الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من قانا الى تل ابيب

خالد صبيح

2006 / 7 / 31
مواضيع وابحاث سياسية



لم يكن الإرهابي موشي دايان( احد مؤسسي الكيان العدواني الإسرائيلي) يدرك حينما قال قولته الشهيرة (إن العرب لايقراون وان قرأوا لا يفهمون) أن تلك المقولة سوف تنطبق يوما ما على كيانه العدواني كما هو عليه الحال اليوم. فكما يبدو أن الإسرائيليين لم يقرأوا التاريخ جيدا حينما انهزموا عام 2000 أمام المقاومة الوطنية اللبنانية بانسحابهم ذاعنين من ارض الجنوب اللبناني، حيث لم يدركوا آنذاك أن مجاميع المقاومين لايمكن هزيمتها. ووقائع الحرب الجارية الآن تؤكد كذلك أن الإسرائيليين لم يفهموا ماقرأوه، إن كانوا قد قراوا أصلا، لأنهم كما صار واضحا يجهلون حقيقة التحول في شكل ومضمون المواجهة بينهم وبين العرب بعدما انتقلت أدوات المواجهة وقراراتها من أيدي الأنظمة العربية المختلة بنيويا لانشغالها بأمنها الداخلي الى أيدي الجماهير، الأمر الذي أدى الى اختلال في المعادلات وفي قواعد اللعب. فلم تعد إسرائيل بعد هذا التحول تواجه جيوشا كبيرة تسهل هزيمتها لأنها غير متماسكة ومرتبكة وجل قوتها وهاجسها متوجه لسدة الحكم وليس لكرامة الشعب وحدود الوطن. إن عدم هضم إسرائيل لدرس التاريخ الجديد هذا كلفها الكثير من الخسائر :
منها خسائر بشرية فجنودها يقتلون بكثرة في ارض المعارك( البهذلة التي تعيشها قوات النخبة من لواء كولاني ) ومدنييها مذعورون في الملاجئ. ومنها خسائر معنوية بسقوط اسطورة الجيش الذي لايقهر فجنودها يفرون من ارض المعركة ونيران المقاومة تحرق ظهورهم ومؤخراتهم، ومنها خسائر سياسية بسعيها للحلول السياسية متنازلة بإذلال جلي عن غطرسة سقف مطالبها الكبير جدا. لكن إسرائيل المتأزمة عسكريا في جنوب لبنان والتي عجزت آلتها العسكرية خلال ما يقارب الثلاثة أسابيع من إنجاز أي شيء، بل إنها تواجه الهزائم المتتالية ميدانيا، أخذت تبحث عن مخرج باتجاه آخر يعوض لها هزيمتها تلك ويرد لها ماء وجهها بانتصار عسكري تعرف أنها قادرة عليه من خلال مواجهة عسكرية تقليدية مع سورية لترد ( الق) صورتها الذي بهت كثيرا وتحقق نصرا يعوض اهتزاز صورة جيشها أمام شعبها. ذلك لأنها باتت تدرك مع حليفتها أمريكا أن مواجهة حزب الله والانتصار عليه ميدانيا أمر غير ممكن إن لم يكن مستحيلا، فكان عليها وعلى حليفتها في الإجرام أن تغيرا من تكتيكهما بنسق متساوق مع رؤاهما المشتركة حول الشرق الأوسط الجديد والذي يقضي بإضعاف سياسي وعسكري لسورية وإيران، وفي نفس الوقت لادراكهما أن إمكانية القضاء عسكريا على قوة المقاومة اللبنانية، حسب رؤيتهما، سوف يكون فقط بكسر خطوط المد والإسناد القوي لها والمتمثل في ظهيريها، سورية وإيران، لهذا قامت بجريمة قانا بطريقة استفزازية كرد مباشرا وفوري على تهديد السيد حسن نصر الله زعيم حزب الله بان قوات المقاومة اللبنانية ستضرب العمق الإسرائيلي في مرحلة مابعد حيفا إذا ما استمرت الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، لتدفع، بمهاجمتها قانا، المقاومة اللبنانية على الوفاء بوعدها وضرب مدن في وسط إسرائيل، من الممكن أن تكون تل ابيب واحدة منها، فيعطيها هذا المبرر لمهاجمة سورية لتضمن لنفسها نصرا عسكريا سهلا وممكنا معتمدة في إنجازه بشكل أساس على خنوع وتهافت الموقف العربي ـ فالعلم الإسرائيلي مازال يرفرف في بعض العواصم العربية رغم كل هذه الجرائم ـ وانعدام أي مستوى للتضامن فيما بين الأنظمة التي وصلت بعجزها لحد عدم اجتراءها على ما تجرؤ عليه حتى الخراف ( الثغاء لااكثر). ( هذه الأنظمة قد تتحول قريبا لمساندة إسرائيل ضد شعوبها وضد المقاومة ـ فمنظر شهداء قانا من الأطفال والنساء يحرك ضمير أي مخلوق ماعدا الحكام العرب، واللبراليين العرب أو بتسمية أدل( الصهاينة العرب).) وكذلك لان إسرائيل تدرك أن أزمة ونقطة ضعف الأنظمة العربية، والنظام السوري واحد منها، هي في قلقها وهاجسها في حفظ أنظمتها وضمان بقاءها في سدة الحكم، وكذلك بسبب من انعدام شرعيتها مما يجعل الجبهة الداخلية عادة ما تكون مفككة وغير مهيأة بالتالي للمواجهة. هذا هو الهدف الرئيسي ، بتصوري، من وراء جريمة قانا بالإضافة طبعا لمحاولة إيذاء المقاومة بضرب ما يوجعها ( المدنيون) ومحاولة تأليب الرأي العام الداخلي اللبناني ضد المقاومة وتفكيك مايمكن أن يشكل وحدة في الموقف لاسيما وان هناك بعض البوادر في هذا الاتجاه اشر له سلوك رئيس حزب الوطنيين الأحرار اليميني( دوري شمعون) بلهاثه لاداء دور تخريبي لشرخ هذه الوحدة الضرورية بالانضمام علنا الى الجهود الأمريكية ـ الإسرائيلية لتقويض قاعدة الوحدة الوطنية وتفكيك القاعدة السياسية للمقاومة اللبنانية.

اذن ضرب قانا سيكون الرد عليه، حسب التوقع، ضرب تل ابيب ليكون عندها الطريق سالكا أمام إسرائيل لمهاجمة سورية. فماذا ستفعل سورية لتجنب هزيمة ستقوض كل كيانها ـ فالشعوب لم تعد تحتمل المزيد من الهزائم ـ وليس جيشها فقط؟
يبدو منطقيا أن سورية ستخطب ود المقاومة اللبنانية لمنعها من توجيه ضربة موجعة لإسرائيل إن لم تحاول فرض ذلك عليها ـ فتصريحات السيد حسن نصر الله تدلل على أن لسورية دالة عليه ـ لكن هذا الخيار سيكون بالنسبة للسيد حسن نصر الله طريقا محفوفا بالمخاطر. فهو إن لم يف بوعده ويؤكد مصداقيته التي عود العالم عليها سيفقد الكثير وربما الأساس من رصيده الذي جعل من مقاومته للإسرائيليين ممكنة. وان وفى بوعده وسار لإكمال المآل المنطقي للمواجهة فسيحرج سورية وربما يسبب لها الكارثة.

الكرة الآن في ملعب حزب الله ويبدو أن مصير النظام السوري هو بيد السيد حسن نصر الله. والمنطقة كالعادة في مفترق طرق قد تتواصل فيه عملية تبدل قواعد اللعب كلها وتسقط خيارات الأنظمة، الخنوعة والحمقاء، التي لم تجلب لشعوبها سوى الكوارث والهزائم وقبل ذلك المذلة.

30-7-2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكبر هيكل عظمي لديناصور في العالم معروض للبيع بمزاد علني.. ب


.. لابيد يحذر نتنياهو من -حكم بالإعدام- بحق المختطفين




.. ضغوط عربية ودولية على نتنياهو وحماس للقبول بمقترحات بايدن بش


.. أردوغان يصف نتائج هيئة الإحصاء بأنها كارثة حقيقية وتهديد وجو




.. هل بإمكان ترامب الترشح للرئاسة بعد إدانته بـ34 تهمة؟