الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تلخيص موجز للاطروحة الفلسفية - في التناقض - (اغسطس -آب - 1937 م ) للمعلم البروليتاري ماوتسي تونغ -الجزء الثاني -

أحمد الشركت

2021 / 3 / 27
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


لقد اعتبر لينين ، قانون التناقض في الأشياء ، قانون وحدة الضدين ، هو القانون الأساسي الأول في الديالكتيك المادي ، فقد سماه { لُب الديالكتيك ، جوهر الديالكتيك } .
إذ يقول لينين :{ إن الديالكتيك ، بمعناه الأصلي ، هو دراسة التناقض في صميم جوهر الأشياء }
فبهذا القانون ترتبط عدة قضايا فلسفية ، وإذا استطعنا فهمها حق الفهم ، استطعنا أن نفهم الديالكتيك المادي من حيث الأساس .
وهذه المسائل هي :

النظرتان إلى العالم
عمومية التناقض
خاصية التناقض
التناقض الرئيسي والطرف الرئيسي للتناقض
الوحدة والصراع بين طرفي التناقض
مركز التعادي في التناقض

الهدف الرئيسي من هذه الدراسة ، هي استئصال التفكير المتسم بالجمود العقائدي .
وهذا التلخيص الموجز سينشر في جزئين .

الجزء الثاني :
4- التناقض الرئيسي والطرف الرئيسي للتناقض
5- الوحدة والصراع بين طرفي التناقض
6 - مركز التعادي في التناقض


================================================

4- التناقض الرئيسي والطرف الرئيسي
للتناقض

في قضية خاصية التناقض يوجد جانبان آخران ينبغي أن يخضعان للتحليل هما :
التناقض الرئيسي والطرف الرئيسي للتناقض .
توجد في كل عملية تطور معقدة لشيئ ما تناقضات عديدة ، ولا بد أن يكون أحدهما هو التناقض الرئيسي الذي يقرر وجوده وتطوره ، وجود وتطور التناقضات الأخرى أو يؤثر في وجودها وتطورها .
مثلا ، في البلدان شبه مستعمرة ،{ تظهر العلاقة بين التناقض الرئيسي والتناقضات غير الرئيسيّة في حالة معقدة .
فعندما تشن الامبريالية حربا عدوانية على بلد من هذا النوع ، فإن الطبقات المختلفة في هذا البلد ، باستثناء حفنة من الخونة ، يمكن أن تتحد مؤقتا كي تخوض غمار حرب وطنية ضد الامبريالية ،وحينئذ يصبح التناقض بين الامبريالية وذلك البلد التناقض الرئيسي ، بينما تصبح مؤقتا جميع التناقضات بين مختلف الطبقات داخل ذلك البلد ( بما فيها التناقض الرئيسي بين النظام الاقطاعي وجماهير الشعب الغفيرة ) في مركز ثانوي وتابع . }
لكن مراكز التناقضات تتبدل في حالة أخرى . فعندما تُمارس الامبريالية أشكالا من الاضطهاد معتدلة نسبيا ، سياسية واقتصادية وثقافية ، … إلخ ، بدلا من الاضطهاد عن طريق الحرب ، فإن الطبقات الحاكمة في البلدان شبه المستعمرة سوف تستسلم للإمبريالية ، ويتحالف الاثنان ويتعاونان على اضطهاد جماهير الشعب الغفيرة ، وفِي مثل هذه الحال كثيرا ما تلجأ جماهير الشعب الغفيرة إلى شكل الحرب الأهلية للوقوف في وجه تحالف الامبريالية والطبقة الإقطاعية }
فمهما كان الحال ، فثمة تناقضا رئيسيا واحد فقط يلعب الدور القيادي في كل مرحلة من مراحل عملية التطور .
إنه ، لا يجوز لنا أن نعامل جميع التناقضات الموجودة في عملية ما على قدم المساواة ، بل لابد لنا أن نميز بين التناقض الرئيسي والتناقضات الثانوية ، ونولي انتباها خاصا للإمساك بزمام التناقض الرئيسي .
كما لا يجوز أن نعمل الطرفين المتناقضين ، في أي تناقض رئيسيا كان أم ثانوي ، على قدم المساواة . فإن تطور كل طرف من الطرفين المتناقضين ، في أي تناقض كان ، متفاوت عن تطور الطرف الآخر .
وأحيانا يكون ثمة توازنا في القوى بين طرفي التناقض ، لكن تلك ليست سوى حالة مؤقتة ونسبية ، فالتفاوت هي الحالة الأساسية .
فلابد أن يكون أحد الطرفين المتناقضين رئيسيا والآخر ثانوي ، فالطرف الرئيسي هو الذي يلعب الدور القيادي في التناقض ، وأن طبيعة الشيئ يقررها في الدرجة الأولى الطرف الرئيسي للتناقض ، الذي يحتل مركز السيطرة .
كما أن هذا الوضع ليس ثابتا ، إذ أن الطرف الرئيسي وغير الرئيسي للتناقض ما يتحول أحدهما إلى الآخر ، فتتبدل طبيعة الشيئ تبعا لذلك .
وكثيرا ما نتحدث عن " حلول الجديد محل القديم " إن حلول الجديد محل القديم هو قانون عام للكون لا يمكن مقاومته أبدا .
إن كل شيئ يحوي تناقضا بين طرفه الجديد وطرفه القديم ، تناقضا يشكل سلسلة من الصراعات الملتوية .
وحالما يسيطر الطرف الجديد على الطرف القديم ، فإن الشيئ القديم يتحول إلى شيئ جديد من حيث الطبيعة .
وأحيانا يقع العكس يتحول الجديد إلى القديم ، ويكون الطرف الرئيسي للتناقض ما هو الطرف القديم ، والطرف الجديد يكون الطرف الثانوي للتناقض .
إن دراسة أوضاع التفاوت في التناقضات ، دراسة التناقض الرئيسي والتناقضات غير الرئيسيّة ، والطرف الرئيسي للتناقض وغير الرئيسي للتناقض ، هي إحدى الطرق المهمة التي يقرر بها حزب سياسي ثوري ، بصورة مضبوطة ، خططه الاستراتيجية والتكتيكية في الشؤون السياسية والعسكرية ، وهي دراسة من واجب جميع الشيوعيين أن يولوها الإهتمام .

5- الوحدة والصراع بين طرفي التناقض

الوحدة ، الاتحاد ، التطابق ، التداخل ، التمازج ، الاعتماد المتبادل ، الترابط ، أو التعاون ، - هذه العبارات المختلفة ، جميعا تعني فكرة واحدة وتقصد هاتين النقطتين التاليتين :

أولا : إن كل طرف من طرفي التناقض في عملية تطور شيئ ما يستلزم وجود الطرف الآخر المتناقض معه ، كشرط مسبق لوجوده هو ، وأن الطرفين يتواجدان في كيان واحد .
ثانيا : إن كل طرف من الطرفين المتناقضين يتحول ، تبعا لعوامل معينة ، إلى نقيضه .
وهذا هو ما يقصد بالوحدة .
لقد قال لينين { إن الديالكتيك هو النظرية التي تدرس كيف يمكن للدين أن يكون متحدين ، وكيف يسيران متحدين (يتبدلان فيصيران متحدين )- في أية ظروف يكونان متحدان ، ويتحول أحدهما إلى نقيضه - ولماذا ينبغي للفكر الإنساني ألا ينظر إلى هذين الضدين كشيئين ميتين جامدين ، بل كشيئين حيين مشروطين قابلين للتبدل ولتحول أحدهما إلى نقيضه }
فماذا يعني لينين بهذه الكلمات ؟
إن الطرفين المتناقضين في أية عملية هما متعارضان ومتصارعان ومتضادان فيما بينهما .ويوجد هذان الطرفان المتناقضان دون إستثناء في عمليات تطور جميع الأشياء في العالم وفِي الفكر الإنساني .
فالعملية البسيطة تحوي زوجا واحدا من الأضداد فقط ، بينما تحوي العملية المعقدة أكثر من زوج واحد منها .
إن كافة الأشياء في العالم الموضوعي والفكر الإنساني ، تتخللها التناقضات وتدفعها إلى الحركة .
{ فلا حرب بدون السلم ، ولا سلم بدون الحرب . لا حياة بدون الموت ، ولا موت بدون الحياة .لا ديمقراطية بدون الديكتاتورية ، ولا ديكتاتورية بدون الديمقراطية .لا أسياد بدون العبيد ، ولا عبيد بدون الأسياد . لا ثوريين بدون الرجعيين ، ولا رجعيين بدون الثوريين . لا حركة ثورية بدون النظرية الثورية ، ولا نظرية ثورية بدون الحركة الثورية . لا نضال سلمي بدون النضال العنيف ، ولا نضال عنيف بدون النضال السلمي . ، …إلخ }
هكذا فإن كل عنصرين متضادين هما ، بفعل عوامل معينة ، متعارضان من جهة ، ومترابطان ، متمازجان ، متداخلان ، يعتمد بعضهما على بعض ، من جهة أخرى .
وهذا هو المقصود بالوحدة ، اَي يتحدان ويتعارضأن في نفس الوقت .
ويشير إليه لينين بقوله { إن الديالكتيك يدرس " كيف يمكن لضدين أن يكونا متحدين " ، كيف يمكن أن يكونا متحدين ؟. يمكن ذلك ، لأن كلا منهما يشكل شرط وجود الأخر .
هذا هو المعنى الأول للوحدة .
وهل يكفي أن نقول فقط إن كل طرف من طرفي التناقض يشكل شرطا لوجود الطرف الآخر ؟
كلا ، لا يكفي ، فالأمر الأهم من ذلك هو تحول أحدهما إلى نقيضه .
{ تحول من الحرب إلى السلم ، وتحول من السلم إلى الحرب ، تحول النجاح إلى الفشل ٫ وتحول الفشل إلى النجاح ، تحول السلبي إلى الإيجابي ، وتحول الإيجابي إلى السلبي ، …إلخ }
هذا هو المعنى الثاني لوحدة طرفي التناقض .
إن كل متناقضين مترابطان ، فهمًا يتواجدان في كيان واحد في ظل عوامل معينة ، بل يتحول أحدهما إلى الآخر في ظل عوامل معينة ، هذا هو كامل معنى وحدة الضدين ، وهو بالضبط ما عناه لينين عندما قال :" كيف يصيران متحدين ( يتبدلان فيصيران متحدين ) في أية ظروف يكونان متحدين ويتحول أحدهما إلى نقيضه }
أي لا يمكن أن يكون هناك أي وحدة من دون عوامل ضرورية معينة .
تلك هي قضية الوحدة . فماهو الصراع إذن ؟ وماهي العلاقة بين الوحدة والصراع ؟
لقد قال لينين { إن إتحاد ( تطابق ، وحدة ، تواحد ، ) الضدين مشروط ، مؤقت ، عارض ، نسبي ، أما الصراع الضدين المتعارضين فهو مطلق ، تماما كما أن التطور والحركة مطلقان .}
فما الذي يعنيه لينين هنا ؟
إن لجميع العمليات بداية ونهاية ، وكل عملية تتحول إلى نقيضها ، إن ثبات جميع العمليات نسبي أما تغيرها الذي يظهر في تحول عملية إلى عملية أخرى فهو مطلق .
إن كل شيئ يتخذ في حركته شكلين :
شكل السكون النسبي
والشكل التبدل الملحوظ .
{ إن إتحاد الضدين مشروط ومؤقت ونسبي ، بينما الصراع بين الضدين متعارضين هو مطلق }
الوحدة نسبية
الصراع مطلق
إن الوحدة المشروطة المؤقتة النسبية تشكل مع الصراع المطلق غير المشروط ، حركة التناقض في جميع الأشياء .
فالصراع يكمن بالضبط في الوحدة ، ولا وحدة بدون صراع .
إن في الوحدة صراعا ، وفِي الخاصية عمومية ، وفِي الصفة الفردية صفة مشتركة . هذا ما يقصده لينين حين قال : { فثمة مطلق في النسبي }

6- مركز التعادي في التناقض

من بين المسائل المتعلقة بصراع الضدين مسألة التعادي بينهما وماهو ؟
إن التعادي شكل من أشكال صراع الضدين ، لكنه ليس الشكل الوحيد .
ينبغي لنا أن ندرس مختلف أنواع الصراع بين الأضداد بصورة محددة ، إذ أن التناقض والصراع شيئان عامان ومُطلقان ، إلا أن طرق حل التناقضات ، أي أشكال الصراع ، تختلف تبعا لاختلاف طبيعة التناقضات .
أي ، وفق الظروف والزمان والمكان تتطور بعض التناقضات التي كانت في الأصل ذات صفة غير عدائية فتصبح تناقضات ذات صفة عدائية ، وهناك تناقضات أخرى هي في الأصل ذات صفة عدائية ، ولكنها تتطور فتصير تناقضات صفتها غير عدائية .
{ مثلا في المغرب ، إن تاريخ المنظمة الماركسية - اللينينية المغربية - إلى الامام - تبين لنا أن التناقض بين التفكير الصحيح ، لعبد اللطيف زروال وسعيدة المنبهي وآخرين ، والتفكير الخاطئ لأبرهام السرفاتي وَعَبَد الله الحريف وآخرين ، لم يظهر في البداية في شكل التعادي ، لكنه تتطور فيما بعد وأصبح تناقضا ذات صفة عدائية . } وقد حدث مثل ذلك في تاريخ الحزب الشيوعي السوفياتي ، بين التفكير الصحيح للينين وستالين والتفكير الخاطئ لتروتسكي وبوخارين ، وأيضا حدث ذلك في تاريخ الحزب الشيوعي الصيني ، … إلخ
لقد قال لينين { إن التعادي والتناقض شيئان مختلفان كل الاختلاف }
إن التعادي ليس سوى شكل من أشكال صراع الضدين ، وليس الشكل الوحيد ، فلا يجوز أن نفرض هذه الصيغة على كل شيئ .

خاتمة

إن قانون التناقض في الأشياء أي قانون وحدة الضدين هو القانون الأساسي في الطبيعة والمجتمع وهو بالتالي القانون الأساسي للتفكير .
إن التناقض يوجد في جميع عمليات الأشياء الموضوعية والتفكير الذاتي ويسري في جميع العمليات من البداية إلى النهاية ،هذه هي عمومية التناقض وإطلاقه .
ولكل تناقض وكل طرف من طرفي التناقض خصائصه ، هذه هي خاصية التناقض نسبيته .
والشيئان المتضادان بينهما وحدة في ظل عوامل معينة ، ولهذا يمكن أن يتعايشا في كيان واحد ، ويمكن أيضا لكل منهما أن يتحول إلى نقيضه ، وهذه هي أيضا خاصية التناقض ونسبيته .
لكن صراع الضدين لا ينقطع ، فالصراع يوجد حين يتعايش الضدين أو حين يتحول أحدهما إلى نقيضه على حد سواء ، والصراع واضح على الأخص في الحالة الاخيرة ، وهذه هي أيضا عمومية التناقض وإطلاقه .
وحين ندرس خاصية التناقض ونسبيته ، ينبغي أن نلاحظ الفرق بين ماهو رئيسي وماهو غير رئيسي من التناقضات ومن أطراف التناقضات .
وحين ندرس عمومية التناقض والصراع القائم فيه ، ينبغي أن نلاحظ الفرق بين مختلف أشكال صراع الضدين ، وإلا وقعنا في خطأ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بنعبد الله يدعو لمواجهة الازدواجية والانفصام في المجتمع المغ


.. أنصار ترمب يشبهونه بنيسلون مانديلا أشهر سجين سياسي بالعالم




.. التوافق بين الإسلام السياسي واليسار.. لماذا وكيف؟ | #غرفة_ال


.. عصر النهضة الانجليزية:العلم والدين والعلمانية ويوتوبيا الوعي




.. ما الذي يجمع بين المرشد الإيراني وتنظيم القاعدة واليسار العا