الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أباطِرة الاقتصاد وإدارة الدولة

ازهر عبدالله طوالبه

2021 / 3 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


‏مِن خلالِ تحالُف السُّلطة معهم، فقد تمكَّن أباطِرَة الاقتصاد وزُعماء رأس المال في الأُردُن مِن معرِفة خفايا سياسيّة كثيرة، لا يعرِف بها مَن هو رُكنٌ مِن أركانِ الدّولة ؛ الشّعب .

وقَد مكّنتُهم معرِفة هذه الخفايا من أن يُصبحوا حجر الأساس لوضع الخِطط السياسيّة والاقتصاديّة التي ‏لا تُرسَم إلّا بناءً على مصالحهم وليسَ بناءً على مصالِح الوطن، الذي كانوا سببًا في إفقارهِ، و وضعه بينَ فكّي كمّاشة، فكُّ يعَرف ب" فكّ الخصخصة" والآخر ب " فكّ الصناديق السياديّة " . إذ كانَ ذلك تحتَ حُجّة أنّ العالَم، اليوم، يُدار بالمال، وأنّ أصحاب المال وجهابِذة الرؤى الاقتصاديّة ‏هُم الأقدَر والأجدَر بقيادةِ الأوطان .

لكن، وبسببِ ما خلّفهُ هؤلاء الجهابِذة مِن إخفاقات اقتصاديّة انعكسَت على الواقِع السياسيّ، فقد تبيّنَ أنَّ هذه الإدارة هي إدارة غير صادِقة، بل غير مؤهلَة للدخول في عوالِم إدارة وقيادَة الأوطان، وممّا يؤكِّد على ذلك، أنّ كُلّ أؤلئكَ الذين ‏تقلّدوا مناصِب سياسيّة حسّاسة في الدّولة، لَم ينجحوا إلّا في إثباتِ فشلهم، وإثبات كُلّ ما يُقال في الجلسات غيرالرسميّة حول أنّ هذه الإدارات قائمة على افتعالِ الأزمات، وفي أفضَل الأحوال إلى ترحيلها -هذا إن اتّفقنا على أنّهُم لم يخلقوها-، فما مِن هدفٍ لديهم إلّا إنهاك الدّولة وإحكام ‏القبضة على الشّعب خشيةً مِن أيّ تغيُّراتٍ تطرأ على السّاحة .

ولذا، نقولُ دائمًا، أنّ ما من شيءٍ أفقدَ الأردُن هيبتهُ ودعائمه الاقتصاديّة، وجرَّده مِن دوره السياسيّ على مُستوى الإقليم - على أقلّ تقدير-، وجعلهُ مرتعًا لكُلّ من هبَّ ودبَّ ؛ سوى هذه الثُلة النّجسة، والتي تدّعي أنها ‏لا تتحرَّك إلّا بما يتوافق مع مصالح الوطَن والمواطن .

هؤلاء اليوم، لَم يعُد بمقدرة أيّ رادعٍ أن يردعهم عن تدخُّلاتهم في جسمِ الدّولة ؛ إلّا في حالةٍ واحدة، وهي أن يتوحَّد الشّعب تحتَ مظلّةٍ واحدة . فللأسف، فهُم يبترونَ مِن أعضاء هذا الجِسم ما وكيفما أرادوا، ويزرعونَ فيه مِن الأعضاء ما أرادوا، فبفضّلِ علاقاتهم الأُخطبوطيّة وتغلّغُلهم في داخلِ ‏مراكزِ صُنع القرار، قَد أصبحوا يُسيطرون على حقليّ السّياسة والاقتصاد بما فيهما مِن خيرات، وقَد أكلوا، وما زالوا يأكلون الأخضر واليابِس في سبيلِ بقائهم وسيطرتهم على الدّولة وكافّة أركانها .

فهُم لا يرونَ إلّا أنفُسهم، ولا يُدافعونَ إلّا عن مصالحهم ومناصبهم التنفيعيّة، ولا غايةَ لهُم سوى أن تتمدَّد سُلالتهم، وأن يفّرشوا أرضَ الوطن بقنابلٍ اقتصاديّة وسياسيّة، تنفَجر إن لَم يمتكّنوا مِن تحقيقِ غاياتهم .

لكن، ومن جانبٍ آخر..فعلى الرّغم مِن انتشارهم في كُلّ مؤسسات الدولة، وخنقهم لسُلطاتها الثّلاث، إلّا أنّهُم ما زالوا لا يُدركونَ أنّ سُلطتهم هذه ليست إلّا وليدَة تعريف ساذِج لمفهوم القوّة والسّيطرة ؛ فالقوّة عندهُم مُتخلّخِلة الأركان، ومُتضعضِعة الفِكر، ورجعيّة المبدأ، وكُلّ هذا، حتى وإن بقيَ لفترةٍ ليست بالقصيرة، إلّا أنّهُ يُدلِّل ويُشير، بل يؤكِّد، في أحيانٍ كثيرة، على أنّهُم يقبعونَ وراء جُدرانٍ مُتصدِّعة، توهمهم بأنّهُم يمتلكونَ القوّة، وأنّ ما مِن شيءٍ لديهِ المقدِرة على هزيمتهم .

هُم يشّربونَ مِن نخبِ الوطن، ويتجوّلونَ في أزقّتهِ في وقتٍ تنّحني فيه سنابِل القمِح حُزنًا على الحال الذي أصبحَ الوطن عليه بسبب رعونتهم وتجلُّفهم بالقيادة، وتجاهُلهم لكُلّ أبناء الوطن، لكنّهُم يتناسونَ أنّ هذا الشّعب وبسببِ ما مورِس عليه مِن ضغوطاتٍ سياسيّة واقتصاديّة، سيعمَل على تكثيفِ جهوده مِن أجلِ الحصول على طريقةٍ تُخلِّصهُ مِن هذه الثُلّة النّجِسة، وأنّهَ قَد أدركَ حقيقة بقاء هؤلاء على سُدّة القيادة، بعد أن كشفَ زيّف تسويقهم لحُكمهم وأزالَ السّتار عَن خُرافاتهم، وعرّاها للجميع، و وصلَ إلى قناعةٍ أفضَت إلى تصديقٍ جازِم، بأنّه ما عادَ في مخزونِه - أي الشّعب- القُبول بهذا الحال الذي يصُب في صالحِ طبقةٍ على أُخرى، وأنّهُ ما عادَ هُناك أي مجال للاستسلام لهذه الثُلّة تحت أيّ ثمنٍ كان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قتلة مخدّرون أم حراس للعدالة؟.. الحشاشين وأسرار أول تنظيم لل


.. وكالة رويترز: قطر تدرس مستقبل المكتب السياسي لحركة حماس في أ




.. أوكرانيا تستهدف القرم.. كيف غيّرت الصواريخ معادلة الحرب؟| #ا


.. وصول وفدين من حماس وقطر إلى القاهرة سعيا لاستكمال المفاوضات




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - وفد من حماس يصل إلى القاهرة لاستكم