الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المضامين اللسانية واجتياز لغة القصة .. واثق الجلبي .. اختصار جمل الانبناء

واثق الجلبي

2021 / 3 / 20
الادب والفن


محمد يونس
شكلت الكتابة في جنس او نوع القصة القصيرة جدا تطورا ملحوظا في عدد الجمل التي تحقق حالة الانبناء من جميع الوجوه، حيث كان جنس القص القصير جدا يبدأ من مستهل قصير نسبيا واقصر بكثير من مستهل الجنس المجاور واللصيق لجنس القصير جدا، حيث كانت الجمل تشكل في حدود اصابع اليد الواحدة، وذلك ايام كانت القصة في حدود الف وخمسمئة كلمة، وذلك حين كانت القصة القصيرة جدا سهل فسيح يمرح به او هنري بنهاياته المثيرة للسخرية والتندر، لكن بعد فترة وبتغير ظروف النشر اختصرت القصة القصيرة جدا نفسها وجملها، وبعد تحقق الثقافة الضوئية تحولت القصيرة جدا الى ذات عدد جمل المستهل ايام او هنري، وقد اختصرت ثيمات الحدث الى حد تكثيفي مدهش من الناحية اللغوية ومن الجانب الفني، حيث اصبحت القصة القصيرة جدا مثالا نوعيا وجديرا بروح فن الكتابة السردية، فقد اصبح نسق الكتابة عسير ويسير او كما يسمى السهل الممتنع، واهم مورد هنا هو يرتبط باختيار الجمل ونوع الجمل وجدارتها وملائمتها العامة والخاصة، وايضا الجانب اللساني للجمل لابد من تحقيقه، فلغة السرد القصصي القصير جدا تختلف عن لغة القص القصير والرواية ايضا، بالرغم من وحدة السرد تشترك في تلك الانواع الثلاثة، بل هناك امر جدير بالاقرار، فأن القصة القصيرة جدا تعارض بشدة النسق الشعري، وهو يتوافق مع بنية القصة القصيرة، فالحدث في القصة القصيرة جدا بلغة واقعية صرفة يكون ولا يتنوع ولا يتمدد في عدة اتجاهات كما في القصة القصيرة ولا يكون هناك نسق مشاعر لغوي وصفي عميق الا اذا كان هناك ضرورة لذلك ولدينا قصص واثق الجلبي التي احكمها بوعي رغم تمدد الوصف نسبيا وقد رسخ اطار القص القصير جدا وبعده التجنيسي وميزه بالنهايات البديلة ايضا ولوّح لنا عنصر التكثيف بشكل مباشرة بإشارة تأكيد على التزام القصص اجناسيا، وشكلت اول قصة – عتاقة اصبع – في مجموعة – الاغتيال الازرق – تأكيدا ومصداق لمقصدنا، وهي تعتبر المستهل للبنة المجموعة في تعيينه لنسق الكتابة، بل اكدت تلك القصة عبر تغير فكرتها التي قد استدرجتها النهاية البديلة لتقلبها راسا على عقب، وقصة – احمق – ناورت كثيرا فلسفيا في اطار فكرة الكرسي ثم انتهت الى نهاية بديلة حيث يكمل العصفور أرجل الكرسي بفلسفة عميقة، وقصة – سوى قبلة – اعادت صياغة حياة كاملة بوجه معاكس عبر القبلة التي طبعت على النهاية البديلة احمر شفاه، وقصة – غراب – تناصت مع ميثولوجيا عميقة جدا بجمل قصار سريعة التوجه الى النهاية البديلة التي ارتطمت فيها الشخصية بمقدمة سفينة نوح، وقصة – سياسي معمم – استدرجت حقيقة السياسة الوضيعة وعقمها، وفي النهاية البديلة وضعة مفردة – معمم – لتكون فيصلا بين النهاية التقليدية كنتيجة حتمية وبين النهاية البديلة التي ضمنتها تلك المفردة، وفي قصة ترانيم هناك افق للغة يخص الحدث وهناك افق يخص المعنى المرتبط بالشخصية وتحولاتها، ولكن القاص لم يجعل افق المعنى يتطور دلاليا ليلغي سمة الحدث، بل حافظ عليها رغم النهاية البديلة ذات طابع حسي، وفي قصة ذراع اعمى كان الشخصية الاحادي بصيغة الانا، لذا هي سارت بالحدث الى النهاية البديلة مباشرة، وفي قصة – ابجدية – هناك واصف يصف لنا الذات الفاعلة، وهذا جائز في القص القصير بحدود الحفاظ على المسار القصصي وليس تشتيته، اما قصة – طواف – فقد شهدت نوع من النصع التعبيري في جنس لغة القص القصير جدا، وهي ايضا قصة وصف وليس معايشة، ومن الطبيعي هكذا قصص تتجه الى المعنى والفن اكثر من توجها للحدث والواقع، وطبيعة مقطع الوصف هي بزمن يؤثر على زمن القص، فزمن الوصف مائع فيما زمن القص للحدث لا يتحرك مثله، وقصة – امي – وهي اخر قصص المجموعة قادتنا الى العنونة بتفاصيل متنوعة من المشاعر الصوفية الحادة ثم انتهت الى نهاية بدلة حساسة التعبير، وقد ضمنت القصص رغم تحليق اللغة كثيرا الالتزام النوعي بفن القص القصير جدا، رغم تمييزها لكيانها الحسي نوعيا .
لسانيات لغة التجريب – تشكل لغة القص القصير جدا وجها اشكاليا في عضوية تلك اللغة، وايضا في تفسيرات التعبيرات بين المباشرة من جهة وعدمها من جهة اخرى، ونسق لغة الكتابة اذا احلناه الى اصوله الاساس سنكون بين جهة القبول بتجديد نسق اللغة وجهة مقابلة لها تحمل نوعا من الرفض، وصراعة المنهج يقر بصحة الرفض، فاللغة يجدها ليست مسؤولة عن التجديد والفن هو الذي يحل صفة المسؤولية، والكتابة اذا التزمت بالاطار يرى المنهج الالزامي يحق لما بعد الاطار اي تحول ما دام ذلك التحول سيعود الى النهاية البديلة ويقررها كتابة، وهذا ما يتيح لتجاوز الاشكال، ونحن نرى في تجربتنا وخبرتنا في دراسة هذا الجنس الشيق، أن الكاتب القصصي أن يبدأ من واقع لغوي ومن ثم يتطور نسق اللغة كيفما يريد، وهنا نتجاوز اراء خبيرة عدة منها ترنتويل ميسيون رايت في طرحه تكنيك القصة القصيرة جدا، والذي يرى فيه اهم محور هو الالتزام بالبعد الاغريقي لغويا – اي الالتزام بصيغة الحدث مكانا وزمانا وذلك يكون مرتبطا بالضربة او القفلة او النهاية البديلة، وهنا ايضا يمكن للقاص تطويع اللغة لتصعد روحها الفنية في التعبيرات المناورة والتي توازي التعبيرات المباشرة، وهذا ما لجأ اليه القاص في مجموعته – لحاء الطباشير – حيث جمع القص بين معنى المباشرة اللغوية، اي التزم بالتصنيف الإشاري الذي يحدد المفردات والجمل اللغوية، وقابله بتصنيفات العلامة في البعد السيميائي وتصعيد افق الصور اللغوية الى الحد الذي تبدو الصورة ليست فوتوغرافية بل اقرب للوحة الحرة ايقونيا، ولسانيا لا بد ان نقر ان القص وسع مجال اللسانيات في تعدد انساق اللغة الدالة بين مباشرة لشكل الحدث ومتطورة دلاليا داخل المضمون القصصي لكن ليس بتطور متشظي دلاليا، بل ملتزم الى حدما بنسق اللغة التجنيسية، وقصص المجموعة الاولى ذات تنوع لغوي متعدد، لكن مثلما بدت انته بنهاية جديرة في ابدال المضمون، وقصة – نكوص المسالح – تبتعد تقترب اللغة وتميل مرة للمشهدية واخرى للمعنى المثير، والذي تقصدته في النهاية البديلة، وفي قصة – آمن – ايضا وجدنا هناك متبرع للوصف ينيب عن الشخصية وهنا طبيعي يتقلص البعد المشهدي للقص، ويتسع اكثر بعد الصور المنيبة بالمعاني، لكن كانت النهاية جديرة وبليغة المعنى، وقد اثارت قصة – ظلان – المخيل الادبي اكثر مما اعتاده، فالظل صار كائنا مثل الشخصية وإن كان افتراضيا، فهو بالتالي يتملك الجدارة لمجاراة الشخصية وانتهت القصة الى نهاية بديلة مثيرة في توافق الظل الاساس مع الظل الاخر, وقصة – سراويل مخملية – قادتنا بالبداية بفعل سردي ثم تطورت افاق المعاني المرتبطة بالشخصية, حتى صار البنطال المخملي هو مجموعة ضحايا، وما افصحت عنه النهاية البديلة كان اشد واعمق, وقصة – رغائب الصندوق – قادتنا بمستهل قصير جدا لكنه اشر وجود فعل بعد اخر, وتطور المعنى الى استيعاب نهاية بديلة ذات مضمون مثير وحساس, وقصة – حد الجرادة – بدأت من فعل سردي وصفه لنا القاص بوصفه ممثلا لمقاطع الوصف، والقاص في وصفه لم يكن ذاتا اجتماعية بل كان ذاتا ادبية، حيث لمسناه يتحول من معنى مثلوم نسبيا الى اكثر ثلمان وهذا ما عطاه حرية كبيرة ناور فيها بين أن يشخص لنا واقع الشخصية وبين ان يرسمه بصورة رمزية احيانا، وفي قصة – مآدب العمى – ذات العنونة المثيرة للجدل، نجد تلك القصة اغنت المضمون بالتعابير، وإن كانت قد بدأت بمستهل مثير نسبيا، وانته بنهاية رمزية مثل فيها الحناء محور تلك النهاية البديلة، وفي اخر قصص المجموعة الثانية لواثق الجلبي شهدنا بداية بينية اذا جاز التوصيف، ولكن توازنت القصة ومن ثم انتهت الى نهاية ايضا بمستوى رمزي متباين الاشارة والعلامة، على اية حال نجد قد شكلت عتبات القصص انحيازا واضحا للغة غير مباشرة في الاستدلال الاشاري لمعناه، بل ناورت العنونة اكثر مما عبرت بشكل عام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ا?قوى مراجعة نهاي?ية لمادة اللغة الفرنسية لطلاب الثانوية الع


.. السجن 3 سنوات للفنان محمد غنيم في اتهامه بتهديد طليقته




.. إعلان صادم لمحبي الفنانة السورية كندة علوش و-ولاد رزق 3- يحط


.. -مستنقع- و-ظالم-.. ماذا قال ممثلون سوريون عن الوسط الفني؟ -




.. حملها أمامهم.. شاهد كيف فاجأ صديق تايلور سويفت معجبيها على ا