الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسار التطبيع يتفاقم في تونس... !

عمران مختار حاضري

2021 / 3 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


مسار التطبيع يتفاقم في تونس:

دأبت الحكومات التونسية المتعاقبة بعد الثورة على المحافظة على المسار التطبيعي و مد جسور التطبيع مع الكيان الصهيوني .... لا شك في وجود مساعي و ميولات تطبيعية غير معلنة منذ عقود أي منذ خمسينات القرن الماضي ( انظر على سبيل المثال، خطاب بورقيبة في الأمم المتحدة سنة 1952 حيث طلب الدعم الإسرائيلي لمطلب الإستقلال و كذلك لقاؤه ب الك ايسترمان مدير مكتب لندن آنذاك للمؤتمر اليهودي العالمي بباريس سنة 1954 و كذلك لقاؤه سنة 1956 بسفير الكيان الصهيوني ياكوف تسور في باريس... كان كل هذا تحت عنوان الواقعية و البراغماتية السياسية و كسب ود أمريكا و الغرب في " معركة الاستقلال" !... فضلا عن كونه لا يؤمن ب القومية العربية بقدر إيمانه ب" القومية التونسية " حسب قراءته الخاصة ... ) و من بعده و بأكثر إصرار، استمر مسار التطبيع " الإقتصادي " خارج البروتوكولات الديبلوماسية مع نظام بن علي الذي تبلور أكثر فأكثر خلال لقاء وزير الخارجية التونسي حبيب بن يحيى سنة 1995 بسفير الكيان الصهيوني ايهود باراك قبيل إفتتاح مكتبي " رعاية المصالح " بين تونس و الكيان الصهيوني سنة 1996 حيث شغل وزير الخارجية التونسي المقال الذي تم تعيينه خلال فترة رئاسة الباجي قائد السبسي ، منصب مدير مكتب العلاقات بتل أبيب لبعض السنوات قبل الثورة... كذلك الإنضمام إلى " الإتحاد من أجل المتوسط " والذي لا يخفى أنه أحدث خصيصا من أجل التطبيع سعيا وراء الحصول على مرتبة: "الشريك المتميز " مع الإتحاد الأوروبي... و تواصل الإرث التطبيعي المشين و بدا اكثر وضوحا و تجليا منذ فترة حكم الترويكا بقيادة حركة النهضة الاسلاموية بعد الثورة ... حيث أصبحت البلاد مرتعا للمخابرات الأجنبية بما فيها جهاز الموصاد الذي تمكن من تنفيذ جريمة اغتيال الشهيد الزواري على الاراضي التونسية فضلا عن إسقاط بند يجرم كافة أشكال التطبيع في الدستور الجديد... حيث استماتت حركة النهضة الحائزة على غالبية النواب في المجلس الوطني التأسيسي آنذاك للحيلولة دون إدراج تجريم التطبيع في الدستور و تنكرت قياداتها لأم القضايا العادلة حفاظاً على السلطةو ارضاءا للغرب و اللوبي الصهيوني و قطر و تركيا الدولتين الضالعتين في التطبيع و الداعمتين لحركة النهضة أساسا ..... كذلك انتشار عديد المنظمات الصهيو/ امريكية المشبوهة و التي تعززت بالزيارات التي قام بها بعض رموز اللوبي الصهيوني مثل رئيس " فريدوم هاوس" و جون ماكين و نوح فيلدمان عن "ايباك" كما لاحظنا في المدة الأخيرة انضمام ثلاث بلديات ذات الأغلبية لحركة النهضة إلى منظمة " بلديات من أجل السلام" المتصهينة و التي شهدت تشهيرا و مقاومة من عدة أطياف تقدمية مناهضة للتطبيع... و تفيد إحصائيات منظمة التجارة العالمية أن الصادرات سنة 2017 بين تونس و الكيان الصهيوني قدرت ب 5.5 مليون دولار... و هاهي تتوج بانتشار عدة منتوجات إسرائيلية في عديد المغازات الكبرى و التي ستتدعم و يتفاقم مسار التطبيع في صورة فشل و تردد الحركة التقدمية المناهضة و المقاومة للتطبيع في اجبار الفريق الحاكم على التراجع و ثنيه على مساعيه التطبيعية و من ضمنها عدم امضاء و التراجع النهائي عن إتفاقية التبادل التجاري الحر و المعمق " اليكا" مع الإتحاد الأوروبي (ALECA) و التي يتمكن خلالها الكيان الغاصب من المشاركة في طلب العروض العالمية... و التصدي بكافة الأشكال النضالية للحيلولة دون حضور بعض الملتقيات الرياضية و الثقافية و الاقتصادية التي تشهد مشاركة ممثلين عن الكيان الصهيوني كالندوة الاقتصادية التي ستعقد في الامارات و التي سيحضرها يوسف الشاهد رئيس الحكومة السابق في الاسبوع الأخير من مارس الجاري و التي سيحضرها كذلك صهاينة من ضمنهم سيلفان شالوم وزير الخارجية الأسبق... و ضرورة التنبه مما يروج له بعض خبراء السلطة كمخرج من أزمة الإفلاس و التداين بعد الانحدار في الترقيم السيادي من صندوق النقد الدولي و التلويح باءمكانية بيع الديون التونسية إلى بعض الدول الخليجية و المشرقية و منها الكيان الصهيوني في عملية مقايضة إقتصادية تسرع بنسق التطبيع...! إضافة إلى بعث فرع في تونس لمنظمة LICRA ( الرابطة العالمية ضد العنصرية و مقاومة السامية ) المتصهينة الاهداف و المنطلقات و التي عهد تسييرها و الإشراف عليها لأستاذ التاريخ و عميد كلية الآداب السابق والذي لا يخفى دفاعه منذ سنوات عما كان يطلق عليه ب " التطبيع العلمي " منذ كان أستاذا في الكلية خاصة بعد زيارته للكيان الصهيوني مع ثلة من زملاءه فترة حكم بن علي... من رواد " التطبيع العلمي و الثقافي " و التنسيق مع " اكادميين " صهاينة خاصة في مادة التاريخ الذين لم يتورعوا في تبرير و تبييض جراءم التقتيل و التهجير بحق ابناء الشعب الفلسطيني...و في هذا السياق انكشف في المدة الأخيرة المنحى التطبيعي لرئيس"بيت الرواية" التي تم بعثها تحت إشراف وزارة الثقافة... كان هؤلاء و أمثالهم من رواد التطبيع، يبررون ما يسمى ب "التطبيع الثقافي " بشعارات من قبيل التسامح و الانفتاح و "كرسي حوار الحضارات" و الإذعان لأمر الواقع... ! و غيرها من خزعبلات و إدعاءات التطبيع المخزية و السخيفة و التي لا تختلف في جوهرها عن مزاعم دعاة التطبيع و التقارب مع الكيان الصهيوني من الاسلامويين المسوقين إلى شعارات من قبيل "أن الصلح في الإسلام جائز و أنه مهم في السياسة التي يقدرها الحاكم من حيث المصالح و المفاسد..." !!! وهذا ليس بغريب عن غلاة الاسلام السياسي و تمثلاتهم المتنوعة و يكفي التذكير هنا بالعلاقة التي أقامها حسن البنا مع شركة" لافون" الصهيونية في اربعينات القرن الماضي و كذلك دعوة عصام العريان عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان في 2012 اليهود المصريين "للعودة إلى وطنهم..." و كذلك بيان الإخوان الذي صدر سنة 2017 على هامش القمة العربية و الذي ينص على الإعتراف بدولة إسرائيل...!!! ناهيك عن علاقات داعش و جبهة النصرة و غيرهما بأمريكا و الكيان الصهيوني تحديداً...! والتي لها امتداداتها في المشهد السياسي و النيابي الحالي..
* لذلك يترتب على الأحرار المنتصرين للشعب الفلسطيني و عدالة قضيته في التحرر من الاحتلال و إستعادة سيادته كاملة على أراضيه التاريخية و حق العودة خارج الصفقات و التسويات و المسارات الاستسلامية ... و كذلك على الشعب التونسي الذي يعتبر من أكثر الشعوب العربية مناهضة للكيان الصهيوني الغاصب و رفضاً للتطبيع معه , عدم التعويل على زيف ادعاءات رواد الحداثة الاستهلاكية الشكلية الزائفة كما رواد الاسلام السياسي بمختلف تمثلاته الذين أثبتت الوقائع أن همهم الوحيد جميعاً هو اقتسام السلطة و الغنائم و المصالح و اجنداتهم الدولية و الإقليمية و في مقدمتها إرضاء امريكا و كيان اسرائيل الصهيوني الفاشستي ... و التوحد في قطب تقدمي ديموقراطي إجتماعي و الاستعداد الفكري و السياسي و التنظيمي لتوجيه طاقة الاحتجاجات التي ستتفجر على تداعيات أزمة الإفلاس و التجويع و التطبيع صوب التغيير الجذري المنشود شعبيا و التصدي بكافة الأشكال النضالية المتاحة لهذا التمشي التطبيعي المشين و مقاومته بالجدية اللازمة في إطار خطة واضحة و هياكل قارة في خطواته الأولى قبل أن يصبح امرا واقعا صعب الخلاص ... فالرقص يبدأ بخطوة !
* بالمناسبة يجب الضغط كذلك على الرئيس التونسي الحالي بصفته رئيساً للمجلس الأمن القومي و انطلاقاً من الصلاحيات التي يكفلها له الدستور بإلغاء الاتفاقيات المشينة و المنتهكة للسيادة و الناهبة للثروة التي تمت من قبل أسلافه بما فيها الاتفاقات ذات المنحى التطبيعي و هو الذي عبر خلال حملته الانتخابية بما يشفي غليل معجبيه، عن مناهضته للتطبيع ، حيث لم نتلمس منذ توليه الرئاسة اي موقف يذكر في تفعيل هكذا تمشي خارج الشعارات الاستهلاكية و الخطب الهلامية والدبلوماسية المتخبطة و هو الذي أمر بسحب مشروع قرار يدين صراحة ما يسمى بصفقة القرن من مندوب تونس في مجلس الأمن الدولي في السنة الفارطة بعد إبلاغه عن طريق السفير الأمريكي غضب إدارة ترامب ( حسب جريدة لوموند ) ... ! و ما إذا كان قادراً على لي العصا في وجه أنصاره و داعميهه من مريدي التطبيع من إسلاميين و ليبراليين و أشباه مثقفين و مقايضين ماليين ... !
* الصراع من أجل فلسطين و عدالة القضية ليس صراعا بين سرديتين دينيتين كما يحاول الاسلامويون و حتى بعض النخب التسويق له بصفة عامة و إنما هو صراع وجود و سيادة و استقلال من استعمار استيطاني امبريالي توسعي و تحرير وطن محتل و إستعادة الأرض و حق العودة ...هو صراع بكافة أبعاده الوطنية/ المدنية/ الثقافية/ التاريخية/ الجغرافية / الحضارية / الأخلاقية و الإنسانية...ضد كيان صهيوني فاشستي في سياق استعماري امبريالي و بين أمة تعاني القهر و الميز العنصري و ضحية لكافة أنواع القمع و الحيف و القهر...
* و تبقى على رأس جدول أعمال الأطياف التقدمية الوطنية الناهضة مقاومة النظام العربي الرسمي المتواطىء و الذي لا يمل و لا يكل من العمالة و التذيل عن طواعية لاجندات الإستعمار و الصهيونية و الساعية إلى إدامة تخلفنا و اذلالنا و قهرنا و انتهاك سيادتنا فلسطينياً و عربيا منذ وعد بلفور حتى قرار الصفقة الصهيو/أمريكية / خليجية
# لتسقط منظومة التجويع و التطبيع#
# تحرير فلسطين يمر عبر تحرير العواصم العربية#
عمران حاضري
18/3/2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -