الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من وحى طابور المساجين ..

حمدى عبد العزيز

2021 / 4 / 3
الادب والفن


لاأعرف لماذا يلح علي ويدفعني في هذا الوقت بالذات للتطلع لهذا العمل الموحي البديع والمتماهي مع مانعيش تحت وطأته في عالمنا الذي أصبح ممتلإً بالإحتباسات والعزلة التي فرضها تفشي وباء الكرونا في العالم ، لتزيد الكمامات الطبية التي نرتديها من عمق كمامات السياسية ، وتعمق سجون العزلة الإحترازية من الإحساس بوطأة السجون السياسية وسجون الرأي والتعبير المدني الإنساني ..
كلها أسباب تدفع إلي الوقوف أمام عمل فان جوخ الرائع و الانجذاب بمانمتلك من بصائر نحو عناصره التعبيرية البليغة ..
ضخامة وارتفاع لانهائي لجدران السجن من الداخل بتفاصيلها البارزة وبقوالب حجارتها المكونة لها ، تنوعات تتنقل بينها البصيرة مابين ألوان تعبر عن الحزن ، وألوان تعبر عن ألم العزلة ، وألوان تعبر عن تلك الظلال الخضراء التي تغطي رطوبة الجدران القاسية ..
هذه الجدران العالية الموحشة تتعامد علي أرض يبدو بلاطها في منتهي الخشونة والصلابة والقسوة ،
وتحيط بنزلاء السجن الذين يوحد بينهم شحوب الوجوه وشحوب ألوان الملابس ، وجوه المطرقة في الأرض وأخري ترنو بأعينها نحو النوافذ وهم يمضون في طابورهم الذي يأخذ شكل دائرة تدور تحت أعين السجانين الذين يقفون خارجها يتابعون معاينة واستعراض طابور نزلاء السجن ..
أربع نوافذ تبدو في ارتفاعها عن الأرض كأسئلة مشرعة علي الجدران واقرب إلي ذلك من أن تؤدي وظيفة النوافذ الجالبة للحد الأدني من الهواء .
، كل ألوان اللوحة تفصح بشحوبها كالوجوه ، شحيحة كهواء المكان.
، لاحظوا عبقرية فان جوخ عندما جعل اللون الأخضر الشاحب (لون رطابة الحوائط ودليل تعفن حجارتها) هو المهيمن علي حجارة الجدران (علي يسار الناظر للوحة) ، بينما تظهر تدرجات البني مع بعض التدرجات الصفراء والبرتقالية ثم الإرجوانية الشاحبة التي تشهد علي مقتل حرارة وانقضاء بقايا آثارها في المكان في ذلك الجدار الذي يحتوي علي ثلاث نوافذ (علي يمين الناظر) .
، وكلما اقتربنا من الأرض كلما هيمنت تدرجات الأزرق البارد والإرجواني الباهت ، لنحس بمدي برودة وصقيع أرض هذا السجن الموحش الهائل ..
اللوحة هي إعادة رسم من فان جوخ للوحة شهيرة وبديعة للفنان الفرنسي جوستاف دوريه ، الذي رسمها بالأبيض والأسود معتمداً علي تدرجات الظلال ..
لكن لوحة فان جوخ هي عمل إبداعي أصيل ومغاير رغم أنه موضوعياً هو رسم لعمل إبداعي أصلي قديم ..
وهذا يذكرني بعبارة وردت في فيلم (عرض أفضل) للمخرج الإيطالي جوسيبي تورناتوري) ..
وردت العبارة علي لسان تاجر مقتنيات شهير (قام بدوره الممثل الأسترالي المخضرم جيفري راش) ملخصاً خلاصة تجاربه مع مايقتني من أصيل ومقلد
(هناك دائماً ماهو أصلي في كل عمل مقلد) .. حيث يقصد بالأصلي هنا الإبداع الذي يكمن في التقليد ..
لكن جزءاً من احتفائي شخصياً بعمل فان جوخ أنه رغم أنه رسم لوحة دوريه إلا أنه أبدع عملاً أصيلاً آخر ، يعطي روح مختلفة ، وأحاسيس وحساسية بصرية مختلفة رغم أنه لم يقم إلا بإعادة رسم لوحة جوستاف دوريه والتي تتخذ العنوان نفسه (طابور المساجين) ..
في الحقيقة لم يقم فان جوخ بإعادة رسم لوحة جوستاف دوريه ، بل هو أعاد قراءتها ، وهكذا تكون القراءة المغايرة ، هي خلق جديد لعمل مغاير يتمتع بكل عناصر التفرد والأصالة ..
________________








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شوف نور النبوى عمل إيه على ريد كاربت فيلم الحريفة


.. عبدالستار صبرى على ريد كاربت فيلم الحريفة




.. محمد ثروت وإبنه على ريد كاربت فيلم الحريفة .. هزار ولعب


.. آسر ياسين وأمير المصرى وإيمان العاصى يحضرون العرض الخاص لفيل




.. ا?سر ياسين برفقة زوجته و ا?سرته في العرض الخاص لفيلم الحريفة