الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجد لمراقد الخالدين .

يوسف حمك

2021 / 4 / 6
الادب والفن


تكاليف البقاء الأبديِّ باهظٌ ، و ثمن الخلود جسيمٌ جداً ، بلوغ منزلة القدوة و الحذو أعظم نجاحٍ ينجزه رواد الفكر ، و هم تحت أطباق الأرض راقدون .
لأن النيل من الأجساد وحده من صلاحيات الموت ، أما الأفكار فلا طاقة للموت في هزيمتها و وأد الإبداع .
فرائد القلم الحر لا يرحل ، و ثري الفكر حضوره دائمٌ لا يغيب ، و إرث العقل المنتج و المترف بانبلاج البراعة و الابتكار لا يمكن طمسه .

و حامل راية الفكر المستنير كلما حاصرته ، ازداد اندفاعاً ، و كلما ضاق الخناق على عزيمته ، تدفقت منها روح التحدي و التعنت ، فلا قوة تستطيع ثني همته ، أو لي ذراعه .
بل ينكب على أداء رسالته بكل صرامةٍ و بلا حدودٍ .

أقلام رواد الفكر أشد فاعليةً من فوهات بنادق الجبابرة و مفعول فتاوى المهرطقين .
فإذا كانت الأجساد إلى زوالٍ ، فإن الأفكار لا تفنى بموت أجسامها ، مهما توهم الطغاة ، و حاول الظلاميون تشويه سمعة العقول اللامعة التي تهدد وجودهم ، أو إبادة روادها .
بل تظل حيةً متسللةً إلى أذهان الأجيال متداولةً ، فتزداد مصداقيةً ، و تغدو على الفناء عصيةً ، كونها تحمل جمرة الحذاقة و الابتكار التي تمرغ كبرياء المستبدين و أنوف الملتحين في الوحل ، و ترهق سلاحهم .

نعم العقول النيرة متدفقةٌ بحب الحياة ، تفيض بالحرية و العدل ، و تظل شاهقةً ثائرةً لاستقامة الفكر المنحرف ، و تصحيح الذهن المتسلط ، لإحياء الذات المنصاعة و إصلاح الوجدان التائه .

و الفكر الرائد يبقى صارماً دون أن يفلح أحدٌ في انزلاقه مهما تطاول عليه ، و لا أن يجره لتغيير مساره . بل يمضي شامخاً سامقاً لا يلوي على إغراءٍ ، أو يقف على مكسبٍ ، أو ينتظر مكافأةً مذلةً .
إنه القلم الحر الذي لا يعرف تجار الدين هزيمته ، و لا بمقدور الحكام الفاسدين انكساره .
بل يمسي مداوماً بتسطير الأفكار الخالدة في مواجهة العقائد المروجة للخرافة و الجهل المقدس و عجرفة الطغيان . كما المنابر الإعلامية التي تشجع تعطيل العقل ، و نبذ الأقلام المأجورة التي تساهم في عملية بطلان التفكير .

حينما يضيع القلم فحوى جوهره ، ينحرف من مساره ، ليصبح أداةً زهيدةً ، تعرض في أسواق البيع و الشراء .
كثيرةٌ هي هذه الأقلام التي باتت جزءاً من العسف و الترويع ، لمساندة الأفكار الرجعية بضجيجها المستفزة ، من عقولٍ تضج بالكراهية و الأفكار الظلامية ، صانعة عبيد الأنظمة الفاشية و ترسيخ نفوذ تجار الدين .

يا لهول تلك الأقلام التي باعت نفسها بثمنٍ بخسٍ ، معتقدةً أن دورها مقتصرٌ في تكديس المال و جمع الثروة ، أو اعتلاء منصبٍ زائلٍ ، و أنها وجدت لزخرفة الفكر الظلاميِّ ، و تلميع صورة الفاسد المستبد .

و العناد لا يبدو صائباً في كل المواضع ، لكنه في مواجهة الطغيان و الاستبداد سديدٌ ، لكسر شوكة الجائر الباغي ، و نتف لحية المخادع ، و التفوق على أقزامٍ جعلوا من أنفسهم موطئ أقدام الطغاة و الفاسدين .

في ردها على سؤالٍ للدكتورة الخالدة نوال السعداوي لماذا قالوا عنكِ : أنت امرأةٌ متوحشةٌ خطيرةٌ .؟
تجيب قائلةً : “ أنا أقول الحقيقة ، و الحقيقة متوحشةٌ خطيرةٌ بالنسبة لهم "

يا لعقم تلك الأفكار اليائسة التي تحاول جعل الحقيقة شرسةً خشنةً .
و تباً للأقلام المهزومة التي تسعى بائسةً لتبرهن على صحة أقوالٍ زائفةٍ ، تحرف الواقع بهدف قلب الصواب باطلاً محفوفاً بالمخاطر .
أسلحة الدين و السياسة توحدت في وجه كلماتها الصريحة ، و اندمجت لكسر قلمها المثابر المفعم بالنشاط حتى أواخر أيامها و هي في العقد التاسع من العمر .
شجاعةٌ نادرةٌ تحلت بها ، و عنادٌ قل نظيره كان يجري في عروقها ، بفضلهما أُجهضت ثنائية القوة الهائلة ، و تفوقت على الأقلام الرخيصة .
و كان الخلود من نصيبها ، و الهزيمة و العار من حصة أعداء الحرية و خصوم الحب و الحياة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في