الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين تتموقع الأنتروبولوجيا بين العلم والأدلجة

الحسين أيت باحسين

2021 / 4 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


يعود سياق الموضوع إلى صدر عن الأستاذ عبد الله الحمودي قوله: »علميا، الأمازيغ ليسوا هم سكان المغرب الأولون«؛ كما يعود إلى أن كل محاولة لربط إشكالية علاقة البحث عن »الأصل« بالعلم، تؤدي حتما إلى الغرق في متاهات والسقوط في الأدلجة.
لقد كان الرحالة حينما يعودون إلى أرض الوطن يتحدثون لنا عن »عجائب وغرائب« البلدان التي زاروها. أما »الرحالة« الأستاذ عبد الله حمّودي، الرحالة إلى أرض »العم سام« (الولايات المتحدة الأمريكية)، فإنه يعود من حين لآخر من »رحلته« ليحدثنا عن »عجائب وغرائب« حول تاريخ المغرب؛ وكأن رحلته ليس الهدف منها إلا التشكيك في كل ما يبنيه المغاربة حول تاريخهم بأنفسهم... .
من المعلوم أن الأستاذ عبد الله الحمودي »سرغيني« (من منطقة قلعة السراغنة)، وحسب ما أعرف أن كلمات : »تاسرغينت«، ومشتقاتها، كلمات أمازيغية ولها علاقة بنبثة يتم استعمالها في العلاج وفي استعمالها من أجل رائحتها الزكية؛ كما أن اسم الشخص المشتق منها: »أسرغي« (جمع ئسرغين« / »السراغنة«)، ... يعني المعالج. وقد ذكرهم البيدق في بداية تأسيس الدولة الموحدية، أي قبل استقدام يعقوب المنصور الموحدي القبائل العربية إلى المغرب الأقصى للقضاء على بقايا إخوته من الأمازيغ المصامدة البرغواطيين. فهل لا تفرغ الأستاذ لكي يبين؛ على الأقل؛ من الأسبق إلى »فضاء قلعة السراغنة«: »ئسرغيين-الأمازيغ« أم »السراغنة-العرب«؛ قبل أن يتحدث عما قبل التاريخ؟

لنحلل »أطروحته«: »علميا، الأمازيغ ليسوا هم سكان المغرب الأولون.«؛هذه الأطروحة هي نفي لأطروحة: »البربر هم سكان المغرب الأولون«، التي كانت تدرس في الكتاب المدرسي المغربي، ثم حذفت منه بعد مدة. الهدف من »أطروحة« الأستاذ عبد الله الحمودي، ومن مختلف الأطروحات التي تجعل للأمازيغ أصولا خارج إفريقيا، هو ببساطة أن الأمازيغ ليسوا مالكي هذه الأرض التي بدأوا يسمونها »تامازغا«؛ إما لأنها كانت، من قبل، أرض غيرهم أو أنهم أتوا إليها، كما أتى إليها غيرهم عبر العصور ومنذ أقدم العصور: الإرسالية واضحة ولا غبار عليها أيديولوجيا.
المشكلة الجديدة الآن هي ادعاء الأستاذ عبد الله الحمودي أن ذلك »مثبت علميا«. أي علم أثبت ذلك؟ لم يشر إلى ذلك. إذا كان يقصد التاريخ فقد وجدنا الحضارة المصرية والقرطاجية واليونانية والرومانية قد اعترفت بوجود الأمازيغ في هذه المنطقة بشكل لا يرقى إليه أدني شك، كما اعترفت بمساهماتهم في مختلف المجالات في هذه الحضارات. وإذا كان يقصد الأركيولوجيا، فإن المستعمر الأوروبي لم يقم إلا بالبحث الأركيولوجي الذي يبرز آثار الحضارة الرومانية لأهداف لا داعي لسردها. وفي بداية الاستقلال لم يتم التركيز إلا على البحث الأركيولوجي المتعلق بالفترة الإسلامية بالمغرب.
أما الاكتشافات الأركيولوجية التي أثبتت وجود الإنسان بالمغرب منذ عشرات ومئات آلاف السنين بمختلف مناطق المغرب (إنسان جبل إغود قرب سيدي بنور؛ إنسان الرباط بالقبيبات بالرباط؛ إنسان دار السلطان بالرباط؛ إنسان تمارة بالهرهورة؛ إنسان دوار الدوم بالرباط؛ إنسان سيدي عبد الرحمان بالدار البيضاء؛ إنسان طوما1 وطوما 2 بالدار البيضاء؛ وغيرهم وغيرهم)؛ ولن ننسى الكتيب الذي نشرته وزارة الثقافة المغربية عن وجود آثار وجود الإنسان بالدار البيضاء منذ مليون سنة؛ هذه الاكتشافات ثم التوصل إليها فقط في مقالع الحجر أو في مغارات، ولم يكن هناك برنامج قصدي للبحث عن وجود الإنسان في الفترات ما قبل التاريخ إلا مع باحثين أمازيغيين منذ بضع سنوات؛ كما هو الشأن لما اكتشف في »كهف عمرو ؤموسى« على وادي بهت قرب الخميسات، أو ما اكتشف في كهف الحمام في الشمال الشرقي، وغيرهما من الاكتشافات التي يقوم بها باحثون أمازيغيون في التاريخ وفي الأركيولوجيا مؤخرا).
فهل هناك بحوث أركيولوجية في الصحراء، حيث نجد قرائن من الثقافة الأمازيغية التي لا غبار عليها والتي تعود إلى آلاف السنين؟ ما علاقة ما صرح به الأستاذ عبد الله الحمودي وما صرح به الأمير هشام العلوي في فرنسا منذ سنوات حول تأكيد نفس الأطروحة؟ : من »الشيخ«؟ ومن »المريد«؟
وخلاصة القول: من هي »الضحية«؟ ولمن »أقنعتها«؟ ونتمنى أن »تسقط الأقنعة« لأن المغرب اختار منذ سنة 2000 أن يتصالح مع ذاته ومع ثقافته وهويته ومع تاريخه ومع حضارته التي اعترف بها القريب والبعيد. خاصة بعد العثور على بقايا خمسة من البشر من نوع »هوموسابيينس« (الإنسان العاقل Homo Sapiens ) عاشوا في جبل إيغود بالمغرب قبل 300.000 سنة (ثلاث مائة ألف سنة).

الحسين أيتب احسين
باحث في الثقافة الأمازيغية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر.. طريقة أشهى ا?كلات يوم الجمعة من كبسة ومندي وبريا


.. المغرب.. تطبيق -المعقول- للزواج يثير جدلا واسعا




.. حزب الله ينفي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بالقضاء على نصف


.. بودكاست بداية الحكاية: قصة التوقيت الصيفي وحب الحشرات




.. وزارة الدفاع الأميركية تعلن بدء تشييد رصيف بحري قبالة قطاع غ