الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دمج الميليشيات بقوات الجيش والشرطة جريمة لا تغتفر

جاسم هداد

2006 / 8 / 2
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


عندما تغيب سلطة القانون ، ويضعف نفوذ الدولة وتصاب سيطرتها بالخلل ، تتكاثر العصابات والقوى اللاشرعية التي تفرض هيمنتها على المناطق والأحياء بقوة السلاح ، وللمجاملات السياسية يطلق عليها تسمية الميليشيات والأصح هي عصابات ، وذلك لأن الأحزاب والقوى السياسية تستغل الفرصة وتبادر الى تشكيل قوى مسلحة تابعة لها وتأتمر بأمرها .

وفي العراق وبعد سقوط نظام الأستبداد وانهيار الدولة العراقية والقرار الخاطئ للحاكم الأمريكي بريمر بحل الجيش والشرطة ، تشكلت الميليشيات الحزبية اضافة الى عصابات الجريمة المنظمة ، وكلما تردى الوضع الأمني تكاثر عدد الميليشيات وتعاظم نفوذها وتسلطها .

وفرضت هذه الميليشيات سلطتها على الأحياء ، وقامت بفرض قوانينها واصبحت بديلا عن سلطة الدولة ، وزاول قسم منها عمليات الخطف والمطالبة بفدية مالية ويرتفع مبلغها حسب اهمية الضحية ، فعلى سبيل المثال فقط لقد طالبت هذه العصابات بمبلغ مليون دولار فدية عن النائبة تيسير المشهداني وفق ما ذكره السيد رئيس مجلس النواب . ولا يخفى على احد ما قامت به هذه الميليشيات المتفلتة من دور قذر في تأجيج الأحتقان الطائفي ونقل البلاد الى نفق الحرب الأهلية ، ودورها في إفشال الخطة الأمنية لبغداد ( للأمام معا ) والذي اكده ضباط عراقيون كبار . وتساهم الميليشيات من خلال اشاعتها الرعب والفوضى واللاستقرار في ادامة بقاء قوات الأحتلال ، حيث تم نقل خمسة آلاف جندي امريكي من القوات الأمريكية المتمركزة في المانيا " المدى 31/7/ 2006 " للمشاركة في خطة ( بغداد الكبرى اولا ) ، وكذلك نقل لواء " سترايكر " القتالي الأمريكي الى بغداد ، ولا يكون غريبا ان هذا كان مثار استحسان وقبول اهالي المناطق التي شهدت اعمالا اجرامية على يد الميليشيات .

والمتعارف عليه في تشكيلات الميليشيات ، يتم دفع مرتبات شهرية للمنتمين لها ، ولكن يبدو في بلدنا يكون الأمر معكوسا ، حيث انه بعد تصريحات المسؤولين في الدولة وتناقل الأنباء عن النية في حل هذه الميليشيات ودمج قسم منها بقوات الشرطة والجيش وتعيين القسم الآخر في وظائف مدنية واحالة القسم الآخر على التقاعد . انقلب الحال في سوق الميليشيات وصار الناس يدفعون مابين ( ثلاثة اوراق ـ خمسة اوراق ) أي ثلاثمائة دولار ـ خمسمائة دولار الى المتنفذين في هذه الميليشيات من اجل تسجيل اسمائهم فيها والهدف واضح من اجل ضمان وظيفة او الحصول على تقاعد . ففي ناحية من نواحي الفرات الأوسط كان عدد اعضاء احدى المليشيات لا يتجاوز خمسين شخصا ولكن بعد تناقل الأنباء عن النية في دمج المليشيات بقوات الجيش والشرطة اصبح عددها اكثر من ثمانمائة عضو

ان الميليشيات حجرة عثرة امام استقرار البلاد ، ولقد حظرها الدستور العراقي بموجب المادة التاسعة الفقرة ب والتي نصت على ( يحظر تكوين ميليشيات عسكرية خارج اطار القوات المسلحة ) ، ولكن الا يثير الأستغراب ان القوى السياسية التي ساهمت في وضع نصوص الدستور ولها ممثلين في مجلس النواب ووزراء في الجكومة ، هم الذين قاموا بتشكيل الميليشيات والذين خاطبهم السيد رئيس مجلس الوزراء في جلسة مجلس النواب ليوم 12 تموز 2006 بالقول ( الكل لديه ميليشيات مدعومة ) ، وكما اشار السيد رئيس مجلس الوزراء فأن مفتاح الحل يكمن في ( نزع اسلحة الميليشيات ) ، لذا اصبح من الواجب الوطني مساندة جهود السيد رئيس مجلس الوزراء في ( مواجهة كل من يحمل السلاح خارج سلطة الحكومة ) وان يكون ( حصر السلاح وضبط الأمن بيد الأجهزة الأمنية فقط وكل عمل خارج هذا الغطاء يعتبر عمل غير قانوني ) .

ان معالجة اشكالية الميليشيات تتم من خلال زيادة اعداد قوات الجيش والشرطة وتأهيلها تدريبا وتسليحا ، وطرد العناصر التي تدين بالولاء لأحزابها بدلا من الولاء للوطن ، وتطهيرها من العناصر الفاسدة التي ارتكبت اعمالا اجرامية وتقديمها للقضاء العادل ، والتي تسللت لهذه القوات في ظروف غير طبيعية ، وعند ذاك تتمكن من فرض الأمن والأستقرار وسلطة القانون .

اما فكرة دمج الميليشيات بقوات الشرطة والجيش فيكون بمثابة الغام وقنابل موقوتة تنفجر في الوقت الذي يحدده قادة احزابها ، وتكون جريمة لا تغتفر ، ولنا في لبنان خير عبرة ودرس . حيث ان ولاء هذه الميليشيات لأحزابها ، بينما المطلوب ان يكون ولاء القوات المسلحة للوطن ومتساميا على الولاء للحزب او العشيرة أو الطائفة . ويحق لكل فرد من هذه الميليشيات كمواطن عراقي ان يقدم طلبا للعمل في قوات الشرطة اوالجيش او أي وظيفة مدنية في دوائر الدولة العراقية ، وان تتوفر فيه المؤهلات المطلوبة للوظيفة المعينة ، بعيدا عن أي امتيازات حزبية او ميلشيوية . وهذا حق ضمنه الدستور العراقي في مواده : 14 ، 16 ، 22 اولا ، 33 اولا .

ولكن من ارتكب جرائم بحق الشعب والوطن ونفذ اعمالا مخالفة للقانون يكون جزاؤه القضاء العادل ، حيث ليس من المعقول ان تتم مكافأته على خروجه على القانون ، اما من كان له شرف المساهمة في النضال ضد الحكم الأستبدادي وهي قوى معروفة فأمره يختلف كثيرا عن الميليشيات التي ظهرت على السطح بعد سقوط النظام البعثي الفاشي .

1/8/2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة أمريكية-سعودية مقابل التطبيع مع إسرائيل؟| الأخبار


.. هل علقت واشنطن إرسال شحنة قنابل إلى إسرائيل وماذا يحدث -خلف




.. محمد عبد الواحد: نتنياهو يصر على المقاربات العسكرية.. ولكن ل


.. ما هي رمزية وصول الشعلة الأولمبية للأراضي الفرنسية عبر بوابة




.. إدارة بايدن تعلق إرسال شحنة أسلحة لتل أبيب والجيش الإسرائيلي