الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قابيل وهابيل

حسين التميمي

2006 / 7 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


قبل فترة ليست بالقليلة ، لكنها لاتصل الى شباط الماضي ، صادف انني مررت بخريسان في طريق عودتي الى البيت ، وعلى الرغم من ان الصمت الذي خيم على الشارع كان يشي بوحشة وغربة وتوجس شمل حتى الاغصان في الشجر .. على الرغم من كل هذا سرحت خلف الذكريات مع هذا النهر الجميل ولطالما ذرعته قدماي طوال عقدين او اكثر بصحبة .. شخص ما ، أو بصحبة شؤون وشجون كنا نبثها للنهر برواح ومآب ، كحبيبين يتبادلان أطراف الهمس ، وكان النهر يستمع .. ينصت ولايقاطع سيل المشاعر المتدفقة ، وحين ينتهي الواحد منا من حديثه هذا بعد جولتين او اكثر يكون قد توصل الى حل او قرار ما . بمعنى او بآخر .. كان الواحد منا يشعر بسعادة غامرة حين يلتقي خريسان ويتجول على جانبيه ذهابا وايابا ، سواء كان وحيدا او برفقة شخص ما .
شريط الذكريات لم يصمد طويلا امام غربتي عن خريسان هذا او عن غربة خريسان عني .. وبيني وبين مغيب الشمس ساعة او اكثر بقليل .. انتبهت الى وجود رجل كان يسير امامي بصحبة طفل لم يتجاوز الخامسة من العمر ، هذا الصغير ذكرني بقصة كنت قراتها عن الولد الذهبي ، ذلك ان شعره كان ذهبي اللون منسدل بنعومة وله جسد ابيض يعبق براءة ونقاء ، وكنت اهمس لنفسي أن الحق بهما كي اتمتع بمرأى وجه ذاك الملاك الصغير .. أسرعت الخطو .. ثوان مرت وبدلا من ان احظى بمرأى الملاك حظيت باجفالة مخيفة من لدن الرجل الذي يرافقه .. ماذا أقول ؟! شعرت باحراج كبير .. ذلك أن الرجل نظر الي بخوف وبريبة وتوجس ، ثم وبعد ان التقط انفاسه (ولله الحمد) وربما لأنه قرأ في ملامحي شيء ما . اعتذر قائلا :- صار الواحد منا يخاف من اخيه في ظل هذه الاوضاع السيئة !! ولم يكن لي تعقيب في هذا المجال سوى انني ابتسمت له بطريقة تعبر عن المشاركة واسرعت الخطى كي أوفر له أكبر قدر ممكن من الشعور بالأمان . لكن .. وانا اسرع الخطى كي اطمئنهما الى سلامة نواياي ، تسارعت كل ضغوطات الألم والحزن على ماوصلنا اليه الآن .
تلك فاصلة .. في احزاننا ومآسينا !! فلم يتخيل الواحد منا ان يجفل الانسان من الانسان وان يرتعب المسلم من اخيه المسلم تحت اي شرط او أي عنوان . . هي فجوة او شرخ يجب تداركه قبل ان ينهمر علينا سيل الطوفان ، وهل يعلم المسلم الآن لم كان الطوفان في عهد نوح عليه السلام ؟ .. الله ارسل بالطوفان على قوم اصابهم الشذوذ في اخلاقهم ، وها نحن نرتكب شذوذا أشد في زمننا هذا ، وعلامة هذا الشذوذ ان يجفل أو يخاف المسلم من اخوه المسلم .. فماالذي ننتظره بعد ذلك ؟
الشيطان يجول بيننا متذرعا بذرائع تخص هذه الطائفة او تلك ، وهو يحصد عن اليمين وعن اليسار حصيدا يشمل الطائفتين ، ويوهم كل طائفة بأنه يعمل لحسابها .. ترى متى نفقه الحقيقة ونعيها بشكل جيد؟ متى نفهم بأن الجميع سيخسر لأنه يفكر بلغة الطائفة بدلا من الوطن ؟! متى ننسى قابيل وهابيل ونفكر بأننا اخوة في الدين وفي الانسانية ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة وصفقة تبادل.. تعثر قد ينذر بانفجار| #غرفة_الأخبار


.. إيران والمنطقة.. الاختيار بين الاندماج أو العزلة| #غرفة_الأخ




.. نتنياهو: اجتياح رفح سيتم قريبا سواء تم التوصل لاتفاق أم لا


.. بلينكن يعلن موعد جاهزية -الرصيف العائم- في غزة




.. بن غفير: نتنياهو وعدني بأن إسرائيل ستدخل رفح وأن الحرب لن تن