الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من وحي كتاب (الصراع في إسرائيل)

إبراهيم ابراش

2021 / 3 / 26
القضية الفلسطينية


في سياق التحولات والتطورات التي طرأت على الاستراتيجيات المتعلقة بالحروب والصراعات ظهر مصطلح (الجيل الرابع من الحرب) حيث يتم استعمال ادوات ووسائل غير المتعارف عليها في الحروب القتالية الكلاسيكية، ومن هذه الوسائل اختراق الجبهة الداخلية للخصم والعمل على تفكيك وتصدع الدولة والمجتمع بالفِتن والحروب الأهلية والتشكيك بالهوية والانتماء وتدمير الاقتصاد بالحصار والعقوبات الخ، في مراهنة أن يؤدي ذلك لإضعاف الخصم وإجباره على الانصياع والخضوع أو تغيير سياساته، وفي هذا النوع من الحروب يتم اللجوء إلى كل الوسائل حتى غير القانونية وغير الأخلاقية، وما يجري بين واشنطن من جانب وروسيا والصين من جانب آخر مع مجيء بايدن للإدارة الامريكية تطبيق لهذا النوع من الحروب، ويمكن أن نضيف أيضاً السياسة التي تتبعها واشنطن تجاه إيران .
هذا النوع من الحروب يحتاج لمعرفة دقيقة وحقيقية عن العدو ليس فقط في المجالات العسكرية بل أيضاً في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والنفسية وما يعتري مجتمع الخصم من صراعات، وذلك لمعرفة نقاط الضعف الداخلية و توظيفها في وضع استراتيجية وطنية لمواجهته.
وبالنسبة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي والذي كان يُسمى الصراع العربي الإسرائيلي والممتد طوال عقود، وبالرغم من الشعارات الكبيرة المدججة بعبارات التهديد والوعيد بالقضاء على إسرائيل، وبالرغم من خوض حروب متعددة مع دولة الكيان الصهيوني، إلا أن حكمة (اعرف عدوك) لم تجد طريقاً لها عند القادة وصناع القرار حيث قليلاً ما كان يتم الاهتمام بمعرفة إسرائيل من الداخل وخصوصاً من طرف القادة العسكريين والباحثين ومراكز الأبحاث العربية والفلسطينية، بالرغم من القاعدة أو الحكمة الصينية القديمة التي تقول (اعرف عدوك)، ومعرفة العدو لا يعني بالضرورة الاعتراف به.
وفي هذا السياق صدر قبل أيام عن دار الكلمة للنشر والتوزيع في مدينة غزة كتاب تحت عنوان (الصراع في إسرائيل) للروائي والكاتب السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي توفيق أبو شومر، وفي هذا الكِتَاب جال المؤلِف في جوانية وفسيفساء المجتمع الإسرائيلي وما يعتريه من صراعات وخصوصاً بين العلمانيين والجماعات الدينية المتطرفة وحتى داخل هذه الجماعات حيث قام بتفكيك هذه الاخيرة موضحاً أصول كل جماعة ومعتقداتها وما يميزها عن غيرها من الجماعات الدينية الأخرى، كما أبرز دورها في قيام الحركة الصهيونية ثم الدولة الصهيونية منذ المؤتمر الصهيوني الأول في بازل في سويسرا 1897 إلى اللحظة الراهنة حيث دورها ملموساً في تشكيل الحكومات ولعبها دور (بيضة القبان) مما يؤهلها لابتزاز القوى السياسية الأكبر في النظام السياسي الصهيوني.
رصد الكاتب توفيق أبو شومر عديد الصراعات في المجتمع الإسرائيلي وكثيراً منها غير معروفة خارج إسرائيل وحتى عند العرب والفلسطينيين أنفسهم، و في مقدمة كتابه لخص أشكال الصراع داخل إسرائيل كما يلي: " الصراع في المجتمع الإسرائيلي متعدد ومتجدد، وهو يدور بين الأقطاب الكثيرة فهو : بين المتدينين وغير المتدينين وبين المتدينين أنفسهم وبين اليسار المتطرف والمعتدل وبين جيل الصابرا والمهاجرين الجدد وبين المهاجرين من الشرق وبين المهاجرين من الغرب، بالإضافة إلى صراع طويل بين الفلسطينيين الصامدين في أرضهم منذ عام 1948 وبين إسرائيل، مضافاً إلى كل ما سبق الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال، وبينها وبين العرب، إن كل أشكال الصراع السابقة صاغت من إسرائيل الدولة المجهولة الهوية فلم تفلح في بلورة صيغة واضحة لها، فلا دستور، ولا هوية، ولا تعريف محدد لمواطنيها، فهي تستحق أن تلقب بجدارة: دولة الصراع" .
بعد قراءتي لهذا الكتاب المهم تبادر إلى ذهني كثير من التساؤلات لها علاقة بكيفية إدارة العرب والفلسطينيين للصراع مع إسرائيل وجهل العرب لوقت طويل حقيقة العدو الذي يحاربونه وهو جهل كان أحد أسباب هزيمتهم في كل الحروب التي خاضوها معه.
في اعتقادنا أن هذا الجهل بجوانية المجتمع الصهيوني، والذي تراجع في السنوات الأخيرة، يعود لعدة أسباب منها:
1- طغيان البعد الصراعي العسكري والسياسي، حيث انشغل العرب والعالم بالأبعاد العسكرية والجيوسياسية للصراع دون كثير اهتمام بما يجري داخل إسرائيل.
2- قوة الدعاية الصهيونية حيث نجحت الحركة الصهيونية ودولتها بترويج صورة رومانسية طهرية عن المجتمع الصهيوني والصهيونية كحركة ودولة اشتراكية وديمقراطية.
3- نأي العرب والفلسطينيين عن دراسة المجتمع الإسرائيلي من الداخل ولم يتم الالتفات لهذا الأمر إلا في وقت متأخر وبتحفظ، حيث كان أي حديث عن المجتمع الإسرائيلي من المحرمات وكشكل من أشكال الترويج لإسرائيل أو التطبيع الخفي معها، وكان يُمنع دخول كتب تتحدث عن إسرائيل إن كانت تتعارض مع الصورة النمطية التاريخية غير الحقيقية لإسرائيل ولليهودي كما يصوره الإعلام العربي وخصوصاً المسلسلات والأفلام كشخص بخيل ودميم مهلهل الثياب وأشعث الرأس الخ، بينما في إسرائيل مراكز أبحاث وتخصصات وعلماء متخصصون بدراسة المجتمع الفلسطيني و العربي عموماً بدرجة أكبر من الموضوعية والجدية.
أما السؤال الأكثر اهمية الذي تبادر إلى ذهني بعد قراءة الكتاب فهو: إذا كان في المجتمع الإسرائيلي الصهيوني كل هذه الجماعات الدينية المتطرفة وكل هذه الصراعات فلماذا إسرائيل الدولة الأكثر تطوراً واستقراراً في الشرق الأوسط؟!!!!.
هذا ما سنحاول الإجابة عليه في مقالنا القادم .
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انصار الله
ابراهيم الثلجي ( 2021 / 3 / 26 - 20:24 )
اسمح لي يا استاذنا ان ادلي بدلوي في هذه المسالة التي عجز قادة حاليون وسابقون راحلون في ايجاد حل او حتى تسوية لها بالرغم من ان
اولا اهل فلسطين براغماتيون بطبيعتهم الهادئة المتاتية من جمال ارض وطبيعة فلسطين ويسر الحياة وسبلها فيها
حكم الدولة الاسلامية من نشاتها شعارها التسامح مع الغير وخاصة اليهود كان لهم عناية مميزة خاصة بعد ما حصل معهم ابان محاكم التفتيش وحتى خلال الحربين العالميتين الاولى والثانية التي حاول نتنياهو تحميل ابادة اليهود للمفتي لولا استدراك ميركل بشهامة عظماء الرجال لتحميل الحزب النازي المسؤولية المطلقة وقيام الشعب الالماني بالواجب لناخذ من هذه الجزئية عمق المؤامرة الصهيونية على مصير شعب فلسطين
لحقيقةالاعظم ان استدراج اليهود الى الارض المقدسة هو امر ومكر رباني اعجب البعض ام لم يعجبه الواقع هذا فاليهود يمتلكون اجمل واغنى بقاع الارض واعمدة الاقتصاد فيها ولكن جيء بهم الى فلسطين للقاء مع الرب الذي بعد ان خذلهم في ارسال رسل على هواهم ليضمنوا الولاية الزمنية على الناس باسم الدين وكما يفعلها اصحاب الدين السياسي
اتوا للقدس لتنصيب رب اخر منهم
ونحن كنا ولا زلنا مع الله انصارا


2 - براغي في مواكن الامبريالية
ابراهيم الثلجي ( 2021 / 3 / 27 - 13:02 )
اليهودية ايدولوجيا ليست حكرا من الناحية الذهنية على بني اسرائيل بل لها تابعين من الاغيار لذلك تمت صناعة الصهيونية للتميز فوجدت نفسها برغي في ماكينات الاستعمار
فمن الناحية الميدانية العملية لم ولن تجد مجتمعا يهوديا متجانسا ومنسقا حتى الماء احتاجوا 12 عين لقسمته كي يشربوا
التفسير الجلي الحديث لهذه الحالة هو المتاجرة بالدين وبيع الكلام والوعود وصكوك الغفران بتاعة شاؤول الطرطوسي
ولقد تجنبت امتنا هذا المرض والفايروس حتى اطل علينا الدين السياسي وهو اكثر عداوة للامة من الصهيونية والامبريالية من حيث ازاحة وتحريك العقيدة من قلوب المسلمين والتي لم تقدر عليها كل اساطيل وقاذفات امريكا قرون وعقود والتي استنتجت بان الدين ينقلب عليه من الداخل بضم الياء
نعدد ولا نحصر دعوة ومنهج الوهابية
احزاب الشيعة باشكالها
حزب التحرير
الاخوان المسلمون
والاخير اخطر انواعها على الاسلام لان كله مخالفات واضحة لمنهج رسول الله في سبيل الوصول للحكم حتى لو شطبوا الدين ومن حسن الطالع ان معظم القيادات العربية يدركون هذا النهج
وللدلالة على غايات الكهنوت السياسي ارفق هذا الرابط

https://youtu.be/M5NQKjCuN6E

اخر الافلام

.. مثلث -حماس- الأحمر المقلوب.. التصويت على قانون يحظره في البر


.. الجيش الإسرائيلي: عناصر من حركتي حماس والجهاد يستخدمون مقرا




.. زعيم الحوثيين يهدد باستهداف منشآت سعودية | #ملف_اليوم


.. حماس.. لماذا تراجعت الحركة عن بعض شروطها؟ | #رادار




.. قصف جوي ومدفعي إسرائيلي على مواقع عدة جنوبي لبنان | #الظهيرة