الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اعادة الاعمار في سوريا هي اعادة اعمار للمجتمع

بسام ابوطوق
كانب

(Bassam Abutouk)

2021 / 4 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


أولا": فرضية ان التجديد السياسي شرط وضرورة مسبقين لإعادة الاعمار في سوريا

عاشت سورية عقودا من الاستقلال الأول عام 1918, الى الانتداب الفرنسي 1920 ,فالمقاومة والثورات والمفاوضات

وكلها تكللت بالاستقلال الثاني 1947 ,وحتى بدأت الانقلابات العسكرية وتدخل العسكر في السياسة 1950.

كانت عقودا واعدة ومزدهرة، حافلة بالنشاطات، عبرت عن حيوية الشعب السوري، وامكاناته الفكرية والثقافية والاقتصادية.

لكن شهية العسكر للاستيلاء على مقاليد السلطة، والتدخلات الدولية الخارجية، وتحول المسارات الوطنية الى دكتاتورية وفساد وافساد، نزوع الى الفوضى والتسلط.

أدى الى احتباس سياسي واجتماعي واقتصادي، أدى الى انغلاق لصمامات الحلول الممكنة والإصلاحات المقترحة، ودفع الى

انفجار وتصاعد حراك سياسي اجتماعي، طالب بالحرية والكرامة.

ان فشل القوى المحلية في إدارة هذه الازمة، وتدخل الدول الكبرى الإقليمية والعالمية، أدى الى الوضع الراهن.

بلد مدمر ومقسم، مجتمع غير متوازن، انقسامات قومية ومذهبية، قوى أمر واقع عسكرية.

انتشار الفساد والافساد والجهل والتجهيل، استعادة منازعات الماضي السحيق، هيمنة تيارات تقليدية بشعارات وواجهات ليس لها أصل او جذور.

الأمر يخرج من ايدي السوريين، ولابد للنظام العالمي ممثلا بالأمم المتحدة، ان يتدخل ويساعد على ضبط وإصلاح هذه الفوضى العارمة.

ان أي محاولة لإعادة اللحمة الى المجتمع، ومعالجة أسباب الفوضى والانقسام، تتطلب تجديدا سياسيا للحكم والإدارة،

من ايدي قوى الأمر الواقع، والاحتلالات الأجنبية، الى حكم راشد تمثيلي مؤسساتي

وفق أحدث النظم الاجتماعية والسياسية والدستورية، وأحدث ما توصل اليه العقل المجتمعي البشري، من فكر سياسي واداري واقتصادي.

وقد رصدت القوى الدولية هذه الحلول، ودعت اليها حسب القرار الدولي الصادر عن مجلس الامن برقم 2254.

تم تقدير اولي لإعادة الاعمار ب 400 مليار دولار، هذه الكلفة الهائلة تتطلب تنظيما دقيقا وجهودا دؤوبة وإدارة سياسية اقتصادية اجتماعية موثوق بها وتمثل الشعب السوري بكافة مكوناته، ترعاه ويرعاها.

ان الفوضى والفساد حواضن لا تتناغم مع إعادة الاعمار، فهما نتاج بيئة سياسية متعدية وغير طبيعية، ويجب استئصال هذه البيئة واستبدالها ببيئة اصيلة بنيويا واداريا وسياسيا.

ثانيا : ملاحظات في الوضع السياسي الحالي، ومآلات التجديد السياسي.

يلاحظ المراقب للأنشطة السياسية والميول الشعبية، ان هناك تقاربا لتيارات من السوريين، موالاة ومعارضة في الشعور بالحاجة الى القرار الوطني المستقل.

وفي الواقع فان الدول التي تدخلت – مع أو ضد- استمرت في تدخلها السياسي والعسكري، واقتطاع مناطق النفوذ،

وهي تريد ثمنا لهذا التدخل، على شكل امتيازات سياسية وامنية واقتصادية.

ان أي حل سياسي لهذا الاشتباك الإقليمي والدولي، يقتضي إدارة سياسية واعية وملتزمة بالواقع الجيوسياسي والتاريخي، ومدعومة بتمثيل شعبي وثقة واحترام.


ثالثا" : تطوير مفهوم إعادة الاعمار من مفهوم اقتصادي انشائي الى مفهوم أكثر شمولية وتنوع

ان البنية التحتية المدمرة من طرق وجسور ومحطات كهرباء ومياه ومبان ومدارس ومستشفيات تحتاج لإعادة اعمار، هذا صحيح..

ولكن هذا البرنامج وهذا الاحتياج، يجب تطويره، لإعادة اعمار.. الفكر والثقافة والاقتصاد والتربية والتعليم والمذاهب والتنوع.


فالمدارس والجامعات تحتاج لمراجعة المناهج، واساليب الإدارة والبحث والتدريس، لما هو أكثر حداثة" وأكثر معاصرة"، وأكثر تطورا".
ومراكز التوجيه والدعوة الدينية والمذهبية تحتاج لرفدها بدعاة وإدارة، أكثر وعيا" وانفتاحا" واخلاقا".

والتحليل المالي والاقتصادي، يحتاج الى مسؤولين ومديرين، أكثر خبرة" وعلما" واطلاعا".

يؤدي هذا الى مفهوم الاستثمار الأمثل للموارد البشرية والاقتصادية، والى استعادة الشباب والخبرات والكوادر،

الذين ارغمتهم الحرب والتسلط بشقيه الأمني والظلامي، على الهجرة واللجوء، الى الدول المجاورة والبعيدة.

ويتطلب تنشيط الفكر والثقافة عبر إعادة هيكلة وصياغة وسائل الاعلام والصحافة.

ويتطلب استعادة الصياغات الدستورية والقانونية والمؤسساتية، من حيث بدأت بالمؤتمر السوري العام 1920 الى حيث توقفت مع حمى الانقلابات العسكرية

رابعا" : نماذج تاريخية سيئة لإعادة الاعمار يجب تجنبها. ووضع الأنظمة والضوابط لمنع تعديها:

الانتباه والرقابة المحلية والدولية والاممية، من نزوع تجار الحروب والكوارث، الى هدم التراث والاصالة بحجة إعادة الاعمار.

الانتباه والحذر الى ان لا تؤدي مشاريع إعادةالاعمار، الى إعادة توزيع السلطة والثروة، على مجموعات نخبوية اقتصادية وسياسية جديدة، بما يعادل توزيعا لغنائم الحرب.

الانتباه والحذر الى ألا تؤدي مشاريع إعادة الاعمار، الى مزيد من التهجير ومزيد من التحكم بالمسارات السياسية، ومزيد من الفساد والانهيار الاجتماعي.

كل من ساهم في أزمة ما قبل الحرب، التي أدت الى انقسامات اجتماعية ومذهبية عميقة، وبنية تحتية متهالكة،

وفوضى وتخلف اداري عارم، لا يمكن ان يكون مسؤولا" عن إدارة اعمار او تنمية.

لا يمكن البدء بإعادة الاعمار، قبل تحرير البلد من الإرهاب والميليشيات والاحتلالات الأجنبية والفساد.

كيف يمكن الاشراف والضبط والرقابة، على الانحرافات والتعديات المتوقعة ؟

تقع هذه المهمات على عاتق منظمات المجتمع المدني، والمنظمات الاهلية

ونشطاء حقوق الانسان والدفاع عن البيئة. ويتوجب حمايتهم ودعمهم واسنادهم دوليا وامميا. فهم الضمان والأمان.

وبهم أيضا يتم تعزيز التماسك الاجتماعي وتضميد جراح الحرب، وتعزيز العدالة الانتقالية

خامسا" : دروس من تجارب سابقة لإعادة الاعمار

أ -يجب دراسة علاقة القرية بالمحيط الزراعي والرعوي، وعلاقة المدينة بالأنهار والساحل، وعلاقة القرية والمدينة.

ب – ضرورة الحفاظ على الحيز العام – الساحات- أماكن التجمع- الأرصفة -الحدائق – الملاعب.

ج – المفهوم الانشائي والاجتماعي للبنية التحتية وهي: مستشفيات – مدارس – جامعات – بنوك – مؤسسات حكومية – مؤسسات مدنية –

مؤسسات أهلية – مؤسسات دينية – ملاعب -نوادي ثقافية ورياضية – شبكات مياه -كهرباء -طرق- جسور -سدود.

د- إعادة بناء البنية التحتية بما يتماثل مع الحياة الاجتماعية والاقتصادية، المدنية والقروية، والابتعاد عن استعمال أموال إعادة الاعمار لبناء ناطحات سحاب ومولات.

سادسا" : من خبرة التمويل والاشراف الدولي. تجربة شخصية عايشها كاتب هذا البحث:

في الثمانينيات، قدمت المانيا قرضا" الى الحكومة السورية، لتنفيذ مشروع حيوي ورائد،

هو مشروع تجفيف واستصلاح منطقة الغاب التي كانت عبارة عن شبه مستنقعات، تقع في ريف حماة

المشروع كان رائدا" وحديثا" بامتياز، وسيؤمن نقلة اقتصادية واجتماعية هائلة للمنطقة. ولكنه ضاع بين ايدي الفساد والافساد،

وقد حاولت الحكومة الالمانية السيطرة على الهدر بإنشاء إدارة لهذا القرض

تصرف الدفعات المالية على أساس مستوى التقدم في انجاز المشروع، ولكن هذا الاجراء

تم افشاله بسبب السيطرة السياسية على الوظائف الحكومية والجهات الاشرافية.

للأسف فقد تداعى سدا زيزون وقسطون عمادا هذا المشروع، بعد مرور اقل من عقد من السنين.

سابعا" : استخلاص النتائج

بالإضافة ..الى الحاجة السياسية والدولية والاممية لإطفاء هذا الحريق الناشب في اهم منطقة في الشرق الأوسط، والذي بدأ يتمدد خارج حدوده وابعاده ويتحول الى قنبلة مزمنة.

إضافة.. الى المسؤولية الدولية والاممية عن كارثة شعب اسير وممزق.

فان الضرورة والمصلحة الاستثمارية والمادية، يتطلب حكما سياسيا" رشيدا" مدعوما" بدستور وقانون واشراف دولي واممي.

ويتطلب الاستفادة الى أقصى قدر، وأوسع مجال، من القوة الاقتصادية والسياسية للمجموعات الوطنية على اختلاف توجهاتها، وهذا لن يتم الا بحكم منتخب يمثل كافة تيارات الشعب السوري،
ويراعي في مساندته ودعمه، حصول مكوناته، على الأهلية والكفاءة والنزاهة والخبرة السياسية

والإدارية والعلمية.

ان الدعم المالي والإداري والسياسي من الداخل والخارج، يتطلب تغييرا" سياسيا إداريا ودستوريا،

أكثر تمثيلا وتوحيدا للسوريين، ويتطلب بيئة آمنة مستقرة ومطمئنة.

فهذه مناسبة لطرح مفاهيم وبرامج جديدة، لإعمار الوطن والمجتمع والانسان والبيئة، بعد ان عانت هذه البلد وجوارها،

من سطوة المفاهيم العنصرية الطارئة والقائمة على استحضار لأساطير قومية ومذهبية.

المطلوب إعادة لمفهوم قبول واحترام الحياة والحرية وقبول الآخر وحق الاختلاف والابتكار والتنوع.

ومحاصرة ورفض مفهوم الاستهلاك المفرط الجائر على حساب ضعف الإنتاج والموارد.

والمطلوب إعادة تقييم لمفهوم حماية البيئة الطبيعية، والحفاظ عليها واغناؤها ومقاومة التلوث.

ان المفاهيم الإنسانية تقود وتقوٌم وتغني المفاهيم الاقتصادية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب غزة..احتجاجات جامعات أميركية | #غرفة_الأخبار


.. مساعدات بمليار يورو.. هل تدفع أوروبا لتوطين السوريين في لبنا




.. طيران الاحتلال يقصف عددا من المنازل في رفح بقطاع غزة


.. مشاهد لفض الشرطة الأمريكية اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة و




.. جامعة فوردهام تعلق دراسة طلاب مؤيدين لفلسطين في أمريكا