الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماالذي يحدث في عالم خال من الشعراء

محمد الإحسايني

2006 / 7 / 29
الادب والفن


الشعر عطاء فطري وهبته حضارة الرمال لإنسان الصحراء، حتى ظن أن لغته أفصح اللغات في العالم !
هذا الوهم، هو ضريبة عطاء الرمال، العطاء الذي جعل الشاعر، أو الإنسان التائه بين المرابع ، مفرط الذكاء أحياناً، شديد الحساسية ، غير لزج في الغالب، ولا عنكبوتي .
ومع ذلك، ترى الشاعر هناك، يهيم طيراً كاسراً بين الأطلال باحثاً عن جيف الماضي ، يلعقها في اكتئاب ،حتى صار ذلك مفتتحاً لكل موضوع شعري ، وبخورا يحرق قبل البدء في الموضوع الجدي: الغرض الشعري.
ما الذي يحدث ، لو لم يكن هناك شعراء؟
أشياء كثيرة قد تحدث …بدون شعراء: ربما تَغيّر سلوك الناس وعاداتهم إلى ماهو أسو أ، ربما يهمد حماسهم وتأخذ جذوة الحياة تنطفئ شيئاً فشيئاً فيهبطون إلى الحضيض، يلتصقون برتابة الحياة القاسية، مثل ما يحدث يومَنا هذا الذي استعدت قيه الحيوانات الخرافية على حضارة بني البشر دون وازع ديني ولا أخلاقي.
أصبح الإنسان اليوم يعيش وراء أكوام من الأ سمنت والرمال لمواجهة ” العدو” سواء كان العدو إنساناً مسلحاً أوفقيراً.
وهكذا ظل البعض وراء المتاريس يتخندقون ليل – نهار ، يرون الناس ولايراهم الناس. لآيراهم الناس إلا عند حاجتهم إلى الناس!
في ” هبات الجنّيّات ” يقول بود لير: ” نسيت أن أقول لكم إن توزيع الهبات ، في هذه الأحوال الرسمية أمر نهائي، وأن أي هبة لايمكن أن تكون مرفوضة. لقد ظلت الجنيات يؤدين ، ويحترمن عملهن المرهف المكتمل ؛ ذلك أنه لم تبق بتاتاً أي هدية ، أو خلعة ليرمى بها إلى كل هذه الحثالة البشرية، حتى إن رجلاً شجاعاً، وأظنه تاجراً صغيراً مسكيناً ، نهض ، يمسك بفستان الجنية من البخار المتعددة ألوانه ، وقد كانت هي أبعد أن
تدركها الأبصار، فصاح في وحهها : ” - حنانيك! سيدتي ! أفَتَنسيْنَنا! مازال هناك ولدي! فلاأحب ان أكون قدسعيت إليك بلا جدوى ”
وكان يمكن أن تغدو الجنية مرتبكة ، لأنه لم يبق شيئ. ومع ذلك ؛ فقد تذكرتْ في الزمن المحدد قانوناً معروفاًجيداً بالرغم من أنه قلما طُبّق، في العالم مافوق الطبيعي المسكون بالإلهات الأسطوريات غير الملموسات ، صديقات الإنسان ، والمجبرات في الغالب على أن يتبنين أهواءه ، كالجنيات و العفاريت والسرفونيات و والسلفات و حوريات البحر – أريد أن أتحدث عن القانون الذي يمنح للجنيات ، في حال مشابهة لهذه الحال ، يعني في حال نفاد الحصص، مَلَكة إعطاء حصة واحدة منها ، إضافية واستثنائية ، لكنْ شريطةَ أن يكون للجنية المانحة ، الخيالُ الكافي لخلقها مباشرة . .
أجابت الجنية الطيبة؛ والحال هذه، بثبات جدير بمقامها : ” أُ عطي لولدك …أ عطيه …هبة متعة الإعجاب !” قسأل صاحب الدكان الصغير بعناد ، والذي يبدو عليه ، بلا ريب ، أنه أحد أولئك المحتاجين المعروفين إلى حد ما ، العاجزين عن أن يرتفعوا إلى مقام المنطق العبثي :” لكنْ ، كيف متعةُ الإعجاب ؟ المتعة؟ …لماذا متعة الإعجاب؟” أجابته الجنية المغتاظة : “فعلتُ ذلك متعمدة… فعلته متعمدة ! ” وأدبرت له ظهرها والتحقت بموكب رفيقاتها ، فأنشأت تقول لهن : ” كيف تجدن هذا الفرنسي العامي المتباهي ، الذي يريد أن يعرف كل شيئ ، والذي حصل لولده على أحسن الحصص ، فيتجرأ أيضاً على أن يسأل ويناقش قيما لا جدوى فيه ؟”
انتهى كلام بودلير – سأم باريس –
ومع ذلك نتساءل مع بودلير ما الذي سوف يحدث في عالم خال من الشعراء ؟”








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة جيجي زايد شقيقة الفنانة الراحلة معالي زايد


.. راجع اللغة العربية في ساعة.. أقوى مراجعة لمادة اللغة العربية




.. تغطية خاصة من حفل افتتاح الدورة السابعة والسبعين لمهرجان كان


.. حول العالم | موسيقى فريدة بأنامل أطفال مكفوفين في تايلاند




.. الدورة الـ 77 من مهرجان كان السينمائي.. ما أبرز ملامحها وأهم