلاب او الثورة، او سيطرة فئة او مجموعة منشقة داخل الحزب الواحد على نظام الحكم، لا يأتي بغير العنف؟ كيف إذا كنا نروم تغيير نمط انتاج كامل، هل هناك وسيلة أخرى غير الثورة؟ من يستطيع ان يتصور فكرة "الانتقال السلمي الى الاشتراكية"؟ انها محض خيال.
ان الفكرة اللبرالية بتخليص الماركسية من نظرية الصراع الطبقي ونظرية العنف، هي بالحقيقة تنبع من موقف سياسي محدد، انها تريد وأد هذه النظرية، او في أحسن الأحوال جرها الى مواقع الفكر السياسي اللبرالي "انتخابات، ديموقراطية، برلمان" يقف الأغنياء ومالكي وسائل الإنتاج على رأس هؤلاء، أي بقاء ذات الهيمنة والسيطرة على حياة الناس، بقاء استغلال الانسان للإنسان الاخر، بقاء الحروب والأزمات والمجاعات.
لا يمكن فهم ماركس ونظريته دون فهم جوهر الصراع الطبقي ونظرية العنف في التاريخ، دون ذلك فأننا ننزلق الى مواقع الفكر النقيض، ونمسي بشكل ما "ماركسيين لبراليين".
أخيرا يجدر بنا ان نقول مع ماركس:
((ولن تكف التطورات الاجتماعية عن ان تكون ثورات سياسية الا في وضع لم تعد فيه طبقات وتناحرات طبقية. وحتى ذلك الحين، وعشية كل تغيير عام للمجتمع، ستكون الكلمة الأخيرة للعلم الاجتماعي دائما هي:
"القتال او الموت، النضال الدامي او العدم. هكذا تطرح المسألة، وما من طريق آخر" جورج صاند)) كارل ماركس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غموض يحيط بمصير هاشم صفي الدين بعد غارة بيروت.. ما هو السينا


.. مصادر طبية: 29 شهيدا في يوم واحد جراء القصف الإسرائيلي على ق




.. خليل العناني: المنطقة العربية في حالة اشتعال بسبب الإدارة ال


.. وزير لبناني يخشى -غزة ثانية- بعد القصف الإسرائيلي العنيف




.. بايدن يحضّ إسرائيل على عدم ضرب المنشآت النفطية الإيرانية