الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإكسير السري للصحة والعافية والعمر المديد

مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)

2021 / 3 / 19
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


تعريب فريق دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع لملخص محاضرة قدمها الطبيب مصعب قاسم عزاوي باللغة الإنجليزية في المركز الثقافي في لندن.

يُشكل ما يتمتع به الأشخاص من أنواع علاقات مختلفة في حياتهم جزءاً أساسياً من وجود هؤلاء الأشخاص. وهكذا، يمكننا أن نقول أن هذه العلاقات تبدأ في مهدها كعلاقة الأطفال مع والديهم، ثم كبالغين مع أبائهم، وبعدها كأشخاص ناضجين لديهم شركاء عمل وزملاء وأصدقاء. لذلك، في هذه المحاضرة سوف تبدأ في التكشف أمامك الفكرة المتعلقة بإذا ما كانت هذه العلاقات مع الآخرين تؤثر على صحة الفرد أم لا. وسوف نلقي نظرة على تلك العلاقات مع الآباء والأزواج والشركاء، بل وحتى الشبكات الاجتماعية الأكبر حجماً، لكي تستنتج أن العلاقات الجيدة، والروابط الاجتماعية السليمة – سواء في محيط الأسرة أو مع الأصدقاء والمجتمعات الروحية – فضلاً عن حالة التفاؤل التي تسود هذه الصلات تُعد من المقومات الأساسية لكي تتمتع في ظلها بصحة جيدة.
نظرت دراسة أجريت في جامعة هارفارد بخصوص هيمنة الضغط النفسي على الشخص وتأثير ذلك، وتناولت هذه الدراسة مشاركة 126 طالباً من الذكور من طلاب جامعة هارفارد لمدة 35 عاماً، وطرحت الدراسة قضية ما إذا كانت العلاقات الأبوية تؤثر على قابلية حدوث المرض في فترة منتصف العمر أم لا. فكان لدى المشاركين الذين حددوا علاقاتهم مع والديهم بأنها علاقة متوترة بنسبة تصل إلى 100 في المائة قابلية التعرض إلى المخاطر الصحية الكبيرة - بما في ذلك مرض الشريان التاجي والسرطان وارتفاع ضغط الدم والقرحات المعوية وتعاطي الكحول - بعد مرور 35 عاماً. ومن المثير للدهشة أن المشاركين الذين كانت علاقاتهم تتسم بأنها علاقة حميمة ووثيقة مع والديهم قد انخفضت نسبة هذا الخطر لديهم من 100 في المائة إلى 47 في المائة فحسب.
وقد تصور الباحثون أن هذه النتائج يمكن أن يرجع تفسيرها إلى أننا نتعلم كل شيء من والدينا، بما في ذلك عادات التغذية وممارسة التمارين الرياضية وأساليب التكيف والتأقلم وطرق التوصل إلى حل الخلافات. كما أننا نكتسب من آبائنا قيمنا وممارساتنا الروحية أيضاً.
وخلصت دراسة أجريت على مدى 50 عاماً في جامعة جونز هوبكنز إلى أن معدلات الإصابة بالسرطان ترتبط ارتباطاً وثيقاً بدرجة التقرب إلى أحد الوالدين.
وجدت دراسة أجريت بخصوص موضوع تجارب الطفولة السلبية (ACE) التي قام بها طبيب يدعى فنسنت فيليتي حول أحداث الطفولة السلبية وتأثيرها على الصحة، أنه كلما كان الطفل يواجه صدمات أكثر في هذه الفترة - مثل وقوع المشاجرات داخل المنزل الذي يعيش فيه أو ممارسة الضرب بين الآباء والأمهات أو وجود أحد الوالدين أو كلاهما في السجن أو حدوث الاعتداء الجنسي - كلما ارتفع خطر الإصابة بالأمراض الخطيرة في منتصف العمر وكلما ازداد خطر تعاطي المخدرات وتناول المشروبات الكحولية.
وفي دراسة ذكرت في المجلة الأمريكية للطب، تم توجيه سؤال إلى حوالي 10000 رجل ممن ظهرت عليهم ثلاثة عوامل أو أكثر من عوامل الخطر المرتبطة بأمراض القلب وتعلق هذا السؤال بمدى إدراكهم لحب زوجاتهم وكيف يشعرون بذلك. وبعد فترة خمس سنوات، كان لدى أولئك الذين أجابوا بأن زوجاتهم أظهرن لهم الحب معدل أقل بنسبة تصل إلى 50 في المائة من الإصابة بمرض الذبحة الصدرية - وهو أحد أعراض مرض الشريان التاجي - من أولئك الذين ردوا على هذه الأسئلة بأن زوجاتهم لم يظهرن لهم الحب.
وفي عام 1992 م، ركزت دراسة نُشرت في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية (جاما) شارك فيها 1400 رجل وامرأة ممن كان معروفاً لديهم فعلياً بنية تشريح الشريان التاجي على سؤال المشاركين عما إذا كانوا ينعمون بحياة زوجية أو كان لديهم صديق حميم؛ وأظهرت نتائج تلك الدراسة أن معدل الوفيات لدى الأشخاص الذين لم يكونوا متزوجين ولم يكن لديهم أصدقاء مقربون تضاعف ثلاثة مرات على مدار خمس سنوات عن معدل وفيات الأشخاص بالمجموعة الأخرى (التي أكدت أنها لديها علاقة زوجية أو صديق حميم)؛ ومن هنا يتضح لنا أنه حال إذا ما كان الأشخاص ينعمون بعلاقة وثيقة مع شريك لهم، فإن هؤلاء الأشخاص في الغالب يعانون بمعدلات أقل بكثير من تأثير الضغط النفسي في حياتهم.
وعلاوة على هذه الدراسة سالفة الذكر، أُجريت دراسة أخرى شارك فيها أكثر من 9000 موظف مدني بريطاني، وتناولت بالبحث العلاقة المتبادلة بين الزيجات التعيسة وحدوث أمراض القلب على مدى فترة 12 عاماً؛ وخلص الباحثون إلى أن الزيجات غير السعيدة (التي غالباً ما تحتوي على قدر كبير من الشعور بالإجهاد النفسي) أدت إلى زيادة معدل الإصابة بأمراض القلب التاجية بنسبة تصل إلى 34 في المائة، وذلك بغض النظر عن اعتبار بعض العناصر المتغيرة والتي منها على سبيل المثال: نوع جنس الشخص المشارك والحالة الاجتماعي له.
ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن هناك العديد من العوامل التي تسهم في إقامة علاقة جيدة مقابل علاقة سيئة، ويُشكل قدرة الفرد على أن يكون متفائلاً عاملاً رئيسياً من بين هذه العوامل الجوهرية؛ حيث أنه قد خضعت مجموعة من الأزواج للدراسة على مدى عاميْن، ووجد الباحثون أن الشعور بالتفاؤل يرتبط ارتباطاً وثيقاً وواضحاً بوجود علاقات رومانسية أكثر سعادةً وارتياحاً. وخلصوا إلى أن ذلك يرجع إلى زيادة التعاون في إيجاد حل المشاكل.
حيث يرى المتفائلون جوانب الخير في شريك حياتهم؛ كما أنهم بمقدورهم أن يتغاضوا عن الأمور البسيطة التي يمكن أن تصبح مصدر إزعاج لهم في بعض الأحيان. وأظهرت الأبحاث أن معدل خطر الوفاة لدى الأشخاص المتفائلين أقل بنسبة تصل 55 في المئة مقارنة بمعدلات الوفاة الناتجة عن جميع الأسباب الأخرى. بينما من ناحية أخرى، انخفضت معدلات حالات الوفاة للمتفائلين الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية إلى ما دون نسبة 23 في المئة.
ففي فترة الخمسينات والستينات، اكتشف علماء الأوبئة أن مجموعة من الإيطاليين الذين انتقلوا من بلدة صغيرة في إيطاليا إلى بلدة روزيتو، في ولاية بنسلفانيا، لم يتعرضوا لحدوث نوبات قلبية بنفس معدل الأشخاص الموجودين في المجتمعات المحيطة. في حين أنه على الجانب الآخر، فإن أفراد الأسرة الذين كانوا يقيمون بعيداً عن بلدة روزيتو قد أصيبوا بأمراض القلب بنفس معدل إصابة أي مجتمع آخر انتقلوا إليه.
وعزا علماء الأوبئة الحماية من الإصابة بأمراض القلب إلى تواجد الشبكة الاجتماعية الجيدة - الأسرة والمجتمع (أي وجود علاقات عائلية ومجتمعية تقليدية متماسكة) - وأطلقوا على هذه الظاهرة اسم تأثير روزيتو. وكان من الشائع في هذا الوقت أن تحتوي الأسر المعيشية في مدينة روزيتو على ثلاثة أجيال، فضلاً عن وجود درجة عالية من التفاعل الاجتماعي والقيم الأسرية التقليدية داخل هذه المدينة أكثر من غيرها. وما حدث بعد فترة السبعينات، أنه عندما بدأ الأطفال في الانتقال من البلدة، كان هناك انهيار لهذه الأسر متعددة الأجيال، بل وكانت هناك زيادة في معدل انتشار الإصابة بالنوبات القلبية، ربما يرجع السبب وراء ذلك إلى تعرضهم للضغط النفسي الشديد بعيداً عن بلدتهم وأسرهم.
