الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اقتصاد المخدرات وشبكات الفساد في المغرب (2/1)

أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)

2021 / 3 / 29
الفساد الإداري والمالي


في ديسمبر 2003، قدم تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة تأكيدا علميا لما قدّره جميع الخبراء منذ فترة طويلة: مع 135000 هكتار مزروعة بالقنب الهندي يتجاوز حصادها سنويا أكثر من 3000 طن من الحشيش، يبقى المغرب حتى الآن أكبر منتج/مصدر لهذه المادة في العالم.
ليت الأمر اقتصر على أن 90٪ من الحشيش المستهلك في إسبانيا وفرنسا يأتي من منطقة الريف، ولكن المهربين يستخدمون شبكاتهم لنقل المخدرات القوية مثل الكوكايين إلى أوروبا وغسل أرباحهم هناك. وتمثل الأخيرة أهم مصدر للعملة الصعبة في الاقتصاد المغربي ومنها تمول شبكات الفساد والمحسوبية التي تبدأ، حسب اختيار السكان، من المهربين كسلطات قروية في الريف وتنتهي إلى المستويات العليا من سلطات الدولة، على الأقل في عهد الحسن الثاني. وإذا كان الأخير قد ترك للمهربين وأنصارهم في الإدارة وبين المسؤولين المنتخبين هامشا كبيرا من المناورة في المنطقة الشمالية، فذلك للحفاظ على ولاء المنطقة التي تعتبر معادية للسلطة المركزية، ولاء ضروري للغاية لأنها منذ بداية التسعينيات، باشرت السلطة بالتدريج انفتاحا ديمقراطيا خاطر بجعل السيطرة على الأحزاب السياسية الجديدة أمرا صعب المنال.
في الوقت نفسه، أدى التسامح الذي تمتعت به الزراعة غير المشروعة للكيف من جانب الحكومة بالسكان القرويين الأمازيغ المعرضين للتهميش الاقتصادي والتمييز والاجتماعي إلى البقاء أحياء في بيئة متدهورة.
إن المكانة المتميزة التي يحتلها الحشيش المغربي في الأسواق الاستهلاكية الإسبانية والفرنسية تدين بالكثير لشبكات الفساد، النشطة أو السلبية، التي تسهل استيراده إلى هذين البلدين.
وإذا كان الفساد الناجم عن حركة المرور العابر في إسبانيا يؤثر بشكل رئيسي على أفراد القوات القمعية، في المقابل، يزعم وزراء الداخلية المتعاقبون في فرنسا أن استهلاك القنب يشكل "آفة" تؤدي إلى استخدام المخدرات القوية. ولكنهم يتفقون على إخفاء مسؤولية المغرب في إنتاجه وتصديره. هذه السياسة ، بالطبع ، تمليها المصالح الاقتصادية والجيوسياسية "العليا". وبالتالي، يمكن للمرء أن يتساءل عما إذا كان قرار محمد السادس بالموافقة على التقييم الأول للمناطق المزروعة والهجوم ، منذ صيف 2003 ، على المتاجرين المهمين والمتواطئين معهم في جهاز الدولة هو علامة على التغيير السياسي في هذا المجال أو مجرد ستار من الدخان، كما كان الحال مرتين على الأقل في عهد الحسن الثاني.
من جانب آخر، يتفق المؤرخون على إثبات وجود زراعة للكيف عمرها في منطقة كتامة، وسط الريف، منذ القرن السادس عشر. تعود هذه الزراعة إلى وصول المهاجرين العرب إلى المنطقة في القرن السابع. حوالي عام 1890، أعطى السلطان حسن الأول (1873-1894) الإذن بزراعة الكيف في خمس قرى من قبيلتي كتامة وبني خالد. في عام 1912، تم تقسيم المملكة إلى منطقتين، واحدة تحت الإدارة الفرنسية والأخرى تحت الإشراف الإسباني. تنازل مؤتمر الجزائر العاصمة في عام 1906 عن احتكار بيع وشراء التبغ والكيف لشركة أجنبية معروفة، وهي شركة متعددة الجنسيات برأسمال فرنسي. احتضنت طنجة المقر الرئيسي للشركة، وهي مدينة استفادت منذ عام 1920 من مكانة دولية ومنفصلة إدارياً عن المنطقتين الفرنسية والإسبانية.
خلال السنوات الخمس التي حافظ خلالها عبد الكريم الخطابي بقوة السلاح على دولة مستقلة في الريف (1921-1926)، انخفض إنتاج القنب بشكل ملحوظ، ليس بسبب العمليات العسكرية بقدر ما كان بسبب إرادة رئيس الأمازيغ الذي اعتبر استهلاك الكيف مخالفا لأحكام القرآن.
في يوم 12 نوفمبر 1932 د، صدر ظهير شريف (مرسوم بقانون ملكي) يحظر زراعة القنب الهندي في المنطقة الواقعة تحت الحماية الفرنسية. على عكس إسبانيا، وقعت فرنسا في الواقع على اتفاقية مكافحة المخدرات الدولية. لكن هذا الظهير نفسه خول لشركة التبغ والكيف أن تبيع للسكان المحليين خليطا من الحشيش والتبغ، مما سمح لفرنسا بالاستفادة من عائدات الضرائب الناتجة عن هذا النشاط. بعد ذلك، صدر ظهير جديد عام 1954 من الملك محمد الخامس، وكان من المفترض أن يطبق منذ الاستقلال على منطقتين من المملكة، ليؤكد الحظر المفروض عام 1932. ومع ذلك، بقي هناك تسامح استفادت منه النجوع الخمسة من قبيلتي كتامة وبني خالد، ما أكسب المنطقة لقب "سينكو" الاسباني. ولكن، في الخمسينيات من القرن الماضي، تم زرع الكيف علانية في الحوز (سهل في منطقة مراكش) والغرب (سهل في منطقة القنيطرة). في عام 1960، وسعت الحكومة المغربية تطبيق ظهير 1954 ليشمل الإقليم بأكمله، دون متابعة هذا القرار في الريف. على العكس من ذلك ، أصبحت كتامة نوعا من كاتماندو لدى الشبان الأوروبيين.
بين عامي 1958 و 1990، شهدت منطقة الريف ثلاث انتفاضات تعرضت لقمع شديد، ولم تكن بدون تأثير على التهميش الاقتصادي اللاحق للمنطقة ولجوئها المتزايد إلى الزراعة غير المشروعة. كانت سنة 1985 الأكثر دموية بدون شك حيث شهدت حمام دماء قتل فيه الآلاف بإيعاز من الحسن الثاني. وقبل ذلك، في عام 1984 تحديدا، أدت الإجراءات التي اتخذتها السلطات المحلية للحد من التهريب في مدينة مليلية السليبة وتهريب القنب في جميع أنحاء الشمال إلى اندلاع انتفاضة. وفي ديسمبر 1990، سيؤدي قمع حركة تمرد اجتماعية، انطلقت من فاس، إلى سقوط العديد من الضحايا (أربعون رسميا، وما يقرب من ألف بشكل غير رسمي) في هذه المدينة، وفي غيرها كطنجة وتطوان والحسيمة.
خلال عقد الثمانينيات، أدى التطور المستمر للإنتاج إلى وصول الجانحين من مناطق أخرى من المغرب، الذين قطعوا الطرق واختطفوا السائحين وسائحي المخدرات رهائن مقابل فدية. يضاف إلى ذلك نشاط قوى القمع التي تميل إلى جعل الأجانب الذين يتعرضون لعقوبات شديدة عند القبض عليهم وبحوزتهم الحشيش أكباش فداء، وذلك لإخفاء حقيقة تورط السلطات المحلية، وأحيانا الوطنية في الإنتاج والاتجار. لذلك يعتبر شمال المغرب "منطقة خطرة" لا تؤثر فقط على سياحة المخدرات، بل تؤثر على السياحة نفسها. تستمر هذه السمعة السيئة حتى اليوم، على الرغم من أنه لم يعد هناك أي انعدام للأمن في المنطقة، حتى في منطقة كتامة، التي يقال إنها مهد المهربين. منذ تولي محمد السادس (يوليو 1999)، حيث أصبحت غدت تدخلات الشرطة والدرك بالفعل أكثر مرونة، مما أفاد المزارعين وكذلك السياح، الذين يتنقلون في جميع أنحاء المنطقة بسلام.
يمكن تفسير تخصص الريف في إنتاج القنب والممارسات غير المشروعة تاريخيا بحقيقة أن أنشطة التهريب تشكل هنا واقعا تقاس ديمومته بالقرون. تبلورت عمليات التهريب من سبتة ومليلية، المدينتين اللتين تحتلهما إسبانيا والواقعتين على الساحل المغربي للبحر الأبيض المتوسط، عندما انفتح المغرب، خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، على التجارة الأوروبية وتحولت المباني القديمة، والزنازن العقابية إلى مستودعات تجارية.
في فجر القرن العشرين، كانت سبتة ومليلية والجزر المجاورة لهما بالفعل في قلب تجارة مكثفة للأسلحة وذخائر الحرب ساهمت بقوة في ما سمي بـ "الفوضى المغربية"، ما منح الإسبان ذريعة لفرض الحماية.
القضية الوحيدة المهمة للغاية التي تم الكشف عنها حتى الآن هي نتيجة للصدفة وليس لفعالية مصالح الأمن المغربية. تم إلقاء ستة أطنان من الكوكايين الخالص ملفوفة في أكياس مقاومة للماء في البحر في الفترة ما بين 23 و 30 يونيو 1997. وقد تم نقل المخدرات الواردة من لاس بالماس (جزر الكناري) على متن سفينة كولومبية مجهولة الهوية، من الجديدة والدار البيضاء من قبل طاقم سفينة لم تتمكن من الوصول إلى السواحل الإسبانية أو البرتغالية، وجهتها النهائية، بسبب عطل في المحرك. كانت الجهات الراعية كلها من الإسبان، وسيتم القبض على أحدهم في غاليتش.
هذا النوع من الشبكات، على الرغم من حملة التطهير التي أطلقتها السلطات في عام 1996، لا يزال يتمتع بالحماية السياسية. هناك حالة تعود إلى نهاية عام 2000 تميل إلى تأكيد ذلك. منعت ثلاث صحف مغربية نهائيا لنشرها رسالة تتهم حزب الاتحاد الاشتراكي الذي كان يتزعمه رئيس الوزراء عبد الرحمن اليوسفي بالتورط في محاولة اغتيال الحسن الثاني عام 1972.
من بين هذه المنشورات الثلاثة، اكتفت صحيفة "Demain" الأسبوعية بنشر تعليق على الرسالة دون إعادة نشرها. انفردت "le courrier international" بنشر مقال لرئيس تحرير صحيفة "Demain"، جاء فيه أن سبب حظر الصحيفة ربما كان سببه في الواقع تقديم "معلومات تهريب المخدرات التي كانت المجلة تقطرها خلال الأسابيع القليلة الماضية".
بالنسبة لمؤلف المقال، علي المرابط، المدير السابق لـ"Demain"، بدأت الحكاية كلها يوم رابع أكتوبر 2000 باعتقال في إسبانيا لمهرب مغربي مهم، اسمه رشيد وحيد التمسماني، في قضية تعلقت بكمية من الكوكايين تزن 15 كيلوغراما، و24 طناً من مشتقات القنب الهندي، وكمية من الحبوب المهلوسة ومبلغ كبير من المال.
من بين أعضاء الشبكة تم اعتقال إيطاليين وبريطانيين وهولنديين. تمكن التمسماني، وهو رجل أعمال ثري من تطوان، ورئيس نادي كرة القدم المحلي، من الفرار من البلاد في عام 1996، خلال حملة التطهير. كان زعيم العصابة المعتقل مقربا من الحاج المديوري رئيس الأمن الملكي للحسن الثاني ورئيس الاتحاد الملكي المغربي لألعاب القوى. كان المديوري هو الشخص الذي عيّن التمسماني رئيساً لرابطة ألعاب القوى الشمالية وزينه قبل أشهر قليلة من رحلته.
ووفقا للمقال أيضا، فإن التمسماني، الذي وشى به مهرب سابق من مدينة العرائش للمخابرات الإسبانية. عقد اتفاقا مع الشرطة الأيبيرية: مقابل إخلاء سبيله، قدم طائفة من المعلومات عن الشبكات العاملة بين المغرب وإسبانيا. كانت إفاداته مصدر تقرير مفصل للغاية أعدته مصالح المخابرات الإسبانية حول تواطؤ "رفيع المستوى" للزعيم المغربي الذي وتم تلخيصه للصحافة. كما شرح "la source de Larache" كيف يمكن لقاضي تطوان أن يُبرئ الرجال المدانين قضائياً.
ودعما لتصريحاته، استشهد بقضية نور الدين بن عزوز، الملقب بالحياتي، والمحكوم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات، والذي، رغم أنه حُكم عليه بالفعل بنفس العقوبة في عام 1996، تمكن من الهروب إلى مدينة سبتة، وعاد إلى بلاده دون أن يمر عبر شرطة الحدود وتمت تبرئته بعد أيام قليلة. ستستخدم "الشخصيات" الأخرى، التي وردت أسماؤها في مقالات Demain، نفس القناة. "اكتشاف هذه الأخيرة - الذي جر على مدير Demain تهديدات بالقتل صادرة عن الحياتي - وكذلك نشر بعض المعلومات التي توضح، مثلا، كيف يمكن تحميل ونقل المخدرات من جبال الريف إلى المستودع القريب من الساحل والإبحار بها مِنْ ثَمَّ إلى إسبانيا، كان لهما مفعول قنبلة في دوائر الشرطة والقضاء في مدينة تطوان ... كشفت Demain أن السيارة التي رافقت المخدرات من جسر مدخل تطوان إلى المستودع كانت من نوع ميتسوبيشي محسوبة على جهاز الشرطة.
لتغيير الأمور، شن الحسن الثاني مرتين هجمات ضد المخدرات التي تحولت إلى ستائر دخان. في الانتخابات البلدية في أكتوبر 1992، ترشح العديد من المُتاجِرين في المخدرات لشغل مناصب في المنطقة الشمالية من أجل الحصول على غطاء قانوني للقيام بأنشطتهم. كان من المرجح أن ينضم العديد منهم إلى الغرفة الثانية، حيث يتم تعيين ثلث الناخبين من طرف الناخبين الكبار الذين أفرزتهم الانتخابات المحلية. لكن القلق انتاب أعضاء البرجوازية التقليدية في فاس والدار البيضاء من هذه المنافسة، ثم مارسوا الضغط على الملك ليتدخل.
في خريف عام 1992، أعلن الحسن الثاني "الحرب على المتاجرين في المخدرات"، فأرسل 5000 جندي لمراقبة ساحل الأقاليم الشمالية، وطرد العديد من الموظفين (من عمال الأقاليم إلى عمداء الشرطة)، وقبل كل شيء، ألغى لائحة انتخابية تضم 400 مرشحا يتاجر في المخدرات. بحلول نهاية النصف الأول من عام 1993، تم القضاء على عدة آلاف من الهكتارات المزروعة بالكيفاد وضبط 30 طنا من الحشيش.
لكن في صيف عام 1993، هدأت الحملة وأظهرت العديد من الشهادات أنها هاجمت صغار المهربين وليس الجهات الراعية وأباطرة المخدرات الحقيقيين وحماتهم على مستوى السلطات والسياسيين الذين غالبا ما يكونون قريبين من القصر.
في مثل هذا السياق، يصعب على ضباط الشرطة الشرفاء القيام بعملهم. وفي عام 1994 كذلك، لاحظنا عودة الشخصيات المحظورة إلى الساحة السياسية في طنجة خلال السنة السابقة أو التي استجوبتها الحكومة. عندها سيتسبب النشر العرضي لتقرير OGD السري في فضيحة، ما اجبر السلطات المغربية على "حملة تطهير" ثانية.
منذ السبعينيات، اتخذت ظاهرة التهريب بعدا جديدا. فبعدما كانت محصورة محليا، أصبحت ظاهرة التهريب معطى جهويا وحتى وطنيا، لأنه وصل إلى أبعد المدن في البلاد ووفر العمل لعشرات الآلاف من اليد العاملة. هذا النشاط غير القانوني تغذيه إسبانيا عن عمد؛ لأن المنتجات (من المنظفات إلى زيت المائدة، بما في ذلك الجبن ومبيدات الحشرات) التي تم إدخالها إلى المغرب عبر الجيوب المحتلة مصممة خصيصا لهذا الغرض، ولا تباع على التراب الإسباني.
وبحسب الحكومة المغربية التي تتغاضى عن ذلك، فقد مثل التهريب رقم معاملات سنوي قدره 3000 مليون دولار في نهاية التسعينيات، وبلغت الخسائر التي تكبدها الاقتصاد الوطني نحو 1350 مليون دولار. هذه الظاهرة لا تعيق فقط تطوير الصناعة التحويلية في البلاد، ولكنها عملت بشكل دائم على تنشيط الشبكات والبنية التحتية للاقتصاد غير المهيكل الذي استفاد منه الاتجار غير المشروع في المخدرات بشكل طبيعي.
من الناحية التخطيطية، يعمل نقل المخدرات على تحسين الاستثمارات في الرجال ووسائل نقل الممنوعات التقليدية، التي تأتي تدفقاتها من الجيوب المغربية المحتلة من قبل الإسبان إلى المناطق الداخلية للمغرب، بينما يتم تداول المخدرات من الداخل إلى إسبانيا.
ضباط الجمارك وضباط الشرطة والدرك وغيرهم من ممثلي السلطة، الذين اعتادوا على "إغماض العين" عن نقل البضائع إلى وجهة ما، ليس لديهم أي مخاوف كبيرة، يتلقون البقشيش، لكي لا يفتحوها على المخدرات المنقولة في الاتجاه المعاكس.
تقدر مساحة منطقة شمال المغرب حيث تتركز زراعة القنب بحوالي 20.000 كيلومتر مربع، أو 2.7٪ من مساحة البلاد. تمتد عبر أقاليم الحسيمة وشفشاون والعرائش وتونات وتطوان، وتخترقها من الشرق إلى الغرب سلسلة جبال الريف التي ترتفع على أبعد تقدير إلى 2456 مترا.
كثافة سكان الريف (124 نسمة لكل كيلومتر مربع، في بعض البلدات، ما يقرب من 150 نسمة لكل كيلومتر مربع) أعلى بثلاث مرات من المتوسط ​​الوطني. وهذا على الرغم من حقيقة أن المنطقة كانت، في السنوات المحصورة بين 1960-1970، المنطقة الرئيسية للهجرة إلى أوروبا. لكن معدل النمو بلغ 2.19٪ سنويا، اعتبارا ​​لكل أسرة مكونة من سبعة أطفال في المتوسط، ونصف السكان دون سن 15 عاما.
انطلاقا من بعض جماعات في الريف الأوسط حيث كان يُزرع القنب لعدة قرون، انتشرت المحاصيل غير المشروعة على مدار العشرين عاما الماضية، باتجاه الغرب، في إقليمي شفشاون والعرائش، ثم اكتسحت شمالا إقليم تطوان وجنوبا إقليم تاونات.
اعتاد إدريس البصري، وزير الداخلية القوي في عهد الحسن الثاني والذي تم عزله من قبل الملك محمد السادس، الظهور على شاشة التلفزيون في فبراير من كل سنة، الوقت الذي يزرع فيه القنب الهندي، لحث الفلاحين على عدم زرعه تحت طائلة العقوبات. على الرغم من أن هذه التهديدات تذهب أدراج الرياح إلى حد كبير، إلا أن صمت خليفته أعطى الفلاحين انطباعا بأن زراعة الكيف مسموح بها الآن.
ازدادت المساحات المزروعة بالكيف تدريجياً من 30000 هكتار في الثمانينيات إلى أكثر من 100000 هكتار في أوائل القرن الحادي والعشرين. تظهر الأرقام التي حصل عليها مكتب مكافحة المخدرات والجريمة في عام 2003 ، من خلال الجمع بين عمليات المراقبة عبر الأقمار الصناعية والمسح الميداني، أن 134000 هكتار - وهي واحدة من أكبر مناطق الزراعة غير المشروعة التي لوحظت على الإطلاق في بلد واحد - لإنتاج 47000 طن من الحشيش الخام، أو 3080 طنا من الحشيش الخالص، والتي ينبغي أن يضاف إليها إنتاج حوالي خمسة عشر ألف هكتار في المناطق الواقعة إلى الشرق والغرب من الريف غير الخاضعة للمراقبة المباشرة.
هذه الأرقام، التي تتزامن مع البيانات التي تشير إلى نمو مطرد في المحاصيل غير المشروعة على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، تتناقض مع تأكيدات الدبلوماسيين المغاربة الذين يدعون من خلالها، في المحافل الدولية، بأن محاصيل القنب لا تتجاوز مساحتها المزروعة 50000 هكتار.
بينما يقول عدد قليل جدا من المزارعين الأمازيغ إنهم لا يزرعون الكيف لأن القرآن حرم استهلاكه، ويمكن وصف إنتاجه واستخدامه بأنه "تقليدي" بين السكان. ما زال مدخنو الكيف يحجون إلى قبر سيدي هدي، شفيعهم، الذي يُقال إنه أول من جلب البذور من آسيا.
وعلى الرغم من أن سكرات القنب الهندي كانت منذ فترة طويلة من اختصاص المتصوفة وأن "عشب الفقرا" لا يزال موجودا في قلب طقوس دينية معينة، أصبح تدخين الكيف شائعا بشكل متزايد في القرن التاسع عشر بين العديد من السكان المحليين.
واليوم، إذا تم تدخين الكيف بطريقة تقليدية من قبل الرجال مع كأس شاي منعنع، فيتم تناوله أيضا مع العائلة في المناسبات الكبرى.
يستخدم مسحوق القنب أيضا في تحضير "المعجون"، وهي معجنات مخصصة لوجبات الأعياد، ولا تزال تحظى بشعبية كبيرة في جميع أنحاء المغرب.
يغطي القنب 10٪ من المساحة الإجمالية للاقاليما لخمس المعنية و27٪ من المساحة الزراعية المفيدة د، ولكن فقط 1.5٪ من المساحة الزراعية المفيدة للمغرب؛ تقوم حوالي 96600 أسرة ريفية، تمثل حوالي 800000 شخص (2.5٪ من سكان المغرب في عام 2002)، أي أقل بقليل من نصف سكان الإقليم، بزراعتها. تنتج مزارع القنب سبع أو ثماني مرات أكثر من تلك المخصصة للحبوب، مثل الشعير ، عندما لا تُسقى الأرض (88٪ من الحالات) ، و 12 إلى 16 مرة أكثر عندما تكون مسقية (12٪ من الحالات).
هذا، وقد حقق حصاد القنب في عام 2003 دخلاً إجمالياً قدره 214 مليون دولار، أو متوسط ​​الدخل السنوي لكل أسرة حوالي 2200 دولار. إذا أخذنا في الاعتبار مصادر الدخل الأخرى لمزارعي القنب، فإن هذا يعادل في المتوسط ​󈑿 ٪ من إجمالي الدخل السنوي لمزارعي القنب (4351 دولارًا)، وهو رقم يمكن مقارنته بمتوسط ​​دخل 1.5 مليون فلاح لا يزرعون الكيف.
تظهر هذه الأرقام بوضوح أن منطقة الريف هي واحدة من أفقر مناطق البلاد وأن زراعة القنب فقط هي التي توفر للمزارعين دخلا يعادل دخل المزارع العادي في البلاد ككل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم


.. على رأسها أمريكا.. 18 دولة تدعو للإفراج الفوري عن جميع المحت




.. مستوطنون يقتحمون موقعا أثريا ببلدة سبسطية في مدينة نابلس


.. مراسل الجزيرة: معارك ضارية بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال




.. بعد استقالة -غريط- بسبب تصدير الأسلحة لإسرائيل.. باتيل: نواص