الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بكفي اعتماد على المنح والمُساعدات.. بكفي خلص

ازهر عبدالله طوالبه

2021 / 3 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


احنا تواصلنا مع السعودية من أجل تزويدنا بالأوكسيجن، وحكولنا إنه " انتو واحنا واحد " ورح نزودكم بالأوكسجين"



هذا ليسَ كلام لأحدِ الأكادميين في إحدى الجامعات الحكوميّة، يبحَث مِن خلالهِ عن عقِد عمَلٍ براتبٍ فلكيّ، أو كلام لأحد شيوخ القبائل التي تتواجَد في كُلّ بقعةٍ مِن البقاعِ العربيّة، قالهُ بعدَ معركةٍ مع قبيلةٍ أُخرى أسفرَت عن قتلِ بعض أبناء قبيلته، خنقًا، مُناشدًا إخوته، الشّيوخ الأخرين للقبيلة الذين يسكنونَ على ألأراضي السعوديّة، أن يزوّدوه بكميّاتٍ مِن الأوكسجين تُمكنه مِن الحِفاظ على مُقاتيله...بل هذا كلام وزيرٍ لأهمّ الوزارات الأردنية، وكأنّه يؤكِد فيه، أنّ هذه البلاد ما عادَت قادِرة - بالمرّة- على أن تَقِف على أقدامها مِن جديد ؛ إلّا إذا انهالَت عليها المِنَح والهِبات الخارجيّة ومِن دول الأشقّاء، تحديدًا، كما يسمّونها عند وقت الحاجة، وهذا ما يتّضِح لنا عندما تتعمَّق أزماتنا أكثر . فبعد أن توقّفت بعض الدول الأوروبيّة عن دعمنا مِن جوانبٍ ونواحٍ عدّة . إذ كان هذا التوقُّف بسببِ هدّم الجُدران التي كانَت تمنَع وتحجِب عنها الرؤية، والذي مكّنها مِن الوصول إلى الحقيقة التي مفادها ؛ أنّ ما يقدّموه لنا كدعِم يذهَب إلى أشخاص مُحدّدين، حيث يتنعّم به هؤلاء الأشخاص بالدّعمِ كما يودّون ؛ فيبتاعونَ بهِ أثوابًا حريريّة، أو يشيّدونَ بهِ قصورًا عاجيّة، وما تبقى منهُ يُسارعونَ بالاحتفاظ به في ملاذاتٍ آمنه، يصعُب على الشيطان أن يعرفها .. بعد ذلك، سارعَ أرباب المناصِب في الدولة باللجوء إلى دوَل الخليج كي تُقدّم لنا المُساعدات وتتصدَّق علينا بالقليلِ مِن المِنح لنتمكّن مِن تخفيف حديّةِ الأزمات التي أوقعتّها علينا سياسات الرُعناء والهمجيّون في إدراة الدولة، أو بالأصَح، كي نعملَ على ترحيلها إلى سنواتٍ ليسَت بالبعيدة، ولا تتجاوز حدود السّنتين، بالأكثر، ممّا يؤدّي إلى جعلها قُنبلةً موقوته تنفَجر في أيّ وقت، فتتسبَّب بأضرارٍ كانَ مِن المُمكن تداركها لو كانَ هُناك عُقلاء وحُكماء في المناصِب التي تُدار الدولة مِن خلالها . ويجدُر بنا هُنا أن نُشير إلى أنّ الثمَن المُترتّب علينا جراء هذا اللّجوء، هو التنازلُ بالمُطلَق عن قراراتنا السياسيّة المصيريّة، وجعلها بيدِ وتحتَ سيطرة مَن شفقوا علينا.. أؤلئكَ الذين يودعونَ في بنكنا المركزيّ أموالًا تُقدَّر بالمليارات ؛ ليُعينوننا على الهروب مِن أنياب سُلالات الجوائح الاقتصادية التي منشأها عقول المُفكرينَ الإقتصاديين الصُلعان، الذينَ أُتيَ بهم مِن حواضنِ البنوك المركزيّة الدوليّة، وحواضِن صناديقِ التجويعِ العالميّة... وأؤلئك الذين سيزوّدوننا بالأوكسجين كي لا نموتَ خنقًا بسبب نفاد/نقِص الأوكسيجين في مُستشفياتنا التي لَم يمُر على افتتاحها سوى ستّة أشهُر، فقط، أو لكي ننجو مِن قنابلِ الغاز التي تُرمى علينا حينما نخرُج للشارع مِن أجلِ الدّفاع عن ما تبقّى لنا مِن الوطن، ومُحاولة استرداد حقوقنا المسلوبة، والحِفاظ على ما تبقى مِن شرعيّة الشّعب، إن كانَ هُناكَ مَن يعتَرف بهذه الشرعيّة .

أؤلئكَ الذين تلذَّذوا على خلايا أدمغَتنا في كُلّ حديثٍ لهُم عن مسار النّهضة، وتفاخُرهم في كُلّ لقاءٍ بآليّات تحقيقها، التي لَم نعرِف، بل لَم نلمِس منها شيئًا.. ألَم يُدركوا بعد أنّهُ مِن الاستحالة أن تنهَض الأوطان وهي تلتَحِف لحافَ المِنَح والمُساعدات الخارجيّة ؟! المُلتَحِف بمثلِ هذه اللّحافات لَن يكونَ إلّا عريانًا بكُلّ ما تحمِلهُ مُفردة " عريان" مِن ألمٍ وضياعٍ وقهرٍ ودموع .


وللأسف، فبعدَ كُلّ ما حصلَ لنا وما يحصُل اليوم، وما سيحصُل في قادمِ الأيّام مِن نتائج تبنّينا لنهجيّ " الشحذة والشّفقة"، إلّا أنّ ما زالَ أؤلئكَ الذينَ بتروا أعضاء الوطَن عضوًا عضوا، يؤمِنونَ بأنّ نهجيّ " الشفقة والشّحذة" قادران على أن يبنيان اقتصادًا وطنيًا للوطَن، وما زالوا يمنعونَ الوطن مِن استنشاق الأوكسجين .

متى سيعى أؤلئك المُتفرّدون بقيادة الوطَن أنَّ الاقتصادَ القويّ للوطَن لا ولَن يُبنى بالشّفقة وتبنّي نهجَ المسكنة والشّحذة، وأنَّ لا الهِبات ولا السُلَف ولا الأُعطيات قادِرة على أن تُحرِّر الوطنَ مكائد المذلّة التي تُنصَب لهُ مِن كُلّ الاتجاهات .


الخُلاصة : أيًّا كانت تلكَ الدول التي أخذناها كحُلفاء لنا أو كأصدقاء، وبصرفِ النظَر عن قِواها، بمُختَلف أشكالها وأنماطها، وبعيدًا عن الاهتمام بما تُقدِّمهُ لنا لنا هذه الدّول من دعم ؛ فإنَّ هذه البلاد لا يُمكِن أن تتطهَر مِن الدّنس الذي أصابها، وتتعافى مِن الأمراض التي اضعفتّها، بل فتّكَت بها، ما لَم يكُن هُناك قيادات صادِقة وأمينة، توفّر الماء الطّاهر، وتؤمِّن العِلاج الذي يشّفي بلادها مِن الأمراض، مِن داخلِ قلب البلاد وليسَ مِن خارجها .
وبكُلّ تأكيد، فإنّ الخلاصَ لن يكونَ إلّا مِن الداخِل، وذلكِ بقياداتٍ رشيدة تُعيد العمَل بسياسة الاستثمار بالموارد الذاتية ، وتضَع حدًا معقولًا للإستفادة مِن المِنح الخارجية، وأن تُحطِّم كُلّ السياسات الصنميّة القديمة، الاي كانت تتبنّى نهج الشّفقة علينا ؛ وذلك مِن أجل أن نتمكَّن مِن. الوقوف على أقدامنا من جديد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تفض بالقوة اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة


.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: مسودة الاتفاق بين حماس وإسرائيل




.. جيروزاليم بوست: صحفيون إسرائيليون قرروا فضح نتنياهو ولعبته ا


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. فلسطيني يعيد بناء منزله المدمر في خان يونس