الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا لو أنك استغفرتَ اللهَ لإبليس؟

محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)

2021 / 3 / 27
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


كلما كمَّمْتَ فاها؛ فقد كتمتَ نفَســَــًا، وخلقتَ فأرًا، وخسرتَ عقلا، وأضعتَ روحــًا، وبنيتَ سِجــْـنــًا، وربيتَ عبدًا، وأفزعتَ قلبــًا، وفرّغتَ صدرًا، وقيدّتَ مَعْصَما!
يمكنك أنْ تستفز جسدَك لينتج نشوة مصطنعة، ومصنوعةً من العبودية الطوعية، ومخلوقة من الصمتِ الطويل، لكنها غارقةٌ في بلل ارتعاشة الخوف من الحديث في الدين والسياسة والهموم اليومية و.. الحرية!
هنا تتهيأ كلُّ السُبُل لزراعة الإنسان الجماد الذي يُحَرّكه الآخرون في كل اتجاه؛ إلا الاتجاه البشري الذي خُلــِـقَ من أجله.
هنا تجد القسوةُ مَخْرجا لها في السوط والصوت، ويصبح المرءُ على استعدادٍ لذبح غريمه أو خصمه أو من يختلف معه لأن ثـــُــقــْــبَ دخول الرأي الآخر أصبح ضيّقا، وخانقا، ومرتعدًا من أوهام وضعها فيه ذوو السلطة السياسية والدينية والمالية!
المُحرّمات ليست أكثر من تلويح بالجــَـلــْـدِ في ساحة عامة يحتشد فيها قساة، غلاظُ القلب، ساديو الرأي مع قداسة سماوية أو أرضية تجعلك تخشى الاثنين بنفس القــْـدْر: السماء والأرض.
ماذا لو جاءتْ صخرة ألقاها في مياه الحياةِ موتُ أحد الذين نسيناهم ردحا طويلا من الزمن اللامبالي بنا فاكتشفنا سراديبَ في أعماقنا تؤدي إلى قسوة وكراهية ولعنات مُبَرّرة ذلك بأنه دفاعٌ عن الله، عز وجل، الذي لم يُعيّن محاميا عنه إلا في كل حقبة طويلة من الدهر؛ يأتي التوكيل المعتمَد من السماء لأحد الأنبياء والرسُل لتنبيه البشر أن الاعتماد ممهور بتوقيع سماوي، ومع ذلك فيمكنك أنْ تجادل، وتناقش، وتحتد، وتطلب من النبي أن يُنزّل عليك مائدة من السماء، أو تأتي له بعدة معجزات، أو تشق البحر بضربة واحدة، أو تجعل عصاك حيّة تسعىَ، أو تأتيهم بكتاب يقرؤونه ولا يأتيه الباطل من بين يديه و.. لا من خلفه!
في البــِـدْء كانت الكلمة، والكلمة قد تكون اعتراضا أو احتجاجا أو رفضا؛ هكذا فهمها إبليس عندما طلب من خالقه، جل شأنه، أن يسجد لمخلوقه الضعيف لمجرد أنه، سبحانه، علــَّـمَه الأسماءَ كلها!
كانت الصدمة شديدة على إبليس الذي لم يسجد لغير الله؛ فهو يملك كبرياءً شديدًا، وغطرسة من نار، وطاووسية قبل أن يُخــْـلــَـق أول طاووس!
ووقف الله مع آدم الذي خلقه من تراب، واعتبر رفضَ إبليس تحديــًا، وأعطاه مُهلة إلى يوم القيامة ليفسد وذريتــُه ما بين آدم وذريتــِه لآلاف أو ملايين السنين حتى يوم الحساب.
استعاذةٌ بالله من الشيطان، ورجمه في موسم الحج، ولعنه في كل الصلوات، والاستعانة بكل الكتب المقدسة للتخفيف من وسوسته!
يجب ملاحظة أن الله يقبل كل حوار ونقاش وسؤال واستفسار كما لم يقبل بنو آدم منذ بدء الخليقة، فهذه هي قيمة المخلوق، الحرية.. الحرية.. الحرية.
في لحظات ضعفك الإنساني، وشفقتك الترابية تطلب من الله أن يرحم إبليس ويغفر له كبرياءَه وغطرسته وظنه أنه المنتصر حتى لو أطاعه ثلثا بني آدم في كل زمن.
أنت هنا لا تترحم على ديكتاتور أو سفّاح أو قاتل أو لص أو مُهرب أو حتى على امرأة لم تكن تملك غير ورقة وقلم وقضايا إنسانية وهموم نسائية؛ لكنك ترفع درجة الاستغفار حتى إبليس؛ فهل سيعاقبك الله أم سيقول لك يوم القيامة بأنك أخطأت ويُقدّم لك الأسباب.
أنا هنا أريد أن أصل إلى الأسباب الخفية والحقيقة المَرَضية غيرِ المُرْضية للقسوة التي افترس بها ملايين المسلمين باسم السماء امرأة تحدّتهم في عقولهم وذكورتهم وأضغاث أحلامهم الجنسية وعنجهيتهم التي آلمتهم في فروسية امرأة لم تمسك رُمحا أو تمتطي صهوة جواد أو تختطف سيفا من داعشي لتذبح خصومها!
أكرر بأن الله لم يرسل غير الأنبياء محامين أو قضاة أو مستشارين أو نوابا لمساعدة خالق الكون العظيم في قضايا تخص العبودية.
ماذا لو ترحمتَ، في لحظة جنون أو عقل مُشع، على إبليس وطلبت من الله أن يرحمه لأننا قذفناه باللعنات منذ نزول آدم وحواء إلى الأرض ثم عودتهم مع ذريتهم إلى الحساب الختامي للحياة في يوم القيامة؟
هل سينتحر أكثر المسلمين وكل المتشدّدين والزاعمين أنهم المحامون الأوحدون عن رب الكون العظيم؟
أم ستنفجر رؤوسهم غضبا، وتتزلزل الأرض من تحت أقدامهم؟
هل يستطيعون الحوار بدون استشهاد بآيات قرآنية مع افتراض أن محاورَهم هندوسي أو بوذي أو زرادشتي أو كونفشيوسي يؤمن بالله وبعدو الإنسان إبليس، لكنه ليس مُسلمــًــا؟
مأزق مُفزع، ولكن ملايين اللعنات الغاضبة على امرأة وحيدة تؤكد أن المسلم سيمزق جمجمته، ويلقي بأحشائها في الصحراء إذا قلت له بأنك تترحم على إبليس من منطلق عُمْق إيمانك بالله، العزيز الغفور الرحيم، وسيعتذر إبليس في النهاية، رغم بلايين الانتصارات الوسوسية للإنسان المخلوق ضعيفا؟
تبقى مشكلة الحوار بين المتحدثين بالعربية لأن أكثرهم يقرأون ثلاثة أسطر ويتخيلون ما بقي من المقال، فيتولون الردّ والحرب و.. الهجوم !
ضربتُ هذا المثل لجسّ نبض الحالة العصبية لزاعمي الدفاع عن الله بدون توكيل حقيقي أو فهم للقضية أو حتى.. علم لا ينفع!
في قناعاتي الشخصية فإن سبب حدّة وغضب ولعنات من دخلوا معركة مع رُفات امرأة رحلتْ كان هي القسوة.. القسوة .. القسوة!
كم وددت أن لا يضطرني الشتّام أو السبّاب لحظره وقد حظرت كثيرا.. كثيرا منهم؛ وتمنيت أن أستفيد من آرائهم وأفكارهم ومعارضتهم وليس تحشيشهم، فكانوا أفشل محامين عن أعدل وأذكى القضايا.
أملي باهت لكنه موجود في أن أستفيد من آراء وأفكار واعتراضات ونقد من يختلفون معي في رؤيتي!
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 27 مارس 2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة الإنجاب في كوريا الجنوبية تعرض مستقبل البلاد للخطر


.. فليك في برشلونة.. قائد الثورة الذي سقى ورود حديقة كتالونيا ف




.. ترامب يستعد لخطوات حاسمة لإنهاء الحروب.. وعماد أديب: العرب ف


.. بعد تمزيق مشجعين إسرائيليين أعلاما فلسطينية.. صدامات بين مشج




.. الغارات الإسرائيلية على بعلبك في لبنان تطول المواقع الأثرية