الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكرى سقوط النظام الدكتاتوري والآمال المُحبطة !!

صبحي مبارك مال الله

2021 / 4 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


نعود من جديد لنقف أمام ذكرى سقوط النظام الدكتاتوري في التاسع من نيسان عام 2003 م ، لنمعن النظر بما جرى بعد مرور ثمانية عشر عاماً من سقوط أعتى نظام دكتاتوري مرَّ على العراق دام أكثر من 42 عاماً أذا حسبنا ذلك من تأريخ تسنم الطاغية رئاسة الجمهورية وماجرى بعد ذلك من أحداث دراماتيكية دموية وسيطرة الحكومة العميقة التي تسلمت كل شيئ في سبيل توطيد نظام شمولي دكتاتوري وقيادة الحزب الواحد الذي خرج من الإطار السياسي إلى الإطار المخابراتي الأمني والسيطرة على كل مفاصل الدولة ، ومن حكم مؤسسات الدولة والإعتراف بحقوق الإنسان إلى حكم القرية والعائلة والعشيرة . حيث إنقلبت المفاهيم إلى حكم الفرد -حكم الدكتاتور الذي وضع رأي ومقولة (الشعب مصدرالسلطات)تحت قدميه وبدأ نظام جديد نظام تتطابق موصافاته مع المواصفات الفاشية بوجود دوائر وأحزمة أمنية ومخابراتية أشاعت الرعب والخوف عند الشعب وإختراع أعداء وهميين. تميز النظام بمصادرة الحريات وحقوق الإنسان التي أقرتها الأمم المتحدة . ولم يكتف النظام بمعاقبة الشعب وفتح السجون والمعتقلات على مصراعيها بل قام بتصفية رفاق الدرب وبذلك إستهدف كل من يعتقد فيه إن له صوت معارض أو من جماعة الرئيس السابق، كما شهدنا ورأينا أحداث قاعة الخلد المشهورة حيث بدأت بعد ذلك محاكمات صورية وأحكام صادرة مسبقاً بحق رفاق الأمس لغرض محو الذاكرة الحزبية عن ماهية من جاء وتسلم النظام بالقوة الخفية. وتعدى ذلك إلى كل أحزاب المعارضة وخصوصاً التي تؤمن بالديمقراطية مما مهد الطريق إلى التحشيد العسكري والشعبي بعد عسكرته إلى إعلان الحرب التي دامت ثمانية سنوات والتي كانت تداعياتها خطيرة جداً ومنها تدهور الاقتصاد – وتوقف عجلته وتبذير مليارات الدولارات، وكلما إستمرت الحرب كانت الخسائر أكثر وأكثر مما جعل الشعب يصبح تحت خط الفقر والمعاناة المأساوية نتيجة فقدان الملايين ومئات الآلاف من الضحايا الرجال والشباب ومن المعوقين ومئات الآلاف من الأرامل اللواتي فقدن أزواجهنّ وفلذات أكبادهنّ كل ذلك لجعل شخصية معقدة واحدة تحكم العراق والمنطقة بدفع وتشجيع قوى دولية وإقليمية وعربية ، فأصبح الشعب العراقي هو الضحية من أجل تنفيذ مخططات خيالية .وبعد إنتهاء الحرب العراقية -الإيرانية الدموية لكلا الشعبين تمّ غزو الكويت وإحتلاله وما جرى بعد ذلك بعد وقوع النظام بالفخ وتحت الحصار القاتل. وبعد نضوج كل الشروط لإسقاط النظام والدولة العراقية وفقدان كل الوسائل الدبلوماسية إنتصر التحالف الدولي -العربي في تحرير الكويت وهزيمة قيادة النظام بدأت صفحة جديدة نحو إسقاط النظام وقياداته بأيدي أجنبية ، في حين كان الرأي الوطني الأغلب بأن يكون ذلك بأيدي العراقيين، وبذلك تم تنفيذ تدخل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية . لقد كانت للشعب آمال عريضة واعدة بعد أن يتخلص من نظام أذاقه المُر والذي حكمه بالنار والحديد وأساليب التعذيب المتطورة والإعدامات والمقابر الجماعية . وبعد أن تنازل النظام عن كل ما يملك من إستقلال وأصبح طوع الشروط المفروضة وتحديد المناطق الجغرافية المحددة التي يتحرك فيها الجيش والطائرات . ورغم كل هذه التنازلات لم يستطع أن ينقذ نفسه كما إن الحسابات العسكرية والسياسية من قبل القيادة العامة للقوات المسلحة تشير إلى خسارة الحرب وخلال أيام معدودة بسبب تفكك الجيش العراقي وهو منهك ولا يوجد تكافئ بين قوة العراق والدول المهاجمة ، النظام فقد تأييد الشعب ، تدهور الأوضاع الاقتصادية والإجتماعية لقد كان وضع العراق مأساوي. وعندما تمّ الاحتلال للعراق ودخول الجيوش الأمريكية وجيوش الحلفاء ظهر وبسرعة بأنه لاتوجد خطة جاهزة لحكم العراق وكل السنين التي مضت من العام 1991-2003 وقت إحنلال العراق ، لم تجهز خطط لإعمار العراق أوماهي طبيعة النظام، وبالرغم من تعيين كَارنر حاكم في البداية و الذي جلب معه كفاءات عراقية تقدر بأربعة آلاف عنصر لغرض المشاركة في إعادة إعمار العراق ولكن سرعان ما توقفت هذه الخطة وإقالة كارنر وتعيين بريمر الحاكم الأمريكي على العراق بعد شرعنة الاحتلال من قبل مجلس الأمن. وبإختصار الإعتماد على السياسيين المتعاونين وتكوين طبقة سياسية إعتمدت المحاصصة والإسلام السياسي والمحاصصة القومية وبعد إطلاق الفوضى الخلاقة الأمريكية وإستباحة كل شيئ وتفعيل المليشات بعد حل الجيش العراقي والدفع بإتجاه الصراع الطائفي والإثني وتكوين طبقة سياسية طفيلية تهمها مصالحها وتكوين بؤر للفساد ومن ثم إمتدت بكل الإتجاهات فلم يبق للدولة العراقية أي تعريف أو صفة كما كان يأمل الشعب العراقي نحو وحدة الشعب الوطنية ، إعادة الأعمار ، نبذ المحاصصة الطائفية وليس بالإعتماد على إسلوب النظام اللبناني الطائفي، ونهب أموال الشعب. ولهذا عندما حصل التغيير ، كان مفرح للشعب بإعتباره تخلص من النظام الدكتاتوري ولأن النظام السابق لم يعتمد النظام المدني الديمقراطي ، فكانت الساحة مهيأة للصراع الطائفي والديني والإنقسامات ، فالنظام الجديد لم يكن هو النظام الذي يريده الشعب بالرغم من طرح قانون إدارة الدولة في زمن بريمر ، ومن ثم كتابة الدستور الدائم وبوجود مؤسسات مؤقنة ولكن ما جاء بعد انتخابات 2005 بعد الإستفتاء على الدستور، كان مخيب للآمال بسبب عدم تطبيق الدستور على مايحمل من ثغرات ونواقص وجرى وضع إتفاقات عُرفية خارج الدستور وفرض التوافقية الديمقراطية وتوزيع المناصب السيادية حسب الطائفية والقومية وبدون أن توجد مواد دستورية تشير بأن رئيس الجمهورية ، ورئيس مجلس النواب ، ورئيس مجلس الوزراء كل واحد منهم يأتي من طائفة أو قومية وهذا ماجرى حيث إتسعت المحاصصة إلى كل دائرة ومؤسسة ووزارة . هذا من ناحية، الناحية الثانية تكوين كتل حزبية طائفية وإثنية وقومية وبالتالي أدى ذلك إلى صراع نتج إعاقة نمو الديمقراطية ، تدخلات دولية وإقليمية وعربية، فقدان سلطة القانون، نتاج أزمات مختلفة ومتعددة، تفاقم الفساد وإستبعاد محاكمة الروؤس الكبيرة الضالعة في الفساد، الخطط الاقتصادية فاشلة في ظل الاقتصاد الريعي العراقي و فتح الأبواب أمام الإرهاب، حرب طائفية كما حصل في العام 2006 والقتل على الهوية سيطرة المليشيات ، إنفلات السلاح ، التدخل الإيراني إزداد في شؤون العراق وهذا ما حصل.
وأبرز نقطة هي الفشل في تحقيق ما كان يتطلع أليه العراقيون بعد التغيير. وعندما نأتي اليوم ونحلل الرأي العام الذي يمثل الشارع العراقي ، نجد طرح آراء وأفكار مثل بأن النظام الدكتاتوري السابق أفضل ، ونظام صدام هو نظام فيه مؤسسات ولا يوجد فساد وغيرها من الآراء . نعم طبيعي تتم المقارنة بين النظام الدكتاتوري السابق وهذا النظام لأنهم لم يشاهدوا نظام جديد حقيقي، بطبيعة الحال لايمكن المقارنة بين السيئ والأسوأ وكل جذور مشاكل العراق السياسية والإقتصادية والفساد تعود إلى ذلك النظام السابق . لأن النظام الحالي ورث تركة النظام المباد الثقيلة ولم يعالج بجدية هذه التركة .لقد كان غياب الرؤية الستراتيجية المتكاملة لتحقيق تنمية متوازنة مستدامة السبب في التخلف الذي حصل بعد مرور ثمانية عشر عاماً وكذلك فيما يخص طبيعة النظام، فلا يوجد تعميق للتوجه الديمقراطي وبناء الدولة المدنية الديمقراطية. كما نلمس إحتدام الصراع بين مختلف الأطراف والجهات والكتل السياسية على خيارات المستقبل.
ولغرض تحقيق التغيير الحقيقي بعيداً عن نظام المحاصصة فلابدّ من تغيير موازين القوى لصالح القوى المدنية الديمقراطية، وتكوين كتلة وطنية مؤثرة وفاعلة على أساس بناء الدولة المدنية الديمقراطية الإتحادية وتحقيق العدالة الاجتماعية. لقد عانى الشعب العراقي من خيبة الآمال في إستعادة دولته وأن يكون بمصاف الشعوب المتقدمة علمياً وإقتصادياً ومتطوراً في العلوم التقنية وإعادة تدوير الإنتاج الصناعي والزراعي. والمتتبع لأوضاع العراق ومنذُ ثمانية عشر عاماً بعد المتغيرات السياسية عام 2003 يلاحظ إن الشعب لم يتوقف عن المطالبة ولم تتوقف التظاهرات والإنتفاضات وفي المقدمة إنتفاضة تشرين الأول عام 2019 والتي كانت أعنف إنتفاضة شاركت فيها كل شرائح الشعب العراقي ، كما كانت نموذج للتنظيم والنظام من الناحية الإعلامية وتحقيق قدر عالي من التنسيق بين قوى الإنتفاضة وقد لاقت الإنتفاضة السلمية والتي إمتدت جنوباً ووسط وشمالاً القوات القمعية والمليشيات وتشويه سمعة المنتفضين وقد إستخدمت كل أدوات القمع ومنها الرصاص الحي ، والخطف والإعتقالات وتعذيب المعتقلين فضلاً عن إستخدام الرصاص المطاطي، والغازات السامة وخراطيم المياه الساخنة لأجل تفريق المتظاهرين ونتيجة هذه السياسة إستشهد أكثر من سبعمائة مواطن ومواطنة والآلاف من المعتقلين. لقد حققت الإنتفاضة الكثير من الإنجازات وهي إسقاط حكومة عادل عبد المهدي التي إستخدمت مصطلح الطرف الثالث، والفوضى وإشتداد الصراع بين القوى الطائفية مما أشعرها بالخوف من أن تفقد مصالحها ومكاسبها، إستعادة الوحدة الوطنية والهوية الوطنية، الوقوف بوجه التدخلات الأجنبية المطالبة بالدولة المدنية، محاكمة الفاسدين ناهبي أموال الشعب والمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة لتغيير الطبقة السياسية وهذا المطلب أقر من قبل حكومة مصطفى الكاظمي. وبالرغم من وباء جائحة كورونا لازالت الإنتفاضة مستمرة بالرغم من التهديدات والإعتقالات . لقد دقت الإنتفاضة ناقوس الخطر وإن لاحل سوى حل التغيير .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب نتنياهو يبتز ضابطاً في الجيش بصور محرجة.. ماذا حدث؟


.. مظاهرة في إسطنبول تنديدا بالجرائم الإسرائيلية في غزة والضفة




.. سياقات عودة أهالي المحتجزين الإسرائيليين إلى التصعيد والتظاه


.. بايدن: سأستقبل ترمب في البيت الأبيض الأربعاء




.. بسبب -مخاوف من خططه-.. تظاهرات في نيويورك وواشنطن بعد فوز تر