الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأمير حمزة يجدّد ولاء الطاعة

محمود جديد

2021 / 4 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


==================

قبل البدء بالحديث عن المؤامرة المزعومة التي ألقت السلطات، والأجهزة الأردنية شباكها حول أرجل الأمير حمزة قبل أربعة أيام ، بهدف إعادته إلى بيت الطاعة في القصر الملكي، من المفيد إلقاء نظرة على المقدمات والدوافع التي أنتجت هذه الضجة المفتعلة في الكثير من جوانبها .
تزوّج الملك حسين أربع زوجات، وكانت الأخيرة ليزا بنت نجيب الحلبي المهاجر في أمريكي، من أصول عربية سورية ، وأم سويدية، وأصبح اسمها الملكة نور الحسين ، وذلك في عام 1979، وبقيت معه الفترة الأطول ، ولازمته حتى وفاته في عام 1999، وقد أنجبت منه الأمير حمزة في عام 1980، وقد أوصى الملك أن يكون الأمير حمزة ولياً للعهد، واستمر في ولاية العهد مدة ستّ سنوات، حيث استبدله الملك عبدالله بابنه، فأعاد مافعله الملك حسين مع أخيه الحسن بن طلال .
لقد ترك إبعاد حمزة أثراً سلبياً في نفسه، ولكنّه رضخ للأمر الواقع ، وكُلّف بمهمات وأدوار الإشراف على أمور رياضية ونشاطات اجتماعية، ومن خلالها ، تعززت صداقاته بالعديد من الشخصيات الأردنية الهامة ، وخاصة من أجيال الشباب الأردني ، كما تواصل مع أوساط شعبية أردنية واسعة ، أحبّته ، وقدّرته لاهتمامه بها، كما أنّ زواجه من الأميرة بسمه بني أحمد العتوم من عشائر كفر خال ( جنوب الأردن ) زاد من شعبيته .
وفي السنوات الأخيرة، شهد الأردن أزمات سياسية واقتصادية، وجاء الكورونا فزاد الطين بلّة، هذا بالإضافة إلى الفساد والنهب المستشري في هياكل الدولة ، فتعاقبت الوزارات والتعديلات الوزارية بتسارع غير معهود، ولم يلقَ الأردن الدعم المادّي الكافي من الدول الخليجية ، والغربية بالمستوى الذي كان الملك عبدالله يأمله .. وفي طلّ مجمل هذه الظروف، زاد الأمير حمزة نشاطاته السياسية ، والجماهيرية ، ويبدو أنّها تمّت بدون ضوء أخضر من الملك ، أو بدون تنسيق مع رئيس الوزراء .. ممّا خلق الريبة والشكوك بمستجداته هذه ، وكانت المنطلق والدافع المباشر ، لإلقاء الشبكة الأمنية ، وبقرار من الملك حول الأمير حمزة، وبالتهمة المعهودة من الأنظمة الملكية والمستبدة ، وهي التواطؤ مع الخارج ضد العرش الهاشمي بدون تحديد الجهة المقصودة ، على الرغم من بعض الإيحاءات باتجاه السعودية، والكيان الإسرائيلي ..
مع العلم أنّ الاهتمام الخليجي والأمريكي ، ومصر ، والعراق ، والمغرب ، وسلطة أوسلو ، كان كبيراً جدّاً، ومسانداً بقوة للملك عبدالله ، أمّا (إسرائيل) فأبدت أوساط مهمة فيها بما جرى في الأردن ، وقد اعتبره وزير الأمن الإسرائيلي بني غينتس بأنّه يشكّل العمق الاستراتيجي ( لإسرائيل ) ، وهو في الحقيقة أوجده الإنكليز لذلك ، وليكون حاجزاً بين أية جبهة شرقية محتملة ، والكيان الصهيوني ، ونطاق حيطة له ، لأطول حدود وأخطرها معه .. وعموماً ، فقد طمأن الملك الحكومة الإسرائيلية على سلامة واستقرار الأوضاع في الأردن.. !!!

حقائق، وملاحظات ، واستنتاجات :
——————————————-
- تعتبر القوات المسلّحة الأردنية من أكثر الجيوش العربية احترافية، وانضباطاً ، وولاء للنظام الحاكم ، وأنّ المخابرات الأردنية من أقوى المخابرات العربية تنظيماً ، ومهنية، ودراية وتتبعاً لأبناء شعبها ، ومعرفة بالتفاصيل الدقيقة عن حياتهم السياسية والاجتماعية ، وفي الوقت نفسه، لا يمكن أن يتمّ انقلاب في الأردن بدون علمهما ، أو مشاركتهما .. وليس مايثبت تورّط أيّ منهما في المؤامرة المزعومة ...
- يبدو أنّ الأمير حمزة أكثر الأمراء التصاقاً بشعبه ، ويتمتع بشعبية حقيقية، تؤهّله لأن يكون شخصية وازنة في الساحة الأردنية ، ومدعومة عشائرياً ، ولكن لا أظنّه من الغباء، أو السذاجة ، أو الوطنية إلى الحدّ الذي يجعله يجازف بالدخول في مؤامرة تودي بالعرش الهاشمي الذي رضع من حليبه ، ونشاً في كنفه ، وتمتّع بامتيازاته ...
- ممّا لا شكّ فيه أنّ باسم العوض الله شخصية سياسية واقتصادية مهمة ، وخطيرة ،بتحصيله العلمي المميّز ، وخبرته الوظيفية التي تحصّل عليها من خدمته الطويلة في مؤسسات، وهياكل الدولة ، بدءاً كمستشار ، ومروراً بوزير مالية ، ووصولاً إلى رئيس الديوان الملكي ... وفي الوقت نفسه ، لكونه رجل أعمال طويل الباع ، بشركاته المنتشرة في الأردن، وفلسطين ، والسعودية، والإمارات ، والبحرين ، ومانجم عن هذا كلّه من علاقات وطيدة ، داخل الأردن وخارجها ، ( وقد تصل للكيان الصهيوني) تجعله في دائرة الضوء لأجهزة المخابرات الأردنية ، والأجنبية ، ومحط أنظار أي جهة تريد أن تجري انقلاباً في هذه الساحة . ولا يُستبعد عنه شيء ... ومَن يتحمّل المسؤولية الأولى عن بروز دور هذا الرجل هو الملك نفسه .
- إنّ المحاولة المكشوفة والمعلنة لحجر الأمير حمزة ، وإبعاده عن الشارع الأردني والتفاعل معه ، والاطلاع على متاعبه ، وشكاويه هي حقيقة واقعة ، برزت من خلال التعاطف الكبير الذي حصل عليه من الجماهير الأردنية ، وخاصة العشائرية منها ، وكانت دلائلها واضحة أيضاً، من خلال الحديث الذي دار بينه، وبين رئيس أركان الجيش الأردني الذي زاره ، ليبلغه بتعليمات الحجر ، وهذا لا يمكن أن يتم بدون قرار من الملك ، سواء من تلقاء نفسه ، أم من موافقته على اقتراح معلّل من الأجهزة الأمنية والعسكرية ، على الرغم من عدم ذكر اسم الملك ، أو الإشارة إليه أثناء الزيارة .
- إنّ لجوء الملك عبدالله إلى كبير العائلة وأعقلهم ، عمّه الأمير حسن بن طلال لمعالجة ملفّ الأمير حمزة ، هو بحدّ ذاته قرار ضمني مسبق بلفلفة القضية ، وإعادته إلى بيت الطاعة ، وقد نجح في ذلك ،وفيما يلي نصّ الرسالة التي وقّع عليها الأمير حمزة بنصيحة عمّه : "إنني أضع نفسي بين يدي جلالة الملك، وسأبقى على عهد الآباء والأجداد، وفيا لإرثهم، سائرا على دربهم، مخلصا لمسيرتهم ورسالتهم ولجلالة الملك، وملتزما بدستور المملكة الأردنية الهاشمية العزيزة. وسأكون دوما لجلالة الملك وولي عهده عونا وسندا". . ،
- وفي الوقت نفسه لايريد الملك إثارة العديد من العشائر الأردنية من جرّاء تعاطفها مع الأمير حمزة ، في حال تأزّم الموقف أكثر من ذلك ، وبالتالي ، فقرار اللفلفة هو الأسلوب الأسلم كيفما قلّب الملك أوجه الأمر .
- أستبعد أن تعلن الحكومة الأردنية عن الجهات الخارجية المتهمة بالوقوف وراء المؤامرة المزعومة ، سواء أكانت موجودة فعلاً ، أم لا . تجنّباً لأية انعكاسات سلبية على علاقات الأردن مع أية دولة أخرى نتيجة لذلك .
- وأخيراً: فإنّي أرجّح أن تكون هذه الضجة المبالغ فيها ، نوعاً من مسرحية لإلهاء الجماهير الأردنية عن التفاعل مع ظروفها المعاشية الصعبة ، أو لتشكيل ستارة دخانية، لتغطية خطوة أو صفقة خطيرة يريد الملك الإقدام عليها ، وتمريرها في الأيام القادمة ، أو للإثنتين معاً ، "وإنّ غداً لناظره قريب ". في : 7 / 4 / 2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضربة إسرائيلية ضد إيران في أصفهان.. جيمس كلابر: سلم التصعيد


.. واشنطن تسقط بالفيتو مشروع قرار بمجلس الأمن لمنح فلسطين صفة ا




.. قصف أصفهان بمثابة رسالة إسرائيلية على قدرة الجيش على ضرب منا


.. وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير تعليقا على ما تعرضت له




.. فلسطيني: إسرائيل لم تترك بشرا أو حيوانا أو طيرا في غزة