الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دحلان والانتخابات الفلسطينية

ازهر عبدالله طوالبه

2021 / 3 / 21
القضية الفلسطينية


تكشَّفت الحقائق عن مُخططات إجراء الانتخابات الفلسطينيّة القادِمة، وأُزيلَ اللِّثام عن أوجهِ المُتآمرينَ والخونة، وأُزيحَت الستائر عن الأنظمة العربيّة التي تُتاجِر بدماءِ الشّعب الفلسطينيّ، وبدأت العيارات الناريّة السياسيّة تُطلَق مِن كُلّ حدبٍ وصَوب، وأصبحَت بعض الشخصيّات السياسيّة الفلسطينيّة تعدُّ خطواتها الأخيرة على الأراضي الفلسطينيّة، وبدا واضحًا على الجانبِ السياسيّ الفلسطينيّ حالَة التّيه وضُعف الرؤية السياسية في حركة حماس، وتعمُّق الخلافات في قلبِ حركَة فتح واستفراد نهجيّ الإنقسام والإبعاد في ما بينَ قيادات الحرَكة . إذ كان أبرَز وألمَع نتائج النّهجينِ المُسيطرين، هو إبعاد بعض القيادات عن الحركة، وعلى رأس تلكَ القيادات، كان القياديّ " ناصِر القدوة" . فقد جاء هذا الإبعاد بعد نيّة القدوة بتشكيلِ قائمة انتخابيّة مُنفَصلة عن الحركة، أدَّت إلى تعزيزِ حالَة الضُّعف التي تُعاني منها الحركة، وإلى أن تُفقدها الكثير من شرعيّتها، وسمحَت لكُلّ مَن هبَّ ودبَّ أن يجّعلها مرتعًا لسياساته، و وجهةً لإنطلاقةٍ قويّة . لكن، وبصرفِ النّظرِ عن اتفاقنا أو اختلافنا مع حركة فتح، فإنّهُ لا مجالَ للإنكارِ بأنّ هذه الخُطوة، كانَت خُطوةً معجونة بالخطأ الغيرِ مُبرَّر، بل الذي لا يُسمَح تبريرهُ مع الزّمن ؛ فقَد كانَت هذه الخُطوة الخاطئة بالنسبةِ للكثير مِن أؤلئكَ الذينَ يعزّزونَ حالَة الانقسام الدّاخليّ، ويسعونَ لتنفيذِ مُخططاتهم على حسابِ الشّعب الفلسطينيّ بأكملهِ وعلى حسابِ قضيّته المصيريّة التي ضحّى وما زالَ وسيبّقى يُضحّي مِن أجلها بعرضهِ ودمائه ومالِه، بمثابَة الطّلقة التي لا تُخطئ الهدَف، والتي سكنَت في قلبِ الحركة، وجعلتّها وكأنّها تعيش في آخرِ أشهُرها .

وقبلَ أن أقومَ بذكرِ بعض أؤلئكَ الذين تلقّفوا حالَة الانقسام الفتّحاويّ، واستغلّوها في تقرّبِهم ومُحاولة صُنع تودُّد أرابيسكيّ مع الخصمِ اللّدود لحرَكة فتح وهي حركة " حماس" بطريقةٍ فيها مِن الذّكاء بقدَر ما فيها مِن الغباء الفتّحاويّ، فإنّني أؤكِد على أنّني لَم أقُم بتصنيفِ خُطوة فصِل وإبعاد القيادات من فتِح بالخاطئة، إلّا مِن بابِ ما استفادهُ بعض الأشخاص الذين يموّلونَ مِن كُلّ الأنظمة العربيّة المُطبّعة مع الكيان الإسرائيليّ، الذين يبحثونَ عَن كُلّ ما يُعزِّز الانقسام الفلسطينيّ ويُطيل عُمره، وليسَ مِن باب اتّفاقي أو اختلافي مع الحركة .

فإنّ مِن أبرَز وأشهَر أؤلئك الذينَ يُحاولون استغلال الانقسام الفلسطينيّ، ويلعبونَ على أوتارٍ عدّة، كُلّ نغماتها خراب ودمار للأُمّة، هو شخصٌ تميَّز بإخلاصهِ للكيانِ الصّهيونيّ ومُخططاته، وعُرفَ بامتدادِ أذّرُعه على مستوى الوطن العربيّ، وتلاعُبه بكُلّ الأوراق السياسية والاقتصادية للأنظمة العربيّة ؛ وهو محمّد يوسف دحلان، الرجُل الذي يراهُ البعض حادّ الذّكاء جراءَ تمكُّنه مِن اختراقِ كُلّ الجُدران السياسيّة للأنظمة العربيّة، بل وهدّمها التي شرّعَت له كُلّ أبواب السيطَرة على المنظومتين السياسية والاقتصادية لتلكَ الأنظمة .

يلعَب دحلان دورًا كبيرًا في عالَم السياسية في المنطقة العربيّة، ويدخُل بحذائه إلى أعتى مراكزِ صُنعِ القرار في أيّ دولةٍ عربيّة كانت، دائسًا على سجّادها، جاعلًا جميع مَن يسمّونَ أنفسهُم " صُنّاع القرار" يأتمرونَ بأمرِه، فارِضًا عليهم أن يصّنعوا لهُ هالةً قُدسيّة لا يُجيد صُنعها أيّ رجلّ مِن رجالِ الديانات الثّلاث .

ومِن هُنا، فإنّهُ لا عجبَ أن يكونَ دحلان هو المُستفيد الأكبَر مِن حالة الانقسام الفلسطينيّ، وهو الفلسطينيُّ الخان يونسيّ، نسبةً لخان يونس، الذي يعلَم كيفيّة إجادَة قراءات العقليّات التي تُدير المشهَد السياسيّ الفلسطينيّ في الدّاخل، والتي تمكِّنهُ مِن صُنعِ تحالفاتٍ مع مَن وجدَ في التّحالف معهم تثبيتًا وتدعيمًا لمشاريعه السياسيّة في المطنقة العربية بشكلٍ عام، وفلسطين بشكلٍ خاص .

وإنّ أكثَر ما يدُلّل على الهيمنة الدحلانيّة على الأراضي الفلسطينيّة، وبالتحديد، قطاع غزّة الذي تُديره حماس مُنذ الانتخابات التشريعيّة عام 2006، وحالَة الصّراع الذي أنتجتّه نتائج الانتخابات تلك ؛ هو السّماح لرجالهِ - أي رجال دحلان- بالدّخول إلى قطاعِ غزّة، واستقبالهم عبر بوابات ال (vip ) كما لو أنَّهُم حرّروا فلسطين من الاحتلال . والفاجِعة في الأمّر أنّ ثُلّة ممّن تمّ استقبالهم كانوا فارّيين مِن أحكامٍ قضائيّة صدرَت بحقِّهم منذ عقدٍ ونصف، ولَم يعرفوا عنها سوا أنّهم محكومون فقط .


‏وبناءً على كُلّ ما تقدَّم، فقَد باتَ مِن المؤكَّد أنّ دحلانَ وبعدَ أن تمكَّن مِن التغلّغُل في الوسط الفلسطينيّ عمومًا، وجنوب غزّة خصوصًا، قد أصبحَ يعمَل بمنهجيّتهِ الخاصة، المعروفة ب "خمسة بلدي"، والتي ولٍٍِدَت في عام 2006 بعد أن نجحَت حركة حماس بالسيطرة على المجلس التشريعيّ، وتوعَّد للحركة بأن يستَلمهم ‏"خمسة بلدي" . لكن، هذه المرّة بدا حقًا أنّهُ سيلعَب بهِم بالخمسة بلدي . فها هو قَد نجحَ في جرِّ قيادات حماس إلى حقولٍ مليئة بالألغام، وكان ذلك تحتَ ذريعة الوحدة والمُصالحة الوطنيّة، وما هذه الخطوة إلّا عبارة عن دسّ السُّم بالدّسَم، والإجهاز على حماس وقياداتها بالكامِل .

وهذا ما كُنّا قد حذّرنا منهُ سابقًا، ف‏قبلَ أن يُصبِح التّحالُف الحمساويّ الدّحلانيّ جليًا و واضحًا، وقبل أن تنهارَ الجُدران السياسيّة التي شيّدَتها الأنظمة العربيّة التّابعة لدحلان، التي كانَت تختبئ وراءها كُلّ المُخططات الدحلانيّة، وقبل أن تتكشَّف مُخططات الانتخابات الفلسطينيّة، وقبلَ أن تظهَر المسرحيّات على مسرَح أو مسارِح ‏حركَة " فتح"، وقبل معمَعة التّصريحات المُتراخية والهزيلة والعبثيّة التي أدّلى بها عبّاس، وقبل اجتماع القاهِرة الذي فتَّكَ المقاومة الفلسطينيّة... قبل كُلّ هذا، كُنّا نقول أنّ حماس وبمُوافقتها على المُشارَكة بالانتخابات الفلسطينيّة التي تهدِف إلى أن تدقَّ المسمار الأخير في نعشِ المُقاومة ‏قَد وضعَت نفسها في موقفٍ لَم يكُن مِن الضّرورة السياسيّة ولا حتى الضّرورة التي تفرضها المقاومة عليها أن تضَع نفسها في مثلِ هذه المواقِف التي لا تزيدها إلّا ضُعفًا، بل تجّعلها أكثر رضوخًا -كما لَم تكُن من قبل-للسُلطة الفلسطينيّة التي تعتَرِف بالاحتلال، وترفُض نهج المقاومة إطلاقًا .


الخُلاصة : نستَطيع أن نقولَ وبصوتٍ عالٍ، إن ‏المسألة السياسيّة في المنطقة برُمّتها ،الآن، تُحاك بأذرعٍ دحلانيّة بموافقة كُل الأنظمة العربيّة، وبالتحديد أنظِمة الدول التي تُعرف ب " دول الطّوق" . فهي أبرَز الأنظمة الدّاعمة لمشاريعِ دحلان في المنطقة برُمّتها .

والمُتابع للشأن السياسيّ في المنطقة، يُدرِك بأنّ مَن يُدير الانتخابات الفلسطينيّة، يعبَث بالواقع السياسي وبمُعطيات السياسية في المنطقة، وخاصةً بعد أن أُعلِن عن تحالُف ما بين حركة حماس ودحلان وحاشيته الذي تغلّغل في جنوب غزّة، كما بيّنا في المقال، وهذه لها أبعاد يطول الحديث بها وفيها . لكن، تبقى من أهمّ هذه الأبعاد، هي الانعكاسات والارتدادات على الدول المجاورة لفلسطين التي ستتأتى من نتائج الانتخابات الفلسطينية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نيويورك تايمز: صور غزة أبلغ من الكلمات في إقناع الآخرين بضرو


.. فريق العربية في غزة.. مراسلون أمام الكاميرا.. آباء وأمهات خل




.. تركيا تقرر وقف التجارة بشكل نهائي مع إسرائيل


.. عمدة لندن صادق خان يفوز بولاية ثالثة




.. لماذا أثارت نتائج الانتخابات البريطانية قلق بايدن؟