الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- البشر الأحياء - حوار مع الفنان التشكيلي العالمي CHALAK

زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)

2021 / 3 / 19
الادب والفن


لم يكن في ذهني الكتابة عنه عندما التقينا أول مرة ، لكن حدث أن تابعت اعماله جيدا عن كثب ، ثم وقفت ذات يوم إلى جانبه مطولاً ، أتأمله وهو يرسم لساعات طوال، و أسائله افتراضياً ببساطة المُتلقي غير المختص :
- مالذي تود ان تخبرنا إياه، عبر كل ما ترسم من خط ، أو بما تبني من حضور لوني ، و تبدع من تشكيل. ؟؟
أو بمعنى آخر ، ماذا تريد لموهبتك الفنية أن تقدم للذائقة البشرية من إضافات جمالية ، خاصة ، و أنت تُبدع هكذا مصوغات فنية متنوعة ، تنوس بين الواقعية التعبيرية والتجريد التام ؟
الحق ، انا اقدم عبر لوحاتي عالمي الخاص ، و أسعى دوماً ، لأن أكشف للآخر عن أحوال ذاتي الخاصة فقط، وأصوّر لغو انفعالاتي الدفينة و المُتوارية بين ثنيايا وحداني الشخصي ، و التي أزعم أنها تحمل كثيرا من البوح عن مشاعر غامضة تسكن في أعماقي ، وهواجس متناقضة ، تفصح عن أحاسيس قلقة ، تزجر سكينة روحي المتسائلة ، وتفسد عليّ هدأة لحظتي باستمرار.
- ألهذه الدرجة تشعر بأن هناك صلة بينك وبين أعمالك .؟!
- تُرى ألا تنقطع تلك الصلة بمجرد مغادرة الفرشاة براح أناملك .. ؟
لوحاتي هي أفكاري ، هي إمتدادي المبعثر ، هي فيوض أجوبتي ، التي تستأسر بأطراف الوعي مني ، و لذلك أنا أعيشها انفعالات حية ، تسكنني في كل آن و لحظة ..
- لكن إجابتك هذه جعلتني أتساءل عما هو مفهوم العمل الفني أو اللوحة بالنسبة لك .؟
بالنسبة لي أعمالي الفنية هي عبارة عن تشكيلات لرؤى خاصة ، وأجوبة ناقصة ،تنسال على سطوح لوحاتي، و كأنها طيف غريب، يختلف كلياً عما أعيه أو أعلمه ، أو لنقل أعمالي هي فهومات أساعدها على أن تهبط من عالم أخر ، لانهائي ، بعيد جداً و غير مدرك ..
و لهذا فإن كل لوحة يالنسبة لي هي عبارة عن إفصاح فني لواقع خفي ، يخاتلني في حضوره ، ويكلفني معاناة كبيرة في تصوره ، وأحياناً أشعر أنه يعاقبني بالقلق الشديد ، لأنني لم أستطع التعبير عنه باللغة المحكية أو بتعبيرات أخرى المتداولة . .
- هل تعتقد أن ما تقدمه هو لون لفن فياض خاص بك ، يمكن وصفه بالإبداع المتكامل الجديد كلياً ؟
انا اعطي من خلال أعمالي فناً لا أحسبه خالصاً مني فقط ، بل هو طواف عام مشترك لكل هذا الواقع المعيش ، وأحيانا كثيرة أجده عصارة الالم الذي يكتنز هذا الوجود الذي نحياه ، و الذي ما زال يعصف بأرجاء الانسانية جمعاء .
- عذراً ربما تأخرت في هذا السؤال : من هو الفنان الكوردي العراقي الهولندي شالاك CHALAK" ، وكيف لنا أن نعرف هذا الفنان البارع ، صاحب هذه الريشة التجريبية المميزة ... الذي لطالما عهدته صالات العرض الأوروبية ، يختار مواضيعه بعناية ويبرع بتقديمها ..؟
هو الانسان الكلي ، العام ، الفنان التجريبي ، الذي لا يقبل ان يضع لتجربته الفنية حدوداً ، او لمسيرته الابداعية تنميطاً معيناً ، أو اسما مدرسياً محددا في اطار المسميات الاكاديمية المعروفة في عالم الفن التشكيلي ، إنما يريد أن يظهر دوما كـ كينونة متغيرة لا تسكن ولا تركن ولا تنقطع ،
لذا لايمكن القبض على تلابيب أية معالم مطلقة فيها أو نحت تعاريف ثابتة لها..
لهذا ترى - في مضامين كل عمل أنجزه - جزءاً مني يتوق إلى رجائين هما :
أريد ان اكون أولاً ، و من ثم ثانياُ ،
أن أكوًن في كل لوحة ارسمها عالماً مختلفاً ، يمتحُّ اختلافه من شجون الصدق الذي أعيش به في أتون الرسم و التعبير .. قبل كل شيء..
و ان أكون فناناً يخلق ملامحاً لوجود ذا صيروة مختلفة ، ووجوداً فريداً غير معهود ، يتطلب فهمه مزيداً من توالي الازمان والاحقاب .
- أين تضع ابداعاتك التشكيلية أو بمعنى إخر ، أين تصنف ذاتك الفنية الراهنة في عالم التصوير الزيتي المعاصر ..؟
مازلت أخالها ذاتاً بسيطة ، تسبح في نهر التجريب الإبداعي للفن، و الذي لا يمكن لنا - حسب زعمي - ان نلمح له منتهى، او لا نستطيع أن نرسو بذائقتنا الفنية على أية ضفاف واضحة المعالم فيه .
- كيف تحدثنا عن مسار تخلّق اللوحة الفنية عند الفنان "شالاك CHALAK" ؟
في كل مرة اقبض فيها على فرشاة الرسم ، اشعر وكانني مأخوذ في رحلة تطواف ذهني عاصف او لنقل اعيش حال معراج غامض الى أحاسيس غير مسبوقة ، ومعان روحية غريبة في حضورها ، و جديدة جدا في قسمات مظاهرها اللونية او التشكيلية .
اللوحة عندي هي تراكم مستمر لوعي قديم ، ضاق بما حوى من مشاعر وادراكات ، ثم وصل الى لحظة ما ، طفق يبحث عن لحظة قلق مناسبة في شباك روحي، إلى أن اهتدى إلى هنيهة هشة في لاشعوري ، فأمسك بارتعاشات يدي وقذف بما لديه من هبات على هيئة خطوط و ولون و مساحات ..
- هل تعبر أعمالك الفنية ، حالات وفهومات منجزة ، وفت بما أردت حقا قوله أو الا فصاح عنه للعالم ..؟
لا يوجد لدي لوحة واحدة ، يمكن ان تعلن عن نفسها بانها كاملة المعاني ،او مستقلة تماما في حدود الموضوع ، أبداً ..
بل كانت - ومازالت - لوحاتي عبارة عن منجزات تشكيلات وفهوم لونية مفتوحة الدلالات والمعنى ، و منقوصة المبنى والفحوى ، تقف منتظرة - باستمرار - ذهن المتلقى الحصيف ،كي يغدق عليها اسما او فهما أو دلالة ، وكثيرا ما يمنحها المتلقي حضورا مختلفا عما ارى او اريد او افهم . وهذا بالطبع شيء أتفهمه تماماً .
- كيف يكتمل العمل الفني في تقديرك ومتى يكون ذلك ؟ ؟
العمل الفني في تقديري هو جسر لا يمكن أن يكون أو يكتسب أي معنى الا بوجود ضفتين :
ذاتٌ مُبدعة ، وذاتٌ مُتلقية ، و ما بينهما بينهما يمضي جريان نهر الفهم الجديد والمتناقض للفن المعيش ..
- ماذا تعني لك لوحاتك ، و هل يهمك حقا أن تضع لها اسماً كما هو الحال الشائع بين كثير من فناني التصوير الزيتي .؟
في الحقيقة انا لا اطيق ان اضع لاي عمل من اعمالي اسما محددا او وصفا معينا ، لاعتقادي التام ان عالم الفن اوسع من ان تضيق به لغة او ابجدية او تعبير ،
أما عن لوحاتي فهي افكاري، وقد تمظهرت على هيئة لون وامتداد خط او تكوينات وتصورات مختلفة من الظل والمساحة . لتحمل في النهاية ذاتي الخاصة، على هيئة رؤى لونية وقد تبعثرت في مساحات متعددة في اللون والبعد ، ..
الاخرون يسمونها اعمالا فنية او لوحات تشكيلية أو .. الخ . هذا لايهمني كثيراً ، لكن أنا اراها بي دائماً ، تتسع في حضورها و تتعدد طرق اكتساب لهويتها التي تقدمني للحياة ، او دعنا نقل ، أعمالي هي بمثابة هويات متعددة ، وجدت درباً خاصاً لي ، كي ابقى حياُ في هذا العالم فترة اطول .
- هنا يعتورني فضول لمعرفة ما هي حقيقة الفن عند الفنان شالاك CHALAK .؟
إذ أن بعضهم يرى الفن مرآة للكون ، و بعضهم يراه الترجمان الحسي للآفكار ، ثم هل تعتقد أنه يجب أن يكون للفن دوراً ما ، أو وظيفة ما ، و ماهي حسب رأيك إن وجدت ..؟!
الفن - بالنسبة لي ببساطة - هو أثر مادي لفكرة جالت في روح الزمن ، ثم كان للابداع الشخصي القدرة على التقاطها و تجسيدها ، سواء على هيئة لون أو صوت أو حركة أو تشكيل ..الخ .
و الفن الحق - في تقديري - هو فيض كلي خاص ، تأتي به قلة مبدعة ، ذات حساسية عالية ومشاعر خاصة، يومئ لنا بمرموزاته وأدواته الخاصة إلى كل ما يحمل هذا الوجود من تناقضات و نواقص، حول ترجمة فهم المعنى المعقد للحرية ،
بالنسبة لوظيفة الفن ، فأنا أعتقد أن الفن لديه المقدرة -كما الفلسفة - على تسليط ضوء الفهم على كثير جداً من االاشكاليات المعرفية وإثارة الأسئلة الغائية الكبرى ، التي لن يستطيع أحد سواهما ، من أن يقدمها لنا على هذا النحو .
اما عن أهمية الفن فهي كما افهم تكمن في أنه يُوسّع وعي الإنسان بذاته ، ويرتقي بذائقته إلى مستويات سامية من الرهافة ورتب عالية من الانسانية ، و كذلك يُزيد من مساحات مداركه ـ و يساعده على تبيان حدود مايعرف حقاً ،
قصارى القول :
الفن - عند الفنان التشكيلي " شالاكCHALAK "- هو لغة ذات أبجدية فريدة ، لا يتقن الحديث بها سوى من امتلك قلباً صافياً ، وسريرةً نقيةً ، وطوية رهيفة ، أو امتاز بانسانية شديدة الحساسية بدفقات الحياة و ماهرة في اكتشاف مقابض الروح الكلية فيها .
لأن الفن يكون حيناً تعبير عن آخر ما وصلنا اليه من ذرى الفهم ،
واحيانا كثيرة يكون هو حقيقتنا التي نخشاها ، و التي لا يجدر بنا ان نهملها أبداً ، خاصة ً اذا ما اردنا ان نكون جديرين بلقب " البشر الأحياء " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي


.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا




.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف


.. الإسكندرانية ييجو هنا?? فرقة فلكلوريتا غنوا لعروسة البحر??




.. عيني اه يا عيني علي اه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي