الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عودة الجندى الاخير

محمد نبيل صابر

2021 / 3 / 22
الادب والفن


يجر قدميه جرا..عائدا من صحراء طويلة ..لا يدرى ان كان انتصر او انهزم ..هو يدرك فقط انه لازال على قيد الحياة.
على امتداد بصره يرى بداية مروج موطنه ومدينته ، تلك النضارة التى افتقدها فى صحراء الحرب القاحلة . لم تكن تلك الحرب حربه ولكنها فرضت عليه ..قاتل فيها ببسالة وصمد طويلا ، عانى فيها الكثير وخسر فيها الكثير.. جسمه يئن من الشظايا وملابسه الممزقة تشى بذلك ، جروح كثيرة تركتها تلك الحرب فيه ، بعضها لازال طازجا وبعضها تركت اثرا لا ينمحى فيه
ينظر الى بقايا الدم المتجلط هنا وهناك ، والى الهزال الذى اصابه ويقاوم الالم الذى يحيط بتجاويف عقله.
قرأ كثيرا عن اثار الحروب والامها النفسية، لم يدرك ان ما قرأه كان اقل من الحقيقة، تتصاغر الام جسده المنهك امام جروحه النفسية العميقة . يتساءل احيانا من يلوم على تلك الحرب؟، أيلوم من كان يوم قيادته ؟ ام يلوم نفسه على تراجعه سنوات عديدة عن اتخاذ القرار الحاسم ؟.. ام يلوم جبنه احيانا وخوفه على احبائه من هذا القرار؟..
ولكنه دفع الثمن ..دفعه راضيا مختارا ..حين لم يترك له الخصم مجالا آخر سوى ان يمتلك شتات نفسه ويأخذ ذلك القرار وينفذه...رغم كل الخسائر نجا ، رغم كل الالام ها هو عائد الى مدينته.
تلك المدينة التى عاش فيها صباه والتى يسعى للوصول اليها فقط كى تلملم جراحه. يدرك ان مدينته تنتظره بأذرع مفتوحة ، تنتظر ان تداويه وان تسقيه رحيق مختوم يشفى جراحه كلها ، ستجمع شظايا روحه كما جمعت ايزيس اجزاء اوزوريس وتضمدها ثم تحييها من جديد.
يناجى نفسه " استمر ، قاوم، تلك المدينة تستحق ".
تختفى الآم جسده كلما اقترب من مدينته ، ربما بفعل الادرينالين ، ربما تتصاغر بفعل الآم روحه التى تصرخ داخل عقله تناجى مدينته..هو لا يعلم.
وبقوة غزال يهرب من انياب الاسد ، يدفع جسده دفعا الى الامام ، يحدث نفسه بشبح ابتسامة " من ثابر وصل"، ها انا ذا اثابر لكى اصل .
هناك على باب مدينته من البعد رآها ، تلمع ضوءا قويا كالفنار فى ظلمة البحار، يرى ابتسامتها بعين القلب ، يعلم عين اليقين انها رأته عائد ، يكاد يصف عينها المتسعة فى دهشة وعدم تصديق ، تفتح ذراعيها له ، تناديه وتنفتح معها ابواب مدينته. تلمع فى مؤخرة عقله تلك اللوحة الشهيرة عن الجندى الذى يضع رأسه فى حجر حبيبته ، يرى اللوحة فيها وجهه ووجهها
بأخر طاقة لديه يدفع نفسه دفعا اليها ، وامام ابواب مدينته المفتوحة واذرعها الممتدة بين الشرق والغرب ، يسقط فى هدوء
ها قد عاد ... لقد فعلها ووصل
===============================================================
استيقظ محمود فزعا من الحلم الغريب، رنا بنظره فورا فى ظلام الغرفة الى عروسته الراقدة فى هدوء بجواره ، تبتسم على شفتيها ابتسامة جذلة خفيفة وهى نائمة . قبل جبهتها فى هدوء
عاد مضطجعا فى سلام بعد ان تمالك شتات نفسه ، نظر الى السقف وهو يفكر فى حلمه الغريب هذا ، بل فى اقدارهما الغريبة تلك، من كان يصدق ان يجتمعا ويتزوجا بعد ان فرق بينها الزمن سنوات طوال ، من كان يصدق بعد ان ظن انها نسته وبعد ان جرفته امواج الحياة الى غيرها
ان يعود اليها وان يجدها فى انتظاره وان قلبهما لازال ينبض كما كانا فى مرحلة المراهقة
وان تكون قرينته بعد كل تلك السنوات
بعد كل ما مر به وبها ...
اغمض عينيه فى هدوء وهو يشكر الاله انه قد اعطاه القوة ليعود اليها
يعود منتصرا وان كان الجندى الاخير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: تكريمي من الرئيس السيسي عن


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: نفسي ألعب دور فتاة




.. كل يوم - دوري في جمال الحريم تعب أعصابي .. والمخرجة قعدتلي ع


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: بنتي اتعرض عليها ب




.. كل يوم-دينا فؤاد لخالد أبو بكر: أنا ست مصرية عندي بنت-ومش تح