الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


للرّجعية في تونس اليوم... عنوان: عبير موسي و شيخ الإخوان!

كريمة مكي

2021 / 3 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


مَنْ يستجيرون اليوم بنار ʺعبير موسيʺ من رمضاء النّهضة هم أنفسهم من استجاروا يوما بحزب ʺمصطفى بن جعفرʺ فأغوته النّهضة و ابتلعته،،، و بحزب النّداء فشققته النّهضة و قطّعت أوصاله و دفنته،،، و بحزب قلب تونس فقسّمته و قَصَمَتْه و أضحوكة في المجلس صَيَّرَتْه.
من يستجيرون بحزب ʺعبيرʺ مازال يراودهم الأمل الكذّاب في أن يُنهوا حزب الإخوان و هم يتوهّمون أنّ كلّ العِلل في تونس و مجمل الأحزان هي فقط في ʺالإخوانʺ!!
ما فعلته اليوم عبير موسي مع عاملة النظافة في البرلمان هو ما تفعله مع نساء حزبها اللاتي نراهنّ صُوَرًا و لا نعرف لهنّ موقفا و لا نسمع لهنّ صوتا و لا حتّى خبرا.
إنّه أسلوب نظام ʺبن عليʺ في استخدام النّساء السّليطات لإخضاع التّابعات من النّساء قبل المُعَارِضات بالترهيب و التشويه تارة و طورا بالترغيب بالمناصب و الأموال.
ما تفعله ʺعبيرʺ اليوم هو امتداد لما فعلته سابقا يد النّظام الوسخة، سيّئة الذّكر ʺسيّدة العقربيʺ التي كانت تجمع أسرار النساء المحيطات بها لِتُحْسِنَ إخضاعهنّ و ابتزازهنّ و استغلالهن كأسوأ ما يكون الاستغلال. فيكفي أن تتجرّأ إحداهن قليلا و تعترض مثلا على مهمّة كلّفتها بها حتى تشبعها استهزاءا و قهرا و تحقيرا و قد كانت تختار فرصة الاجتماعات في جمعيتها الشهيرة ʺأمّهات تونسʺ لتثأر من هذه أو تلك فتُهينها على رؤوس الملأ حتى تُخضع البقيّة الباقية من النّساء فلا يعارضنها و لا ينبسن أمامها ببنت شفة.
لقد حدّثتني احداهنّ و كانت يومها جد سعيدة أن عيّنها المدير العام لرئاسة فرع ʺأمهات تونسʺ في مؤسّستها الوطنية فقالت : أنا حقيقة منبهرة بشخصية ʺسيدة العقربيʺ فهي على قدر ما هي قويّة و مخيفة على قدر ما هي مرحة و لطيفة...و قبل أن تواصل سألتها: أحقّا ما يقولون! أحقّا أنّها تُعلّمكم كيف تزغردون في الاجتماعات؟!
ابتسمت محدّثتي مُلطّفة من وقع الخبر عليّ: من أعلمك بذلك؟ آه...عرفت ...إنّها فلانة...لقد ذهبت معي للاجتماع و كنّا عشرة من إطارات المؤسسة.
في الحقيقة أنا أعجبتني الفكرة...هي فكرة ظريفة...! !رغم أنني لا أعرف الزغردة و أنا في هذا العمر و لكننا اعتبرنا أنفسنا في عرس...و ضحكنا كثيرا!
قلت لها: و لكن فلانة لم يعجبها الأمر و قد قالت لي كيف تُهيننا هكذا و نحن إطارات عليا في الدولة.
قالت محدّثتي بغضب: و لكنّها بقيت في الاجتماع إلى النهاية، لماذا لم تغادره! على كلّ حال أنا استقبلتني ʺسيّدة العقربيʺ استقبالا جيّدا و قالت لي أنتم مؤسسة كبيرة و سنحتاج إليكم دائما و دعتني للجلوس بجانبها.
قلت: و لكن فلانة قالت أنّها لن تذهب للاجتماع القادم بعد ما رأت من تصرّفات رئيسة الجمعية.
ضحكت ضحكة خبيثة: و هل تصدّقينها؟! موسم الترقيات على الأبواب، و كلمة من ʺسيّدة العقربيʺ للمدير العام تصير ʺللاّ فلانةʺ مديرة.
قلت: إذن مبروك مسبّقا لك على المنصب، فأنت رئيسة الفرع و أنت أكثر لِينًا من ʺفلانة ʺ العنيدة!!
قالت: هذا يتوقف على إرضاء ʺسيّدة العقربيʺ، السيد المدير العام قال لي و هو يُمضي على اشتراكاتنا في الجمعية : لا أريد مشاكل مع ʺسيّدة العقربيʺ، سجّلي طلباتها و أعلميني بها أوّل بأوّل...إنّها امرأة أقوى من الرّجال...و كل المسؤولين في الدولة يخشون غضبها و يقرؤون لها ألف حساب.
قلت لها: من يرى في سلاطة لسان ʺسيّدة العقربيʺ و سوء أدبها قوّة فهو الضّعيف.
قالت و قد نفذ صبرها معي:ʺ لا...لا... هي فعلا قويّة جدّا...أنت لا تعرفينها...تصوّري ماذا قالت لعضوة مقرّبة منها بعد ان اعتذرت منها عن توزيع دعوات حفلة كبرى تقيمها فنانة معروفة لفائدة الجمعية: تستخدمين اسمي و اسم الجمعية لتحققي لك المكاسب و عندما أطلب منك عملا بسيطا كهذا..تتهرّبين! صارت سيارتك الآن معطوبة و ابنك مريض! هيّا انهضي خذي هذه الدعوات و هذه قائمة السفارات التي ستوصلينها لها خلال هذا اليوم...أم تحبّي أن أحدّثهم عما فعل بك زوجك الأسبوع الماضي...أو دعيني أروي لهم ماذا فعلتِ في زيارتنا الأخيرة لألمانيا...مازالت الصّور بحوزتي....! ʺ
هذا هو أسلوب نساء التجمّع اللاتي يتشدّقن في سياق التسويق السياسي لصورة النّظام باحترام حرّية المرأة و ضمان حقوقها و تطوير مجلّة الأحوال الشخصية و محاربة الرّجعية... إلى آخر ذلك الموّال الذي ملّته الأسماع أمّا في التعامل اليومي مع النّساء من حولهن، فإنهن يلتجئن إلى صندوق الحزب الأسود ليغرفوا منه الأساليب الرخيصة و الخسيسة في تشويه النّساء و هتك أعراضهنّ حتى و إن لم يكنّ من المعارضات للنظام، المهم هو أن يُثرن الرّعب في النّفوس التي تخشى الفضيحة حتى يُنكّس الجميع رؤوسهم و يخلو الجو للنظام و أعوانه ليطلقوا أياديهم فيحكموا في البلاد بلا حسيب و لا رقيب.
***
و ما زال أنصار ʺعبيرʺ و الطامعين في بلوغ المناصب يوم يُوصلونها لحكم تونس، يُسوّقون لها كزعيمة سياسية ستدحر الرّجعية و تُحافظ على الدّولة المدنية فإذا بالزّعيمة ʺالحدثوتيةʺ تلطمهم بواقعة عاملة النّظافة بالبرلمان و قد كانت، قبلها، قد لَطَمَتْهُمْ لطمة مدويّة يوم أرادت تأديب زميلها سفيان طوبال النّائب الحالي في البرلمان و زميلها في حزب التجمع أيّام زمان! يومها توجهت له بالكلام المبطّن بالهمز و اللمز و الايحاء عن زوجته التي يجهلها الرأي العام فقالت له و هي تُسمع عموم التونسيين ( و في تجاهل تام منها و هي خرّيجة الحقوق لقانون احترام المعطيات الشخصية) بأنّها أرسلت له، في اليوم الفلاني، أحد رجالها على عنوان بيته الكائن في المكان الفلاني ! و أنّه كان على علم بقدوم المرسول و لكن فلانة زوجته (و سمّتها لنا بالاسم) هي من فتحت له الباب و كانت يومها لوحدها بالبيت !!
يومها لم ينتبه الأنصار لانحطاط الخِطاب أو ربّما انتبهوا و أوجدو، كالعادة، للزّعيمةʺ الأعذار أو أن تكون قد أعجبتهم و راقت لهم طريقة تصفية الحساب بين أصحاب ʺالكارʺ.
و اليوم- و ما بين اعتصام و اعتصام- تواصل الزعيمة كشف ما تُسمّيه بالخنّار فتحمل بيدها ʺبُوقاʺ و تمضي تجوب المجلس بالليل و النهار و حولها المصوّرون و الأنصار!
بماذا خرجت علينا عبير هذه المرّة؟؟؟ قالت أنها ترى، الآن و في ساعة متأخّرة من اليوم، الصحافي الفلاني مع عاملة النظافة بالمجلس و هو ما يوحي بوجود علاقة بينهما! هكذا تلفّق ʺعبير موسيʺ - على المباشر- التّهم، و هكذا تصنع للنّاس- بالأعراض- الأخبار.
ما أشبه ʺعبير موسيʺ بهيئة الأمر بالمعروف و النّهي عن المنكر في السعودية. تلك الهيئة اللّعينة التي فعلت الأفاعيل في رجال و خاصة نساء السعودية قبل أن يتم إلغاءها قبل سنوات قليلة من قبل النظام هناك فانقبرت فجأة و صمت أصحابها صمت القبور و لا عادوا يركضون في الشوارع لتأديب أهل الفسق و الفجور و لا عاد يعنيهم المنكر إذا ما رأوه و عاينوه.
إنّ الحداثة هي بالأساس فكر و سلوك و هي تحضر و أدب و رقي في مستوى الحوار.
الحداثة هي خلاصة ما وصلت إليه البشرية من حلول لتطاحن البشر حول المعتقدات و الأفكار،
و هي باختصار فنّ التعامل مع الآخر بكلّ احترام.
فلتعلم، إذن ʺعبير موسيʺ و معشر الأنصار أنّ الحداثة ليست مجرّد شعار و لا هي صورة بورقيبة التي تضعها أمامها و أمامنا باستمرار!!!
***

اليوم يهلّل الكثيرون لعربدة عبير موسي و يعتبرونها زعامة و إنجازا...!
ما لا يعترفون به أنّه ما كان لعبير موسي أن تصول و تجول في المجلس و مكبّر الصّوت بيدها، تقول ما تشاء و تتلصّص على من تشاء و تستهزأ بمن تشاء لو كان للمجلس المنكوب رئيسا محترما قادرا على فرض النّظام و ردّ العِدى!
و لكن على رأس البرلمان اليوم شخص اسمه راشد الغنّوشي كان فيما مضى اسما يثير الخوف في النّفوس، و كان يُحسب له حسابا من السلطة على مدى العقود الماضية، و كان أنصاره و أتباعه و مريديه يطلقون عليه من الصفات أجلّها و أقواها فهو الشيخ راشد و هو زعيم الحركة و هو المفكّر و هو القائد و هو المرشد ...إلى أن أراد له اللّه النهاية التي تليق بكلّ من لم يكن صادقا مع نفسه و مع الله فجاءت هذه الفترة الحالكة من تاريخه التي تجرّع فيها المهانة أشكالا و ألوانا.
كان بإمكانه أن يبقى مرشدا دينيا لأتباعه يحظى بتوقيرهم و حتّى بʺتقديسʺ البسطاء منهم و لكنّ نرجسيّته الخبيثة كانت أقوى فاستعجل رئاسة البرلمان و عينه على رئاسة تونس و قلبه في قصر قرطاج!
و جاءته رئاسة البرلمان على طبق من ذهب بفضل نُوّاب سي ʺنبيل القرويʺ المرشح التقدمي المدني الحداثي لرئاسة تونس الذي كان قد تعهّد قبل الانتخابات، للعائلة التونسية الحداثية، بأنّه لن... و لن... و لن يتحالف مع النهضة الإخوانية!
غير أنّ ما لم يكن في حسبان السيّد راشد الغنّوشي و هو يباشر مهامه في بداية عُهدته و نشوة الانتصار العظيم على محيّاه أنّ طبق الذّهب ذاك، كان يحمل له العلقم و السمّ الزعاف، إذ سرعان ما عمّ الهرج و المرج في المجلس الموقر و صار كرسيّه مباشرة في مرمى سهام... زعيمة الأزلام! و كثيرا ما اضطر حرّاسه لإخراجه من خلف الأبواب و كثيرا ما تعالت الأصوات، فوق رأسه، بالشتائم و السّباب و كم تدافعت الأيادي بين الإخوان و الأزلام و كم اشتدت المعركة بين ذُبَابِهِ و ذُبَابِهَا! و كم أُهِينَت، في الفايسبوك، حُرمة البرلمان!!
و بعد كلّ إهانة و مهما كانت مرارتها، كان الشيخ راشد يعود لكرسيّه و يتمسّك بتلابيبه أكثر فأكثر، رغم النصائح التي كانت و مازالت تأتيه من القريب و البعيد ليستقيل و يحفظ ماء وجهه و ووجه النّهضة، و لكنّه مازال يرفض ʺالرّحيل الآمنʺ من البرلمان كما من النّهضة، و مازال مستعدّا لسماع مزيد من الشتائم من عبير و من غيرها من النواب الذين تشجّعوا بسلوكها و صاروا يكيلون للرّجل الكبير الشتائم على المباشر!
مازال الشيخ راشد يتلقى جرعاته اليومية من المهانة مكتفيا بصمت الجبناء و بتنكيس رأسه إلى أن تمرّ العاصفة مُعوّلا على دهائه الفائق و الذي كان يُخرجه منتصرا في كلّ مرّة، و لأنّه ما كلّ مرّة تسلم الجرّة فانّه عمّا قليل سيرحل عن المجلس و عن المشهد السياسي مُكرها ذليل، و هذا قَدَرُ كلّ من يغدر بهذا البلد الجميل!
أراد الغنّوشي بتونس شرّا و آن له اليوم أن يكتوي بالنار التي استوقدها في تونس و هو يوهم النّاس بأنّه ماض في تطبيق شرع الله.
سيرحل الغنوّشي عمّا قريب، بعد أن كشفت الأيّام وجهه الحقيقي للنّاس و لأقرب مقرّبيه و لكنّ رحيله لن يكون أبدا على يد عبير موسي، لأنّها سترحل معه بعيدا عن أرض السياسة هنا لتنتهي معهما حقبة كئيبة من عمر تونس تداول عليها فيها التجمّع و الإخوان فأفسدوها.
سترحل عبير مع الغنّوشي لأنّها و إن كانت تدّعي أمامنا الحداثة في مقابل رجعية الإخوان، فإنّها و الغنّوشي وجهان لعُملة واحدة: هو يتكلّم باسم الله و هي تتكلّم باسم الوطن و كلاهما لا يروم إلاّ مصلحته هو، و اسمه هو، و مكانته هو ، أمّا أتباعهما القريبين فيعرفون حقيقتهما و لذلك ثار الصادقين و الموجوعين و المتألّمين في النّهضة على أنانية الغنّوشي و نرجسيته الخبيثة، و كذلك سيفعل أتباع عبير و خاصّة نساء حزبها لأنّهم أكثر من يعرف أنّها ʺزعيمة من ورقʺ.
تونس جميلة الجميلات لن يخدمها إلاّ الصّادقين فيها و الصّادقات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد ما حدث لناطحات سحاب عندما ضربت عاصفة قوية ولاية تكساس


.. المسيرات الإسرائيلية تقصف فلسطينيين يحاولون العودة إلى منازل




.. ساري عرابي: الجيش الإسرائيلي فشل في تفكيك قدرات حماس


.. مصادر لـ-هيئة البث الإسرائيلية-: مفاوضات إطلاق سراح المحتجزي




.. حماس ترد على الرئيس عباس: جلب الدمار للفلسطينيين على مدى 30