الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جريمة في أرض السلام

ماجد صفوت استمالك

2021 / 3 / 21
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


ضجيج و ضوضاء و صياح انتهي بسقوطها من النافذة لتلقي حتفها ، تركت خلفها شخص موثق بقيود و حوله المتسببون في قتلها و مدينة لا تكف عن الكلام ...

امام النيابة العامة في مصر هذه الأيام جريمة قتل سيدة عبر إلقاءها من النافذة بعد التعدي عليها بالضرب و الإهانة بحجة استضافتها لصديق بالمنزل خلافا للتقاليد ، و نحن في انتظار التحقيق نبحث معا في الدافع المحرك لهذا السلوك العدواني المتسبب في الجريمة ، أي سنتحدث من منظور نفسي بحت داخل الجاني عبر ستة عوامل نعرضها بشيء من التفصيل

١. الانسان عدو ما يجهل ، و من يجهل كثير يعادي الكثير لذلك نجد الشعوب المتأخرة كثيرا ما تجد الأمان في بقاء الثوابت ، و الثوابت مقصود بها السلوكيات المتكررة و الأفكار المعتادة ، الثابت معروف اما المتغير فلا نعرفه لا يمكننا التنبؤ به وغير مستعدين لمواجهته فلذلك نخشاه ، أي محاولة للخروج عن الثوابت يقابلها الناس بعدوانية و ذلك لاعتقادهم ان في هذا تهديد مباشر لأمانهم ، ويقودهم ذلك في الاندفاع نحو السلوك الغاشم تجاه من يكسر الثوابت

٢. يترتب علي التمسك التام بالثوابت و المحافظة عليها و الدفاع عنها أن يعاني الإنسان من الحرمان من بعض المباهج اللي تتعارض مع مظهرية الثوابت ، و مع قسوة الحرمان قد يتجه البعض لسرقة المباهج في الخفاء مع الاحتفاظ بقناع الفضيلة و يستميت في الدفاع عن الثوابت حفاظا علي ذلك القناع ... بينما يتجه البعض الاخر للحرمان الصادق من تلك المباهج و يرضي بعيشته البائسة يلتمس العزاء فيها من انتظار حياة أفضل بعد الموت ، فيكون كالجائع الذي يعادي من يأكل امامه لأن ذلك يزيد من ألمه ، مما يستلزم المزيد من الصبر الذي لا يقوي عليه ، وهناك أيضا من يأكله الحقد من الداخل علي من تمتع بالدنيا ولا يتألم مثله فيتحول ذلك الحقد الي عدوانية تجاه من يكسر الثوابت

٣. في مجتمعات الشرق يتربى الانسان علي أن هناك قوة أعلي و أقدر هو ضعيف أمامها فينشأ الانسان مقهورا دائما خاضع لسلطة أعلي ، ولأن القهر هو أمر حتمي قدري لا يمكن الفكاك منه في نظر المقهور يتحول الهدف الي تمرير القهر لا الي التخلص منه ، بمعني أن يتخذ الانسان من منصبه او مكانته فرصة لقهر الاخرين ، و تتنوع السلطات فمن لا يجدها في منصب أو مال يجدها في الدين ومن لا يجدها في تقدمه العمري يجده في العادات و التقاليد ، فتتخذ العلاقات المجتمعية شكل الوصاية أكثر من شكل التعايش و بالطبع سعي الانسان في تلك المجتمعات يكون بهدف فرض وصاية علي مجموعات أكبر وفئات أعلي ، وبالطبع يتعامل بعدوانية مع من يكسر الثوابت الذي يخرج من دوائر الوصاية و الهيمنة

٤. في مجتمعات الزحام تزيد عوامل الفشل عن قصص النجاح خاصة مع وجود هذا التردي في مستوي التعليم و الثقافة ، ويبقي الانسان محاصر بالشعور بالفشل و انعدام القيمة فلا يرضي عن نفسه و لا عن حياته ، يلجأ البعض بالهرب من هذا الشعور بمذهبات العقل بينما يسعي البعض الاخر للوصول للرضا عن نفسه بالنجاح فيما لا يستطيع انسان ان يقيم نجاحه فيه ، أي يسعي للنجاح في الأمور المعنوية فلا يستطيع أحد أن يعيد تقييم هذا النجاح كالأخلاق و الفضيلة و يستميت في الدفاع عنهم بصياح و عنف و عدوانية فيأتيه شعور الرضا عن الذات فهو الفاضل في مجتمع فاسد و يرجع فشله في باقي أمور الحياة لفساد المجتمع وليس لضعف مهاراته ونقص تعليمه

٥. عندما ينخفض مستوى التعليم و يزيد التخبط لا يلجأ الانسان الي منطق متزن للحكم علي الأمور ، بل يعتمد بالأكثر علي احساسه وغالبا ما يتأثر هذا الإحساس برأي الأغلبية ، غريزة القطيع تقوده خاصة في كل ما هو جديد وغير مألوف حيث لا تتوفر خبرات سابقة لديه وبالطبع لا يوجد منطق متزن يحتكم اليه ، فيكون الحل الاسهل هو أن يتخذ من رأي الجماعة رأيا له ، و كلما قل فهمه لما يواجه زاد دفاعه عن رأي الجماعة الذي يهتدي به في هذا الزمان ، و يخشي دائما من اتهام غير موجه اليه بالموافقة علي هذا الامر الجديد الخارج عن المألوف فيهاجم من يكسر الثوابت دفاعاً عن ذاته

٦. في مجتمعات الثقافة المتدنية يصعب بناء حوار فعال بين الافراد او بين المؤسسات، عادة لا يتلاقى اطراف الحوار في نقطة تفاهم فيلجأ كل منهم الي الضغط بعنف لتحقيق الأهداف التي لا تتحقق بالحوار و المفاوضات، فتسود لغة العنف ، و بالتالي نجد قصص البطولة المتداولة تمجد في العنف و القسوة ، ينعكس هذا في صورة مخزون من العدوانية داخل النفوس ينتظر الفرصة ليخرج فيدمر ، ومع وجود الأسباب الخمسة السابقة تكون الفرصة مناسبة لتفريغ جزء من هذا المخزون العدواني علي من تجرأ و كسر الثوابت بالمجتمع

ربما كانت هناك أسباب اخري خارجية من تضارب مصالح و اتخذت من تقاليد المجتمع قناع لها ربما ... كانت تلك محاولة لفهم الدوافع الداخلية المحركة للبعض التي قد تقود الي التعدي علي اخرين بل والي القتل مثلما فعل هؤلاء وغيرهم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون يعلن البدء ببناء ميناء مؤقت في غزة لإستقبال المساع


.. أم تعثر على جثة نجلها في مقبرة جماعية بمجمع ناصر | إذاعة بي




.. جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ


.. ما تأثير حراك طلاب الجامعات الأمريكية المناهض لحرب غزة؟ | بي




.. ريادة الأعمال مغامرة محسوبة | #جلستنا