الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليوم العالمي للثورة السلمية

سعيد هادف
(Said Hadef)

2021 / 3 / 25
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


لأول مرة سمعت ببلد يسمى "بوتان" وهو من أسعد بلدان العالم.
تقول ليندا ليمنغ، مؤلفة كتاب (دليل ميداني للوصول إلى السعادة: ما تعلمته في بوتان عن الحياة والمحبة والصحوة): «أدركت أن التفكير في الموت لا يجعلني مكتئبة، إنه يجعلني أغتنم كل فرصة، وأرى الأمور التي لم أكن لأراها عادة، أفضَلُ نصيحة أقدمها هي: سافروا إلى هناك، تأمّلوا أمراً لا يمكن التفكير فيه، وهو ما يرعبك مرات عدة في اليوم». وتضيف: «نحن في الغرب نريد أن نعالج الأمر إذا انتابنا شعور بالحزن، إننا نهاب الأسى، ونراه أمراً يحتاج التغلب عليه إلى استخدام الأدوية، أما في مملكة بوتان فهناك تقبّل له، إنه جزء لا يتجزأ من الحياة».
ما أثار انتباهي هو أن هذا البلد الذي لا يثير ضجيجا عرف كيف يعيش في تناغم مع نفسه ومع عصره ومع العالم، وبالمقابل تجد بلدانا تتبجح أنها تمتلك جيشا من أقوى الجيوش وتنفق ملايير الدولارات على التسليح بينما شعبها يعاني من غياب الأمن وتفاقم البطالة والفقر والمرض، ومن الكآبة السياسية.
بعد هذا المدخل، وبمناسبة اليوم العالمي للسعادة، أتقدم بأجمل الأمنيات إلى كل سكان كوكبنا الذي مازال يبحث عن سبيل السعادة.
ويطيب لي، أيضا، أن أثير بشكل سريع، فكرة لم تترسخ بعد في ثقافة الشعوب المغاربية، هي "الأيام العالمية"، هذا التقليد الذي ابتكرته الأمم في زمنها الحديث، وهو تقليد يُذكّرنا أن مصير البشر ينبغي أن يأخذ بعدا تضامنيا وتعاونيا من أجل حياة سعيدة مفعمة بالسلام والأمن والرفاهية. غير أن هناك ذهولا عن هذا التقليد يكاد يكون نسقيا لدى عدد مهم من البلدان ولاسيما المغاربية. وأتساءل مرارا متى تستفيق النخب المغاربية وتأخذ بيد شعوبها للولوج إلى التاريخ بمعناه الكوني؟ متى تستفيق هذه النخب وتخرج من زمنها البائد، المتحجر والمنغلق على ذاته داخل قوقعة قومية رثة وعنصرية، وداخل ثقافة لا تعرف سوى التنطع والتبجح بالأسلاف؟
أشعر بالعار وأنا أتابع ما يحدث بين الجزائر والمغرب من تلاسن وضيع، أو ما يحدث في الداخل التونسي أو الجزائري أو المغربي، ولاسيما ذلك اللغط الذي ينخرط فيه "مثقفون" أكثر انحطاطا وضحالة من السياسيين.
إنها فكرة أصيلة أن تلتف الأمم حول أيام عالمية تنتصر لكل ما هو إنساني وجمالي، تقليد من الواجب على الدولة أن تدمجه في النسق التربوي وفي الإعلام، وأن يتبناه المجتمع المدني حتى يترسخ كثقافة تسري بين الناس.
في شهر مارس مثلا هناك خمسة عشر يوما عالميا أو أكثر، يوم للشعر، وللمياه وللمرأة وللسعادة وللغابات وضد التمييز.. فمتى تتحول هذه الأيام إلى ثقافة يحتفل بها الشعب ويجعل منها مناسبات للفعل الميداني؟ ومتى تتبنى الأحزاب هذه الأيام في برامجها وأنشطتها وتخصص دورات تكوينية وأخرى تحسيسية للبيئة وللسلام وللتسامح...؟
متى نؤسس لثقافة مغاربية مبدعة في السلام والتضامن والتعاون؟ متى نخرج من ثقافة العنف والغطرسة والتجبر؟ متى تخرج المدرسة من ذلك التعليم المفخخ بنزعات العنف والعنصرية وعبادة الذات إلى تعليم قيم التواضع والتضامن والسلم؟
حول الوضع الجزائري، لقد مرّ عامان على حراك 22 فبراير، ورغم كل المخاطر التي أحدقت به ظل متمسكا بسلميته، بل تحول إلى مدرسة يتعلم فيها شباب الحراك ثقافة السلم، وأدرك الشباب أن التغيير الحقيقي لا يصنعه العنف مهما كان صاحبه على حق، وأن الثورة الحقيقية هي تلك التي تكون سلمية وواعية بسلميتها، ثورة تستهدف الذهنيات والسلوكيات، وتكون ثورة على الفساد وعلى الظلم وعلى الكسل وعلى الجهل. الثورة التي تحقق التغيير الإيجابي هي تلك التي نتربى في رحابها على التواضع والتآخي والسخاء، هي التي تلهمنا بكل ما هو جميل.
شباب الحرك مدعوون إلى ابتكار أساليب ثورية في استثمار هذه الأيام العالمية، والانخراط في إحيائها بتنظيم أنشطة ميدانية على غرار حملات التشجير والنظافة وإقامة معارض وأنشطة أيكولوجية وفنية وحقوقية، ولعلنا سنحتفل يوما باليوم العالمي للثورة السلمية يوم 22 فبراير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية: تحقيق حول مدى التزام الحكومة الفرنسية بوع


.. شرطة مكافحة الشغب الهولندية تعتدي بالهراوات على متظاهرين مؤي




.. أخذ ورد بين مذيعة CNN وبيرني ساندرز بشأن ما إذا كانت إسرائيل


.. أون سيت - لقاء مع صبري فواز | الجمعة 26 أبريل 2024 | اللقاء




.. مشاركة النائب رشيد حموني في برنامج مع - الرمضاني- مساء يوم ا