الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نتائج الهجرة المدنية اليهودية على إسرائيل

محمد الحاج ابراهيم

2006 / 7 / 30
مواضيع وابحاث سياسية



لأول مرة يواجه المستوطن اليهودي تهديداً مباشراً وبعمق ،فقد اعتاد على نمط معين من النصر في كل معارك إسرائيل مع العرب،وبالتالي فقد كان مُطمئناً من حيث الاستقرار والاستثمار،لكن حين يتم تهديده في عمق المستوطنات من سكن وعمل ومنشآت، سيُعيد النظر في وجوده ومصلحته التي صارت مُهدّدة نتيجة القوة التي أفرزها الواقع الجديد كرد على هزيمة الأمة عبر خمسين عاما على هذا الصراع.
ولأول مرة على وجود الاحتلال الصهيوني تتوقف الحياة الاقتصادية والاجتماعية في فلسطين المحتلة إثر القصف اليومي لأهداف يتم اختيارها بدقة تجعل من رواد الملاهي والحدائق ومواقع الاستجمام وأماكن الترفيه ينامون في الملاجئ،وعلى ذلك تتكون رؤية جديدة لدى المستوطن والمستثمر اليهوديين بظل قصور القدرة الإسرائيلية على حماية منشآتها ومستوطنيها من هذا القصف،ويؤكد ذلك توجه العديد من المستوطنين لسفارات دول القدوم للعودة إلى البلدان التي قدموا منها/ بدأت 20.000مستوطن في حيفا لدى وصول أول دفعة من صواريخ المقاومة ،ووصل العدد أخيراً إلى 200.000مستوطن/.
شريحة من المجتمع اليهودي وتحديداً حاملي العقيدة الدينية، يُضاف لهم حاملي المشروع السياسي الصهيوني، هؤلاء يمكن أن يبقوا بظل هذا الشكل من الصراع/نتيجة ذهنية البقاء في أرض الميعاد الدينية والسياسية/الذي صار يُهدّد أمن المجتمع بأكمله فتتم الهجرة المعاكسة التي يغلب عليها الطابع المدني ورجال الأعمال اليهود وغير اليهود الذين قدموا للاستثمارات وعلى ذلك يُطرح السؤال التالي:
في حال صارت الهجرة المُعاكسة هل يعود المجتمع الإسرائيلي لبدايات تشكّله أي لعسكرة المجتمع من جديد؟.
بالتأكيد إن احتمال العودة للعسكرة المجتمعية واردة طالما أن الأصولية اليهودية هي الحاكمة وصاحبة المشروع الاستيطاني لهذا المجتمع، وهي التي تبنّت تحقيق الأمان والاستقرار لمستوطنيهم الذين تم جلبهم من بلدان العالم حين حققوا الأمان لهم قبل تشكّل المقاومة العربية وتتويجها بالمقاومة اللبنانية،لكن بعد تحقيق التوازن العسكري بين المقاومة اللبنانية والجيش الصهيوني/رغم كل ما يقال/الذي حققه حزب الله لن يتمكن التيار الديني اليهودي من المتابعة في مشروعه المُهدّد ميدانيا، وذلك بنسفه في العمق/على طريقة الشيخ الذي كان يكتب (أحجيات) للناس لتقيهم من الكوليرا من ثم مات بنفس المرض/أي أن رجال الدين اليهودي ليسوا بمنأى عن هجمات صواريخ حزب الله وهم مُهدّدون كما مُستوطنيهم،وهم أكثر إدراكاً لموضوع الاغتصاب التاريخي الذي تم لفلسطين ولحجم التدمير الذي فعلوه للبنية التحتية الفلسطينية أثناء تنفيذ عملية الاحتلال وبعده الاستيطان عام 1948م،وهم أكثر إدراكاً للجريمة التي تم على إثرها تشريد شعب من أراضيه وبيوته ومدنه وقراه ومن ثم طرده خارج دياره.
ستعود إسرائيل وبدعم من الدول التي قامت بإنشائها للعسكرة، لأنه لن يكون لهم خيار آخر بعد أن تمكن فصيل من العرب على التوازن الفعلي الاستراتيجي العسكري القائم على الإنتاج، دون أن تتدخل الشركات الصانعة بسياسة هذا الفصيل كما كان يحدث للبلدان العربية، وخاصة أثناء الحروب التي كانت تدور مع إسرائيل،وسيكون اليهود ضحية مشاريع أسلافهم الذين كانو سبب وجودهم في هذه الديار التي تلفظهم والذين لم يتمكنوا من الاندماج بها بحكم ثقافة الانغلاق التي تمتعوا بها.
في حال عاد المجتمع الإسرائيلي للعسكرة بظل التوازن مع القوى الجديدة في المنطقة، التي حققتها المقاومة اللبنانية لأول مرة بتاريخنا، ستعود ثقافة حرب الوجود للعودة من جديد، وستفشل نهائيا كل مشاريع التفاوض بالشروط الإسرائيلية،وسيفشل دعاة التطبيع والحلول الخارجية للمنطقة، وبالتالي لا أدري ما سيكون عليه كامب ديفيد، ووادي العربة، وهرولات بعض الأعراب تجاه إسرائيل حين تم الترويج من خلفية مُحبطة لهذا الاتجاه.
ما أصبح جلياً اليوم أن المنطقة تمضي نحو الصراع العسكري المتوازن بين الاحتلال وداعميه، وبين الرافضين له مع المنظمات التي تتبنى مشروع التحرير،لذلك سيتحرر المجتمع الإسرائيلي من مدنييه، ومُستثمريه، وسيعود للعسكرة حتى في الإنشاء المدني، وتعود المنطقة للمربع الأول الذي لا يستطيع أحد أيا كان تقدير نتائجه بظل توازن عسكري يحدث للمرة الأولى بتاريخ هذا الصراع.
ثقافة حرب الوجود العربية سيتوفر لها المناخ الملائم للبروز من جديد بعد كل المشاريع السياسية التي غرقت بها المنطقة، وذلك على قاعدة من التفاوض غير المتكافئ، والتي لم تتقدّم على الإطلاق بنحو يخدم العرب خدمة متوازنة، وسيكون لعودة هذه الثقافة الأثر الأكبر في هذا الصراع الدامي الجديد،وهو ماعبّر عنه شيمون بيريز الذي لم تُفارقه هذه الثقافة منذ إنشاء الكيان الصهيوني رغم انخراطه في العديد من المفاوضات مع العرب.
حرب الوجود العربية عززها الموقف الغربي من الصراع عندما تبنى نزع سلاح حزب الله والإبقاء على سلاح إسرائيل بما فيه السلاح النووي الذي يُهدّد أمن المنطقة بأكملها وهذا كاف لجر منطقتنا إلى حال لا يعرف نتائجها أحد.
الأمم المتحدة لم يعد لها أي دور عالمي طالما لم تتمكن من إدانة إسرائيل في قتل جنودها نتيجة الموقف الأمريكي الرافض لهذه الإدانة،فإن لم تتمكن من هذا..! كيف لها أن تتمكن من الدفاع عن الشعوب المظلومة في بقاع الأرض، لذلك يمكن أن يكون العالم قد دخل في العصر الأمريكي الذي يأخذه باتجاه العنف اللامحدود ومنطقتنا معنية أكثر بهذا العصر ولاندري بأي اتجاه سيسير العالم؟!.
ملاحظة أخيرة حول البنية النفسية والاجتماعية للمقاومة التي تواجه إسرائيل ومن ورائها أمريكا اليوم، أن هذه المقاومة تفتخر بكل شهيد لها وتزداد قوتها كلما زاد عدد الشهداء، وذلك عكس كل الجيوش التي تخفي ضحاياها حرصاً على الوضع النفسي للمقاتل من الإحباط،أي أن هذه المقاومة لا تحبطها أعداد الشهداء بل يزيدها ذلك إصرارا ً وقوة ، وهذا شكل جديد من المقاومين بالمعنى النفسي والذهني على إسرائيل، بينما يقع الجيش الإسرائيلي بحالة من الإحباط لدى ارتفاع عدد القتلى، وهو ما حدث له في معركة مارون الراس التي خسر بها العديد من جنوده وآلياته ودباباته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح