الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخراف الضالة - رواية- القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد (5)

احمد جمعة
روائي

(A.juma)

2021 / 3 / 24
الادب والفن


1975
حالة طوارئ
مع شحوب المساء الذي سكب ضوءه الأصفر الضئيل على الساحل الجنوبي للمحرق، انسل الموج بهدوء عند حافة الرمل المبلل وجلب معه بعض الأعواد والأعشاب الصغيرة وبقايا نفايات متناثرة إلى اليابسة، عم الصمت المكان عاكساً السكون العام الذي يخيم على المنطقة بأسرها، كانت السفن الممتدة على طول الجانب الآخر من المكان قابعة بمحاذاة الرصيف وكان هناك عدد من البحارة على السطح، بعضهم يتبادلون الأحاديث وقد غلب عليهم الملل، حول ارتفاع أسعار بعض السلع وحول زحف العمالة الآسيوية، فيما بعضهم اكتفى بالإنصات، حركة البحر أسفل السفن كانت كسرت السكون الذي طبع الساحل الرملي في الجهة المقابلة، وأثارت النسمات الدافئة خمولاً فيهم من دون أن تزيح الوجوم الذي كان يغطي الوجوه السمراء للبحارة القابعين على سطوح السفن الراسية عند الرصيف.
خيم الوجوم أيضاً على مدينة المحرق إثر انتشار خبر حل المجلس الوطني الذي صاحب حركة الاحتجاجات التي شهدتها بالبلاد خلال الأيام القليلة الماضية والتي على أثرها انتشرت الإشاعات حول الاعتقالات، فانعكس ذلك على النفوس التي لطخها الخوف والتوتر من حدوث مواجهات أشمل، حيث شحنت العواطف بالغضب، تنوعت بين تنفيس عاطفي في صورة خروج على النظام بالامتناع عن الذهاب إلى المدارس والتسكع في الشوارع وقد وجد الناس فرصتهم في التمتع بشمس النهار وانشغل بوعلي الهوى بالإبحار وبالصيد والمشاركة في الأعمال البحرية.
كانت هذه السنة بما حملته من أثقال الاضطرابات وتداعي الناس إلى التشتت وانتشار الخوف والذعر لدى سماعهم عن وقوع وفيات قد ترك فراغاً في النفوس شغله البعض بالبحث عن ملجأ للهروب من الشوارع أو باللجوء إلى دور السينما التي ظلت تعمل أو بالبقاء في المنزل فيما شارك البعض من الشباب في المظاهرات التي كانت تحدث هنا وهناك إلى أن توقفت بعد إعلان تطبيق قانون أمن الدولة، لم ينشغل الهوى بما كان يجري وإن كان يخرج إلى الشارع ويتطلع في وجوه المارة والبحث عن تفسير لما حدث وكان يعلق مرة بالتعاطف مع ما يجري ومرة يلتزم الصمت ولا يعلق ومرة يبرر للدولة ما تقوم به من إجراءات، كان عقله يتحرك بحكم ما تمليه عليه عواطفه المتذبذبة التي كانت تقوده للتفكير في البحر، وكل ما ليس له علاقة بالبحر لا يستدرجه للاهتمام به حاله حل كل البحارة الذين وجدوا أنفسهم فوق الأرض وتحت السماء ولهذا لم يندمجوا في الحركة التي كانت تجري على السطح إلى أن حدث وتعرض بوعلي الهوى ذات ليلة وهو عائد إلى الدار متأخراً وهو يحمل كيساً كبيراً فاستوقفته دورية شرطة وراحت تفتشه ونثرت محتوى الكيس على الأرض وكانت عبارة عن ثياب قديمة مع نارجيلة وكيس صغير راح أحد أفراد الدورية يشتمه وقد بدا عليه الامتعاض.
- ما هذا الشيء؟
- تتن.
- نعم.
- تتن.
تدخل أحد أفراد الدورية.
- تبغ.
التفت إليه الأول وقد هدأت نبرة صوته ..
- ماذا جاء بك هذه الساعة، ألا تعرف أن الوقت متأخر؟
رد بوعلي الهوى ضاحكاً
- كنت طوال حياتي أجيء وأذهب من دون وقت، هل ترى بيدي ساعة؟
ضحك أفراد الدورية فتركوه وتحركت السيارة، فراح يجمع ثيابه وحاجياته من الأرض ويعيدها إلى الكيس، ظل واقفاً يستعيد تفاصيل ما جرى للتو وقد شعر بغرابة الحالة، كان بين الغضب والدهشة والضحك بداخله، لأول مرة استشعر بماهية ما يجري على اليابسة وهو الذي قضى طوال الوقت حتى وهو على الأرض غاطساً في البحر، سوى بالعمل أو بالتفكير فيه والانشغال بأخباره وإذا بالشرطة الذين كان يراهم من بعيد منذ طفولته ولم يقترب أو يدنو من أحدهم طوال حياته يحشرونه بزاوية من الليل وبطريق معتم اعتاد على قطعه على مدى سنين لم يستوقفه أنس أو جن، كان يملك الطريق والليل والصمت ويلتحف السماء وهو يعبر الظلام والعتمة والسكون، يطوي الليالي وحده من الساحل حتى الدار لا يلتفت للأصوات الليلية التي عادة ما تستوقف المارة وتثير ذعرهم، كان هو والليل والظلام والصمت أصدقاء، إلا هذه الليلة فقد تغير نمط حياته وانبثقت مشاعر مختلفة رافقته فيما بعد إذ عرف لماذا تتظاهر الحشود، ورغم ذلك ظل ملتحفاً البحر ومرافقاً الجن ولكنه عرف أيضاً كيف يتأمل ما يجري من حوله.
اعتاد بوعلي الهوى أن يهرب للسواحل كلما ألمت به حادثة، إلا هذه الأخيرة اعتكف بالدار لفترة حزيناً يأكله الألم والغضب وهو يشعر بأن كرامته قد بعثرت ليلتها على الطريق ولم يحتج أو يغضب أو يعترض مكتفياً بالشعور الغامض الذي اكتنفه منذ تلك اللحظة وفتح ذهنه على الاحتدام الذي يلف الشارع بين عقد وآخر من الزمن ويدفع الناس للتظاهر والاحتجاج وأدرك أن للناس مشاعر تعبر عنها كلما أحست بالضيم والعوز وانتابته منذ تلك الحادثة حالة الشكوك فيما يسمعه أو يشاهده كلما مرت البلاد بموجة من الاحتجاجات ولكن لم يبلغ به الأمر للانخراط في أي منها، كان يراقب ويرى ويتنفس من بعيد ويسأل بين وقت وآخر عما يريده الناس من هذه الاحتجاجات، فمرة يتعاطف معهم ومرة يقف خارج الحالة ومرة يشكك فيما يقومون به واكتفى في كل المرات بالتفرج على الأحداث.
حين عاد بعد أيام من تلك الحادثة الليلية وما زال الشارع محتقن بالأحاسيس والمشاعر الغاضبة، راح يتأمل الوجوه من خلال رواد المقاهي والمارة في الطرقات ورواد الأسواق بمدينة المحرق، كسوق السمك وسوق الخضار وسوق اللحم وهي جميعها تقع في خط واحد بمحاذاة البحر وتطل على رصيف السفن الراسية، كان يأخذ يعقوب وحمد بعد سنوات معه ويتجهون إلى هذه الأسواق ويتجولون بالقرب من محال بيع العصائر الشعبية والمكونة أساساً من عصير الليمون وعصير الورد، وهو نوع من الشرب يقدم مخلوطاً بالماء والثلج والسكر وهو عبارة عن نكهة الليمون والورد ويباع في كؤوس يتناولها المرء وهو واقف بجانب المحل ثم يمضي في طريقه، كانت هذه الفترة التي أعقبت ما تعرض له بتلك الليلة مرحلة تطور في تفكيره ومشاعره فقد أثرت فيه من الداخل ولم يكشف لأحد تفاصيل ما تعرض له، إلا في سره حينما تطيح به حالة الغيبوبة التي تكتنفه كلما مر في طريقه باتجاه العالم السفلي مع الجن.
في وداع البحر حين يصطدم بالريح العاتية وتكون بقية السفن راسية على الناصية من ساحل المحرق، يسرق بوعلي الهوى في غفلة من عيون البحارة قارب صغير ملحق بسفن الصيد الكبيرة ويتجه به نحو جسر الشيخ حمد الذي يربط بين المحرق والمنامة إذ يكون التيار أسفله قوياً ويجتذب القارب بشدة نحو القاع أو باتجاه أحد جانبي الجسر، فالريح القوية تستجيب لدفع المياه من بين قواعد الجسر الضخمة المغروسة في قاع البحر فتخلق تياراً قوياً أشبه بالشلال حتى السفن الكبيرة العابرة أسفل الجسر لا تتجاسر على العبور في تلك الأثناء لهول شدة التيار إذ تنزلق السفن والقوارب منحرفة وقد تصطدم بأعمدة الجسر الإسمنتية الضخمة، أما هو فكلما احتدمت مشاعر الغضب بداخله يتوجه لأحدى القوارب الصغيرة الملحقة بالسفن الراسية ويقوم بمغامرته الودودة إلى قلبه وهي عبور الجسر وقت اشتداد الرياح وثورة الموج، وكان بذلك يفرغ مزاميره من الغضب، من خلال مغازلة البحر بهذه الوسيلة، وكان ذلك ما اعتاد فعله بعد تلك الليلة، الخروج قبل الفجر والقفز بزورق والاتجاه به نحو تلك الرقعة عند الجسر لإفراغ كمية الغضب بداخله، تلك المشاعر العميقة المتدفقة بداخله والتي لا يجرؤ على البوح بها مع غيره من المحيطين، كانت هذه واحدة من نزواته الغريبة والتي وضعته في دائرة الإبهام من قبل الجيران والمعارف وسكان الحي القديم من ولدى رواد المقاهي والبحر ممن يلتقون به ويصادفونه خلال تلك النزوات المتفجرة في أوقات المحن أو الصعاب أو عند حالات الغضب التي تلم به نتيجة أحداث تمر بها البلاد.
كثيرون كانوا يعلمون عن غرائز الهوى وفطرته في التعامل مع الأحداث وخاصة المقيتة والبغيضة، كتلك التي يموت فيها الناس أو يجرحون أو يسجنون، كان يقترب من الحدث من بعيد ويتأمله ثم يرحل للبحر مكانه الأزلي ولن تعرف عنه شيئاً أو عن مشاعره حتى لو كان معك أو ضدك، فلا تظهر مشاعر على وجهه ولا تنعكس على سماته علامات الألم او الحزن ولكنه بلا شك يعاني.
- نعم.. بوعلي الهوى مثلنا وربما أكثرنا يعاني ولكن لا يبوح..
هكذا يعلقون في الحي، فطوال الفترة التي اشتدت فيها الاحتجاجات خلال العام 1975 لم يعرف عنه إلا التسكع في الشوارع والتجوال على ساحل البحر والنوم في السفن والبحث عن من يحتاج خدمات يقضيها له وتتعلق في غالبيتها بالبحر والسفن، حيث اعتاد بعض ملاك السفن على تكليفه بقضاء حاجاتهم المستعجلة التي قد لا تتوفر الشجاعة لدى بعض البحارة على القيام بها كما يفعل هو، مثل استخراج رخصة أو تخليص معاملة لدى بعض الدوائر البلدية وغيرها من الخدمات التي تدر عليه دخلاً إضافياً خاصة في مواسم الشتاء حين تشتد الرياح وتتوقف سفن الصيد عن الإبحار، فكانت تلك الخدمات هي الوسيلة التي توفر له مصدراً لرعاية شقيقته الوحيدة التي ترملت وانتقلت للعيش معه ومنذ ذاك الحين ظل يرعاها مع ولديها، وقد صادف ولحسن حظ الثلاثة انه لم يقترب في حياته من امرأة أو التفكير فيها فلم يخطر بباله يوماً أن يكون زوجاً لامرأة تنام معه تحت سقف واحد، كان سقفه الوحيد السماء وهو فوق أسطح السفن والقوارب، كان دائم الهرب من مواجهة أسئلة الجميع من حوله منذ ربيع عمره ولم يلتفت للرد، كان يكتفي بابتسامة مقتضبة أو هزة من رأسه ثم يستدير ويلوذ بالفرار وكان هذا حاله كلما واجه موضوع المرأة والزواج والأسرة، وفي السنوات التالية راح يرد على البعض بأن أسرته هي شقيقته المطلقة وولديها يعقوب وحمد اللذين بقيا كظليه منذ طفولتهما وتربيا على يديه والتقطا الأفكار منه والمشاعر بقدر ما كانت تسمح لهما به العلاقة الوطيدة التي يكادان يبطئان المشي معه أو يسرعان الخطو معه بحسب الأهواء التي تقوده معهما من البحر إلى المقاهي ومن الشواطئ والسواحل إلى الطرقات والشوارع الخلفية حيث يجولان معه الأحياء بلا وجهة سوى إضاعة الوقت في اللهو بمشاهدة المارة والسيارات والتفرج على الحوادث والأحداث التي تقع بالحي والأحياء المجاورة كالمشاجرات بين الجيران أو موت أحدهم أو وقوع كارثة طبيعية أو حادث سيارة، كانت الساعات والأيام تمضي ولا تجد على شفتي الطفلين سوى كلمة الخال، ترعرعا وسط هذا الحيز الذي أفسحه لهما من حياته بالكامل وقد تفهم الجيران فيما بعد سبب عزوف الرجل عن الزواج ليحصر حياته للولدين.
عندما تفجرت أحداث 1975 على إثر حل البرلمان وإعلان قانون أمن الدولة الذي حاصر الأحداث، بدا الأمر أشبه بعتمة مبهمة إلا أنه حين تصادفه أسئلة يعقوب وحمد فيما بعد عن الأحداث التي مرت بها البلاد يضيء لهما الحدث ببعض من ضوء شحيح من خلال أجوبة أغلبها تتعلق بحال الناس من الذين جرحوا أو توفوا أو سجنوا أو لاذوا بالفرار من البلد إلى الخارج، كانت الأسماء تصل إلى آذانهم من غير أن تعني لهما شيئاً سوى أن هؤلاء الناس لهم قصة لا يدركان محتواها ولم يسعفهما الخال في بلوغ منحى يجعلهما يخرجان من حالة الالتباس، ففي كل مرة يتناهى إلى مسامعهما حدث أو حادث وتجري خلاله تداول الأسماء والوقائع، كانا يسمعان ردود تتوالى من الجيران وبعض الشباب في الحي ممن يتداولون الأخبار، فيصغيان إلى الأحاديث ومن ثم ينقلانها للخال الذي يكتفي بهز رأسه أو يجيب باقتضاب.
