الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حجر تونسي في شباك الرواية المترجمة للعبرية

جهاد الرنتيسي

2021 / 3 / 18
الادب والفن


انتقلت ترجمة الرواية العربية للعبرية من الهوامش المسكوت عنها الى دائرة الضوء لتمس صلب مفاهيم كادت ان تبلغ المسلمات مع تشعب الجدل الذي اثاره النشطاء التونسيون حول انشطة التطبيع الثقافي في بلادهم.
الواضح من سياقات الجدل ان ارتباط القضية المطروحة بما تبقي من ثوابت التفكير بديمومة الصراع مع الآخر الاسرائيلي وتعدد الزوايا التي يمكن النظر من خلالها الى القضية المثارة بعض عوامل توزع التفاعلات بين شبهات الترجمة وجدواها.
في خطوة تكتيكية لتقليل ردود الفعل على حملتهم حرص النشطاء التونسيون على التمييز بين الترجمة الى العبرية والاتصال مع جهات اسرائيلية باعتبار الاولى حق للمبدع والثانية فعل ينطوي على دلالات سياسية لكن محاولة التمييز التي ظهرت بوضوح في تعليقات بلقيس خليفة والأمجد بن احمد بقيت عالقة في الهواء لا سيما وان الترجمة الى العبرية مرتبطة بوجود طرف اسرائيلي سواء كان ذلك بشكل مباشر او من خلال وسطاء.
ساهم التكتيك المتبع في مراوحة حجج رافضي مغامرة الاتصال من اجل الترجمة بين طبيعة المشروع الصهيوني وتحولات المجتمع الاسرائيلي الدائمة نحو اليمين فيما يأخذ دفاع الطرف المتحمس للترجمة الى العبرية منحى تجاهل اتهامات التطبيع او تبرئة آليات الترجمة منها بحثا عن مخارج من المأزق الذي وجد نفسه .
أخذ البحث عن المخارج عدة اشكال اظهرت تباينات واضحة في طريقة تفكير المتحمسين رغم التقائهم عند الرغبة في رؤية كتاباتهم مترجمة الى لغات اخرى بما في ذلك العبرية املا في توسيع مربع قراء يقتصر في كثير من الاحيان على العربية والمرور الى العالمية عبر البوابة الاسرائيلية.
خلال ردوده على مهاجميه اظهر مدير بيت الرواية التونسي الروائي كمال الرياحي الذي كان سببا مباشرا في الحراك الأخير قناعة بأن غيرة الذين لم تتح لاعمالهم الترجمة وراء خصومتهم معه لينتهي الى انكار حقهم في الاحتجاج.
وجد البعض في الاستقواء بتجمعاتهم البشرية وسيلة لخلط الاوراق كما فعلت ريم غنايم مترجمة رواية الرياحي حين هاجمت فكرة مقاومة التطبيع باعتبارها مساسا بفلسطينيي المناطق المحتلة عام 48 والروائي جان دوست بتوجيهه الانتقادات لقوميات اصيلة في المنطقة مارست اضطهادا ضد الكرد توطئة لمساواتها باسرائيل.
لم يخل الامر من محاولة لأنسنة فتح قنوات اتصال مع الجانب الاسرائيلي كما فعلت الروائية انعام كجه جي التي ترجمت روايتها الى العبرية حين اشارت الى تبرعها بقيمة الترجمة لاحدى الجمعيات الخيرية.
والتقت الآليات الدفاعية المستخدمة من قبل المتحمسين عند محاولة ارباك خصومهم بالحديث حول حوار الثقافات والوصول الى قارئ العبرية للتأثير فيه والاختباء وراء نجومية الذين سبقوهم من الروائيين والشعراء العرب ليصبح التواصل مع جهات الترجمة في اسرائيل حقا مكتسبا سقطت مشروعية الاحتجاج عليه .
ابرز ما تمخض عن اتهامات التطبيع والاتهامات المضادة سؤال جدوى ترجمة الاعمال الروائية الى العبرية الذي اجتر تصريحات كان قد ادلى بها الروائي واسيني الاعرج خلال حوار اجراه معه بيت الرواية التونسي قبل اشهر دعا من خلالها الفلسطينيين الى تعلم اللغة العبرية.
مشاركة فلسطينيين من المناطق المحتلة عام 48 في الجدل الدائر لعبت الدور الابرز في البحث عن اجابة للسؤال حيث تلتقي الاراء عند ضعف اللغة العبرية التي تم تجديدها في نهاية القرن التاسع عشر واقتصار استخدامها على عدد محدود من البشر وبقعة جغرافية لا تتجاوز مساحة ٢٧ الف كم مربع بمعنى انها لا تذكر قياسا باللغات العالمية الجاذبة للراغبين في العالمية.
