الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيمفونية المطر

حلا عدي رجب

2006 / 7 / 31
الادب والفن


ظل الشفق الأحمر بين بقية الظلال

يتباهى باحمراره كما وجنتاي عند الصباح

سر الشفق يلتمع في صدري دون بقية الأسرار

أضاع لونه فجأة بين ألوان قوس قزح بعد المطر

غسل المطر القرية وكللها مجددا بثوب حزين كئيب

ثوب من الوحشة والسكون

كان الناس في قريتي يهرعون خوفا من تلك الليالي الماطرة

الحمقاء التي كانت تثير في داخلي حدا جنونيا فاصلا

بين الغربة والخوف في وعاء واحد

بين أخيلة متجددة الأشكال واللمسات وبين بشر حقيقيين ذوو

أشكال لا تتبدل ولا يفنيها إلا الموت أو شيء مما يشبه ليالي

الوحشة

كان الموت يعبق من حفر الوحل ومن بقايا المطر في الأزقة

وكنت أنا أشاهد هذا الخروج الاستعراضي بجرأة حتى أني لا أستطيع

التفكير في الحب وفي الأشواق

في لذة الحياة بعيدا عن أناس ارتدوا أزياء الوحوش

كنت أخاف كثيرا من سقوط المطر و أعتبره نبأ لوقوع حادثة ما

كما كنت أستغرب أمي عندما تقول - بشارة خير –

أحب الناس كثيرا وأحب جو قريتي الهادئ

لكن كل شيء يتبدل في الحياة

حدث هذا التبدل بعد سقوط مطر غزير على مشارف القرية

وتخييم مفاجئ للظلمة والوحشة

والخوف في قلبي

عندما سمعت الصرخة قادمة من بعيد

ارتجف جسدي وامتدت الصرخة إلى أعماقي وبقيت رنينا طويلا

صرخة فتاة كانت تعشق المطر وتعشق الحياة

تعشق الرقص وصنع الدمى القطنية

تعشق الشفق الذي اختفى فجأة في تلك الليلة

تعشق أن تعيش وأن تبقى

كانت في عمر الزهور البرية التي تفتحت عقب المطر

في عمر الغيوم التي تشكلت سريعا

كانت من عمر اللحظات الجميلة

اختطف جمالها في تلك الليلة شخص ارتدى زي الوحوش وترك في أحشائها

جنينا مرتبكا

لم يعرف معنى للحب ولا معنى للذة الحياة ولا معنى للعطف والرحمة

لم يفكر إلا في أطياف الموت التي ترك الفتاة تصارع الجنون وتصارعها

حتى غلباها

أتكره أيها الإنسان المطر

ومن سابع أرض توافيها

الست تحب الزهور

الست تحب الصور

أتكره يا بن الذئاب احمرار الشفق

أتكره الدمى ورقصي على غصون الشجر

اسمع إذن صوتي

واسمع إذن صوتي لأني

ما عدت أعرف للحياة معنى

ألا يستدعيك الصراخ بنفسك

أم انك مثل الذئاب في الثلوج العامرة

تذبح الجميع بمخالبك

وتشرب من دماء المطر

الم ترى أن المطر جريح

حزين لا تفارقه دمعة

ولست إلا بتلك الدمى لا تعرف الحياة مطلقا

وعفوا منك يا دمى

عادت في تلك الليلة من خلف الضباب صامتة تجر بقايا ثوبها الممزق

وبقايا صوتها المنتحب

بقايا دموع على وجنتيها

بقايا كلام على شفتيها

بقايا حياة في عينيها

بقايا موت تلامس الجسد

وداعها الأخير للشفق

لشيء لا زالت تحبه

يا أيها البشر الغارقون في سبات

ألا تدرون أن العهد منذ الحياة هو الحياة

هو تلك السماء الزرقاء ولون عينين أدماهما طول السهر

تحدقان بالقمر

ومطلقا لن تعرفوا أيها الناس أن حياتكم مرهونة

كما حياة الآخرين الذين تشاهدون

والذين أحيانا تبكون

وأنت يا بن الذئاب ألم تقترف ذنبا تجاه الحياة

ولا ذنبا تجاه الفتاة

ألست تحس بأنك الغريب وان الصرخة إلى أعماقك

تأخذ المسافات في الطريق

وانك الميت لا هي

لن تحس ولن تدري أن عهد الحياة إلى الأبد هو الحياة










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة