الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما هو نموذج الطب التكاملي الشخصي؟

مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)

2021 / 4 / 5
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


تعريب فريق دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع لملخص محاضرة قدمها الطبيب مصعب قاسم عزاوي باللغة الإنجليزية في المركز الثقافي في لندن.

يُعد الطب التكاملي الشخصي أحد النماذج الجديدة للرعاية الصحية وهو على العكس تماماً من النموذج القديم؛ فهو عبارة عن فلسفة جديدة كلياً. فهو من جانب يتمثل في النموذج الذي بموجبه يجرى تدريب الأطباء التقليديين في الدول الغربية على الاعتقاد بأن أساس الرعاية الصحية ينطوي على استخدام الأدوية والخضوع للعمليات الجراحية. بينما من الجانب الآخر، يخضع ممارسي الطب التكاملي الشخصي لبرامج تدريبية على رعاية الشخص ككل - أي النظر إلى جانب الجسم والعقل معاً - وفهم صلة المريض بالمجتمع الخاص به. يعتبر نموذج الطب التكاملي الشخصي هو النموذج المعني بالغذاء والحب والمشاعر ونظام المغذيات الجزئية (الدقيقة) والتغذية الشاملة (الكلية)، كما أنه يتسع ليشمل الحركة وسبل ممارسة الرياضة وكيفية الشعور بالسعادة والآمال والمعتقدات التي تشغل تفكير هؤلاء الأشخاص.
ومن الجدير بالذكر أنه حال اتباع نموذج الطب التكاملي الشخصي لرعاية الأفراد، فإن هذا يعني بطبيعة الحال أن الأطباء لا يعالجون الأعراض فحسب، بل أنهم يعكفون على أن يداووا السبب الأساسي لحدوث هذه الأعراض. ومنْ ثَمَّ، فهم لا يتعاملون مع جسم الإنسان المادي فقط؛ كما أنهم لا يفصلون الجوانب العاطفية والعقلية والفكرية لشفاء المريض عن الجوانب الجسدية.
فإن نموذج الطب التكاملي الشخصي لا يتعلق بنموذج الطب البديل، مما يعني ضمناً اتخاذ طريق بديل عن مسار العلاج الطبي الرئيسي؛ حيث أنه بالنسبة للطب البديل، قد يختار المريض اتباع حمية غذائية وطرق العلاج بالتغذية الوريدية (أي بالحقن عن طريق الوريد)، على عدم اختيار الخضوع للعلاج الكيميائي والإشعاعي.
بينما تجدر الملاحظة أنه في حالة تطبيق الطب التكاملي الشخصي، فإن ذلك يقتضي أن يستخدم الأطباء مزيجاً من جميع خيارات العلاج المتاحة لديهم جنباً إلى جنب مع هذا النموذج. فعلى سبيل المثال: إذا ما كان الشخص بحاجة إلى إجراء قثطرة أو الخضوع للعلاج الكيميائي أو الإشعاعي، فإن هذا يعني أن يتبع المريض هذه الطرق العلاجية، في حين أنه في نفس الوقت سوف يبذل هؤلاء الأطباء أيضاً قصارى جهدهم لإضافة الأساليب المستخدمة في تقاليد الشفاء العالمية من أجل تحسّن صحته العامة والتمتع بالعافية.
يقصد بمصطلح « التكاملية» أي أنه لا يقتصر على النظر إلى الشخص على الصعيد الجسدي فحسب ولكن أيضاً النظر في الجوانب العقلية والعاطفية والفكرية. وهو ما ينطوي على ما يخص الفرد في العالم الذي يعيش فيه والبيئة من حوله، بما في ذلك الأشخاص الذين يحيطون به وعلاقتهم بكوكب الأرض.
دعنا نعطي مثالاً للتوضيح، إذا كان لديك كرسي به أربعة أرجل، فإن هذا الكرسي يحتاج إلى تلك الأرجل الأربعة حتى يكون متوازناً - وإلا سينقلب هذا الكرسي. والآن فكر في هذه الأربعة أرجل باعتبارهم هم الجسد والعقل والعاطفة والمعتقدات الخاصة بكل فرد. ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن كل شخص منا يحتاج إلى إنجاز شيء ما في كل جانب من هذه الجوانب الأربعة كل يوم كي يظل شخصاً متوازناً. وعلاوة على ذلك، من المهم ملاحظة أن بعض الناس قد يحتاجون إلى تحقيق إنجاز أكثر بقليل على مستوى أحد هذه الجوانب عن غيرها من المجالات الأخرى، ومنْ ثَمَّ، فإن الاهتمام بإتمام كل هذه الجوانب بشكل يومي يُعتبر أمراً ضرورياً من أجل تحقيق السلامة والصحة والشفاء.
ففي مجال الطب التكاملي الشخصي، يعتبر الأطباء بمنزلة المعلمين الذين يرشدون المرضى بشأن سبل الوقاية والصحة والعافية؛ وهكذا، فهم يؤدون مهمة المعالج في المقام الأول؛ مما يعني ضرورة أن يتواجدوا جنباً إلى جنب مع المرضى وأن يصبحوا بمثابة شركاء الضرب معهم أيضاً. ومنْ ثَمَّ، فإنه من أجل معالجة حياة المريض ككل سيتطلب الأمر أن يصل الأطباء المعالجون الذين ينتهجون هذا النموذج إلى المشكلات الكامنة وراء حالته المرضية والعمل على حلها.
وهو ما يعني أنه لم يصبح من الممكن أن نتجاهل أهمية شعور المريض بالسعادة والرضا، وهو الأمر الذي لم يتعلمه قط الكثير من الأطباء حتى في كلية الطب.
فإن أنواع الألم المختلفة سواء الألم العاطفي أو الجسدي — أو حتى بالنسبة للألم العقلي — لا يشكلون العدو الرئيسي بالنسبة للمريض؛ فأحياناً، يعمل الألم بمنزلة المعلم؛ وأحيانا أخرى يصبح بمثابة درس مهم يتعلم منه المريض. لذلك، فإن الألم في معظم الحالات ما هو إلا شكل من أشكال الإنذار أن هناك ثمة شيء غير متوازن في تكوين هذا الشخص.
يعتقد الأطباء المعالجون وفقاً للطب التكاملي الشخصي أن الوقاية من تطور المرض وأعراضه هي أفضل تدخل في هذه الحالة؛ حيث أن الوقاية، وهو ما يعني التطرق إلى السبب الكامن وراء المرض، هو ما يميز هذا النموذج عن الطب الغربي التقليدي.
عند استخدام الطب التكاملي الشخصي، يركز الأطباء على الصحة المثلى، وهي عبارة عن السعي الواعي إلى أعلى مستوى من الأداء يمكن الحصول عليه - أي التوازن بين الجوانب الجسدية والعقلية والعاطفية والفكرية والبيئية والاجتماعية للإنسان.
ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أنه لا يهم من أين تبدأ، فإن الجميع يتواجدون في مكان مختلف من رحلة سعيهم للاستمتاع بصحة مثالية. وبالإضافة إلى ذلك، لا يوجد نموذج وحيد يتناسب مع الجميع؛ أي أنه لا يحتاج كل شخص إلى اتباع نفس برنامج التغذية أو برنامج التمارين الرياضية أو الأدوية. ينبغي على الأطباء النظر إلى الناس كأفراد والمشاركة في الطب التكاملي الشخصي، الذي يركز على الجوانب الفريدة للفرد، وعلى طبيعة الشخص.
يقوم أطباء الطب التكاملي الشخصي بالتعاون مع مرضاهم، ويتعرفون على السبب الأساسي وراء المشكلة الصحية، وكذلك التعرف على خصوصية كل مريض، وينتهجون جوانب المعرفة الموجودة في جميع تقاليد الشفاء العالمية.
ويتمحور أحد المبادئ الأساسية العميقة للطب التكاملي الشخصي حول أساسيات الحياة؛ حيث يتطرق الأطباء إلى جميع التجارب في الحياة ونَشأة الشخص والشعور بالفرح والإحساس بالمعاناة بل وحتى الموت وهي جميعاً تُشكل فرصاً عميقةً للتعلم.
يعرف الأطباء الذين يستخدمون نموذج الطب التكاملي الشخصي أيضاً أن المرضى لديهم قوة فطرية كامنة للشفاء. بل أنه في واقع الأمر، يمكن القول أن كل البشر لديهم هذه القدرة على الشفاء. لذلك، فإن ما علينا فقط هو أن نستفيد من ذكاء وحكمة الجسد، وقوة الجسم الفطرية الكامنة، وتحقيق الإنجاز على هذه المستويات. في حين أنه من ناحية أخرى، من الجدير بالملاحظة أننا لا يمكننا الاستفادة من اتباع هذه الطريقة العلاجية للشفاء – لمقاومة عدوى ما أو مرض السرطان، على سبيل المثال – إذا كنا نعاني من الضغط النفسي لأن هذه الحالة من التوتر تؤثر سلباً على جهاز المناعة داخل جسم الإنسان وتذهب بجميع المجهودات هباءً. ويتمثل أحد أهداف الأطباء وفقاً لاتباع منهج نموذج الطب التكاملي الشخصي في مساعدة الناس على الاستفادة من هذه القوى لتوجيهها التوجيه المناسب من أجل الامتثال للشفاء.
وأخيراً، يمكننا القول أنه من جانب يُعتبر الحب هو المعالج الأقوى لجميع الأمراض. بينما على الجانب الأخر، فإن أحد أهم الأشياء التي يمكن للأطباء القيام بها مع مرضاهم – ذلك فضلاً عن المشاركة معهم – تتمثل في مقابلة كل مريض على حدة باللطف والقبول والرحمة، وتجنب توجيه أية انتقادات لهؤلاء المرضى.

*****
لمطالعة النص الأصلي لملخص محاضرة الطبيب مصعب قاسم عزاوي باللغة الإنجليزية يمكن مراجعة الرابط التالي على موقع الحوار المتمدن:

https://m.ahewar.org/enindex.asp?u=Mousab%20Kassem%20Azzawi

*****
للاستماع إلى نص محاضرة الطبيب مصعب قاسم عزاوي باللغة الإنجليزية يمكن مراجعة الرابط التالي على موقع دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع في لندن:

https://ar.academy.house








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون يعلن البدء ببناء ميناء مؤقت في غزة لإستقبال المساع


.. أم تعثر على جثة نجلها في مقبرة جماعية بمجمع ناصر | إذاعة بي




.. جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ


.. ما تأثير حراك طلاب الجامعات الأمريكية المناهض لحرب غزة؟ | بي




.. ريادة الأعمال مغامرة محسوبة | #جلستنا