الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللفياثان .. العالم بين أسنان الوحوش !

وليد سلام جميل
كاتب

(Waleed Salam Jameel)

2021 / 3 / 19
السياسة والعلاقات الدولية


من سوء حظ العراق أنه تحيطه ثلاثة دول توسعية ، ومن سوء حظه أيضا أنها غير متفقة في كل شيء ، متصارعة على جميع الصعد ؛ الإقتصادية ، السياسية والرؤى المستقبلية الإقليمية والدولية . إيران تحلم بإكمال الهلال الشيعي ، ولو تدمّرت المنطقة عن بكرة أبيها ، فيما تسعى تركيا السلطانية لإعادة عرش السلطان عبد الحميد الثاني المسروق ، وربما يرى الأتراك إن السارق قريب ، وعرش السلطان مسروق من قبل ما يُسمّى ( خادم الحرمين ) ، بينما السعودية تسعى للحفاظ على نظامها المتهالك ، الذي بدأ بلبس لباس غربيّ وخلع لباسه الإسلاميّ مع صعود محمد بن سلمان بأوامر أمريكية ، فأمريكا هي المحافظة على النظام السعودي القائم . أمريكا اللاعب الأكبر في العالم ، الذي يعتبر السعودية بقرته الحلوب وسلاحه في حرب النفط ضد روسيا ، التي تفككت بسبب التداعيات الإقتصادية في تسعينيات القرن المنصرم لعدة دول ، بعدما كانت دولة واحدة باسم الإتحاد السوفيتي . روسيا قوية عسكرياً إلّا أنها ضعيفة إقتصادياً ، أكبر مصادر دخلها القومي يأتي من تصديرها النفط والغاز ، بالتالي فإنّ أمريكا تضرب روسيا بيد السعودية تحت الحزام وفوقه ، وكلما استمرت أمريكا في هذه اللعبة ، إنتفعت تركيا والصين ، لترتب تركيا بيتاً لها في أفريقيا والقوقاز وسوريا والعراق ، فيما ينمو التنين الصيني شاعلاً النار في الكوكب ، مكمّلا طريق الحرير ، الطريق الإخطبوطي للسيطرة على العالم والكوكب .
لم تكن الأزمة السورية ، أزمة معقدة بهذا الشكل ، لولا الإرادات الدولية والإقليمية ، التي أبت إلا أن تجعل سوريا بلدا مدمرا في حرب كونية لا رحمة فيها أبداً ، في نفس الوقت تستخدم كلّ هذه الدول سوريا كرقعة للمساومة في صراعات خارجها ، دافعا ثمنها شعب سوريا ، المثقل بالهموم والاوجاع والتشرد ، وهذه الإرادات الدولية هي المانعة من إيجاد حلّ لسوريا ، وهذا ما قاله كوفي عنان ، المبعوث الأول للأزمة السورية قبل أن يفشل ويرحل . من جانب آخر نشاهد الصراع في أفريقيا ، بالتحديد على الرقعة الليبية ، وهو صراع مشابه نوعاً ما للصراع في سوريا ، وأكثر اللاعبين المتواجدين يتواجدون في الساحة السورية . إستطاع الدّب الروسي الهيمنة على سوريا بالكامل والسيطرة على منابع الغاز ، ويعمل الآن على طرد اللاعبين الأساسين في سوريا وهما تركيا وإيران ، متحالفاً مع إسرائيل ، التي أوجعت نظام بشار الأسد والقوات الإيرانية بضربات نوعية مستمرة . تركيا المنتقلة من سياسة ( صفر مشاكل ) إلى سياسة ( الردع الإقليمي والدولي) ، فاتحة جبهات على جهاتها الأربع ، مع الجيران ومع العالم ، لم تقف مكتوفة الأيدي ، بل فتحت المعركة على الأرض الليبية ، داعمة لحكومة الوفاق ، بالضد من الجنرال حفتر المدعوم روسياً . كان حفتر محاصراً لمدينة طرابلس العاصمة ، آخر معاقل حكومة الوفاق حينما تدخلت تركيا عسكرياً ، لتقلب المعادلة لصالح حكومة الوفاق وتظهر طائراتها ( البيرقدار ) المسيرة المميزة كقوة جديدة مرعبة في السماء ، هازمة حفتر وجيشه شرّ هزيمة ، بالتالي فهذا إنتصار لتركيا على روسيا على الأرض الليبية . المفارقة أن جنود الحرب على الأرض في المعركة الليبية كانوا مرتزقة سوريين ، قسم جندته روسيا مع حفتر والقسم الآخر جندته تركيا مع حكومة الوفاق ، فأعادوها حرباً سورية على ملعب ليبية !. المفارقة الثانية ، أن المفتاح الليبي كان بيد أمريكا في النهاية ، لتعلن إيقاف الحرب وتشكيل مجلس حكم جديد إختارته السفيرة الأمريكية ، معلنين التسوية في ليبيا مع إحتفاظ كلّ طرف بمكاسبه طبعاً ، ويبدو أن تركيا هي المستفيد الأكبر ، فيما المتضررين كثر وعلى رأسهم فرنسا ، مستعمرة القارة الأفريقية ، التي تواجه تصاعداً للنفوذ التركي والصيني على بقاع متعددة من أرض القارة السوداء ، ولا حاجة لبيان العداء الشديد ما بين تركيا وفرنسا . يبقى السؤال عن سوريا ، متى ستضع الحرب أوزارها ؟ ما زالت نفس الدول التي أقامت التسوية في ليبيا ، ترفض إقامتها في سوريا ، وعكس ليبيا فإن المفتاح السوري ضائع إلى هذه اللحظة ، رغم ما يبدو أنه في جيب الدّبّ الروسي إلّا أن هذا غير مؤكد ، فلم تكن أمريكا بارزة على الساحة الليبية ، مثلما هي على الساحة السورية ، إلا أن مفتاح ليبيا الضائع قد وُجدَ في جيبها ، المليء بمفاتيح العالم ...
في العراق يبدو الأمر مختلفاً نوعاً ما ، فمهما يكن ، لا يمكن أن يكون حال العراق سورياً ، لكنه يمكن أن يبقى مخطوفاً مغتالاً على حاله هذه ، وهذه أيضا متعلقة بإرادات دولية وإقليمية ، تسعى لإبقاء العراق كما هو ، لأن نهوضه قد يضرّ بكثيرين وينفع جهات على حساب أخرى ، إلّا أن ما يميز العراق أنّ مفتاحه ليس من الصعب العثور عليه ، لأنّ المتصارعين الأبرز اثنان ، يعرفان قواعد اللعبة جيداً ومتفقان على حدودها ، والمفتاح عند أحدهما أو ربما لمفتاح العراق نسختين في جيب كلّ منهما ...
حينما كنتُ أكتب هذا الموضوع ، فتحتُ صفحة الفيس بوك فوجدتُ مقالاً منشوراً للأستاذ كامل عبد الرحيم ، على صفحته الشخصية ، ربما هناك تكاملاً بين المقالين ، يتحدث فيه عن ( القاتلَين ) ، يقصد بايدن وبوتين ، متحدثاً عن تصريحاتهما الأخيرة وتداعياتها ، باحثاً عن أراضي المعركة المرتقبة بينهما ، على رأسها سوريا المنكوبة . لا يفوتني هنا ، أن أدعوكم لمتابعة صفحة الأستاذ كامل ، صفحة مليئة بمقالاته الرائعة وطروحاته العميقة ، التي أستمتع بقراءتها والتعلم منها .
لا يفوتني أخيراً ، بيان عنوان المقال وتوضيحه ، فاللفياثان : مصطلح وارد في سفر أيوب ، وتعني التنين أو كائن كبير مرعب غريب ، إستعاره الفيلسوف توماس هوبز ليطلقه على كتابه المهم كتاب « اللفياثان » ، الذي يتحدث فيه عن عقد إجتماعي وضرورة القوة ، ومن أشهر جُمل الكتاب ، مقولة « حرب الكل ضد الكل » .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -