الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رغم عدالة قضيته. لماذا أشاح الغرب بوجهه عن لبنان؟

فالح الحمراني

2006 / 7 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


لقد كان لبنان دوما مرتع الديمقراطية العربية ومنبع الحداثة، من هناك تجسدت تيارات التجديد في الأفكار السياسية والثقافية، وكان بالفعل منبر من لامنبر له. لبنان ورغم الطابع الطائفي المؤسف الذي اتشحت فيه العملية السياسية والاجتماعية وأسست لقصورها وخمودها فيه، كان الحلم الذي تطلعت له اجيال عربية، كان النور والأفق الذي أشعل الطموح لبلوغه. لبنان كان البديل لأنظمة الاستبداد ورفض الآخر ففيه تعايشت الطوائف والأديان. ولكن ثمة من وجد إن هذا كثير على لبنان أو انه خطر مهدد يجب القضاء على التجربة الريادية هناك،وتحقق لحد الآن جزء كبير من السيناريو. لكن لبنان كان الأقرب إلى منحى ذهنية الحضارة الغربية او الجسر الموصل بين عالمنا العربي والغرب، لبنان يحمل الكثير من العناصر الإيجابية في حضارة الغرب. وكان الغرب يهب دائما لنجدة لبنان في الملمات وفي المراحل الصعبة. ولكننا نرى اليوم ان الغرب أشاح بوجهه عن لبنان. لماذا؟.
يستغرب الكثيرون اليوم من صمت الرأي العام خاصة في الغرب على العدوان المفتوح الذي تواصله اسرائيل على لبنان. وهذا الموقف ظاهرة جديدة حقا. الراي العام في الغرب يظل بعمومة لامباليا ومحاديا حيال ما يجري في لبنان ،رغم مشاهد الدمار والتشريد والقتل والنزوح الجماعي وصور الاطفال التي شوهت نيران الحرب وجوههم والامهات المولولات، رغم كل هذه المشاهد المفزعة المهولة التي عادة ما كانت تقض مضاجع الضمير الغربي. وفي ذاكراتنا مازالت حية المسيرات الجماهيرية الكبرى في شوارع باريس وروما وستوكهولم واسلو وغيرها التي راح خلالها الملاين من الأوربيين يعربون عن مشاعر التضامن مع شعوب الدول التي تتعرض لعدوان غير عادل وتشجبه. اليوم لم نسمع ولم نر مثل ذلك او على الاقل بذلك الحجم. حتى انه في باريس وفي موسكو صديقتا بيروت، سول البعض لنفسه دعم عدوان اسرائيل على شعب لبنان.
ان القضية تكمن في ان حزب إسلامي أي حزب الله هو الذي يقود المقاومة للاحتلال ورغم انه يطرح مطالب لاغبار على مشروعيتها. ان الراي العام الغربي وفي غيره من بقاع الارض وحتى في دول عربية واسلامية لايمكن ان يمنح دعمه لحزب يرفع الشعار الاسلامي لتحقيق اهداف سياسية او قل دنيوية. والكلام هنا لايدور عن مدى صحة موقف وشعارات حزب الله، وانما عن محاولة لتقصي حقيقة. ان الراي العام في اوروبا وليس بأوروبا وحدها، يتحفظ على المنظمات التي ترفع الشعار الاسلامي والديني عموما، ويحتفظ في ذاكرته ابشع الصور والممارسات عن ممارسات أحزاب تتحرك وراء شعار الإسلام. وهو
لا يفرق بين حزب معتدل او متحضر او اكثر تبصرا او اخر ارهابي طائفي متعصب ضيق الافق ودموي فاشي. ان الاحزاب الاسلاموية هناك توضع في خانة واحدة، انها ارهابية. فهو يتذكر بسطوع وقوف الاحزاب التي ترفع الشعار الاسلامي وراء قطع رؤوس المهندسين البريطانيين في الشيشان، وشاهد بعينية الاعمال التي يندى لها جبين كل انسان سوي التي مارستها وتمارسها الاحزاب التي تدعي الاسلام بحق المختطفين الغربيين ومن جنسيات اخرى في العراق، واهدار دم الغريب بسهولة فائقة. والمواطن الغربي يتابع باستغراب العمليات الانتحارية حينما يحول انسان ما نفسة الى قنبلة تؤدي بحياة العشرات الناس الذين لايعرفهم ولم يرتبط بهم بعلاقة ما، املا بانه سيدخل جنته تعالى على جثثهم، وأيلام عوائلهم وابنائهم واقاربهم واصدقائهم.وما مارسه الطالبان واعتراف القاعدة وراء احداث الحادي من سبتمبر وتفجيرات مدريد ولندن وباريس وغيرها. لابد ان تقشعر ابدان الأسوياء الطبيعيين من هذه الممارسات الوحشية.ان الراي العام في الغرب لا يفرق بين حسن نصر الله او ابن لادن اوالظواهري او الزرقاوي اوشامل بساييف، ودون شك ان انطباعا تولد لدى الراي العام هناك بان المنظمات والاحزاب التي ترفع الشعار الاسلامي بما في ذلك حزب الله هي احزاب تتبنى الارهاب بابشع صوره( قطع الرؤوس واجزاء من البدن امام العيان، التمثيل بالبدن البشري، الاعمال الانتحارية، غياب الرحمة والرافة بعوائل المختطفين الذين لاصلة لهم بحكوماتهم) كوسيلة لتحقيق اهدافها السياسية. وكيف سيكون مثلا موقف المواطن الروسي العادي من تلك المنظمات التي قالت انها تهدف لاقامة دولة الخلافة الاسلامية في القوقاز وبهذا برتت تفجير المباني السكنية بسكانها ليلا! ووسائط النقل والمسارح ومدارس الاطفال وقطعت رؤوس الابرياء العاديين جدا، وان غالبية المنظمات ال 17 التي ادرجتها حكومته ضمن المنظمات الارهابية، هي منظمات تتبنى الشعار الاسلامي.هل يمكنه ان يعاضد حزب الله في حربه.انهم صنعوا من الله ( سبحانه وتعالى) كلمة مثيرة من للفزع!.
انها مفارقة. الراي العام الغربي الذي ظل دوما مستقلا عن موقف حكوماته والذي يضم التيارات اليسارية واليمنية، يشيح اليوم وجهه عن المجازر والدمار في الصديق لبنان، ولايريد ان يرفع صوت الاحتجاج، لانه لايريد ان يدافع عن حزب اسلامي، أي حزب الله.ومازالت طرية في ذاكرة اوساط الراي العام كيف تصرف المسلمون مع المؤسسات الغربية خلال ازمة الصور المسيئة للرسول الكريم( ص). حيث طال التدمير مؤسسات لا ناقة ولا جمل كما يقول العرب، فيها، بل بعضها منظمات انسانية ومدافعة عن حقوق الانسان.
ان كل هذا يبرهن مرة اخرى على ان لا تأخذ الحركة السياسية مهما كان نبل الهدف الذي تضعه امامها، طابع الحركة الدينية الاسلامية. وينبغي النأي بالدين الحنيف بعيدا عن السياسة، فلمسلم الحق يستطيع تادية كافة واجباته وعباداته امام خالقه دون ان يتدخل في الشان السياسي، دون ان يفرض دينه ونفسه ومذهبه على الاخر، فلا اكراه في الدين. والتاريخ العربي/الاسلامي يقول لنا ان السياسي دائما اساء للاسلام، وهاهو حزب الله يسئ، ربما بغير ارادة منه لقضية لبنانية / عربية شريفة كمقاومة الاحتلال واحقاق الحق وحرمانها من الدعم الدولي المطلوب، وبناء دولة لبنان المستقلة وذات السيادة. لقد ان الأوان لنهوض دولة القانون غير الدينية دولة تضمن حقوق كافة شرائح المجتمع، بهذا الدور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا


.. أوضاع إنسانية صعبة في قطاع غزة وسط استمرار عمليات النزوح




.. انتقادات من الجمهوريين في الكونغرس لإدانة ترامب في قضية - أم


.. كتائب القسام تنشر صورة جندي إسرائيلي قتل في كمين جباليا




.. دريد محاسنة: قناة السويس تمثل الخط الرئيسي للامتداد والتزويد