- لابد من أن يكون لدى هؤلاء الناس قضية.
كان يعلق مكتفياً بهذه العبارة ثم يحلق في عالمه البحري ضمن نسق الحياة المغلقة التي تحصن وراءها حامياً ذاته وأسرته كما خيل إليه من العالم الخارجي العدواني الذي كان يرى فيه الأخطار المتوقعة دائماً وهي تميل للشر الذي يداهم الناس من البحر ومن اليابسة على السواء، كان في حالة دفاع دائم عن النفس تجاه الأخطار ولم ير الأمان إلا في الدار التي يسكنها وفي البحر الذي يرتاده حينما يهرب طوال الوقت نحوهما، ورغم غدر البحر ومخاوفه المفزعة حين تغضب أمواجه وتعصف بالدنيا إلا أنه خوف مسيطر عليه بحكم قدرة التلاعب معه والأخذ والعطاء وفيه يشعر بالأمان وقد حمل نفسه على الزج بولدي شقيقته معه من دون خشية عليهما من غدره، فظل يحشرهما معه في كل ركوب للبحر من دون أي احتمال للخطر بعكس اليابسة التي تحاصره بالناس والأحياء من البشر الذين كان يرى فيهم الخوف الدائم من الغدر، ولشدة خشيته من الناس واليابسة أمسك عن الاندماج وسط المحيط الإنساني إلا في حدود التعاطي اليومي الخاطف من دون التوغل في العلاقات والانخراط في التعايش اليومي الذي يجري على سطح الأرض، ومن هنا تولدت لديه مخاوف مريعة من الاضطرابات التي تجري بين وقت وآخر حيث رأى فيها نقيض الهدوء والسكينة التي تحفظ للناس أرواحهم فقد كان يقدس النفس البشرية وقد دفعه ذلك لتأمل كل الأحداث التي مرت بالبلاد وجعلته يتوقف بحياد عاطفي ولا ينقاد للمشاعر المتأججة التي كانت تقود الناس إلى الانفعال، ولم يتغير عنه هذا السلوك حتى بعدما تعرض تلك الليلة للتوقيف ونثرت ملابسه على الأرض، وسار لداره متجهماً، منكسراً لم يشفع له غضبه ولا تزاحم المشاعر الصاخبة برأسه في منعه من الاعتكاف لأيام عن الخروج والاختلاط بالناس، تحسس روحه وتسلق روح أسلافه المنتمين للبحر والعزلة ثم تنفس من جديد واستعاد غابر الحال مع البحر والريح واتسق مع الحياة التي كان يعيشها من غير أن تترك تلك الحادثة بنفسه سوى شغف للتفرج على ما جاء بعدها من أحداث من على بعد ومن غير أن تدفع بأفكاره لأن تنخرط في ملاحقتها أو الاندماج بها معتبرها هبوب رياح عابرة من حين لآخر كلما ضاق الناس بالحياة التي يعيشونها، وقد تعمد انتزاع الصبيين الذين يعيشان في كنفه من الانخراط هما الآخران في أي من هذه الأحداث، كان دقيقاً وحريصاً في تجنب التورط حتى بالسير في الطريق الذي تسلكه هذه المواجهات وغدا سائحاً في دنيا الله الواسعة من دون جواز مرور إلا البحر والصيد والاتكاء على السواحل المفعمة بروائح الأعشاب، لم يفترق عن الساحل إلا حين يبحر إلى عباب البحر ويغيب عن الأرض لأيام يغتنمها فرصة ليمسح ما علق في رأسه من الأفكار المقيتة التي يسبح معها في خيالات من المخاوف التي تتقاذفه على الولدين وعلى الناس والجيران من احتمالات في أغلبها سوداوية تتعلق بالحوادث والكوارث التي يراها باستمرار في شكل توقعات توشك على الوقوع، هكذا كان عقله يعمل طوال اليوم.
حين أوشكت أحداث التسعينات من القرن الماضي على ترك بصمتها في نفوس البعض من غضب وما أحدثته من شرخ في نفسه انتزع الصبيين من تداعياتها فكان دائم اصطحابهما للمقاهي وإلى البحر والتجوال معهما على امتداد السواحل وعلى أرصفة السفن بمحاذاة بمنطقة جنوب المحرق، كان يتعمد إبعادهما عن مناخ الأحداث حتى لا ينجرفان مع الآخرين في الاهتمام بها والتأثر بتداعياتها.
كان يسند إليهما الأعمال الصغيرة والبسيطة مثل غسل الأواني وتكسير قوالب الثلج الكبيرة والتدرب على تشغيل محرك السفينة وحتى الدخول إلى أقفاص صيد الأسماك الكبير وإخراج الأسماك الصغيرة الحية من داخلها وقد تعرضا للكثير من الإصابات البسيطة وقد تعمد تركهما يتعرضان لمثل هذه الإصابات ليتدرجا في التعلم واكتساب الصلابة، وفي الليل عندما يكونان برفقته إلى البحر خلال فترة الإجازة المدرسية، وحينما تحل الراحة ويستلقي البحارة على ظهر السفينة عند أحد الفشوت أو بعرض البحر ويكون البحر ساكناً والطقس معتدلاً، يشغل يعقوب وقته بالصيد بواسطة الصنارة التقليدية فيما يرهف حمد السمع إلى أحاديث البحارة التي عادة ما تتناول البحر والطقس وموعد العودة إلى اليابسة ويدخل موضوع النساء دائرة الحديث وحين ينتبه البحارة لوجوده يغيرون مسار الحديث، يشغله الخال بعمل كالنزول إلى بطن السفينة لإحضار أداة ما أو بعض التمر أو أي غرض يبعده عن حديث البحارة، كان الليل يلاحق السفينة ويطبق عليها بالسكون حتى الفجر عندما يبزغ النور من بين حدود الأفق البعيد المنساق وراء الموج الذي ينتفض من النوم كما يتوهم يعقوب الذي يصحو قبل شقيقه ويبدأ بالصلاة مع البحارة فيما الآخر يغط في النوم إلى أن يحركه خاله الذي هو الآخر ينفرد بنفسه عند حافة مقدمة السفينة يدخن النارجيلة، ليبدأ بعدها الإفطار والمكون من التمر والخبز المحمص (البغصم) مع الشاي وفي بعض الصباحات يقدم البيض، كان حمد عادة عندما يحضره الخال إلى البحر معه يعمد إلى جلب بعض أنواع البسكويت ويخفيه معه ويتناوله في الليل إذا ما نام الجميع حتى اكتشفه يعقوب فأخذ يشاركه فيه.
في الليل وعندما يسكنه الهدوء ويسترخي على ظهر سفينة أو يسجي جسده بداره كان يستعين بتلاوة بعض القرآن من غير صلاة أو يستنجد بأهله من سكان العالم السفلي، اعتاد على الاستنجاد بهؤلاء السفليين كلما لاح في الأفق توقع بوقوع خطر داهم وظل على قناعه بأنه في كل مرة يستدرج هذه الكائنات من العالم الآخر يقطع الدرب على وقوع المحذور حتى آمن غالبية سكان الحي بهذه القدرة وقد دأب بعضهم على التوجه إليه في الأوقات الصعبة التي تلم بهم ويحدث أن يخرجهم من كثير من الاحتمالات التي كانت توشك على الوقع لهم، ترفرف الأفكار السماوية على يومه بالكامل مما يدفعه للتوغل في حدسه المتحفز للإفلات من التوقعات، فتراه يسعى باستمرار للتحوط ضد احتمالات الخطر المداهم تجاه أسرته وجيرانه وكأنه واقفاً على رأس حربة ويتصدى بحاسة التوقع لكل ما تنبئ به الأيام من الآتي، فعندما يركب البحر ويرى في الأفق ريح أو طوفان أو حريق أو خطر لأسماك القرش يهرع إلى البحث عن مخرج مستعيناً بفطرة وهبته السماء، وقد برزت هذه الغريزة أبان ظاهرة الحرائق في فترة الستينات من القرن الماضي عندما عم بالخوف من النار التي كانت تهدد بالاشتعال في كل لحظة، رأى الناس يصرخون في حي من الأحياء باحتراق منزل أو مخزن أو حظيرة، فكان يجول الطرقات محذراً من النار وقد دلته فطرته على الكثير من الأفكار التي بسببه تم تجاوز خطر الحريق، وعندما يستشعر بعض الغاصة في البحر من وجود أسماك القرش، كان يهبط إلى قاع البحر يشتم رائحة القرش فكان بمثابة مستكشف قبل أن ينزل بقية البحارة إلى الماء، وحدها الاضطرابات السياسية التي كانت تحيره ولا يفهم لماذا يقاتل الناس بعضهم بعضاً.
- بوعلي .. أنت لم تُخلق لتحمي الكون، فاهتم بنفسك وحدك.
كانت هذه واحدة من النصائح التي ساقها له بعض من كانوا يجدون أنفسهم حكماء الحي الذي يقطنه فكان رده عليهم..
- لقد جاء بي الخالق وأنا على هذه الصورة.
وكان يردد دائماً.
- الخطر موجود حولكم في كل مكان وزمان، فلماذا التشكيك فيه؟
كانت سورة مريم تلهمه، فكلما اشتدت محنة هنا أو هناك أسرع بتلاوة سورة مريم في سره وفي بعض المواقف بصوت مسموع فكثيراً ما سمعه بعض سكان الحي يردد بعض الآيات من السورة فتنتابهم قشعريرة ويدب الخوف من وقوع حدث، وقد تعمد بعضهم تجنبه حينما يجدوه على تلك الحالة التي تسبب لهم الذعر.

****
حالة طوارئ

2011

أزفت ساعة الهروب من الشوارع والميادين حينما شاعت أخبار انتشار قوات الأمن في أرجاء البلاد بالتزامن مع إعلان حالة الطوارئ ودخول قوات خليجية البلاد وانتشار شائعات حول إصابة العديد من المحتجين مع أولى ساعات المساء، حلت هذه الأخبار محل الخوف والقلق التي سادت صفوف الناس وهدأت النفوس التي ضاقت بالتوتر خلال الفترة المنصرمة وبدت الحياة مختلفة تلك الساعة من المساء، ومع حلول الليل وإعلان حالة منع التجول اكتظت السوبرماركات والمخازن بالمئات من الناس المتسوقين خشية نقص المواد الضرورية وامتلأت شوارع المحرق بالآلاف من الأفراد الذي على غير المتوقع لم تمنعهم حالة الطوارئ من الاختفاء من الطرق والشوارع، وحتى الأطفال امتلأت بهم الطرق والأحياء وبدا المشهد كما لو كان كرنفالاً مما حدا بالبعض إلى إطلاق الأغاني من خلال مذياع السيارات ولم يخلو المناخ بالرغم من هذا المظهر الاحتفالي من التوتر الذي بدا على الوجوه المتجهمة في شكل قلق بارز يخفي الحذر والخشية من التداعيات المحتملة لإعلان حالة الطوارئ، سادت مدن وقرى البلاد شائعات وأخبار عن وقوع أحداث ومصادمات ووقوع إصابات بين قوات الأمن والمحتجين ومع توالي الأخبار التي حملت في معظمها سيطرت قوات الأمن على الشوارع والطرق ومع حلول منتصف الليل انتشر خبر إخلاء مستشفى السلمانية وهو المستشفى الرئيسي في البلاد والدوار من المحتجين وبدت هذه الليلة مختلفة عن الليالي الماضية، دبت الحرارة بزخم غير مسبوق في أثير الهواتف النقالة وأجهزة التواصل الاجتماعي وسهر البعض في المقاهي والأماكن العامة التي ازدحمت بالرواد مثل الأندية والفنادق وبعض المطاعم التي ظلت تعمل طوال الليل بعكس ما كانت توحي به حالة الطوارئ المعلنة منذ المساء.
قضى حمد ساعات المساء والليل يعبر الطرق التي لم تكن تنتشر فيها قوات الأمن وأجرى محاولات عدة للاتصال بفتاته بلا نتيجة إذ كان هاتفها مقفلاً فساورته الشكوك وغلبت عليه الظنون في أن تكون قد تعرضت لحادث أو اعتقال، فآخر مرة تركها فيها قبل ساعات من مساء اليوم الفائت كانت متواجدة بالدوار، اقتحمه الخوف فجأة في لحظة تضاربت مشاعره بين شقيقه يعقوب في بحثهما معاً عن الخال وبين حدس ينبئه بمصير غامض يكتنف زهور التي لم ينته من شعوره بالنبذ لها في اليومين الأخريين حتى طفت مرة أخرى المشاعر السلبية السوداوية المقيتة التي كانت تهيمن عليه طوال فترة الأزمة تنمو مرة أخرى، ظل طيلة المساء والليل ممزقاً بين خشية من خسارة الخال الذي ظل منذ أيام مختفياً وبين وقوع حدث للفتاة المغرم بها حد الهوس والتي طغت فيها مشاعره تجاه الفتاة على مشاعر الوشائج العائلية ودخلت دوامة التعقيد فتصاعد تدفق الدم في شرايين قلبه حد الشعور بالخفقان الذي كاد يوقف نبضه.
- يبدو عليك الانشطار يا أخي العزيز، أكاد أسمع قلبك وهو يخفق بشيء أعرف انه لا يحدث إلا لمن ينتظر خبراً، لقد مررت بهذا الحال منذ أمد ولا يمكنك أن تخفي عني أكثر.
أنهى يعقوب حديثه وجرى نحو السيارة وأنطلق بها وسط دهشة أخيه الذي راح يتلفت حوله ليجد الطريق خالياً من المارة على غير العادة، كان السكون يطبق على المكان وانقطع المارة، إلا من طفلين صغيرين راحا يلعبان بقطعتي خشب أمام أحد المنازل القديمة بقرب الطريق المطل على مساحة فارغة بمحاذاة البحر جنوبي قرية البيستين فيما ظهر بعيداً عدد من الآسيويين يسيرون بحذر باتجاه الطريق المنعطف عن الممر الذي يقف فيه وفيما عدا ذلك كان الهدوء يخيم على المكان، ظل واقفاً بحيرة وتردد لا ينوي على شيء سوى تأمل المكان عاجزاً عن تحديد مساره الذي عليه أن يتخذه بعد أن تركه شقيقه وهرب إثر حديثه المقتضب وقد أظهر له معرفته بعلاقته بزهور، كانت وجهته في تلك اللحظة نحو المجهول، يخامره شعور فحواه أن الجميع في هذه البلاد يعرف وجهته إلا هو وحده يجهل أين يذهب؟ حائر بين الخال المختفي وجموع الناس الذين من حوله وهم يتقاطرون على الطرق والشوارع والمقاهي يتناقلون الأخبار والإشاعات التي تدور بعد إعلان حالة الطوارئ، ومن التجوال، وقد استغرب وجود كل هذه الجموع أينما يذهب فيما خبر منع التجول يتداول بين الجميع ولا أثر لتطبيقه.. هل يعني ذلك أن البلد بخير أم عكس ذلك؟ تردد السؤال بداخله وهو يجر قدميه نحو الدار لا ينوي على قرار سوى الخلود للنوم إن أمكنه ذلك.
على ناصية من المقهى المطلة على الشارع بجنوب المحرق بقرب محافظة المحرق، ركن يعقوب سيارته واقترب من بعض المتجمهرين أمام التلفاز يتلقون الأخبار المتواترة حول الحالة الأمنية السائدة الآن والتي كانت مثار جدل بين بعض رواد المقهى والذين في غالبيتهم أبدوا ارتياحاً للإجراءات المتخذة من قبل السلطات، كانت المقهى مكتظة بأعداد من مختلف الأعمار، بعضهم يدخن الشيشة فيما تسمر البعض أمام التلفاز وراح البعض الآخر يلعب بحطب الدومينو وقد ظهر عليهم التركيز الشديد غير عابئين بما يجري من حولهم من نقاش وجدل، امتلأت المقهى تلك الليلة بأفراد من مختلف الفئات والأعمار واحتشد الكثير خارج المقهى وسط موجة من البرد فيما عدد آخر داخل جدار المكان، تسلل يعقوب إلى الداخل وجلس في البداية مع بعض الأصدقاء رغم التوتر الذي اكتنف مشاعره من الداخل وقلق مستمر يتصاعد داخله ويمنعه من التركيز على الأحاديث التي تدور بين الجميع، ثمة شعور يكتنف أعماقه ويقتحم إحساسه بوجود الخال قريب من المكان ولكن من غير حدس بمكان اختفائه يراوده شعور بقرب ظهوره المتوقع، حين سأله أحد رواد المقهى بالداخل على الجهة المقابلة منه عن خبر الخال رد عليه بسرعة ومن دون تردد..
- على اليابسة ولكن أين؟ لا أحد يعرف وقريباً سيظهر فجأة.
خرج من المقهى مسرعاً وركب السيارة وانطلق نحو جزر أمواج.

****


كانت الليلة عاصفة بالأحداث المشعبة بالتوترة، وساد الجميع شعور بالغموض وهم يستمعون إلى الصدامات والاقتحامات وتواتر الأخبار حول اقتحام القرى والشوارع والطرقات، وانتشرت الدبابات والسيارات المصفحة ورجال الجيش والمدرعات في مختلف المناطق وقد خلت ساحة الدوار من المتظاهرين بعد انسحاب الجميع واحتلال قوات الأمن المكان، كما خلت الشوارع والطرقات من المحتجين وسيطرت قوات الأمن والجيش مختلف المناطق التي كانت تحت سيطرة المتظاهرين وعمت البلاد حالة من الاستقرار المشوب بالإبهام لدى الكثيرين مع شعور عم الأهالي بسيطرة الجيش على الأماكن التي كانت خارج السيطرة.
على الضفة الأخرى من الشارع العام المؤدي إلى جزر أمواج تسللت سيارة سوداء تعبر الطريق من خارج الجزر نحو مدخل الطريق المؤدي إلى قرية قلالي عند الساعة الثانية عشرة وبضع دقائق وسط سكون المنطقة وهدوء المكان ضمن نسق الحالة المنبثقة عن الإجراءات الأمنية التي تلت إعلان حالة الطوارئ وما تركته على النفوس من تأثير أشاع في المشاعر عواطف متضاربة بين الارتياح والخوف، إذ ترك صدمة في نفوس البعض وظهر في شكل تعبير جارف على الملامح وفي نبرة الكثيرين ممن عانوا من الأيام الماضية من آثار الاضطرابات المتصاعدة طوال الشهر المنصرم، كان السيارة الفخمة السوداء وهي من طراز لكزس المتسللة طريق أمواج - قلالي تعبر ببطء وكأنها امرأة مغطية الوجه تعبر متخفية، تبطئ بالسير ثم تتوقف وتتأمل ولا يكشف الزجاج العازل الوجوه التي بداخلها، ومن حين لآخر لم يفت بعض المارة من المشاة ملاحظة المشهد الغامض الذي كانت عليه السيارة والطريقة التي تسير بها وكأنها معزوفة تهز أوتارها من خلال ليل يوشك على التوغل في دهليز الغموض العاصف بالأوجاع، عند ناصية الطريق المنعطف باتجاه مزرعة قديمة بدت أسوارها تتدلى منها مصابيح متهالكة بعضها مضاء والبعض الآخر محترق وبين عتمة طرف المكان المحاذي للمزرعة توقفت السيارة وانسل منها شبح رجل نحيف البنية تداعت مشيته وهو يبتعد عن السيارة متدثراً في ملابس فضفاضة متكدسة بقطع عدة من الصوف وسار باتجاه الطريق الآخر المنحرف عن بعد من السيارة وغاص في الظلام، فيما تدحرجت إطارات السيارة السوداء الفخمة مبتعدة عن المكان لتخرج إلى الشارع العام وتنطلق بسيرها الطبيعي وكأنها تركت سراً وراءها خلفته مع ريح ما بعد منتصف الليل.
كان صوت سعد بن ناصر تشوبه نبرة الهدوء والسكينة وبدا عليه التأقلم مع ريح الليل هو الآخر بعدما أسدل نافذة السيارة للمنتصف وأطلق العنان لسيجاره ينفذ دخانها خارج السيارة وتتلاعب بخيوطه تيارات الهواء البارد فيما انزلقت بشرته الدافئة بفعل كأس الويسكي الذي تناوله قبل الخروج نحو الخمول وقد انعكست أضواء مصابيح الشارع على وجهه الذي تكسوه التجاعيد أكثر من المعتاد هذه الليلة، ولدى وصوله نحو الطريق العام وعلى بعد من منتصف الطريق المؤدي لجسر الشيخ خليفة فوجئ بطابور من السيارات متوقفة فيما بدا حاجز من الشباب يسد الشارع وقام بعضهم بفحص الوجوه، لمح أحد الواقفين وهو رجل أسمر ضخم الجثة وقد تدثر في جاكيت أسود من الجلد فوق الثوب الأبيض ولف رأسه بغترة حمراء بدا من تصرفاته أنه هو من يوجه الشباب، ولدى وصول السيارة إليه لمح من فتحة نافذة السيارة سعد بن ناصر بداخلها فأشار بيده للشباب بالتنحي عن السيارة والسماح لها بالعبور بسرعة من دون الاقتراب مع تحية من يده في الهواء لسعد بن ناصر وقد علت شفتيه ابتسامة مع عبارة أطلقها بصوت مسموع " تفضل طال عمرك".
كان طريق الجسر المؤدي إلى المنامة العاصمة تلك الساعة يمتلئ على طرفيه بدبابات الجيش، وكانت هناك حواجز عدة لرجال الأمن والجيش ولدى عبوره الشارع أغلق النافذة وأدار رقم الهاتف الجوال..
- هل تم فقع الدمل؟
جاءه صوت الطرف الآخر ممتزجاً بضحكة مجلجلة ليستطرد الصوت من جديد.
- ما فعلته ليس سهلاً من يفعل ذلك أما أنه شيطان أو هو ملاك وأترك للتاريخ يحكم على ما قمت به.
رد سعد بن ناصر بنبرة مقتضبة
- أحسنت على مديحك المبطن ولو أني أفضل أن أكون شيطاناً لأن الملائكة لا وجود لها على هذه الأرض.
رد الآخر.
- مازال على الأرض بعض من الملائكة ولولا ذلك لما أعلنت حالة الطوارئ.
ثم أردف الرجل مصحوباً بضحكة وهو ينهي الحديث بقوله.
- سعد .. انهي جولتك واذهب للبحر وأغلق عليك قصرك وأستمتع بكأسك، لا أنصحك بالتسكع في الشوارع في هذا الوقت.
- أنا لست وحدي كما تعلم.
- أعلم.. ولكن الوقت متأخر.
رد سعد بضحكة صغيرة.
- وقل لن يصيبكم إلا ما كتب عليكم.
ختم الطرف الآخر الحديث بضحكة أخرى ذات مغزى.
- احفظ القرآن جيداً قبل أن تفتي به.. سلام.
بدا البحر تلك اللحظة متوتراً بالهواء المتدفق من الأعلى على شكل نسمات وحشية تعكر سطح الموج وهو يعلو وينخفض عند الساحل، فيما راحت أعمدة أضواء الشارع المطلة عل البحر تلقي هي الأخرى بانعكاس ضوئها على البحر فتبدو كخيوط لؤلئية اللون منبسطة على الماء تلاحقها نظرات بوعلي الهوى وهو يقف مشدوداً نحو الأفق البعيد من البحر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية


.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال




.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي


.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا




.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف