الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يقف وراء تشويه علاقات العراق مع بيئته الإقليمية؟ ولماذا؟

تيسير عبدالجبار الآلوسي
(Tayseer A. Al Alousi)

2021 / 4 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


منذ سنة 2003 ومتغيراتها الراديكالية، لم يُسمح للشعب العراقي ببناء بديل للدكتاتورية.. بل دُفِع كرهاً وقسراً نحو منزلقات خطيرة اختلقت داخليا طبقة الكربتوقراط واصطناع المجموعات المسلحة بجناحيها الرئيسين لافتعال صراع رئيس وآخر يتشظى حيث صب الزيت على نيران إدامة الحروب..!
ومن أجل ذلك جرى استغلال بقايا الخلاف الناجم عن سلوك النظام السابق وتداخلات آخر الحروب العدوانية حيث تمّ العزف على تشويه العلاقات العربية العراقية ووضع الطرفين بتقاطع بخاصة مع تكريس نظام الطائفية وسلطته الكليبتوفاشية..
وتمت إدارة الخطاب الإعلامي الرسمي والحزبي بشحن احتقانات ومهاجمة للدول العربية حدَّاً أشاعوا لغة سخرية وامتهان ضد مؤسسة (الجامعة) العربية ليس نقدا لسلبيات فيها بل انتقاصاً واشتغالا على تشويه طابعها ومجمل معاني وجودها، القائم حقيقة على تنسيق الجهود الوطنية والقومية للدول الأعضاء بما يخدم المصالح المشتركة مثلها مثل كل التجمعات الدولية (الإقليمية) كالاتحاد الأوروبي وغيره...
وإحكاماً للعبة وإمعاناً في مستهدفاتها المستهجنة من شعوب المنطقة ذات التاريخ المشترك، كانت قوى الطائفية تمعن في خطاب تقسيم المنطقة وشعوبها ودولها على تعارض بين مكونات كل دولة وشعبها وبين الدول أنفسها.. فهوجمت تلك الدول ونظمها والأنكى قبل ذلك وبعده هو النيل من شعوبها أيضاً!!
وعلى الرغم من عدد من حجم الضغط الشعبي الذي رفع شعار ((إيران برة برة، بغداد تبقى حرة)) وتبني الحكومة الانتقالية لمحاولات فتح صفحات جديدة للعلاقات الإقليمية ترفض شكلا وموضوعا فلسفة المحاور واتجاهها لإعادة بعض العلاقات مع العمق الطبيعي العربي إلا أنه بالمقابل استطاعت القوى الميليشياوية المتحكمة وما تمت تسميته الدولة العميقة العميقة المستندة لفلسفة النظام الذي تحكم بالمشهد منذ 2003 حتى يومنا قد أفلحوا في الوقوف بوجه زيارات رسمية مهمة وعطلوا بعضها وفرضوا بدائل ونحن حتى لحظتنا نشهد تعقيدات أية اجتماع عربي ببغداد أو زيارة رسمية سيادية لمسؤول عراقي إلى دولة عربية!
وكما نشاهد فإن (الميليشيا) الانقلابية تفعل فعلها في اليمن وتخوض حربها ضد الشعب وضد السلطة الشرعية لكنها كذلك تخوض حرباً بالنيابة عن ملالي الجهل والتخلف وإرهاب القيادة الإيرانية ضد السعودية ومجمل الوجود العربي محيلة اليمن إلى قطعة من إيران تابعة لنهج الإرهاب التي تديره في تخريب المنطقة وتهديد العالم ومجمل الأمن والسلام الدوليين كما الحال مع اختطاف لبنان من حزب الله الوكيل الرسمي الذي لا يتردد من إعلان أنه لا يأتمر فقط للقيادة الإيرانية ومرجعيتها حسب بل وينافح ويقاتل باسمها، طبعا على حساب شعب لبنان وأزماته الطاحنة وعلى حساب الأمن في المنطقة والسلم الدولي...!
أما عراقياً فإن ذينك النموذجين الإرهابيين في لبنان واليمن يتكرر تشكيلهما بمسمى الحشد الميليشياوي بادعاء تسميته الشعبي كما زمن الجيش الشعبي الذي نبذه العراقيون وما اتركب من جرائم.. وآخر اللعبة أن الحشد يمرر خطط ملالي الشؤم والاختطاف الإيراني للقرار عبر تبادل إلقاء تهمة المسؤولية بين أجنحته فيدعي أن ما يُرتكب ويواجه افتضاحاً ورداً شعبيا قويا أن ذلك من ميليشيات ولائية!! وما معنى ولائية؟ ولماذا تواصل النمو والعبث الإجرامي إذا كانت مدانة فيما ترتكب!؟
والقوى الميليشيياوية عندما تفتضح لعبة تقسيم الأدوار وتصل الأمور لميليشيات لا تتسمى بالولائية وإن كانت لا تتردد عن إعلان مرجعيتها عند من تسميه قائد المقاومة الإسلامية فإنها تتنكر للعنصر الذي انكشف في إجرامه وتقدمه قربانا للمقاضاة طبعا بصورة شكلية وسرعان من تهربه وتنقذه من حكم القانون وإرادة الشعب وصوته...
الأمثلة موجودة من مئات الاغتيالات وآلاف جرائم الاختطاف والاغتصاب بأشكاله وملايين ضحايا الانفلات الأمني في العراق بين النزوح والتهجير القسري والتغيير الديموغرافي الذي لم يكتفِ بالصابئة والإيزيدية والمسيحية بل وانتقل للمسلمين السنة حيث يتم إفراغ البلاد من عموم مكوناته الأساس وتحويله لطائفة ولا نقول مذهبا مع اشتراط أن يكون ولائياً أي تابعا خانعا للولي السفيه سياسيا بغطاء أنه الولي الفقيه الديني وشعوب المنطقة التي رفضت نظام الخلافة وسلطنة العثمنة والأخونة هي ذاتها الشعوب التي ترفض الولي الفقيه لأنها ترفض الدولة الدينية بكل أجنحتها وتتطلع لبناء دولتها العلمانية الديموقراطية...
هذه الأيام وبعد استكمال احتلال المحافظات من الميليشيات الإرهابية التي تتستر بكونها (تحميها..!) تتوجه لتقف على الحدود الغربية للعراق بمجابهة الأردن والسعودية والكويت وتطلق التهديدات بالصياغة التي تريدها إيران وقيادتها التي يدرك المجتمع الدولي طابعها وقد خبرت شعوب المنطقة ويلات عدوانيتها وحروبها...
إنّ وجود فصائل [عراقية] إيرانية التبعية والولاء قرب الحدود السعودية، إنما يجسد رسائل إيرانية للرياض بشكل سافر بادعاء أنه صوت عراقي على الرغم من المواقف الشعبية المعروفة والمواقف الرسمية الحكومية التي وعدت بألا تكون منطلقا لأية هجمات ضد الأشقاء من الأرض الوطنية المفروض ذات السيادة والقدرة على تحقيق الوعد...
لقد تكررت منهجيا ظاهرة تبادل الزيارات الرسمية بين بغداد والرياض خلال المدة الماضية، وقد شملت مسؤولين حكوميين بأعلى مستوى وقادة عسكريين كباراً، إلا أن الملف الأخطر بالنسبة لدول المنطقة والعالم، هو أن تجد تفسيراً موضوعياً لتنحي القوات النظامية الرسمية مقابل انتشار عناصر المليشيات الولائية الخاضعة لتوجيهات القيادة الإيرانية مباشرة واتخاذها مواقع على حدود السعودية الشمالية....
إنّ هذا الملف الأمني بامتياز، مايزال عالقاً، بوقت لم تنجح حكومة السيد الكاظمي في تنفيذ تعهداتها بحصر الملف الأمني الحدودي من الجانب العراقي بحرس الحدود والجيش. أما كيف يثار الملف ويبقى نقطة إشعال الخلاف والتهديد فهو بوضوح وبصورة غير متخفية بوجود الفصائل المسلحة وتحكمها بالمشهد هناك، لعل أبرزها "كتائب حزب الله" و"سيد الشهداء" و"جند الإمام" و"العصائب"، وانتشارها على مدى أكثر من 800 كيلومتر للحدود المشتركة، من مدينة النخيب بمحافظة الأنبار حتى نقرة السلمان على مقربة من البصرة ، بمقابل عرعر حتى حفر الباطن.
وعلى الرغم من الوضع اللوسجتي للميليشيات الإيرانية في العراق وكونها مصدر قلق وتهديد بخاصة في استهداف منشآتها النفطية إلا أن الحراك السعودي تجاه العراق لم يبدأ إلا في الأشهر الستة الأخيرة، بخلفية التهديدات التي أطلقتها الميليشيات المنتشرة على الحدود.
إن تلك المحاذير لم تأت من فراغ فلقد أعلنت "ألوية الوعد الصادق" وهي إحدى واجهات "كتائب حزب الله" الخاضعة للقيادة الإيرانية واستراتيجياتها، أعلنت الهجوم الذي استهدف الرياض في الـ23 من يناير الماضي، فيما هددت باستهداف الإمارات العربية وأبراج دبي وغيرها. وفي مثل هذه الأمور لا يمكن الرد بوعود أو بالتعهدات (الكلامية) والتفسيرات غير المقنعة أو غير الواقعية بأن الهجمات ليسست من ميليشيات إيران التي تستبيح العراق...
والرد هنا ليس كما يوجه للشعب العراقي بمواعيد عرقوب وجعجعة بلا طحن بل بسحب تلك الميليشيات من الحدود ونزع أسلحتها وحلها ومنعها من العمل سواء ضد الشعب أم ضد مصالحها وأمنه وعلاقاته المشتركة مع عمقه الإقليمي الصحيح...
إن إنهاء العبث الميليشياوي الإرهابي ليس قضية داخلية فقط وإنما هو اليوم وجود خطير يهدد الأمن والسلم في المنطقة بادعاءات جوفاء فارغة ولكن بجواهر لانتشار أذرع مسلحة عدوانية تحتل نقاطا لا يمكن تركها بايديها إلا إذا كان ذلك استسلاما للتدخلات الإيرانية السافرة في تخريب المنطقة ودولها وإعداد الأجواء لإعلان دولة الملالي على طريقة دولة الخلافة العدوانية التي لا علاقة لها بدين محمد والمسلمين إلا بالاسم وزيف الادعاء والزعم بينما الحقيقة تقوم على إعلان دولة الإسلام السياسي بتسميات الجناح الطائفي الذي يحكم اليوم طهران فيهدد العالم بكونه البنك الدولي فعليا للإرهاب بالمنطقة والعالم..
وفي وقت يريد الشعب إنهاء الميليشيات كافة سواء كانت ولائية التسمية أم غيرها وبجناحي الإسلام السياسي نجد أن تلك الميليشيات تقف بوجه أي تعاون عربي أو دولي وتهدد مشروعاته المشتركة بنشر عناصرها الإرهابية في ثكنات ومواقع دائمة، لعل من بينها 4 مناطق استحدثتها بعد 2018، أي بعد انتهاء اشتباك داعش وماعش ومن تلك المناطق التي أوردتها الأنباء المختلفة: "نقرة السلمان، الروضة، اللاصف، أم غيثه، الشِبكة، جديدة عرعر، بيار علي، فضلاً عن استراحة طريق الحج القديم المعروفة بالفيصلية"..
وبهذا فإن تلك القوى المغامرة؛ تتخذ مقراتها في مبان قديمة تابعة لحرس الحدود وأخرى لدائرة الرصد الجوي، وللاستخبارات العراقية المنحلة، بجانب ثلاثة مقرات تم تشييدها مؤخراً هناك على الحدود. وتواصل تلك العناصر الإرهابية تنظيم ما تسميه واجبات تعبوية وتمرينات بالذخيرة الحيّة مثلما جرى قرب منطقة الشبكة على بعد 20 كيلومتراً من الحدود السعودية.
لكن من الجدير بالذكر والتوكيد أن القوات العراقية النظامية الرسمية ممثلة بقوات حرس الحدود والجيش في المنطقة، لا تواجه عمليات تهريب أو خروقات ومشاكلات أمنية مثلما يحصل على الحدود مع سوريا، فطابع المنطقة لا يسمح بذلك لكن الوجود يحمل بطياته ما أكدته جميع الأطراف المعنية بأنه رسائل إيرانية التي تعود المجتمع الدولي عليها كونها دائما تأخذ طابع توظيف الأذرع الإرهابية لهز الاستقرار والسلم والأمن ابتزازا لمآرب مفضوحة...
لقد أصبح واضحا من يقف وراء تشويه العلاقات العراقية العربية فعربيا عبر الجامعة العربية ومجموع المنظمات الإقليمية العربية نجد علاقة مكينة متينة مع الشعب العراقي وتطلعاته في دولة اتحادية علمانية ديموقراطية ووقفت دول المنطقة العربية بوضوح مع الفيديرالية تعميقا لمعاني احترام التعددية والتنوع في الوجود العراقي بما لا يتعارض وسلامة وجوده وكثرة من الدول العربية التي تقف مع العراق تفتح قنصلياتها مع كوردستان وتؤكد علاقاتٍ تحترم هذا الوجود الفيديرالي ولكن من يقف حجر عثرة بوجه علاقات طبيعية للعراق مع بيئته هي قوى تريد عزله عن تلك البيئة الطبيعية أما لماذا فلأنها تريد جعله سهل المنال لقوى الشر في نموذجي الإسلام السياسي بأنقرة وطهران واليوم تسطو مرجعية طهران على قيادة ميليشيات بالعشرات وتوجهه على وفق سياساتها ومستهدفاتها..
تلك قراءة سريعة لكنها تفي بكشف واحد من أوجه التدخل والتخريب وتهديد لا الاستقرار في العراق بل الأمن والسلم الإقليمي والدولي برمته بمشروع خطير لإعلان امبراطورية الإرهاب بستار الأسلمة التي لا علاقة لها بدين ولا بشعب من شعوب المنطقة وتطلعاتها في السلم الأهلي وإطلاق مشروعات إعادة إعمار الذات الوطني تحرسة استراتيجية قوية للأمن القومي الذي يتصدى للتخريب الذي وراءه ملالي الشر والجريمة الإرهابية..
فلنتنبه ونستجيب لإرادة الشعب العراقي بالتمسك بشعار طرد ملالي إيران وأذرعها وجعل بغداد حرة كما هي عبر تاريخها البهي بأهلها...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة أمام وزارة الدفاع اليابانية رفضا لشراء طائرات مسيرة م


.. عادل شديد: مسألة رون أراد تثير حساسية مفرطة لدى المجتمع الإس




.. دول غربية تسمح لأوكرانيا باستخدام أسلحتها لضرب أهداف داخل رو


.. ما دلالات رفض نصف ضباط الجيش الإسرائيلي الاستمرار بالخدمة بع




.. أهالي جباليا يحاولون استصلاح ما يمكن من المباني ليسكنوها