أجرت باحثة تدعى نانسي فريزر سميث دراسة تناولت بالبحث سبل الدعم والمساندة الاجتماعية وعلاقتها مع الاكتئاب. فقد أجرت دراسة شارك فيها 880 شخصاً كانوا قد أصيبوا بالفعل بنوبة قلبية ووجدت أنه حتى في الأشخاص الذين يعانون من حالة اكتئاب شديد، فإن تأثير الاكتئاب على معدلات الوفاة بالأمراض القلبية لديهم كان في تراجع إذا شعروا بشعور طيب على مستوى جانب الدعم الاجتماعي.
كانت دراسة «مقاطعة ألاميدا» (كاليفورنيا) في الولايات المتحدة وهي الدراسة التي استمرت على مدار 17 عاماً، وأُجريت على 7000 رجل وامرأة قد توصلت إلى أن الأشخاص الذين يفتقرون إلى التواصل الاجتماعي مع ذويهم؛ أو أولئك الذين ليس لديهم أصدقاء أو أقارب أو مجموعات اجتماعية جيدة، قد شهد معدل خطر الوفاة لديهم ارتفاع بمقدار 1.3 ضعف بالمقارنة بغيرهم ممن لديهم علاقات اجتماعية جيدة. وتجدر الملاحظة أن هذه الدراسة كانت محكومة بالعديد من المتغيرات والتي منها على سبيل المثال: العمر والجنس والتدخين ونوعية الطعام وتعاطي المشروبات الكحولية.
وفي دراسة أجريت في عام 1997 م، طُلب من 276 شخصاً صحيح بدنياً أن يتعرضوا لفيروس الأنفي (فيروس الأنفلونزا) في أنوفهم، وتلى ذلك أن خلصت هذه الدراسة إلى نتيجة مهمة متمثلة في أن الأشخاص الذين لديهم علاقات اجتماعية محدودة، هم الأكثر عرضة للإصابة بفيروس البرد بنسبة تصل أربع مرات عن غيرهم.
فقد نظرت دراسة لأكثر من 700 شخص من كبار السن إلى الإيثار باعتباره مبدأً أخلاقياً توجيهياً في الحياة اليومية ـ وهو المبدأ الذي يتمثل في: «أن تعطي خيراً من أن تأخذ؛ أي تعطي دون انتظار مقابل لعطائك»ـ وسعت هذه الدارسة إلى الجمع بين الأشخاص البالغين أو كبار السن مع الأطفال الأصغر سناً في مجموعات كل مجموعة من اثنين (بالغ + طفل) وذلك بهدف أن يتفاعلا مع بعضهما البعض سواء كان ذلك من خلال القراءة أو التلوين أو أي شكل آخر من أشكال التفاعل، ووجد الباحثون أن أولئك الذين قدموا الحب والدعم للآخرين لديهم مشاكل صحية أقل بكثير من غيرهم.
أجرى ديفيد شبيغل دراسة أنشأ فيها مجموعة دعم لمساعدة النساء على التكيف مع تشخيصهن بمرض سرطان الثدي. وطُلب من السيدات اللاتي أُصبن بهذا المرض (سرطان الثدي) المشاركة في جلسة جماعية مدتها 90 دقيقة مرة واحدة في الأسبوع لمدة عام واحد. أظهرت النتائج أن النساء في مجموعة الدعم كانوا أقل اكتئاباً وغضباً وقلقاً، بالإضافة إلى أنهن عشن أيضاً ضعف عمر النساء في مجموعة التحكم (وهن السيدات اللاتي لم يشاركن في الجلسة الجماعية).
وأجريت دراسة مماثلة شملت المرضى الذين يعانون من ورم ميلاني خبيث/ السرطان الميلاني، وهو نوع خبيث من أنواع سرطان الجلد. وجرى إدراج المرضى بشكل عشوائي لمدة ستة أسابيع في مجموعة الدعم مقابل مجموعة التحكم وأجريت الدراسة لمدة خمس سنوات. ووجد الباحثون أن معدل تكرار الإصابة بالورم الميلاني الخبيث/ السرطان الميلاني في مرضى مجموعة التحكم ثلاث عشرة مرة مقابل سبعة في المجموعة التي انضمت لتلقي الدعم الجماعي بينما كان معدل الوفيات عشرة حالات في مرضى مجموعة التحكم مقابل ثلاث حالات فقط في مرضى مجموعة الدعم.

*****
لمطالعة النص الأصلي لملخص محاضرة الطبيب مصعب قاسم عزاوي باللغة الإنجليزية يمكن مراجعة الرابط التالي على موقع الحوار المتمدن:

https://m.ahewar.org/enindex.asp?u=Mousab%20Kassem%20Azzawi








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع


.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص




.. زعيم جماعة الحوثي: العمليات العسكرية البحرية على مستوى جبهة


.. انهيار أميركا .. الحرب الأهلية تهديد محتمل... وهل ستتدخل روس




.. الحوثيون يحاولون نقل هجماتهم لساحة المحيط الهندي على غرار ال