يزيد من وجاهة الرأي القائل بقلة الجدوى تصورات بان اللغة العبرية لغة شارع، تتجنب نسبة عالية من المهاجرين اليهود استخدامها في البيوت وتأخذ شكل اللغات التي يفرضها الاستعمار الكولونيالي حين يتعلق الامر باستخدامها من قبل الفلسطينيين الخاضعين للحكم الاسرائيلي.
وهناك قناعة لدى العديد من الاكاديميين الفلسطينيين بأن ما يترجم للغة العبرية لايقرأ ـ بما في ذلك ما تمت ترجمته من اعمال كبار الكتاب والشعراء العرب ـ كما جاء في تعليق للدكتور عادل الاسطة استاذ الادب العربي العربي السابق في جامعة النجاح الفلسطينية.
امتد اثر ردود الفعل المتبادلة الى التنبيش عن تفاصيل جديدة حول جهات الترجمة والنشر في اسرائيل لتظهر في الصورة مساهمة جنرالات متقاعدين شاركوا في حروب ضد العرب وشركات انشاءات عملت من خلال مشاريعها المبكرة على تهويد الاراضي الفلسطينية وتكريس سياسة الفصل العنصري.
تهدد المعلومات المتداولة والتي لم تكن معروفة للقارئ العربي المتراجعة اعداده باحداث شروخات في علاقته بروائيين وشعراء عرب وقد تدفعه الى اعادة النظر في صورتهم المكرسة منذ عقود مما يعني افول نجوم المكرسين وظهور اسماء اخرى قد تكون قادرة على شق طريقها بالتجاوب مع ذائقة اجيال جديدة من القراء.
يطرح الدخول في تفاصيل هذه الاحتمالات سؤالا حول دور الشلليات الثقافية في تكريس روائيين وشعراء على حساب غيرهم وتدخلها لانقاذ صورتهم من الخدش حين تتعرض الممارسة غير المقبولة من القارئ للانتقاد مما يرجح احتمال حدوث متغيرات تستبدل الشلل القائمة باخرى.
وتساهم عودة الفعل الثقافي الى واجهة المشهد من زاوية اتهامات التطبيع في استعادة مقاييس محددة للابداع ونقده جرى التغاضي عنها خلال العقود الماضية وربما حدوث متغيرات على ذائقة المتلقي .
تتسع دوائر الماء التي احدثها القاء حجر الحراك التونسي الأخير في البركة الراكدة منذ سنوات لتطال شعار الجبهة الثقافية الذي جرت العادة على استخدامه تعبيرا عن آخر خنادق الشعوب المنكوبة.
تقليب بعض الاوساط الثقافية للشعار على ضوء الجدل الممتد من تونس الى مختلف العواصم العربية اوصل الى قناعة بغياب امكانية استخدامه لاحقا لتعارضه مع ما تقتضيه المصالح الضيقة للسواد الاعظم من المثقفين العرب ـ دون ان يخلو الأمر من استثناءات يتم تهميشيها بشكل او بآخر ـ وبفعل هشاشة البنى الاجتماعية والسياسية العربية مما يعني تغليب وجهة النظر التي ترى في الثقافة حالة هلامية يمكن استخدامها واستثمارها اعلاميا في خداع الناس وتضليلهم على فكرة الجبهة المنيعة التي يمكن اللجوء اليها حين تسقط حصون السياسة.
امام هذه التراكمات وغيرها تتجه سجالات الحراك التونسي وامتداداتها واصطفافاتها نحو اعادة تشخيص الحالة التي يعيشها المثقف العربي الباحث عن خلاصه بعيدا عن مشهد ثقافي مشلول وصل اداءه الى ما دون الحد الادني من القيام بدوره المفترض وتوفير الفرص لاعادة فرز المواقف ولا يخلو الامر من دعوة للمراجعة واعادة التفكير وتقويم الانحرافات كما يسجل للمثقفين التونسيين الجرأة على المبادرة لاسقاط الاقنعة وتوليد جيل آخر من المثقفين العضويين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد فهمي يروج لفيلم -عصـ ابة المكس- بفيديو كوميدي مع أوس أو


.. كل يوم - حوار خاص مع الفنانة -دينا فؤاد- مع خالد أبو بكر بعد




.. بسبب طوله اترفض?? موقف كوميدي من أحمد عبد الوهاب????


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: كان نفسي أقدم دور




.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: -الحشاشين- من أعظم