الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بطاريات ( باتريات ) آبائنا المعضوضة والسياسة العراقية !

وليد سلام جميل
كاتب

(Waleed Salam Jameel)

2021 / 3 / 16
كتابات ساخرة


كان آباؤنا لا يرمون البطاريات عند نفاد طاقتها ، بل يعضّونها من كل جانب ويحاولون الإستمرار بالإنتفاع منها لأطول فترة ممكنة ، أو بالأحرى يحاولون مدّها بالحياة لفترة أطول ، وإذا إنتهت ولم ينفع حتى العضّ ، المقابل للصعقة الكهربائية لإحياء المريض في المستشفيات ، يرمونها فوق السطح أو فوق الحمّام الخارجي ، لتبقى أياماً طويلة تحت الشمس تشحنها وتبثّ فيها الحياة وكأنّهم يعتقدون بما كان يعتقده أسلافنا السومريون من أنّ الشمس إله يمكنه فعل كلّ ما نعجز عنه !. تتعجب بعد أشهر عندما تنفد البطاريات الجديدة ، يأتون بالبطاريات القديمة المشمّسة كخمر معتّق لصوفيّ متجوّل ، ويضعونها في الراديو أو في الريموت كونترول بعد التّطور لتعمل من جديد ، لكنها لا تستمر طويلاً ، وقت محدود وتنفد من جديد أو لعلّها تنتحر بسببهم . من اللطيف أنّهم حينما تنفد هذه البطاريات ويفتحون الريموت كونترول لعضّها ، يجدون أنّها قد تمّ عضها بالفعل سابقاً ، فيضربون الريموت كونترول بالحائط أو بأيديهم لعله يعمل من جديد ، وهو نفس الإسلوب المستخدم حينما يُصعق شخص ما بالكهرباء ، يشبعونه ضرياً ليتجاوز الصدمة ، فتخرج شحنات الكهرباء من جسده لتستقر شحنات الصدمات النفسية في عقله ونفسه ، فتصبح المصيبة مصيبتين ، مصيبة البطارية النافدة ومصيبة الريموت كونترول المكسّر ، وبالطبع فنحن لا نلومهم لأنّ ذلك كان نتيجة سنوات الحصار الأسود على العراق ، الحصار الذي عضّ القوب والأبدان قبل البطاريات .

عاد العجوز الهرم جو بايدن إلى البيت الأبيض بعد أن غادره عندما تولى ترامب الحكم في سنة 2016 ، وبعودته شحنت كل الوجوه القديمة نفسها لتعود إلى الواجهة ، وعلى رأسهم صديق بايدن الحميم ، نوري المالكي ، الذي هنّأ الرئيس بايدن كأول سياسي عراقي مبتهج بفوزه ، ولعلّه سبق حتى زوجة بايدن في التهنئة ، فلقد شُحنت طاقته بشكل ملفت ، معلناً أنّه مستعد لحكم العراق إذا وافق الشّركاء - وتحت الشركاء ألف خط - ، ويُصدّر نفسه بأنه الوحيد القادر على إيقاف الفوضى الأمنية ، وهو بالطبع لا يقصد الميليشيات ، لأنّه من زعاماتها المكرّمة ، بل يقصد الشعب أو المتظاهرين على وجه الخصوص ، وقد نسيَ هذا الأحمق أنه سلّم ثلثي العراق لعصابات داعش ، ونسيَ عندما صعد المدرّعة معلناً أنه سيحرر الموصل في 24 ساعة ، وإذا بداعش يحاصرون بغداد ، ولولا تطوع الشيبة والشباب للدفاع عن الوطن لسقط العراق كلّه .

ليس المالكي فحسب ، بل بدأنا نرى وجوهاً عتيقة بائسة تطفو إلى السطح كالضفادع ، منها إجتماع بين رئيس مجلس الوزراء السابق الليبرالي أياد علاوي ورئيس مجلس النواب السابق الإسلامي الإخواني سليم الجبوري !. وكما نقول دائما ، إن السياسة وخاصة العراقية ، لا يوجد فيها مبادئ ، فيمكن أن يتحد القومي مع الشيوعي ، أو الشيوعي والإسلامي ، أو الليبرالي والمتشدد الإسلامي !. تناقضات لا يمكن أن تجد لها تفسيراً غير تفسيرات أهل العراق ، الذين يختصرونها بالمثل المعروف ( بين حانة ومانة ضاعت لحانة ) ، ولحية العراق تتجاذبها الرياح في كلّ إتجاه .

هذه الوجوه ما أن تجتمع أو تعيد خطاباتها حتى يشتعل العراق ، زيادة على إشتعاله المستمر فعلاً . في الأصل عندما تجتمع القوى المتعارضة أو المتناقضة ، فالمفروض أننا نتوسم من بعد إجتماعاتهم خيراً ، على الأقل شعور بالسلام ، لكن في العراق ، العكس هو ما يحصل ليحترق كلّ شيء ...
تسويق هذه الوجوه العتيقة ، سواء من قوى داخلية أو خارجية ، غير مجدٍ ، لأنها وجوه فقدت الشحن ككل البطاريات المرمية فوق السطوح تحت الشمس ، وطاقتها ما تكاد تتوهج حتى تنطفئ ، ولا خير في شحنهم من جديد ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1


.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا




.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية


.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال




.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي