الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صدمة و صرخة

محمد عبد الحليم عليان
كاتب و مؤلف للقصة القصيرة

(Eng.mohamed Abdelhaleim Alyaan)

2021 / 4 / 2
الادب والفن


بينما أنا جالس فى حافلةالنقل الجماعي
توقفت الحافلة في إشارة المرور
نظرت بعيني نحو نافذة تلك السيارة الفارهة
الواقفة جواري  تفحصت السائق الجالس خلف مقودها يمد يده للخلف بالقداحة لتشعل سيجارا فاخرا بيد الجالس بالمقعد الخلفي
ما هذا
يا الله أذلك الرجل الذى ينفخ دخان السيجار هو نفسه الشيخ  الذي يطل علينا فى شاشات التلفاز و وسائل التواصل الاجتماعي يدعونا للتقشف و تقليل النفقات و الرضوخ للحاكم و تحمل الأوضاع السيئة حتى نتقدم للأمام و ينهرنا بشدة و يتهمنا بالتقصير و الإهمال و التواكل و تتعالى نبرة صوته مع أي مطالب فئوية صارخا الدولة (من أين ستلبي لكم الدولة)
ومن تلك الفاتنة التى تجلس جواره يفصلها بضعة سنتميترات و ملابسها تكشف أكثر مما تخفي من جسمها؟!!!
إنها تلك الفنانة الشابة الصاعدة
تلك التى قامت بدور فتاة الليل
فى فيلم العيد الأخير
  روعتني صدمتي فيه فقد إتبعته منذ
صعوده و إئتمرت بأوامره حتى أنني أقلعت عن التدخين بعدما أفتى بحرمانيته  كما أفتى  بضرورة تجنب الاختلاط
و حرمة الخلوة بالنساء  و الآن أراه يضرب
بكل كلامه عرض الشارع
إبتسمت إبتسامة حسرة و سخرية
المشوار طويل و أنا عائد منهك من العمل
غفوت و جدتني أرجع بذاكرتى لأيام الجامعة
و يتمثل أمامي زميلان
أحدهما من نفس عينة ذلك الشيخ
نصب من نفسه إماما لمسجد الجامعة  يدعي التضرع و الورع بينما يقول ما لا يفعل 
و يتملق الأساتذة و الدكاترة و المعيدين
و يتبصص سرا على الزميلات
يندس وسط أي مجموعة من الطلبة و الطالبات
ينصت لحديثهم و يستشف آراءهم و ينقلها حرفيا للمسئول الأمني بالجامعة
فيختفي منا من يختفي
و يرسب من يرسب
و هو لا يبالي
رضا الكبار غايته و طريقه للوصول
سمعت أنه شق طريقه بمباركة أمنية
بعد الجامعة و إنغمس فى نشاطات سياسية
و أحزاب مؤيدة و لمع لمعانا فائقا
و يخطو خطوات سريعة نحو كرسي البرلمان
أما زميلي الآخر فكان صاحب حلم و مبدأ
تجرع فى صدد التمسك بهما الكثير
كان يحلم بوطن حر وطن للجميع
لا يقصي فيه فصيل فصيل
وطن تحكمه واجبات و حقوق
يتساوى فيها الجميع الرئيس
و الوزير و الغني و الفقير
وطن الدين فيه قناعة و إختيار
لا خانة فى الهوية و فرض إجبار
وطن يتقدم بالعلم و العمل
و ليس بالعمالة و الخسة والمحسوبية
وطن يضع فيه أهل العلم و التخصص
و الرؤية
خططا خمسية و عشرية
و حتى خمسينية
وطن لا تدار مقدراته بالأهواء الشخصية
إتهموه بالعمالة و الخيانة
بالجنون و المجون
قالوا مهرطق زنديق
خائن للوطن عميل
إعتقلوه
وأدوا حلمه و دفنوه
بعد الجامعة بسنوات شاهدته
يفترش أحد الأرصفة يبيع الكتب
عيناه شاردة شرود المطارد
و لثيابه الرثة تظنه معتوه او مجنون 
لكنه لا زال يؤمن بحلمه
لا زال قلبه ينبض بحب هذا الوطن
و لا زال داخله يحيا الأمل
رن بأذنى صوت السائق أيقظ غفوتي
يعلن إقترابنا من المحطة الأخيرة
هممت بالنهوض استعدادا للنزول
و لسان حالي يقول لن أسلم عقلي
لدعاة الزيف ممن يتشدقون بما لا يأتون
سأنصت لعقلي وأستفتي قلبي
و أدعهم فى غيهم يعمهون








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