الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عمرها مئة وسنتين

هيثم الشريف
(إيëم الôٌي‎)

2006 / 8 / 3
الارهاب, الحرب والسلام


علمت بأنها جاوزت المئة عام وسنتان!!فتوجهت الى حيث تسكن في قرية الصرّي- القريبة من بلدة دورا- الى الجنوب الغربي من محافظة الخليل بهدف الالتقاء بها ,ولم أكن أدري أن السماع يختلف عن المشاهدة!! فحين دخلت منزلها القديم شعرت بالهيبة والرهبة!! كيف لا وأنا كمن يدخل ليجالس التاريخ كله !!كيف لا وفي غضون لحظات سأنظر في عيون غارت في أماكنها!!
وما أن جلست جوار سريرها الذي لا تستطيع أن تفارقه بسبب تآكل العظام في قدميها ..أحسست بأني سأجتر بلحظات اللقاء كل الماضي.. بكل تفاصيله المرة قبل الحلوة... وما أكثرها!!!
جلست اليها وملامحا ترتسم مرارة ما عانت ..وبساطة ما عاشت.. وهذا ما أبدته تجاعيد وجهها لشدة ما مر بأهل زمنها من فقر هي وكل مان عاشوا ممن هم في جيلها وبالاصح من بقوا من جيلها وهم قلّة!!!
وبدأت المعمرة علياء المصري والتي تعدت المئة والسنتان بقليل والتي تفوق عدد ذريتها المئة وخمسون ذكرا وأنثى.. بدأت بسرد الحكاية ..من البداية!!!
حيث قالت" كنّا نعيش في مغارة ونأكل ونطبخ ونخبزعلى الحطب, فمعظم الناس كانوا يأكلون بحسب امكانياتهم المادية, فالغني كان يأكل القمح والذرة وأما الفقير فكان يأكل الشعير. و طعامنا ليس مثل اليوم اذ كان في مجمله يقتصر على "يخني البندورة..العدس...الكرسنّة.. القمح, فالناس فقراء وعائد العمل أيام الاتراك كان زهيد, فمثلا من يعملون بالحجارة أو غيره كانوا يتقاضون 10 قروش ,وبعد عودة الرجال من الحصاد الى دورا " يأكل الرجال اللحوم ان توفرت_وذلك نادر_ ويتم اطعام الضيوف وأما المرأة فتأكل ما تبقى !!كما تأكل العائلة اللحوم مرة واحدة في السنة أو مرتين في حين العائلات الميسورة تأكل اللحوم5الى6مرات في السنة. أما بالنسبة لأكلي اليوم فأكلي عادي , وأحيانا أطلب طبخات قديمة ولكن الاغلب في البيت لا يحبونها!!

وحول زواجها قالت المصري"تزوجت زوجي البالغ من العمر 50سنة حين كان عمري 15سنة بالرغم من أنه كان متزوجا وكان يخدم الدولة العثمانية, وكان مهري 50 جنيه فلسطيني.والحلي التي قدمت لي كعروس كانت عبارة عن عشر ريالات من الفضّة من الخواتم والأساور.
فترة الخطبة بحسب المعمرة المصري فقد قاربت على الثلاث سنوات وتضيف " لم يكن خطيبي يراني أو أراه ....حتى أنني كنت حين أراه من بعيد أهرب "تكمل وهي تضحك" وفي ليلة الزواج فقط رأى وجهي,وتعطي مثلا عن هذه العادة بالقول" قريب لي خطب احدى الفتيات خمسة سنوات دون أن يراها كما في جيل اليوم!!!

وتضيف "وكأي عروس صعدت الى ظهر الجمل بعد أن تم وضع ريش النعام على رأسي وألبسوني ثوب حرير لونه أحمر ومنديل لونه أخضر بالاضافة طبعا الى"الجبّة والخراخيش. وفتيات القرية يغنين لي الى أن وصلت منزل العريس وطبعا تضيف"العريس لا يقترب من العروس أو يراها قبل دخول المغرب,مؤكدة أن دبكة زمان أفضل من أعراس اليوم.
وحول العادات في أعراس زمنها تقول المصري"اذا كانت العروس تنتقل من منطقة لأخرى وكانت هناك مسافة بعيدة عادة يوجد في وسط الطريق تجمع سكني فيقوم سكان المنطقة الوسطى بين أهل العروس وأهل العريس بتجهيز الطعام لكل المارين على الجمال .

أما شكل المنطقة في ذلك العهد تقول المعمرة من جنوب الخليل" لم يكن في كل المنطقة الجنوبية سوى مغارة بها قسمين لبيع الاكل و الاشياء الاساسية الأخرى أما التنقل من منطقة لأخى فقد كان على البعير,كما لم يكن هنالك أي طبيب وكان كل واحد يمرض نقوم بالاكتفاء باعطاءه جعده ليشربها!!واضاءة المنازل كانت على السراج بالزيت. وأما الخبيز فعلى الطابون.
في صباها..كانت المعمرة علياء تعمل البساط....والمخالي..على المغزل وكانت تعجن ..وتطبخ ..وتحلب الماعز لكنها منذ مرضت كما تقول فما عادت تقوم من فراشها و تقضي وقتها بالصلاة والتلاوة.
المعمره علياء ذهبت للديار الحجازية مرة واحدة حين كان عمرها80سنة,وأما الانتخابات الرئاسية والتشريعية الفلسطينية والتي شاركت في الانتخاب فيها فقد سعدت بأن فاز فيها كل من سمعته حسنه بحسبها وتأملت الخير في المستقبل بصرف النظر عن الحصار الجائر..

وفي ختام اللقاء أشارت المعمرة الحاجة علياء المصري الى أن والدها توفي حين كان عمره100عام
وأن أخاها موسى المصري الذي يسكن بلدة يطا لا زال حيّ وعمره 121 سنة .

كما نلاحظ فان عامل الوراثة هام كأهمية المحافظة على الصحة من حيث الغذاء لدى المعمرين
ولا يمكنني أن أختم الا بالقول أنني كما كنت على موعد مع أهل الجود والكرم.. فقد كنت أيضا مع الحضارة والتاريخ!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل