الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عوامل قيام الصناعات الحرفية الشعبية في محافظة البصرة / العراق .

عادل عبد الزهرة شبيب

2021 / 4 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تعتبر البصرة من المدن العربية والخليجية التي اشتهرت بالصناعات الشعبية المستمدة من التراث الشعبي وتناقلها الحرفيون المهرة من جيل الى آخر .
وفي البصرة تتوفر عوامل قيام هذا النوع من الصناعات والمتمثلة بتوفر المواد الأولية اللازمة لهذه الصناعة , وتوفر المهارة والخبرة المتوارثة في الأسرة, اضافة الى توفر السوق الضرورية لتصريف المنتجات سواء في الداخل او في بعض دول الخليج العربي وايران وغيرها. الى جانب وجود الحافز لدى العاملين بهذه الصناعات كونها توفر عائدا اقتصاديا مهما لمعيشة الحرفيين وعوائلهم وتوفر فرص العمل لكثير من الأسر وخاصة للنساء في الريف .
يقصد بالصناعات الحرفية, تلك الصناعات المحلية التي تعتمد على المهارات الفردية والخبرة باستخدام الخامات الأولية المتوفرة في البيئة الطبيعية المحلية او الخامات الأولية المستوردة والتي يتم التعامل معها يدويا او باستخدام بعض الأدوات البسيطة. وهي صناعات شعبية متوارثة بين افراد الأسرة وتمارس في البيوت او في ورش صغيرة خارج البيوت .
وتسهم الصناعات الشعبية بتوفير فرص العمل وخاصة للعنصر النسوي في المناطق الريفية , كما انها تسد الاحتياجات المنزلية ومتطلبات الزراعة والصيد ولها دور في زيادة دخول الأفراد والأسر العاملة فيها وهي وسيلة للحفاظ على التراث الثقافي والهوية التاريخية والحضارية للدولة . ولها دور كبير في عملية التنمية السياحية ومصدرا للحصول على العملات الأجنبية من خلال تصدير المنتجات الحرفية.
من أهم الصناعات الحرفية القائمة في البصرة :
- صناعة البسط والسجاد اليدوي التي تنتشر في مناطق البصرة المختلفة . وكذلك تعد صناعة الفخاريات والتحف النحاسية في مقدمة تللك الصناعات في البصرة ,كما نجد الصناعات الجلدية كصناعة السروج والأحزمة والنعل والأحذية وغلاف المسدسات والخناجر والتي تعتمد اما على الجلد الأصلي او الصناعي الذي يكون اقل سعرا من الأول. كما تبرز صناعة ( الليف ) التي تستخدم في الاستحمام وان اكثر العاملين في هذه الحرفة هم من النساء اللواتي يتقن صناعتها والتي تعتبر مصدرا لكسب العيش. كما تزدهر البصرة بصناعة الحبال بأحجامها المختلفة ومما ساعد على ازدهار هذه الصناعة كون البصرة ميناء يقع على الخليج العربي اضافة الى وجود الأهوار وشط العرب مما جعل البصرة سوقا مزدهرة لصناعة شباك الصيد التي تستخدم من قبل الصيادين.
- اما الصناعات الخشبية فيعد البصريون من اوائل المبدعين في تصاميم وصناعة الأثاث والشناشيل المنتشرة اضافة الى صناعة الأبواب والشبابيك والقوارب.
- وبالنظر لكثرة بساتين النخيل في البصرة فقد اشتهرت بصناعة السلال والبواري والسفاف وغيرها خاصة في المناطق الريفية , كما تنتشر فيها صناعة الأقفاص والاسرة والكراسي وخاصة في قضاء ابي الخصيب والقرنة والمدَيْنَة . ويعتبر القصب والبردي وعيدان الرمان المادة الأولية لصناعة السلال والبواري والحصران. وتدخل مادة البردي في العديد من الأعمال اليدوية حيث تستخدم في بناء بيوت الطين المنتشرة في المناطق الريفية في البصرة, وتستخدم السُفرة والحصير للجلوس, ويدخل خوص سعف النخيل في صناعة الزبيل. ولا ننسى صناعة المروحة اليدوية ( المهفة ) التي يزيد الاقبال عليها في فصل الصيف الحار وفي فترات انقطاع التيار الكهربائي وما اكثرها .
- كما تفتخر البصرة بصناعة المصوغات الذهبية والفضية وهي صناعة تضاهي صناعة الحلي في منطقة الخليج العربي , واشتهر الأخوة الصابئة المندائيون في البصرة بهذه الصناعة .
- وللصناعات الغذائية رواجها وشهرتها الواسعة كصناعة كبس التمور الذي اشتهر به البصريون من خلال تحشية التمور بالفستق والجوز واللوز حيث تشتهر البصرة بكثرة اصناف التمور فيها. اما قضاء ابي الخصيب فاشتهر بصناعة حلاوة نهر خوز التي استمدت اسمها التجاري من اسم المنطقة التي صنعت فيها وهي منطقة نهر خوز في ابي الخصيب والتي بدأت منذ الأربعينيات من القرن الماضي على يد الحاج صالح وهو اول من صنع حلاوة نهر خوز وما زالت مستمرة الى اليوم .وتعتمد هذه الصناعة على المتوفر من المواد الأولية في القضاء من دبس وسمسم وراشي .
- واشتهرت ابي الخصيب بالعديد من الحرف اليدوية كالحدادة المرتبطة بالأعمال الزراعية في المنطقة حيث تكثر فيها بساتين النخيل والفواكه والحاجة الى حراثة الأرض وسقي المحاصيل وجني الثمار وتشذيب النخيل وتكريب وازالة السعف والتلقيح وغيرها من عمليات خدمة النخيل والتي تحتاج الى ادوات للقيام بهذه العمليات كالمنجل والدالوسة ( لقطع حاصل المزروعات الورقية ) والعكفة والطبر والمسحاة والكرك والكرفة والهيب لقلع الفسائل وانواع السكاكين والمخراز والفروند ( وهي اداة تستخدم لتسلق النخيل للقيام بعمليات تشذيب النخيل كإزالة السعف وتكريب الجذوع وقطف الثمار ) .
- وتوجد ايضا صناعة تنور الطين وصناعة ماء اللقاح وغيرها .
الصناعات الحرفية في البصرة شأنها شأن بقية الصناعات الأخرى تواجه العديد من الصعوبات والمعوقات والتي أدت الى انقراض بعض الصناعات الشعبية واحتضار البعض الآخر منها حيث تعرضت الى الاهمال من قبل الحكومات المتعاقبة الى جانب قلة التمويل المالي الضروري للصناعة الذي عرقل قيامها وتطورها والتوسع فيها .وقد اثرت سياسة اغراق السوق المحلية بالمنتجات الأجنبية الرخيصة الثمن على الترويج للصناعات الحرفية وانعدام قدرتها على المنافسة. كما تفتقر هذه الصناعات الى المنافذ التسويقية واعتمادها في الغالب على البيع الذاتي المباشر مما يحد من التوسع في الانتاج. ويؤدي تخلف طرق النقل والمواصلات الى عزوف المنتجين عن الانتاج خاصة وان اكثر مراكز الانتاج تقع في المناطق الريفية وفي اطراف المدينة.
من الضروري اليوم الاهتمام بالصناعات الحرفية الشعبية والعمل على تطويرها من خلال :-
1. قيام الدولة بتقديم الدعم والتشجيع لهذه الصناعات من خلال وضع سياسات مناسبة لدعم وتنمية الصناعات الحرفية وتفعيل دور المؤسسات التمويلية والمصرفية لتمويل اصحاب المشاريع الحرفية وتشجيعهم على اقامة مشاريع جديدة وتطوير البنية التحتية لا سيما في المناطق الريفية التي تعد الموطن الرئيسي لقيام الصناعات الحرفية .
2. ضرورة وضع الخطط التسويقية لهذه الصناعات داخليا وخارجيا مع تنشيط القنوات التسويقية القائمة وايجاد قنوات جديدة لها .
3. فتح منافذ لبيع المنتجات الحرفية في المناطق السياحية .
4. ايجاد البرامج التدريبية للعاملين في هذا المجال لتطوير قابلياتهم ومهاراتهم .
5. اجراء الدراسات والقيام بالزيارات الميدانية لكل المراكز الحرفية الموجودة في البصرة وبحث حالات جميع الحرفيين والحرفيات لإجراء تقييم مبدئي لهم والوصول الى المقترحات والتوصيات الملائمة .
6. تشجيع السياحة الداخلية والخارجية والذي يعتبر احد ابرز عوامل تطورها وتحقيق نهضتها ونموها. وان احياء الصناعات والحرف اليدوية يتطلب دراسة المتطور الثقافي والتراثي والاقتصادي لهذه الحرف واظهار جماليتها وقيمها والتأكيد على الهوية الوطنية واثراء الذاكرة الثقافية من خلال التعريف العلمي بهذا المأثور الشعبي وعلاقة هذه الحرف بالعادات والتقاليد في المجتمع .
7. اقامة المعارض المحلية والمشاركة بالمعارض الدولية للترويج لصناعاتنا الحرفية الشعبية والتعريف بها ولجذب السياح لمنتجاتنا الحرفية .
8. البحث عن الجودة ومجالات جديدة للابتكار والابداع وتجربة الأفكار والتصاميم الجديدة من خلال المسابقات التنافسية للحرفيين للخروج بجودة في المنتجات مع العمل على تدريب ورفع مؤهلات الحرفيين العاملين في المراكز الحرفية .
9. العمل على حل المشاكل الرئيسة التي تواجه حركة تنمية الصناعات والحرف اليدوية والذي سيسهم في معالجة بعض المشاكل الاقتصادية وتنشيط العجلة الثقافية والسياحية وتوفير فرص العمل والحد من مشكلة البطالة .
10. انشاء المراكز الحرفية وربطها بالسياحة من اجل التفاعل بين الحرفي والسائح لتحريك عجلة الاقتصاد وتشغيل فئات واسعة خصوصا من النساء وتحريك فرص جديدة لتسويق سلعة محلية تتميز بها وتمثل تراث ومعالم البلد الأثرية والسياحية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن استهداف خطوط توصيل الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا |


.. أنصار الله: دفاعاتنا الجوية أسقطت طائرة مسيرة أمريكية بأجواء




.. ??تعرف على خريطة الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية


.. حزب الله يعلن تنفيذه 4 هجمات ضد مواقع إسرائيلية قبالة الحدود




.. وزير الدفاع الأميركي يقول إن على إيران أن تشكك بفعالية أنظمة