الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانا من جديد ودلالت جديدة...

إعتراف الريماوي

2006 / 8 / 1
الارهاب, الحرب والسلام


مجزرة جديدة تُضاف لسجل الإحتلال الإسرائيلي، ووسام آخر يرتسم على جبين دعاة الحرية في الإدارة الأمريكية، من خلال مجزرة قانا، التي راح ضحيتها العشرات من المدنيين الأطفال والنساء والشيوخ، قانا تلك البلدة التي غرقت بالدم قبل عشرة أعوام، تعود عليها الأيام والسنين بمجزرة جديدة، يقترفها الفاعل نفسه وترعاه الإدارة نفسها، بل وتمده بصواريخها الذكية جدا لقتل المدنيين "الإرهابيين"!!؟...قانا التي تصدح بحرقتها في ليل صامت ثقيل، كما أطفال غزة ينادون ولا من مغيث...يا ترى هذا القتل، هذا الصمت هذا الليل هذا التواطؤ هذا الكبرياء هذا الشموخ هذا الفجر هذه الحياة...علها مخاض ولادتنا من جديد...
قانا من جديد، وفي ساعات الفجر الأولى، تم إغتيال الأطفال النائمين وتم خطف وداعتهم وسكينتهم، وجاء الصباح وما زال الصمت العربي يمتد كما الليل، هذا الصمت الذي تجاوز "العقلانية" التي يتغنى بها رموز الأنظمة، فقد وصل هذا الصمت حد الشراكة بما يجري، وهذا ما عبرت عنه الحشود المجتمعة في ساحات بيروت بالأمس الأحد، وتلفظت به الفنانة جوليا بطرس وهي تحيي المقاومة و "تشكر" أمريكا وسلاحها الذي فتك بالمدنيين!!، فاللبنانيون قالوا كلمتهم ولا يريدون المجاملات، ولكن يضعون النقاط على الحروف، بصراحة ووضوح، لأن المنعطف خطير والمرحلة حرجة ولا بد من العودة للغة حسم المعسكرات، معسكر الأعداء ومعسكر الأصدقاء، فلم يعد مساحة للرمادية والوسطية، فلم يعد يقبلها لون الدم ولا صرخات الأطفال، ولا أحلامهم في قانا وهي تستشهد مرات ومرات، مع صياح الديكة المستفيقة في ليس وقتها، في فجر جنوبي أحمر مازال يمتد ويمتد ما بين بيروت وبغداد والقدس والجنوب وغزة...
أكثر من 700 شهيد لبناني قضوا في عشرين يوما، وما يزيد عن 800 ألفا من المشردين، وما يفوق 4000 ألاف جريح ومصاب تم تتويجها، لحد الآن، بمجزرة قانا، ولا من أمل في إنتهاء عدوان الإحتلال وممارساته. ولكن لو رأينا الوجه الآخر لهذه المجزرة، لرأيناها تأتي في ظل السكوت العربي، والمباركة الأمريكية، والرضا الأوروبي الخجول، ولكنها تأتي بوقت يحمل دلالت أخرى، قانا بدمها ترسم عار الإحتلال الذي يتكبد خسائره البشرية والآلية على الأرض، هذه المجزرة تقول: أن جنود الإحتلال يستطيعون إغتيال الأطفال والمواطنين الخالدين للنوم، تتسلل طائرانهم الحربية من علوات شاهقة لتقصف وتدمر وتقتل، بالمقابل فإن هؤلاء الجنود يندحرون بالميدان، ولا يملكون سوى الفرار فيه، لذا فالمجزرة تؤكد عن طبيعة القيَم الأخلاقية الهابطة لهذا الجيش، بأن ينتقم من المدنيين العزل وهو يهرب من وسط المواجهة.
رغم تأخر الموقف اللبناني الرسمي، في مقاطعة زيارة السيدة رايس، ودعوتها لعدم الحضور لبيروت، فلم تكن الحاجة لوقوع هذه المجزرة لإعتماد موقف من الإدارة الأمريكية، إلا أن هذا الموقف جاء ليزيد من الحرج الأمريكي في الأزمة الراهنة، وردا على إنحياز الإدارة الأمريكية للإحتلال ومجازره، وجاء هذا الموقف بعد أن إشتعلت شوارع بيروت بالصيحات والتظاهرات الصاخبة، والمعبرة عن تعدد أطياف الشعب اللبناني، والتي أعلنت إنحيازها لمشروع المقاومة ضد أمريكا وإسرائيل، فلا بد الآن من نقلة نوعية في توحد لبناني أكبر، في تبني المقاومة بأهدافها المعروفة للجميع، على المستوى الشعبي والميداني والرسمي والمؤسساتي، وخلق أوسع تأييد عالمي شعبي ورسمي إن أمكن، بما يضمن إختراق الحلف الامريكي العالمي وتصديعه.
وفي السياق ذاته لا بد من إقتحام الجبهة الأمريكية وحلفائها في المنطقة، من خلال ربط ما يجري في فلسطين ولبنان والعراق بأنها تعاني الكارثة نفسها، والذي لا يعدو كونه مخطط أمريكي أشمل، وبذا يمكن إعادة الإعتبار للبعد القومي وعمقه في مواجهة الإحتلال الأمريكي والإسرائيلي للأراضي العربية بمخططاتها وأطماعها. فلا يمكن الفصل ما بين لبنان وفلسطين، فالقاتل واحد، والمجزرة واحدة، والشهداء عرب أنفسهم، والأسرى في السجون هم رفاق درب واحدة لتحرير فلسطين والجنوب اللبناني، كما أن أطفال العراق ورجاله ونسائه يتم قتلهم وإغتيالهم بنفس القنابل التي تسقط على قانا وبيروت وغزة وبغداد... حان الوقت لنرد على أصحاب مقولات "البلد الفلاني أولا"، فالأحداث تؤكد يوما بعد آخر أهمية إعادة الإعتبار للتوحد العربي في مواجهة مصيره وصنع حياته.
لنقل كلمتنا، فالوقت ينفذ، واللحظة قد تمر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر مصرية: وفد حركة حماس سيعود للقاهرة الثلاثاء لاستكمال ا


.. جامعة إدنبرة في اسكتلندا تنضم إلى قائمة الجامعات البريطانية




.. نتنياهو: لا يمكن لأي ضغط دولي أن يمنع إسرائيل من الدفاع عن ن


.. مسيرة في إسطنبول للمطالبة بإيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة و




.. أخبار الساعة | حماس تؤكد عدم التنازل عن انسحاب إسرائيل الكام